محمود مبروك يكتب: “خطة إطفاء النار بالوقود.. الى اين تتجه الليرة التركية؟”

alx adv

واصلت خسائر الليرة التركية مقابل الدولار خلال التداولات المبكرة من يوم الخميس لتكسر حاجز ال 12 ليرة مقابل الدولار بكل سهولة واتجهت بعدها لكسر حاجز ال 13 ليرة مقابل الدولار ، وسط متابعة المستثمرين بيانات أظهرت ترجع ثقة المستهلك خلال الشهر الجاري لأدنى مستوياتها منذ سبعة أشهر. كما تابع المستثمرون تصريحات من وزير الخزانة التركي والذي أعلن عن تراجع الودائع بالدولار مقابل ارتفاع الودائع بالليرة التركية. رغم التصريحات الإيجابية لم تفلح الليرة في الحفاظ على مكاسبها التي سجلتها في وقت مبكرة والتي عوضت بها خسائر صباحية. يصر المحللين ان معدل التضخم التركي سوف يواصل الارتفاع ليصل إلى 30 في المئة مقارنة بنسبة 21 في المئة والمعلنة في الوقت الحالي ( على حسب استطلاعات الرأي من اكثر 13 . وهو ما قد يمثل ضغط على سعر الليرة التركية في ظل ارتفاع أسعار السلع في الوقت الحالي.
اثر التدخل في السياسة النقدية بإجراءات غير مسبوقة في علم الاقتصاد أدت الى انهيار الليرة التركية
بشكل مبسط تعتبر المهمة الرئيسية لأى بنك مركزي في العالم استقرار الأسعار والحرص على الحفاظ على مستويات التضخم المقبولة عبر استخدام اداتين رئيسيتين سعر الصرف وسعر الفائدة …وفى ظل قرارات وتصريحات اردوغان التي نستطيع وصفها بالمستحيلة تطبيقها على ارض الواقع لحماية الليرة التركية من الانهيار مجددا قام بإجبار البنك المركزي التركي بالتدخل بضخ مليارات الدولارات لخلق طلب وهمى على الليرة التركية واستنزف على لسانه 165 مليار دولار أمريكي في السنة الحالية وادى ذلك الى تدمير الاحتياطي النقدي لتركيا الى 21 مليار دولار فقط وهذا مستوى خطير لا يكفى استيراد دولة بحجم تركيا عدة شهور من السلع الأساسية ومقابلة التزاماتها اتجاه المقرضين الدوليين مما دفع وكالات التقييم الائتماني الى تخفيض التصنيف الائتماني لدولة تركيا الى bb+ والاشارة الى الى خطورة الاستثمار بها في الوقت الحالي في ظل التقلبات الشديدة للعملة التركية واخفاقهم في محاولة كبح جماح تضخم الأسعار بها
المعضلة التي تواجه البنك المركزي التركي؟ وعد لا يمكن تحقيقه
بعد اعلان اردوغان انه سوف يعوض المودعين الاتراك لليرة التركية بمقدار انخفاضها امام الدولار والذى تجاوز ال 50 بالمائة خلال العام يجب أن نشير هنا ان أجمالي ودائع الاتراك بالليرة التركية حسب بيانات البنك المركزي التركي بلغت 3.5 تريليون ليرة وليستطيع تعويضهم قد تبلغ حجم التعويضات اكثر من نصف هذا المبلغ في ظل وضع الليرة الحالي والسؤال هنا اذا رفعت المعروض النقدي لليرة التركية بمقدار مرة ونصف سوف يؤدى ذلك الى مستويات غير مسبوقة في التضخم لم يشهدها الاقتصاد التركي من قبل وسوف تنهار القوة الشرائية للعملة التركية مسببة خسائر مضاعفة لحائزيها وسوف يكون بمثابة محاولة إطفاء الحريق بدلو من الوقود
لقد حرقت كل قواربك.. ولا توجد فرصة للتراجع..
– الامر الغامض والذى زاد الطين بلة عن تحديد الدولار الأمريكي بسعر22 ليرة تركية في اتفاق مبادلة عملة بين تركيا وقطر في حزمة مساعدات للبنك المركزي التركي والتي بدأت بعشرة مليارات دولار وزادت الى 20 مليار دولار في وقتنا الحالي وقد اجرت عدة محاولات لأجراء عقود مبادلة أخرى مع دول عديدة باءت معظمها بالفشل ولا يوجد قيادة حكيمة تستطيع المقامرة بثروات شعوبها والمراهنة على تصرفات غير عقلانية بالمرة في إدارة السياسة النقدية للبلاد قد تعيدها الى عصور الظلام .
قد نتوقع تكرار السيناريو اللبناني في ظل تصاعد انعدام الثقة في النظام المالي التركي وهروب الاستثمارات من البورصة التركية والتي تنذر باقترابها من الوصول الى مستويات اكثر من 22 ليرة تركية مقابل الدولار خلال أوائل 2022 .
محمود محسن مبروك
مدير غرفة المعاملات الدولية بالبنك الزراعى المصرى
خبير استراتيجيات الأسواق المالية الدولية

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار