شارك وزير الخارجية سامح شكري، اليوم 20 نوفمبر الجاري، كمتحدث رئيسي في جلسة “تعددية الأطراف والأمن الإقليمي في إطار متحول”، وذلك في إطار مشاركته الحالية في أعمال الدورة السابعة عشر لحوار المنامة.
وصرّح السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن وزير الخارجية استهل كلمته بتوجيه الشكر لدولة البحرين الشقيقة على تنظيمها الناجح لحوار المنامة، وهو الحوار الذي يحظى بتقدير واهتمام بالغيّن على المستويين الإقليمي والدولي، وبات منصة رئيسية لتبادل الرؤي والأفكار مع الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي. وأضاف حافظ أن كلمة وزير الخارجية تناولت نشأة الأطر متعددة الأطراف وتطورها ابتداءً من نشأة عصبة الأمم كاستجابة لأهوال الحرب العالمية الأولى، ثم تطورها بعد الحرب العالمية الثانية إلى ما أصبح المنظومة الأهم عالمياً، والتي تجسدت في الأمم المتحدة بميثاقها وآلياتها المعروفة؛ وتزامن ذلك مع نشوء منظومات العمل الإقليمي بداية من الجامعة العربية، مروراً بمنظمة الوحدة الأفريقية، ووصولاً إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي.
وأشار الوزير شكري إلى أن نشأة تلك المنظمات والتجمعات كانت انعاكسًا لظروف وتحديات بيئتها وعالمها المحيط، سواء من ناحية الأولويات أو أدوات العمل وآلياته. وأن تجارب العمل الدولي الجماعي تلك – حين اتحدت إرادة الدول الأعضاء فيها على العمل المشترك لما فيه صالح الشعوب وخدمة البشرية – برهنت على جدواها ومحوريتها في مراحل عدة؛ ومن أمثلة ذلك أدوار الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في تسوية النزاعات الدولية والإقليمية، ومساهمة قوات حفظ السلام في مناطق النزاع، ودور منظمات ووكالات الأمم المتحدة في توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية، والأدوية واللقاحات، ودعم المرأة والطفل، وغيرها من موضوعات أثّرت في مختلف المناطق بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. كما لعبت جامعة الدول العربية كذلك دوراً محورياً في تعزيز التعاون ودعم الاستقرار الإقليمي، وساندت استقلال وتحرر الدول العربية من الاستعمار، وأسهمت في احتواء العديد من الأزمات العربية وتسوية الخلافات بين أعضائها.
من جانب آخر، واجهت المنظومة الأممية عقبات، ومرت بإخفاقات غير هينة، ولعل أهم مثال لذلك في المنطقة هو مسار التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية. كما فشلت المنظومة متعددة الأطراف في إخلاء العالم من مخاطر التسلح النووي، ولازالت قاصرة عن إيجاد حلول عادلة لعدد من الصراعات المسلحة، ولم تتمكن من تحقيق العدالة الواجبة في توزيع أعباء تغير المناخ، أو توزيع اللقاحات، أو غيرها من الموضوعات ذات الصلة بأجندة التنمية المستدامة.
وأضاف حافظ أن كلمة وزير الخارجية تطرقت أيضًا إلى أبرز التحديات الآنية والتي باتت تختلف جذرياً عن تحديات الماضي، خاصة وأن عالم اليوم يواجه تصاعداً في المخاطر المرتبطة بالإرهاب عابر الحدود متعدد الأوجه والأذرع، الذى يعمل على تفتيت المجتمعات وهدم مفاهيم الدولة الوطنية، لصالح ترويج أفكار تسعى لردة المجتمعات إلى هويات ضيقة تحيد بأولويات المجتمعات من التنمية والرخاء والتقدم، لتوجهها إلى الدمار الذاتي لها ولدولها، وإلى كراهية الآخر وتدمير كل ما من شأنه دفع الإنسانية إلى الأمام، وأنه في مواجهة ذلك، تظهر أهمية تكاتف كل الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب بشكل جاد وحازم، لتجفيف منابعه، وحماية البشرية كلها من أخطاره المحدقة.
كما يواجه عالم اليوم كذلك تحدي تغير المناخ، الذي أصبح واقعاً ملموساً، وأضحت تبعاته تمثل تهديدًا للتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي ومصدر صراع على الموارد الشحيحة قد يصل إلى حد تهديد السلم والأمن الدوليين. هذا، فضلاً عن أزمة فيروس كورونا التي حمّلت البشرية أعباءً لم تكن متصورة على الأوضاع الصحية العالمية، ولتمثل تهديداً غير تقليدي، فأثبتت مرة أخرى أن التحديات اختلفت، وأن التضامن والتنسيق البشرى إزائها، أمر إلزامي بل ووجودي. كما تتلاحق هذه التحديات ليضاف إليها مسائل الهجرة غير الشرعية، والأمن السيبراني والرقمي، وتحديات الذكاء الاصطناعي، والتعديلات الجينية وأمن الفضاء وغيرها.