• logo ads 2

مستشار دكتور محمد جبريل إبراهيم يكتب: إزالة التعدي بالبناء الشاهق علي أملاك الدولة

alx adv
استمع للمقال

قرر المشرع الجنائي في المادة 372 مكررأ من قانون العقوبات عقوبة تكميلية وجوبية علي من يتعدي بالبناء علي أملاك الدولة ، فقرر رد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ أو غراس للدولة ، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء علي نفقة المخالف ، فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة ، وكل ذلك بما لا يخل بالعقوبة الأصلية المتمثلة في الحبس والغرامة .

اعلان البريد 19نوفمبر

ولقد شهد الواقع العملي تعدي بعض الأفراد بالبناء الشاهق ذو القيمة العالية علي أراضي الدولة مما حدا ببعض الأصوات إلي المناداة بالإستيلاء علي تلك المباني وضمها للدولة ، وعدم إزالتها بحجة أن هذه المباني تعد ثروة عقارية هائلة تفوق قيمتها قيمة الأرض التي بنيت عليها ولا يصح إهدارها بالإزالة ، ولا مانع من الاستفادة منها بمعرفة الدولة بدلاً من خسارتها بتنفيذ قرار الإزالة ، وخاصة إذا ما ارتضي المتعدي بهذا الحل ، إلا أن ذلك لا يخلو من تفصيل :

فإذا كانت هذه المباني مطابقة للأصول الإنشائية فلا مانع من الإبقاء عليها ، وردها إلي الدولة بما تحتها من أراضي بدلاً من إزالتها علي نفقة المخالف ، ويعد ذلك تطبيقاً للقواعد العامة الواردة في المادة 372 مكررا من قانون العقوبات ، والتي تقضي برد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ أو غراس .

أما إذا كانت هذه المباني مخالفة أومخلة بالسلامة الإنشائية أو لقواعد البناء ؛ لإقامتها بدون مراعاة الأصول الفنية المقررة فى تصميم أعمال البناء أو تنفيذها أو الغش فى استخدام مواد البناء أو استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات ، أو كانت تمثل تعدي على خطوط التنظيم المعتمدة وحقوق الارتفاق المقررة قانوناً ، أوتجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني أو تجاوز متطلبات شئون الدفاع عن الدولة .
أو أن يكون التعدي بالبناء قد أدي إلي تغيير الاستخدام للمناطق التي صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهة الإدارة ، أو أن هذه المباني قد أقيمت خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة .
ففي هذه الحالات المذكورة سالفاً لا يمكن الإبقاء علي هذه المباني وردها إلي الدولة بما تحتها من أراضي بدلاً من إزالتها علي نفقة المخالف ، وذلك لسبب واضح ، وهو أن هذه المباني غير مطابقة لشروط البناء أو السلامة الإنشائية ، ومن ثم فلا تصلح للإستعمال أو للانتفاع .

وفي الحقيقة فإنني أري أن تنفيذ قرار الإزالة لهذه المباني المخالفة لخطوط التنظيم وقيود الارتفاع ، ومخالفة للقواعد الإنشائية ، إلي جانب أنها مقامة علي أملاك الدولة فإن إزالة هذه المباني أولي من الإبقاء عليها، وذلك للحفاظ علي هيبة الدولة ، وكذلك لتحقيق الردع لكل من تسول له نفسه التعدي علي هذه الأملاك .

والعقوبة التكميلية الوجوبية هنا والتي تتمثل في رد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ أو غراس ، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء علي نفقة المخالف ، فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة ، كل ذلك يختلف عن قواعد الإلتصاق المقررة في القانون المدني و في الفقرة الأولى من المادة 924 منه والتي تنص علي أنه “إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لصاحب الأرض أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت”

ومقتضي ذلك أن تملك صاحب الأرض للمنشآت التي يطلب استبقاءها بالالتصاق يكون مقابل تعويض صاحبها بأقل القيمتين المشار إليهما في النص وهما: قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أي قيمة الأنقاض بعد استنزال تكاليف الهدم، أو الفرق بين ثمن الأرض خالية من المنشآت وثمنها بعد إقامة هذه المنشآت عليها باعتبار أن فرق الثمن هو ما زاد في ثمن الأرض، ولا مراء في أن التعويض في هذه الحالة وإن كان مصدره القانون، إلا أنه يمثل قيمة ما أثرى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت .

ولا شك أن الحل الذي ورد في قانون العقوبات لهذه الإشكالية برد العقار المغتصب بما عليه من مبانٍ أو غراس ، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء علي نفقة المخالف وفقاً لنص المادة 372 مكررا من قانون العقوبات ، هو حل أقوي ومختلف عما ورد في القانون المدني بتملك المباني وفقاً لقواعد الإلتصاق الوارد في المادة 924 مدني ، الذي يتم بمقابل تعويض يدفع بشروط معينة للمتعدي.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار