مستشار دكتور محمد جبريل يكتب: سياسة ضبط أسعار السلع الاستراتيجية

تتخذ الدولة في كثير من الأحيان بسياسة ضبط أسعار السلع الاستراتيجية ، ويُعد ذلك من أهم مهام الدولة الحارسة التي تتدخل لتسعير السلع الاستراتيجية جبرياً ،وذلك لمواجهة الحالات التي يتزايد فيها ارتفاع الأسعار بصورة مزعجة ، وخاصة في حالات الأزمات والجوائح والحروب .

وقد أخذت بسياسة التسعير الجبري العديد من الحكومات لضبط تذبذب الأسواق واضطرابها ، ومحاربة طمع بعض التجار وجشعهم ، ومنع الممارسات السيئة التي تضر بمصالح الغالبية العظمي من طوائف الشعب .

ولا تعارض في هذه الحالة بين مصالح التجار والمنتجين وحريتهم في ممارسة أنشطتهم ، وبين تحديد وضبط الأسعار ، فالحرية الاقتصادية ليست مطلقة بل يلزم لها بعض الضوابط والقيود لتحقيق المصلحة العامة للجميع ومن ضمنهم التجار والمنتجين أنفسهم .

و يلزم لتطبيق سياسة التسعير الجبري آليات صارمة وأجهزة يقظة لضمان نجاح هذه السياسة ، حيث إنه قد يؤدي التسعير الجبري إلي قيام سوق موازية خفية تباع فيها السلعة المسعرة بسعر أعلي وهو ما يطلق عليه السوق السوداء للإلتفاف حول الأسعار التي تضعها الدولة .

سياسة التسعير الجبري حل لكثير من المشكلات :

التسعير الجبري للسلع الاستراتيجية هو حل للأزمات التجارية التي تتمخض عن جشع التجار ، وزيادة الأسعار وارتفاعها بصورة عشوائية تضر بمصالح المستهلكين .

كما يُعد التسعير الجبري حل تقليدي من حلول محاربة السوق السوداء، وهي السوق الخفية التي تباع فيها السلع بسعر أعلي من السعر المحدد قانوناً بمعرفة الجهات المختصة .

الحبس والغرامة والنشر عقوبات للبيع بأعلي من السعر المحدد .

لقد ورد أمر التسعير الجبري في عدة مواضع من التشريع المصري ، وإن كان القانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بالتسعير الجبري هو القانون الأساسي الذي تناول تنظيم هذا الموضوع بصفة تفصيليه .

ولقد نصت المادة التاسعة منه علي أنه :- ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من باع سلعة مسعرة جبرياً أو محددة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو بربح يزيد على السعر أو الربح المحدد، أو امتنع عن بيعها بهذا السعر أو الربح أو فرض على المشتري شراء سلعة أخرى أو علق البيع على شرط آخر مخالف للعرف التجاري. ويعاقب على كل مخالفة ترتبط بسلعة من السلع التي تدعمها الدولة ويحددها وزير التموين والتجارة الداخلية بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى، فإذا كان قد حكم على العائد مرتين بالحبس والغرامة، ثم ثبت ارتكابه جريمة بالمخالفة لأحكام هذه المادة فتكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ولا تجاوز ألفي جنيه، وتعتبر جرائم مماثلة في العود الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذه المادة والجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام القانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين أو القرارات الصادرة تنفيذا له ، وفي جميع الأحوال تضبط الأشياء موضوع الجريمة بمصادرتها كما يجب الحكم بإغلاق المحل مدة لا تجاوز ستة اشهر تستنزل منها المدة التي تكون قد تقرر فيها إغلاق المحل إدارياً، ويعاقب بالعقوبات عليها في الفترة الأولى من هذه المادة على مخالفة القرارات التي تصدر تنفيذ للمادة (5) من هذا القانون ويجوز أن ينص في تلك القرارات على عقوبات اقل ” .

وكما تناول المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين أمر تحديد أسعار بعض الأصناف ، وتضمن في مادته الأولي إنه يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخدمات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل أو بعض التدابير .

 

كما نص القانون رقم 3 لسنة 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في المادة 10 منه علي أنه :- ” يجوز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسي أو أكثر لفترة زمنية محددة ، وذلك بعد أخذ رأي الجهاز( جهاز حماية المستهلك )، ولا يعتبر نشاطاً ضاراً بالمنافسة أي اتفاق تبرمه الحكومة بقصد تطبيق الأسعار التي يتم تحديدها .

يتضح مما تقدم أن المشرع يستخدم لفظ يجوز ، بما يعني أنه لا يوجب التسعير الجبري في كل الأحوال ، ولا يُدخل جميع السلع تحت نطاق التسعير الجبري ، ولكن يهتم بالسلع الاستراتيجية فقط ، التي تتسم بأهميتها وضروريتها بالنسبة للإستهلاك الشعبي ، واعتماد الغالبية من الناس عليها ، ولا يعني ذلك الاقتصار علي هذه السلع فقط ، بل قد تمتد قائمة التسعير لسلع أخري ، فتتغير وتتسع قائمتها طبقاً للظروف الاقتصادية ومدي وفرة السلع أو ندرتها وشدة الحاجة إليها .

ونشير إلي إن النصوص السابقة التي تناولت التسعير الجبري لا تتعارض في فلسفتها مع الاقتصاد الحر ، أو قوانين السوق ، وإن كانت تتضمن بعض الضوابط التي تحفظ التوازن في هذا السوق بناء علي حق الدولة في حفظ التوازن المجتمعي ، فلا تعارض بين حق الدولة في التدخل بوضع التسعيرة الجبرية للسلع ، وبين حق المصلحة والملكية الفردية الخاصة ؛ لأن المشرع يهدف بهذا الحق توفير السلع الأساسية للأفراد بسعر مقبول ، ومحاربة الغلاء المصطنع بافتعال الأزمات لتحقيق أرباح غير مشروعة ، وتوفير السلع الأساسية للأفراد بسعر مقبول لكافة طوائف الشعب .

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار