أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن الاقتصاد المصري بات أكثر قدرة على تحقيق المستهدفات الاقتصادية وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، وتحسين مستوى معيشتهم، والخدمات المقدمة إليهم، وأصبح، بما تحقق من مكتسبات إصلاحية، أكثر صلابة وتماسكًا في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وبدا ذلك جليًا في أزمة الأسواق الناشئة خلال عام 2018، ثم أزمة كورونا، التي ألقت بظلالها على العديد من الاقتصادات العالمية، وأثرت سلبيًا على سلسلة الإمدادات العالمية، وتكاليف الشحن ومعدلات التضخم وأسعار الفائدة والسلع الاستراتيجية والمواد البترولية، حيث لم يشعر المواطنون في مصر بتوابع هذه التداعيات العالمية، ولم تشهد الأسواق نقصًا في السلع والخدمات خلال الجائحة، مثلما حدث في العديد من الدول.
تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد
وقال الوزير، في حوار مفتوح مع المحررين الاقتصاديين، خلال ورشة العمل التي تم تنظيمها بالتعاون مع مشروع إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي، التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «USAID»، إن جائحة كورونا فرضت علينا خيارين: الغلق التام، والانكماش الاقتصادي، ووقف المشروعات القومية والتنموية، ومن ثم تشريد ملايين العمال وأسرهم، وفقدان الكثير من المكتسبات الاقتصادية، وتعطيل مسيرة تحسين مستوى معيشة المواطنين، بينما كان الخيار الثاني: تحقيق التوازن بين الحفاظ على صحة المواطنين، واستمرار دوران عجلة الإنتاج، واستكمال المشروعات الضخمة في مختلف القطاعات، وفقًا للإجراءات الاحترازية، والحفاظ على المسار الاقتصادي الآمن للدولة؛ فآثرنا الخيار الثاني لصالح بلدنا ومواطنينا، وصدر القرار الاستراتيجي للقيادة السياسية الحكيمة بتخصيص 100 مليار جنيه حزمة استباقية محفزة للأنشطة الاقتصادية وداعمة للقطاعات والفئات الأكثر تضررًا.
السياسات المالية المتوازنة
وأضاف الوزير، أن السياسات المالية المتوازنة التي انتهجتها الحكومة في التعامل مع التداعيات والآثار السلبية لجائحة كورونا، والمكتسبات الاقتصادية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ساعدتنا كثيرًا في تحقيق المستهدفات الاقتصادية، حيث سجلنا 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي فائضًا أوليًا خلال العام المالي الماضي، ومعدل نمو 3.3٪، وتراجع العجز الكلي من 8٪ إلى 7.4٪، وارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 16٪ دون فرض أي أعباء ضريبية جديدة على المواطنين.
نفذنا ثلاثة برامج مع صندوق النقد الدولي
وأكد الوزير، أننا نفذنا ثلاثة برامج متتالية وناجحة مع صندوق النقد الدولي حتى قالت مدير عام الصندوق: «إن مصر نجم ساطع عالميًا فى مجال الإصلاح الاقتصادى»، واستطعنا الوفاء بكل الالتزامات المالية المحلية والدولية، رغم ما تفرضه الجائحة من ضغوط على الموازنة، حيث تم تحويل 375.5 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمينات والمعاشات خلال 27 شهرًا منذ بدء تطبيق اتفاق فض التشابكات، لافتًا إلى أن الإصلاحات الهيكلية التي تمضي الحكومة في تنفيذها لا تتضمن أي أعباء إضافية على المواطنين.
تطوير نظم إدارة المالية العامة
وقال الوزير، إننا ماضون في تطوير نظم إدارة المالية العامة للدولة، مستهدفين تعزيز حوكمة المصروفات والإيرادات، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم الاستفادة من موارد الدولة، موضحًا أننا لأول مرة بالدول الناشئة تضع مصر استراتيجية الإيرادات المتوسطة التى نستهدف فيها زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 2٪ من الناتج المحلي في 4 سنوات من خلال العمل على تعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي فىي الاقتصاد الرسمي، وتوسيع القاعدة الضريبية، واستيداء مستحقات الخزانة العامة، ومن المقرر الانتهاء من ربط قواعد بيانات الضرائب والجمارك قبل نهاية العام المقبل.
وأشار أحمد كجوك، نائب الوزير للسياسات المالية، إلى أنه رغم ارتفاع متوسط المديونية العالمية للدول الناشئة إلى 17٪ والدول الكبرى إلى 20٪ خلال الجائحة، فإن نسبة الدين للناتج المحلي في مصر، شهدت زيادة طفيفة جدًا لم تتجاوز 1٪ رغم التوسع في المشروعات القومية والتنموية الكبرى، في شتى مناحي الحياة، وزيادة مخصصات الاستثمارات العامة، ومد مظلة الحماية الاجتماعية، وتحسين الأجور، وزيادة مخصصات الصحة والتعليم، والإسراع بتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل؛ باعتبارها أداة رئيسية لإصلاح المنظومة الصحية في مصر.
نستهدف خفض معدل الدين للناتج المحلي
وأضاف وزير المالية، أننا نستهدف استدامة المسار النزولي لمعدل الدين للناتج المحلي اعتبارًا من العام المالى الحالي، من خلال المضي في تنفيذ استراتيجية إدارة الدين العام التي ترتكز على تنويع مصادر التمويل، وإطالة عمر الدين، وخفض تكلفة التمويل، ونجحت مصر مؤخرًا في إصدار الطرح الأول من السندات الدولارية على ثلاثة شرائح (6 و12 و30) عامًا، بأسعار فائدة جيدة، أقل من تلك المحققة في مايو 2020، حيث بلغت نسبة التغطية 3 مرات من قيمة الطرح؛ بما يعكس حجم الإقبال المتزايد من المستثمرين الأجانب، وثقتهم في قدرات الاقتصاد المصري، لافتًا إلى أن خدمة الدين تراجعت من 40٪ من الموازنة في يونيو 2020، إلى 36٪ في يونيو 2021، ونستهدف 32٪ في موازنة العام المالي الحالي.
وقال الدكتور إيهاب أبوعيش، نائب الوزير للخزانة العامة، إن مسيرة تطوير الضرائب بدأت عام 2018 بمنظومة الإقرارات الإلكترونية، وإعادة هندسة الإجراءات، ثم ميكنة إجراءات العمل الضريبي، وتنفيذ منظومة الإجراءات الضريبية المميكنة الموحدة، إلى أن أصبحت مصر من أوائل الدول الرائدة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، التي انضمت إليها ما يقرب من 3030 شركة، رفعت 60.5 مليون فاتورة إلكترونية حتى الآن، والتي نجحت في كشف أكثر من 2800 حالة تهرب ضريبي، وتم تحصيل فروق ضريبية من مستحقات الخزانة العامة للدولة تتجاوز 3.5 مليار جنيه، لافتًا إلى أنه تم مؤخرًا، الإطلاق التجريبي لمنظومة «الإيصال الإلكتروني» الذي يبدأ التنفيذ الفعلي لها في أماكن البيع للمستهلكين، خلال 6 أشهر ونصف؛ لتتكامل مع منظومة الفاتورة الإلكترونية، وتسهم في تعزيز حوكمة المنظومة الضريبية، من خلال التوظيف الأمثل للحلول التكنولوجية في متابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيًا.
التوسع في استخدام «الحلول التكنولوجية»
وأضاف أن المنظومة الجمركية تشهد طفرة غير مسبوقة، ترتكز على التوسع في استخدام «الحلول التكنولوجية» لتقليص زمن الإفراج الجمركي، وخفض أسعار السلع والخدمات بالأسواق المحلية، وتعزيز الحوكمة والتيسير على مجتمع الأعمال وتسهيل حركة التجارة الداخلية والخارجية وتقليل تكلفة الاستيراد والتصدير لتحفيز الاستثمار، وفي هذا الإطار، يبدأ اليوم الأول من أكتوبر 2021، التطبيق الإلزامي لنظام التسجيل المسبق للشحنات «ACI» بالموانئ البحرية، ولن يتم السماح بدخول أي بضائع يتم شحنها من الخارج اعتبارًا من الأول من أكتوبر الحالي إلا عبر منظومة «ACI».
حضر ورشة العمل الدكتورة رشا عبد الحكيم، المستشار الاقتصادي بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وديانا الضبع، رئيس الاتصال الاستراتيجي بمشروع إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.