مستشار دكتور محمد جبريل يكتب.. مخاطر التعامل بالعملات الافتراضية علي اقتصاد الدولة

alx adv

ما زالت العملات المشفرة تعاني أزمات ثلاث ، وهي أزمة عدم الاعتراف بها ، وعدم الثقة فيها ، وعدم ثبات قيمتها، وترجع هذه الأزمات إلي الطبيعة الفيزيائية لهذه العملات و التي لا تتمثل في مادة محسوسة في الواقع ، فهي عملة افتراضية رقمية مشفرة متمثلة في أرقام مدونة في الحاسبات الآلية و تتداول عبر الإنترنت فقط دون وجود لها في الواقع إلا من حيث الأثر .
كما إنها تُعد عملة غير نظامية ولا تقف ورائها أية جهة تنظيمية أو مركزية تدعمها أو تضمنها ، فهي تصدر من أشخاص مجهولي الهوية ، ولا تربطهم صلة أو رابطة إلا المنصات الإلكترونية ، ويتم تداولها بأسماء مستعارة وغير حقيقية ، ولا يوجد غطاء يقابلها ويغطي قيمتها ويحفظ حقوق أصحابها عند التعرض لمخاطر النصب والاحتيال ، فهي تفتقر للأصول التي تحميها من الانهيار ، فلا توجد أصول لها من السبائك والنقود الذهبية ولا العملات الأجنبية أو سندات الخزينة .
وإلي جانب ذلك فإن هشاشة الأسس التحتية للعملات المشفرة أدي إلي عدم ثباتها ، وقلة استقرارها ، فهي لا تخضع لأي نوع من التحكم في أسعارها غير العرض والطلب ، ولأنها مجرد أرقام مقيدة في أجهزة الحاسب الآلي ، ولا تستند إلي أي غطاء قانوني أو سلعي فهي عرضه للتذبذب ، وعرضة للانقلاب المفاجئ في أسعارها في فترة زمنية وجيزة مما يعرض مصالح المتعاملين فيها للخطر .
ولذلك فإن التعامل في العملات المشفرة والنقود الرقمية يؤدي إلي عدة مخاطر قد تصيب اقتصاد البلاد ، ومن هذه المخاطر ما يلي :
أن التعامل في هذه العملات المشفرة والنقود الرقمية يؤدي إلي إضعافِ قدرَةِ الدولة على الحفاظ على عُمْلتِها المحليَّة والسَّيطرة على حركة تداول النَّقد ، بسبب ما تسببه من زعزعة الثقة في العملات والنقود الرسمية ، وكذلك فقد الدولة لاستقرارها وصلاحيَّتِها في إِحْكَامِ الرِّقابَة علي عملاتها ونقودها الرسمية ، فضلًا عن التأثير سلبًا بشكلٍ كبيرٍ على السِّياسَة الماليَّة بالدول، وحجمِ الإيرادات الضريبية المتوقَّعةِ، مع فتح المجال أمام التهرُّب الضَّريبي .
ومن جهة ثانية: فإن التوسع في استخدام العملات المشفرة والنقود الرقمية سيكون له تأثير سلبي علي النقود الرسمية ، وإضعاف دور البنك المركزي والجهاز المصرفي ، حيث أن انتشار التعامل في هذه العملات المشفرة سينتج عنه حالة من العزوف عن العملات الرسمية ، وهو ما يؤدي إلي التضخم بسبب توفير وسائل تبادلية إضافية عن طريق هذه العملات ، والعزوف عن استعمال العملات الرسمية يعني الزيادة للمتوافر من النقود الرسمية ، وبالتالي التأثير علي أهمية البنك المركزي والجهاز المصرفي وتهميش دوره .
كما أن زيادة حجم العملات المشفرة والتي تدخل في عمليات التبادل والمقايضة بالرغم من أنها لم تدخل في حسابات البنك المركزي ؛ إلا أنها تتداول خارج النظام المصرفي مما يؤدي إلي الزيادة في المعروض من العملات والنقود الرسمية .
ومن جهة ثالثة : فإنه لا يفوتنا ما لهذه العملات المشفرة من تأثير علي السياسة المالية للدولة بسبب تاثيرها علي حجم إيرادات الدخل من الضرائب ، وذلك لصعوبة مراقبة الصفقات والتبادلات التجارية التي تتم من خلال الإنترنت من دون وسيط ، مما يزيد من فرص الإفلات من دفع الضرائب المستحقة .
كما أنه من جهة رابعة: فلا شك أن التعامل في العملات المشفرة والنقود الرقمية سيزيد من الفجوة بين الاقتصاد الحقيقي الذي يتم فيه إيجاد وتبادل السلع والخدمات ، وبين الاقتصاد الموازي الذي تباع وتشتري فيه المنتجات المالية لغرض وحيد وهو تحقيق الربح السريع من فروقات الأسعار فيما يشبه المراهنات ، وهو الأمر الذي يخل باتزان السوق ، ويزعزع الأمن المالي والاقتصادي في البلاد .
وأخيراً نشير إلي أن إصدار هذه العملات المشفرة والنقود الرقمية من قبل أشخاص يطلق عليهم منقبين أو معدنين ، يعد اعتداء سافر علي حق البنك المركزي والجهاز المصرفي الوطني في الاستئثار حصرياً بإصدار العملات والنقود الرسمية والتحكم فيها وتنظيمها وإلغائها .

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار