• logo ads 2

«عوامات النيل».. هنا تاريخ وأسرار مثيرة للسياسة والفن 

alx adv
استمع للمقال

كتبت – منال الوردانى

اعلان البريد 19نوفمبر

يعتبر البعض عوامات النيل تراثًا مصريًا على وشك الضياع، حيث أثار القرار الأخير لوزير الموارد المائية والرى محمد عبد العاطى، غضب الكثير من أصحاب العوامات وبعض المصريين المحبين للحفاظ على التراث المصري، ومنذ القدم يتم التعدى على عوامات نهر النيل حيث كان عدد العوامات قبل التعدى عليها 500 عوامة وتمت إزالتها على مر العصور حتى وصل عددها قبل قرار “محمد عبد العاطى” وزير الرى إلى 32 عوامة فقط، والذى قرر بدأ حملة لإزالة عدد من العوامات الثابتة على نهر النيل فى منطقة (الكيت كات) بالجيزة.

وتتبع عوامات النيل ثمانى جهات مختلفة إدارة الملاحة، الوحدة المحلية بالجيزة، إدارة حماية النيل، وزارة الرى، أملاك الدولة، الصرف الصحي، وزارة السياحة، كل هؤلاء متحكمين فى أى قرار خاص بعوامات نهر النيل وهكذا انقسم دمها بين القبائل، وتنقسم ايضا العوامات إلى نوعين من العوامات النوع الأول، ثابت لا يتحرك من مكانه ، وهو عادة يكون من الخشب ومكون من طابقين ومهيأ للسكن تماما ، أما النوع الثانى من العوامات، يحتوى على محرك ينتقل بها من مكان إلى آخر، وكان أصحاب مثل هذا النوع من العوامات يتجهون بها إلى الشاطئ خلال فصل الصيف خاصة مصيف «رأس البر » وكان هذا النوع يعرف باسم «الدهبية».

وصرح رئيس حماية النيل بالقاهرة “أيمن نور” بأن سبب قرار وزير الرى لإزالة العوامات الهدف منه إعادة هيكلة المظهر الحضارى لنهر النيل بصفة عامة وخاصة القاهرة والجيزة، لأن التطوير يمثل ثقل سياحى، وكل جهات الدولة تعمل من أجل التطوير والظهور بأجمل صورة للدولة المصرية.

وأوضح ” أيمن نور ” أن هناك نوعين من العوامات، النوع الأول عوامات تاريخية وهذه لايمكن المساس بها لأنها جزء من التراث المصرى، النوع الثانى من العوامات هى عوامات سكنية وهذه العوامات السكنية خاص بها قرار الإزالة من قبل وزير الرى، حيث إن أوضاعها غير قانونية وهالكة فنيا وتؤثر على المظهر الجمالى لنهر النيل لهذا صدر القرار بإزالتها.

وأشار أيمن نور إلى أن أصحاب هذه العوامات السكنية إذا قاموا بعمل صيانة لها فى الورش الخاصة بصيانة العوامات، وتحويلها من عوامات سكنية إلى عوامات سياحية كالعوامات التى تستخدم فى المطاعم وإقامة حفلات الأفراح سيتم قبول تراخيصها من قبل الدولة.

كما أكد أن أصحاب العوامات السكنية الصادر بشأنها قرار الإزالة لم يتم تعويضهم من قبل الدولة، وذلك لأنك أصحاب هذه العوامات عليهم ديون متأخرة لم يتم سدادها ، وأوضح ” أيمن نور ” أن بعد إزالة العوامات سيستلم هذه المنطقة« جهاز نشاط إدارة القوات المسلحة» وسيتم تطويرها من خلال تصور واضح لكل جزء بها ، حيث أن الدولة تسعى إلى الاستفادة المادية لكل جزء غير مدنى خاص بممتلكات الدولة المصرية ، ولن تسمح لأحد لاستغلال ممتلكات الدولة دون الأستفادة منه ماديا ، وجاء تصريح ايمن نور هذا عبر. مداخلة هاتفية لبرنامج الحكاية .

وللعوامات أسرار وخفايا صغيرة مدهشة تستحق السرد، من بداية نشأتها حتى الآن، وتبدأ رواية العوامات منذ النصف الثانى من القرن العشرين، حيث تعرضت العوامات إلى تعد واضح،حين أصدر رئيس الوزراء حينها (زكريا محى الدين) قرارا بنقل جميع العوامات من الزمالك والعجوزة إلى منطقة إمبابة فى عام 1966م وسبب القرار يعود لمصلحة زكريا فقد كان البكباشى “زكريا محى الدين” , من عشاق رياضة التجديف فى النيل، ويمارسها بشكل دورى نهاية كل أسبوع، وشعر زكريا أن العوامات تشغل مسطحا كبيرا من مياه النيل، لذا لم يتردد فى إصدار القرار الذي أغضب المشاهير من عشاق العوامات والذين ارتبطوا بعوامات بعينها، وبالفعل تم نقل 65 عوامة من العجوزة إلى إمبابة ، كما تم إعدام 37 عوامة أخرى تحمل ذكريات وحكايات لا تنتهى ، واستمر افتقاد المحروسة ل عالم العوامات فبعد أن كان النيل يحتضن 500 عوامة، تمت إزالة 477 عوامة، ولم يبقى للذكرى سوى 32 عوامة، منها 9 عوامات مرخصة فقط؛ ومن الجدير بالذكر أن هذا الفرمان الوزارى لم ينل استحسان الأثرياء والباشوات الذين رفضوا الانتقال إلى المنطقة التى اعتبروها شعبية، فاضطروا إلى بيع عواماتهم بمبالغ ضئيلة أو تركها لمصيرها القاتم مثل عوامة الفنان (فريد الأطرش)، وذلك كله قبل قرار وزير الموارد المائية والرى الحالى “محمد عبد العاطى” بقرار إزالة العوامات الأخير لعام 2022 م , الذى أثار غضب الكثير من المصريين لأن هذه العوامات شهدت الكثير من الحكايات للفنانين والأدباء والسياسيين لهذا يعتبرها المصريون تراثا مصريًا، حيث شهدت هذه العوامات حكايات لا تنتهى ولعبت دور البطل الرئيسى فى أغلبها، وبدأ تاريخ اغتيال هذه العوامات على يد رئيس الوزراء “زكريا محى الدين “حيث أصدر قرارا بنقل جميع المنازل العائمة من الزمالك والعجزة فى عام 1966م وذلك لأن العوامات كانت تؤرقه فى ممارسة التجديف ، وكانت أشهر هذه العوامات هى عوامة «حكمت فهمى ».

25 عامًا شاهدة على أديب نوبل

وأول قصة سنبدأ بسردها ل عوامات نهر النيل على حسب روايات البعض هى قصة عوامة « حسين باشا دياب » الذى عاش بها الأديب الكبير ” نجيب محفوظ ” الحاصل على جائزة نوبل , حيث عاش بهذه العوامة 25 سنة ، أنجب خلالها كريمته الكبرى ، وكتب أهم أعماله منها الرواية التى تدور أحداثها فى عوامة وهى رواية ( ثرثرة فوق النيل ) ، حيث استيقظ محفوظ على حادث غرق طفلة من عوامة وبعدها هجر حياة العوامات نهائياً ، كمل أن للعوامات حضور فى روايات محفوظ خاصة رواية ( الثلاثية ) ؛ ومن الجدير بالذكر أيضا أن شاعرنا” حافظ ابراهيم ” أطلقوا عليه ( شاعر النيل ) لأنه ولد بعوامة فى عام 1872م .

عوامة بديعة مصابنى

كان من أشهر هذه العوامات عوامة الراقصة اللبنانية ” بديعة مصابنى ” التى تزوجت من فيلسوف الكوميديا الراحل عراقى الأصل مصرى الهوية ” نجيب الريحاني ” ، وكانت العوامة تصدر شرفاتها لفندق « شيراتون القاهرة » وكانت هذه العوامة لطبيعة عمل صاحبتها مرتعا للنجوم من الفنانين مثل المطرب ذائع الصيت ” محمد عبد المطلب” ، “وتحيا كاريوكا ” الراقصة والممثلة والناشطة السياسية الكبيرة ،و الفنان الراحل ” فريد الأطرش ” ؛ ولم يقصر ارتياد عوامة « بديعة مصابنى » على أهل الفن فقط ، فكانت مزارا دائما للساسة الكبار الذين يعشقون التقرب للفن وأهله ، حيث يقال أن هذه العوامة شهدث تكوين حكومات ،لذا كان الصحفيين وقتها يقتاتون الأخبار من عوامة مصابنى ، فهناك كان المحفز على الكلام بلا حرج فى أقوى حالاته ، فما أجمل الكلام بلا تحفظ ، حين يكون الكبير فى حالة ارتخاء وانتشاء وفضفضة .

عوامة «حكمت فهمى»

وهى من أشهر عوامات نهر النيل ، حيث منحت الراقصة حكمت فهمى لقب «ملكة العوامات » عن جدارة ، حيث كانت ترقص وتغنى كل ليلة ل “جنود الاحتلال البريطانى ” فى نادى ( الكيت كات ) ، وما احوجها بعد تعب ليلة من الرقص والغناء للخلود بعوامتها التى تقبع على نيل الزمالك أرقى أحياء القاهرة العاشقة لليل والسهر والأضواء ، ومن الجدير بالذكر أن حكمت كانت جاسوسة تعمل فى معية الجاسوس الألمانى ( يوهان ابلر ) ، حيث كانت تساعدها ظروفها كراقصة تراقص ” جنود بريطانيا ” فى الحصول على المعلومات من ” الجنرالات الإنجليز” ، لتصب فى النهاية عند الجنرال الألمانى الأشهر ( روميل ) الذى كان يقاتل الإنجليز عند العلمين ، فكانت حكمت فهمى تراقص كبار الضباط فى ال ( الكيت كات ) ، ثم تسحبهم مخمورين إلى العوامة ، وتستدرجهم فى الكلام لتتقصى المعلومات التى يثمنها “الألمان” غالبا ، والطريف أن الجنرال الألمانى” روميل” وضباطه , كانوا بالسذاجة غير المبررة ، حيث صدقوا ولاء الراقصة حكمت لهم حتى لقبوها ب « جاسوسة روميل » ، وتحدثوا عن اخلاصها للجيش البريطانى الثامن فى حربه ضد الألمان ، وهذه الثقة التى ساعدت حكمت فى عملها حتى سقط الجاسوسان الألمانيان ( يوهان ابلر) ، و ( هنريتش غيرد ساندستيت) اللذان اطمأنا لحكمت وعوامتها التى اتخذتها محطة للاتصال بقيادة المخابرات الألمانية ؛ وفى عوامة حكمت استعان الجاسوسان” بالسادات ” عن طريق حكمت فى صيانة وإصلاح وتطوير أجهزة الإرسال الموجودة بالعوامة ، ولأن هذان الجاسوسان اعتادا البحث عن فتيات الليل ، انكشف أمرهما على يد عاهرة فرنسية هى ( ايفنت عن ابلر) ، فالجاسوس الاول وكان معروفا فى مصر بإسم ( حسين جعفر ) اصطادها وقضى ليلة معها مقابل 20 جنيها استرلينيا ، وكما كان كريماً معها فى المال كان كريماً فى الثرثرة ، فلم تتردد العاهرة الفرنسية فى إبلاغ الإستخبارات وتم اعتقال الجاسوسين ومعهما صاحبة العوامة ” حكمت فهمى ” ، و”السادات ” وزميله ” حسن عزت ” اللذين طرد من الجيش فى 8 أكتوبر من العام 1942 ، وجرى ترحيلهما إلى سجن الأجانب ثم إلى معتقل قرب مدينة المنيا.

قصة عوامة الفنان « فريد الأطرش »

والتى كانت تتألف من طابقين على الطراز العربى ، وكانت المكان المفضل لفريد الاطرش لمقابلة أصدقائه من الفنانين والفنانات ، وعلى ظهرها لحن أجمل أغنياته خاصة أغنية ( حبيب العمر ) ، وقد توقع البعض أن تتحول هذه العوامة إلى متحف لكن ورثته لم يهتموا بصيانتها والحفاظ عليها بعد وفاته ، حتى أنهم امتنعوا عن تسديد الرسوم المطلوبة عليها لأجهزة الدولة ، فتحولت إلى كهف مهجور ، مما اضطر شرطة المسطحات المائية إلى سحبها من الماء نهائياً وتفكيكها وبيعها خرده فى عام 1982م .

عوامة «الكحلاوى»

التى امتلكها الفنان محمد الكحلاوى فى اربعينات القرن الماضى واعتاد أن يسهر فيها مع جمع من الفنانين والصحفيين والأصدقاء ، وفى بعض الأحيان كان ضيوفها من المغنين والراقصات ، وكان ذلك قبل أن يصبح الكحلاوى ” مداح النبى ” وفى عوامة الكحلاوى وسهراتها خرج مشروعا فيلميه ( كابتن مصر ) و ( احكام العرب ) .

قصة العوامة «66»

والتى كانت تملكها الفنانة” منيرة المهدية ” ، وقد اشتهرت هذه العوامة بأنها كانت مقصد كبار المسئولين ورؤساء الحكومات فى عهود مضت ، وقد قالت الفنانة “منيرة المهدية ” فى تصريحات لها قبل وفاتها : ( لو فكر صحفى أن يسترق السمع إلى صالونى فى تلك الفترة لاستطاع معرفة أخبار البلد ولكن لم يفكر أحدا يومها أن مجلس الوزراء ينعقد فى عوامتى ) ، وتقول منيرة المهدية فى مذكراتها إن , رئيس الوزراء آنذاك ” حسين رشدى باشا ” الذى شكل أربعة وزارات متعاقبة بداية من (5 أبريل عام 1914م) نهاية بتاريخ( 19 مايو عام 1919م) كان يجتمع مع وزرائه فى العوامة ويتخذون القرارات الخاصة بشئون البلاد ، كما ذكرت فى مذكراتها ان حسين رشدى باشا كان يقول لها : ( انا لما باجى هنا بالى بيروق ) ، وقال لمنيرة المهدية ” انك تستطيعين الحصول على الاستقلال لمصر ” بأغنية من أغنياتها ؛ كما يقال إنه على أنغام أغنية ( ياحبيبى تعالى بالعجل ) كان الوزراء والساسة يناقشون تطورات الوضع فى مصر المحروسة ، كما بلغ عشق منيرة المهدية لعوامتها انها فى عام 1963م باعت ڤيلتها بمنطقة مصر الجديدة بمبلغ 6 آلاف جنيه ، وسيارتها ، وجاءت لتعيش فى العوامة ، لكنها تركت الماء وعادت إلى البر مرة أخرى بعد أن غرقت عوامة جيرانها .

عوامة «وزير الأوقاف»

وكان وزير الأوقاف آنذاك هو” اسماعيل صدقى ” حيث كان إسماعيل صدقى عام 1915 وزيرا للأوقاف وقدم استقالته وقتها نتيجة فضيحة أخلاقية ، حيث وصلت الشرطة بلاغات تفيد بأن العوامات على النيل وخاصة عوامة وزير الأوقاف يحدث بها مايشين بالاخلاق ، فاقتحم رجال الشرطة العوامة ليجدوا اسماعيل صدقى فى وضع مريب مع فتاة شابة كانت ابنة أحد زملائه الوزراء والتى انتحرت بالسم بعد إطلاق سراحها من القسم ، ووصل الموضوع إلى “السلطان حسين” الذى استدعى صدقى وعنفه ليستقيل صدقى نتيجة هذه الفضيحة ، ومن الجدير بالذكر أن اسماعيل صدقى هو من أبطل الدستور عام 1923 وعرف بالسفاح لقدرته على إبطال هذا الدستور .

العوامة « ناريمان كوين »

التى تملكها عارضة أزياء المعتزلة ، ففى هذه العوامة التى تستقر أمام فندق ” ماريوت” بحى الزمالك ظهر بها فى شهر مايو عام 2000م شاب الماني تصنفه مباحث الآداب على أنه واحد من تنظيم ( عبدة الشيطان ) ، كما فى شهر مايو الذى تلاه فى السنة 2001م أعلنت أجهزة الأمن أنها ضبطت تنظيما لمتهمين (بالمثلية) وكانوا يلتقون أفراد هذا التنظيم كل يوم خميس ، ولكن بعد الضبط لهم جرى لاحقا تبرئة ساحة كثير من هؤلاء المتهمين.

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار