• logo ads 2

الاستراتيجيات التشغيلية للمجمعات الاستهلاكية فى “بلاد الغلابة”

alx adv


عادت من جديد المجمعات الاستهلاكية، التابعة الان للشركة القابضة للصناعات الغذائية التى تتبع وزارة التموين و التجارة الداخلية، فى مشهد الصدارة بعد ان قررت الحكومة استخدامها، بمساعدة القوات المسلحة، كأداة رئيسية لمواجهة مافيا الاحتكارات فى سوق السلع الإستهلاكية و الغذائية المصرية.
أقول ‘عادت’ لان الجيل الحالى قد لا يعلم ان تلك المجمعات كانت هى اللاعب الرئيسى و الحامى لهذا الوطن من مافيا المحتكرين لمدة لا تقل عن ربع قرن (1965-1990) عن طريق قيامها، كمنافذ توزيع، بتوفير تلك السلع بأسعار فى متناول البسطاء و خصوصا فى فترات الحروب التى خاضها الوطن.
و تجدر الإشارة هنا الى ان هذه المجمعات الاستهلاكية و التى وصل عددها الان الى حوالى 1259 منفذا ليست هى النظام التعاوني الذى نطمح الى تشجيعه و العمل على إنشاؤه للقيام بدور رئيسى فى نشاط توزيع السلع، حيث ان هذه المجمعات، و التى يطلق عليها بالخطأ جمعيات،ماهى الا وحدات اقتصادية تتبع احدى شركات قطاع الاعمال العام المملوكة للدولة. اما النظام التعاوني فانه يقوم على ملكية الأفراد و تكون إدارته عن طريق مجلس ادارة منتخب من الملاك.
و قد اعتمدت تلك المجمعات الاستهلاكية منذ نشأتها على استراتيجية ‘توفير السلع بأسعار منخفضه’ low-price business strategy عن طريق اتباع استراتيجيات و أساليب تعمل على تخفيض تكاليف العمليات التشغيلية و التسويقية low-cost operations strategy. ولا يعنى ذلك ان تلك المجمعات تتعامل فى السلع المدعمة، فذلك امر تتولاها وزارة التموين عن طريق بقالات التموين المنتشرة فى أنحاء الجمهورية..
و سوف أتناول هنا بشيء من الإيجاز اهم تلك الاستراتيجيات التى أراها ملائمة لنظام الإعتماد على شركات المجمعات الاستهلاكية فى التوزيع. آملا أن تكون تلك الاستراتيجيات واضحة امام القائمين الان على امر ادارة هذه المجمعات من جهة، و المتعاملين معها من جهة اخرى، متمنيا الالتزام بتلك التوجهات الاستراتيجية التشغيلية حتى يمكن نجاحها فى قيامها بهذا الدور الوطني و الحيوى فى الإقتصاد المصرى. فكم من المنشآت الاقتصادية فشلت فى تحقيق التنافسية competitiveness لمجرد انها لم تعرف الاستراتيجيات التى تضمن نجاحها، او بسبب تجاهل تلك الاستراتيجيات عند اتخاذ القرارات و القيام بالممارسة الفعلية على ارض الواقع.
و يمكن تلخيص تلك التوجهات الاستراتيجية التشغيلية فيما يلى:
1. الشراء المباشر من المنتجين الصناعيين و الزراعيين و إلغاء دور الوسطاء الذى من شانه زيادة التكلفة و خلق فرص احتكارية. و يدعم ذلك وجود قوة تفاوضية مرتفعة لتلك المجمعات، كمشترى، عند التعامل مع المنتجين البائعين نظرا لشرائها بكميات كبيرة.
2. تحديد هامش ربح محدود و مقبول لكلا من المنتجين و للمجمعات الاستهلاكية ذاتها. و يعتمد ذلك بشكل رئيسى على و جود شفافية بين شركة المجمعات و المنتجين من حيث تكاليف الانتاج الحقيقة. و جدير بالذكر هنا أنه يمكن للمجمعات الإستهلاكية من خلال تلك السياسة أن تحقق معدلات مقبولة من الربحية (معدل العائد على الإستثمار) ، بالإضافة الى تضلعها بدورها الإجتماعى، و لكن من خلال الإعتماد على سياسة التسعير المنخفض للأسعار (هامش ربح منخفض) و تحقيق معدل كبيرلدوران المخزون بدلا من تحقيق الربحية عن طريق التسعير المرتفع (هامش ربح مرتفع) و معدل الدوران البطيئ للمخزون.
3. إعطاء أولية للتعامل فى المنتجات الإستهلاكية المصنعة محليا و التى يتم إنتاجها بواسطة شركات قطاع الاعمال العام و شركات القطاع الخاص بهدف تشجيع المنتج الوطنى عن طريق توافر منافذ ملائمة و منتشرة فى مناطق جغرافية متعددة.
4. التوسع فى توزيع المنتجات الزراعية مثل الخضار و الفاكهة و اللحوم و الدواجن، سواء كان داخل المجمعات ذاتها أو عن طريق فروع صغيرة مخصصة لذلك. و بذلك فإنها يكن أن توفر منفذا آخر لمنتجات وزارة الزراعة و الصوب الزراعية التابعة للدولة و لمنتجات مشروعات شباب الخريجين فى مجال الإنتاج الزراعى و الحيوانى.
5. التركيز على التعامل فى عدد محدود من السلع الاساسية التى تحتاجها الأسر محدودة الدخل و تداولها بكميات كبيرة فى عدد كبير من الفروع. و من شان هذه الاستراتيجية سهولة و نمطية عمليات الشراء، و سهولة ادارة المخزون بأبسط الإجراءات، بالاضافة الى إمكانية الشراء بأسعار اقل من المنتجين اعتمادا على الحصول على خصم الكمية.
6. عدم المبالغة فى طريقة تعبئة و تغليف و طريقة عرض السلع داخل المجمعات و التى من شانها زيادة تكلفة التشغيل رغم انها لا تمثل قيمة حقيقية من وجهة نظر العميل الذى تهدف تلك المجمعات الى خدمته.
7. قيام شركات المجمعات بنفسها بممارسة عمليات النقل و التخزين و التوزيع بين فروعها حتى لا تخضع لابتزاز شركات النقل الخاصة عن طريق المبالغة فى تكاليف النقل بالاضافة الى التحكم فى أماكن و أوقات توافر السلع. كما يمكن عمل نظم للتواصل إلكترونيا (ذات التكلفة المعقولة الآن) بين الفروع المختلفة من جهة وبين الفروع و المخازن المركزية من جهة أخرى لتسهيل الإستجابة لإحتياجات الفروع من السلع المعروضة.
8. دراسة إمكانية توفير بعض السلع الأساسية (بقوليات، أرز، دقيق، ..) تحت علامة تجارية موحدة للمجمعات الإستهلاكية Store Brand و التفاوض مع الجهات التى تقوم بتصنيعها بأسعار منخفضة إعتمادا على الشراء المركزى و بكميات كبيرة.
9. توفير وسائل عرض بسيطة و رخيصة (مثل الاكشاك) فى أماكن عامة لا تدفع عنها أية قيمة ايجارية، و عادة ما تقوم المحافظة و وحدات الادارة المحلية بتوفير تلك الأماكن دون مقابل دعما منها للدور الذى تقوم به تلك المجمعات.
10. عدم القيام بالإنفاق على الإعلانات المكلفة عن المجمعات ذاتها او السلع التى تتعامل فيها، و الاكتفاء بما يعلنه المنتجون ذاتهم عن منتجاتهم بشكل محدود فى و سائل الإعلان المختلفة.
11. الاعتماد على كوادر بشرية ناضجة و مهذبة تجيد التعامل مع الأسر محدودة الدخل و ليست بالضرورة عناصر ذات مهارات عالية (إجادة اللغات مثلا) او تركز على المظهر المكلف الذى عادة ما يتطلب مرتبات مرتفعة.
12. إختيار مواقع المجمعات على أساس أن تكون قريبة من أماكن تواجد الأسرالأكثر إحتياجا لتلك المجمعات، و التوقف قدر الإمكان عن إهدار الموارد بفتح مجمعات فى القرى السياحية.

هذه هى اهم الاستراتيجيات التشغيلية التى أعتقد أنها تلائم إستراتيجية الأعمال التى تقوم على تحقيق التنافسية على أساس تقليل التكاليف و التى تضمن تحقق الرسالة الأساسية Mission المنوط بالمجمعات الإستهلاكية تحقيقها حتى تتمكن من تقديم العديد من السلع الاساسية للأسر متوسطة الدخل و كذلك للأسرالأكثر احتياجا فى كافة ربوع الوطن. ارجو من القائمين على ادارة هذا الصرح الوطني عدم الحياد عن تلك الاستراتيجيات لضمان نجاح الدور الاقتصادى و الإجتماعى الحالى الموكل اليهم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار