«نورت يا قطن النيل».. السيسي يعيد كتابة تاريخ الذهب الأبيض

alx adv

 

القطن المصري، ذلك القطن ذو الجودة والشهرة التاريخية على مستوى العالم، يتميز بأنه طويل التيلة، وذو نعومة تؤهله للاستخدام فى صناعة المنسوجات العالية الجودة، بخلاف الفصائل المنتشرة فى بقاع العالم التى تزرع القطن.

 

القطن المصري هو واحد من عدة أنواع من القطن، ينتمي إلى الفصيلة الخبازية، يشتهر بزراعته منذ العصور القديمة، استخدم على شكل خاص في القرن التاسع عشر عندما تم تطوير نوع منه يحتوي على ألياف طويلة، يطلق عليه أسماء أخرى وهي: قطن جزيرة البحر، وقطن البيما، والقطن الطويل.

 

نشأ القطن المصري في جنوب غرب الإكوادور وشمال غرب بيرو، ويُزرع اليوم في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الصين ومصر والسودان والهند وأستراليا وبيرو وإسرائيل وجنوب غرب الولايات المتحدة وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، يمثل القطن المصري حوالي 5 % من إنتاج القطن في العالم.

 

تخطو مصر خطوات واضحة ومحددة نحو استعادة عرش زراعة وتصدير القطن المعروف بـ”الذهب الأبيض”،  ومصر بما تملكه من تربة ومناخ يجعلها واحدة من أبرز 7 دول على مستوى العالم من حيث جودة المحصول.

 

رصدت “عالم المال” تطور زراعة الأقطان خلال فترات ازدهاره، وكانت البداية في تكليف محمد على باشا خلال فترة حكمه الذى بدأ عام 1805، للخبير الفرنسى “جوميل”– بعد استدعاءه من مدينة “ليون” للإشراف على مصانع الغزل والنسيج وإدارتها، حيث اكتشف الخبير نوع جديد من القطن عرف باسم “قطن الشجرة” فى حديقة أحد المنازل المصرية، الذي امتاز بنعومته وطول تيلته.

 

 

البداية كانت عام 1820 عندما بدأ حاكم مصر محمد علي باشا فى إدخال القطن طويل التيلة، الذى نجحت زراعته بشكل مناسب في عام 1821 بعد تجارب خلال السنوات السابقة، وتم إقامة صناعات أهمها: الصناعات التجهيزية وتمثّلت في صناعة آلات حلج وكبس القطن، وفي مضارب الأرز ومصانع تجهيزه، وتجهيز التيلة للصباغة، ومعاصر الزيوت، ومصانع لتصنيع المواد الكيماوية.

 

إنشاء أول بورصة للأقطان تحمل اسمه، مرورا بفترات انتكاسته فى عهد الاحتلال الإنجليزى واستغلاله كخام لتشغيل مصانع بريطانيا، ثم إحياء “صناعة” الغزل والنسيج من قبل “طلعت حرب” وتأسيسه أولى قلاع الصناعة وهى شركة “غزل المحلة” وإعادة استغلالها للمحصول المصرى من جديد، انتهاءً بالفترة الحالية وما سبقها من سنوات أصبحت السمة السائدة بها صعوبة تسويق الأقطان المصرية للمغازل المحلية أو للأسواق التصديرية، وتراكم المحصول الذى اشتهر بـ”الذهب الأبيض” بمخازن “المحالج”.

 

 

بدأت عمليات زراعة القطن بكثافة منذ عام 1821 حتى تم تصديره عام 1827، وتضاعفت المساحة الخاصة بالمحصول 400% خلال 20 عاما، لدرجة أن إنتاج مصر من الأقطان بلغ عام 1845 نحو424.9 ألف قنطار من خلال زراعة 212.5 ألف فدان، وكان يدخل مصانع الغزل المصرية من هذا المحصول 80 ألف قنطار كحد أقصى ويبقى حوالي 344.9 ألف قنطار للتصدير.

 

لم يتغير وضع مصر كدولة مصدرة لخام القطن إلا مع مشروعات “طلعت باشا حرب” بعد أن توسع في إنشاء مصانع الغزل والنسيج ، فكانت شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى التي أسسها طلعت حرب سنة 1927م برأسمال مصري قدره 300 ألف جنيه كإحدى شركات بنك مصر، وأصبح هناك صناعة نسيج حقيقية في مصر كانت العمود الفقري للاقتصاد المصري طوال الأربعينيات من القرن الماضي.

 

وحرصاً من الحكومة على أصناف القطن المصري، أصدرت الوزارة قراراً في عام 1926 بحظر خلط بذور القطن و يفرض الإشراف عليها.

ثم اهتم جمال عبد الناصر بالقطن وبضخ استثمارات فى صناعة الغزل والنسيج ، خاصة أن القطن يمثل سلعة تصديرية مهمة تدر العملة الصعبة لبناء البلاد من جديد، وتوسعت الحكومة في إنشاء مصانع الغزل والنسيج ومع سياسة التحكم في زراعة القطن والدورات الزراعية حافظ القطن على مكانته في خريطة الزراعة المصرية، وبلغت المساحة المزروعة قطنا إلى 2.2 مليون فدان.

 

وعجزت صناعة الغزل والنسيج عن التقدم خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى، بسبب الآلات العتيقة وافتقادها للتصميمات الجيدة والعمالة ذات الخبرة التقنية، وهي أمور ضرورية لإغراء المؤسسات الأجنبية بالاستثمار في مصر.

 

وجعل تحرير تجارة الأقطان عام 1994 المزارعين عرضة للتأثر بالأسعار العالمية المتقلبة، وتكاليف الأسمدة المرتفعة، كما أن ضعف الطلب الداخلي على القطن طويل التيلة مرتفع السعر كان له دور إذ تحولت مصانع الغزل إلى واردات أقل سعراً وجودة.

 

 

بعد 200 سنة بالتمام والكمال أعاد الرئيس السيسى كتابة تاريخ زراعة القطن، لكن هذه المرة بالقطن قصير التيلة، وبنجاح كبير يساوى نسب نجاح زراعته في الدول المنتجة له، من خلال زراعته في شرق العوينات السنة الثانية على التوالى، حيث حققت بعض الزراعات إنتاجية بلغت 19 قنطار وبمتوسط عام بالجمع اليدوى 15.8 قنطار ونحو 10 قناطير للفدان بالجمع الآلى، حيث أن البذور المستخدمة تنتج في بلادها بين 12 الى 14 قنطارا، وأنتجت فى مصر أكثر من 16 قنطارا للفدان بزيادة عن الانتاج العالمى.

 

تكليفات الرئيس السيسى بتكرار التجربة

 

بداية النجاح كانت من خلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى، بوزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق ورئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، تم استعرض نتائج التجربة الأولى لزراعة القطن والتى حققت بعض الانتاجية المناسبة في بعض الأفدنة بلغت 9 قناطير للفدان، لكن المتوسط العام كان فى 6 قناطير للفدان وبالتالى بعد عرض النتائج كلف الرئيس عبد الفتاح السيسى بزراعته وبتكرار التجربة الموسم الجارى للعام الثانى على التوالى، بإشراف ومتابعة ووزارة قطاع الأعمال العام وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

 

مع بداية تنفيذ تجربة زراعة 500 فدان تم الاستعانة بوزارة الزراعة ومركز بحوث القطن، كما تم تكليف المهندس سعيد عبد التواب فرج حمودة، خبير زراعة القطن، بمسؤلية تنفيذ التجربة تحت إشراف الجهات المعنية ، بداية من انتقاء نوعية البذور مرورا بالزراعة والمتابعة حتى عملية الحصاد.

 

وبحسب المصادر فإنه مع بداية الزراعة تم استبعاد مساحة تبلغ نحو 231.3 فدان نظرا لعدم انباتها وتعرضها لعواصف أثرت عليها فتم استبعادها تماما والتركيز على المساحة المتبقية وحساب التجربة عليها.

 

بدورها أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام عن نتائج تجربة زراعة القطن قصير التيلة بمنطقة شرق العوينات بمساحة (218.7 فدان) للعام الحالي 2021 بالتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وجاء ذلك في إطار الحرص على تقليل فاتورة الواردات وتوفير مستلزمات الإنتاج محليًا، وفي ضوء توجيهات فخامة رئيس الجمهورية.

 

وقالت الوزارة إنه بلغ متوسط الإنتاجية للفدان الواحد 9.85 قنطار زهر بالجني الآلي مقارنة بـ5.7 قنطار في العام الماضي 2020، ويرجع ذلك إلى الدروس المستفادة من التجربة في عامها الأول، والخبرات المتراكمة عن زراعة الأقطان قصيرة التيلة آلياً في أراضٍ صحراوية لأول مرة في مصر. وكان القرار بالاستمرار في نفس موقع الزراعة لعامي 2020 و2021 وباستخدام نفس البذور لبناء المعرفة المطلوبة للوصول الى أفضل النتائج.

 

وأضافت الوزارة أن الطلب المحلي والعالمي على الملابس المصنعة من الأقطان قصير التيلة يمثل (97:98%) من إجمالي الأقطان المزروعة مقارنة بـ(2:3%) للأقطان طويلة التيلة، وتقوم مصر باستيراد الملابس الجاهزة والغزول السميكة والأقطان قصيرة التيلة للوفاء باحتياجات السوق المحلي، لذا فإن التوسع في زراعة الأقطان قصير التيلة في الصحراء يوفر واردات مصر منها البالغ قيمتها 2 مليار دولار سنويا.

 

 

وأشارت إلى أنه تم التأكيد على أن تكون الزراعة في مناطق بعيدة عن الوادي والدلتا، ضماناً لعدم الخلط مع الأقطان المصرية طويلة التيلة، وعليه كان اختيار مزرعة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية بمنطقة شرق العوينات.

 

تجدر الإشارة بحسب الوزارة إلى أن مقدار الوفر المحقق من زراعة تلك الأقطان حوالي ألف جنيه مصري أو ما يمثل 43% من تكلفة استيراد القطن اليوناني الذي وصل سعره هذا الموسم إلى 2330 جنيها للقنطار، مما يمثل ضغطًا على العملة المحلية، وجعل الصناعة الوطنية عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتوافر الأقطان فيها.

 

ورغم الحرب الروسية على أوكرانيا وانعكاساتها السلبية على التجارة العالمية، نجحت مصر في تصدير 50 ​​ألف طن من القطن بنهاية فبراير، أي ما يصل إلى 75٪ من إنتاجها هذا الموسم والمقدر بنحو 62 ألف طن، وبلغت الصادرات 5 مليارات جنيه (274 مليون دولار)، بزيادة 1.3 مليار جنيه (71.2 مليون دولار) عن نفس الفترة من العام الماضي، التي شهدت صادرات بقيمة 3.7 مليار جنيه (203 مليون دولار)، حسب بيانات الموقع الرسمي للهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن».

 

 

يأتي هذا فيما أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) بأن عقود تصدير الأقطان المصرية لعام 2021-22 سجلت حتى النصف الأول من مارس حوالي 2918 طنًا، لتصل قيمة عقود التصدير منذ بداية موسم التصدير إلى 52700 طن أي ما يعادل 1.054 مليون قنطار (وحدة الوزن المصرية الرسمية لقياس القطن).

 

وبلغت قيمة العقود 5.2 مليار جنيه (285 مليون دولار)، على أن تكون الصين والهند من أهم الدول المستوردة للقطن المصري في الأسواق العالمية، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

 

سجلت قيمة التعاقدات التصديرية للقطن للموسم التصديرى 2022/2021 خلال الأسبوع الماضى قرابة 2918 طنا، لترتفع بذلك قيمة التعاقدات التصديرية منذ بداية الموسم إلى 52.7 ألف طن بما يعادل 1.054 مليون قنطار، بقيمة تعاقدات سجلت 283.4 مليون دولار.

 

ويصل حجم إنتاج مصر من القطن إلى قرابة 1.250 مليون قنطار زهر القطن قبل زراعته وذلك لمحصول 2021.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار