يقدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عددًا جديدًا من مشروعه التثقيفي «قُدوة» .. ويُعرَّف بسيرة الفقيه المُحدّث الإمام علاء الدين الكاساني، في ذكرى وفاته التي توافق العاشر من شهر رجب.
مولده ونشأته
ولد أبو بكر علاء الدين بن مسعود بن أحمد الكاساني أو الكَاشَاني في بلدة من بلاد ما وراء النهر، تُعرف اليوم باسم «قازان» في جنوب شرق أوزبكستان، ونشأ بها وحفظ القرآن الكريم، ثم ارتحل إلى بُخَارى، وأقام بها لطلب العلم الشرعي.
حياته العلمية
– طلب الإمام الكاساني العلم على يد علماء بخارى، وسمع الحديث، وتفقّه على مذهب الحنفية، وبرع في الأصول والفروع، وصاحَب شيخَهُ الامامَ علاء الدين السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل: التُحفة في الفقه، وشرح التأويلات في تفسير القرآن العظيم، وغيرهما من كتب الأصول.
– كان الإمام الكاساني حريصًا على تعليم العلم، ونفع طلبته، متواضعًا معهم، قريبًا منهم، يناقشونه ويجيبهم.
– شرح الإمام الكاساني تحفة شيخه السمرقندي في الفقه، وزَوَّجه شيخُه ابنتَه فاطمة الفقيهة ذات العلم والمكانة والفضل، و«قيل إن سبب تزويجه بابنَةِ شيخِه؛ أنها كانت من حِسان النساء، وكانت حفظت التُحفة تصنيف والدِها، وطَلَبَها جماعةٌ من ملوك بلاد الروم فامتنع والدُها، فجاء الكاساني ولزم والدَها، وبرع في علم الأصول والفروع، وصنَّف كتاب البدائع؛ وهو شرح التُحفة، وعرضه على شيخه فازداد فرحا بهن وزوَّجه ابنَتَه، وجعل مهرها منه ذلك، فقال الفقهاء في عصره شرح تُحفَتَه وزوَّجَهُ ابنَتَه». [الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 244)].
– أقام الإمام الكاساني في بلاد الروم فترة، وكان له فيها مناظرات علمية، ثم قدم منها إلى حلب، وأقام بها بقية عمره، وأكرمه السلطان نور الدين محمود بن زنكي، وولاه التدريس بـ«المدرسة الحلاوية» والتي كانت مختصة بتدريس المذهب الحنفي، وفوض إليه نظرها، وزاوية الحديث بالجامع الكبير.
شيوخه وتلامذته
تَفَقَّه الإمامُ الكاساني على الأئمة: صدر الإسلام البَزْدَوي، وأبي المعين النَّسفي، وعلاء الدين السمرقندي وغيرهم، وتفَقَّه عليه: ابنه محمود، وأحمد بن محمود الغزنوي صاحب المقدمة الغزنوية، وغيرهم كثير.
مصنفاته
من أهم مصنفات الإمام: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، والسلطان المبين في أصول الدين، ويُعد كتابه «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» من أهم مراجع المذهب الحنفي وأشهر كتبه.
وفاته
توفي الإمام الكاساني رحمه الله في العاشر من شهر رجب بعد الظهر سنة 587، ودفن داخل مقام إبراهيم، بظاهر حلب، في قبة كان قد دفنت فيها زوجَه فاطمة بنت علاء الدين السمرقندي.
يقول ابن العديم: سمعت ضياء الدين محمد بن خميس الوكيل المعروف بابن المغربي يقول: حضرت الشيخ علاء الدين الكاساني عند موته، فشرع في قراءة سورة إبراهيم عليه السلام حتى انتهى إلى قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. [ بغية الطلب في تاريخ حلب (10/ 4353)].
جوانب القدوة في شخصيته
– الحرص على طلب العلم، والاستزادة منه.
– حسن اختيار شريكة الحياة.
– الحرص على تعليم العلم ونفع طلبته.
– إتقان العمل سبب لتوفيق الله سبحانه فيه