قال صندوق النقد الدولي إنه يتعين على الحكومات الاستمرار في تقليص عجز الميزانية الناجم عن الوباء، في حين تسعى لمساعدة الأسر المتضررة من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
أوضح الصندوق في الإصدار الأخير من تقرير “الراصد المالي”، المنشور يوم الأربعاء، أن الدين العام العالمي من المرتقب أن يصل إلى 91% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2022 بزيادة حوالي 7.5 نقطة مئوية عن مستواه قبل وباء “كوفيد”.
في حين تراجعت نسب الديون عن ذروتها في عام 2020، مع تعافي الاقتصادات وتقليص الحكومات إجراءات الطوارئ، من المقرر أن ترتفع تكلفة خدمتها مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم. وأدى الارتفاع الحاد في أسعار السلع هذا العام إلى ظهور ضغوط جديدة للإنفاق.
سعت الدول الأوروبية إلى وضع حد أقصى لسعر الغاز الطبيعي والكهرباء بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى نقص الوقود في القارة. أحدثت المملكة المتحدة انهيارا بسوق السندات عندما حاولت الجمع بين مساعدات الطاقة والتخفيضات الضريبية، ما أجبر الحكومة على تغيير المسار. وتكافح البلدان منخفضة الدخل لدفع قيمة وارداتها، الأمر الذي وصفه صندوق النقد الدولي بـ”أسوأ أزمة غذائية منذ أكثر من عقد”.
قال صندوق النقد إنه في ظل سعيه لمواجهة هذه التحديات، ينبغي على السياسيين المسؤولين عن الميزانيات الوطنية تجنب الدعم الشامل والتأكد من أن الدعم يستهدف الفئات الأكثر احتياجا، وإلا فإنهم يواجهون خطر تأجيج التضخم الذي تحاول البنوك المركزية في بلادهم كبح جماحه.
أضاف الصندوق “أن تحديد أولويات السياسات والبرامج أمر حيوي بشكل متزايد إذ تعمل الحكومات ضمن ميزانيات أكثر صرامة.. ويجب أن تحمي السياسة المالية الفئات الأكثر ضعفا مع اتباع موقف متشدد لتجنب إثقال كاهل السياسة النقدية في مكافحة التضخم”.
بالنسبة للاقتصادات النامية التي لديها قدرة إنفاق محدودة لحماية مواطنيها من صدمة أسعار الغذاء، أفاد الصندوق بأنه ينبغي بذل “جهود عالمية أكبر” لتوفير التمويل الطارئ والمساعدات الإنسانية.
تدخلات حكومية
كشف التقرير أن سياسات مثل التحويلات النقدية المطبقة في الولايات المتحدة والبرازيل وخطط الاحتفاظ بالوظائف التي كانت منتشرة على نطاق واسع في دول الاتحاد الأوروبي نجحت في تعزيز الاستهلاك مع الحد من عدم المساواة أيضا.
مع ذلك، قال الصندوق: “بعد فوات الأوان، تبدو بعض التدخلات الحكومية سخية”.
أوضح الصندوق أنه من خلال تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي القائمة والإعداد المسبق لتدابير الأزمة- مثل المزايا الإضافية التي تبدأ تلقائيا عند حدوث ركود في التوظيف، على سبيل المثال – يمكن للحكومات تقديم المساعدة بشكل أكثر كفاءة وتجنب الإفراط في الإنفاق الذي يحدث عندما يتعين تصميم السياسات بسرعة في خضم الطوارئ.
قال صندوق النقد إن أزمة السلع تعطي أهمية قصوى للسياسات جيدة الاستهداف، وإنه عادة ما يؤثر ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على الفقراء بشدة، كون هذه المواد تمثل حصة أكبر من ميزانيات الأسرة – لكن الدعم الشامل والحدود القصوى للأسعار يمكن أن ينتهي بها الأمر إلى مساعدة الأثرياء الذين يستهلكون أكثر.
تتسابق أوروبا لتصميم برامج الإغاثة في مجال الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء، وبدأت النقاشات بالفعل تدور حول كيفية القيام بذلك بشكل عادل. تعرضت ألمانيا، التي أعلنت عن خطة مساعدات تبلغ قيمتها حوالي 200 مليار دولار (206 مليار يورو)، لانتقادات من جانب الحلفاء لاستخدامها قوتها المالية للمضي قدما بمفردها، بدلا من تجميع الموارد لبذل جهد على نطاق أوروبا.