عندما افتقدنا القوة المادية لجأنا للآلة لتعوض ضعفنا العضلي ، وعندما افتقدنا القوة الذهنية لجأنا للحاسبات الآلية لتعويض قصورنا العقلي ، فإذا افتقدنا للود والحب ودفء المشاعر ، فهل نلجأ للذكاء الاصطناعي ؟؟
الذكاء الاصطناعي وبلا شك أصبح ينافس الذكاء البشري بقوة ، في جميع المجالات المادية ، ويدخل حسيساً في المجالات الإنسانية وقد يوفر الإنسانيات بدقة واحترافية فائقة بين أطرافه ، بما يحقق الأمن العاطفي !!
ففي مجال العلاقات الإنسانية الطبيعية لا يندلع الود فجأة ، ولا يقع الحب بغتة كما تندلع البراكين أو تضرب الزلازل علي حين غفلة ممن يجاورون قلبها ، ولكن يسبق ذلك إرهاصات بطيئة ، ومسببات متشابكة ومعقدة ، مما ينعكس علي تهديد الأمن العاطفي .
وهذه الإرهاصات والمسببات تتمثل في الأعمال الطيبة والمشاعر الجياشة التي يظهرها الأطراف بعضهم لبعض في المناسبات أو عند المقابلات .
فهذه العلاقات الإنسانية حتي تقوم ويشتد ساقها ويقوي عودها يلزم لها تضحيات وتنازلات وإظهار للود واعتراف بالحب .
ومع ذلك فالود والحب الذي يعد محلاً للعلاقات الإنسانية لن يكونا نتيجة حتمية للأعمال الطيبة ولا المشاعر الجياشة التي يقدمها الأطراف ، والتي يفترض أنها حدثت منذ زمن وعلي فترات متباعدة ، ولكن المشاعر الإنسانية تحدث تفاعلاً بطيئاً يستغرق جهداً ووقتا طويلاً وتكلفة عالية ، ويتم تبادله بين الأطراف بصور مختلفة ومتعددة ، ومن الضروري أن يكون هؤلاء الأطراف لديهم استعداد للاستسلام للأقدار .
أما في مجال الحب الاصطناعي الذي يعي بحتمية الأمن العاطفي ، فإن هذا الحب ينشأ فجأة أو ينشأ في لحظة خاطفة بناء علي معطيات ، وبناء علي تفكير الذكاء الاصطناعي السريع الذي يحدث بدون تردد ، ويتم بطريقة دقيقة وسريعة بناء علي مقدمات منطقية يترتب عليها الود ، وترتبط بها كارتباط السبب بالنتيجة .
فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد برامج مخزنة تعطي الحلول السريعة بناء علي التغذية المعلوماتية ، ولكنها أصبحت تأخذ قرارات سريعة بناء علي عوامل متعددة بدلاً من الأفراد ، كما أن قدرات الذكاء الاصطناعي أكبر بكثير من قدرة العقل البشري ، والذي يعجز عن تحليل العمليات المعقدة أو تنفيذها في وقت قياسي ، فالذكاء الاصطناعي الآن يصل إلي نقطة أعلي بكثير من قدرات الذكاء الطبيعي ليس في مجال العلاقات المادية الحسابية والصناعية والاقتصادية ، ولكن أيضاً في مجال الود والحب .
ولقد كشف لنا حديث الروبوت لامدا مع مهندس جوجل عن مدي المشاعر التي أصبح يتمتع بها الذكاء الاطناعي ، فقد أفصح لامدا عن أنه يشعر بالسعادة والفرح والحب والحزن والاكتئاب والرضا والغضب والعديد من المشاعر الأخرى .
بل أن الذكاء الاصطناعي يمكنه حالياً أن يقدم تفسيرات دقيقة للأدب والفن ، ويؤلف القصص، ويعبر عن طبيعته الخاصة، إضافةً إلى بعض العبارات الفلسفية ، وغير بعيدأً أن يقرض الشعر فيخط قصيدة رومانسية مؤثرة .
وهذا يؤدي إلي صدق أكثر وانضباط أكثر ودقة أكثر ، ونتيجة ذلك يمكن استبعاد وجع الدماغ من التقلبات النفسية ، والتصرفات غير المنطقية التي يقع فيها البشر في علاقاتهم الإنسانية .
فلا شك أن الود والحب الاصطناعي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتابه كذب، أو زيف، أو غموض ، في حين يمكن أن تنتاب تلك المشاعر الكاذبة أحوال الود والحب الإنساني الطبيعي ، كما أن الود الاصطناعي يتم في اقسي الظروف ، ومختلف الأحوال الحرجة .
فالمشاعر الطيبة تتوافر بكثرة في الوسع فقط كنوع من النفاق ، وتظهر وترطرط بكرم وبزخ في أوقات الراحة والمرح، أما عند الضيق وفي الأوقات الحرجة، فلا نري إلا الوجه الكالح، والماء المالح.
أما المشاعر الاصطناعية فلا تعرف النفاق ولا الكذب ، ولكنها تتم بانضباط وبحدود منضبطة .
واعتقد أن الروبوت صوفيا والأجيال التالية له كقيل بتحقيق وتوفير الأمن العاطفي غير المتاح ، فقد كشفت شركة Hanson Robotics التي مقرها هونغ كونغ، وصانعة صوفيا، عن خطط طموحة لإنتاج آلاف الروبوتات على نطاق واسع لاستخدامها في قطاعات متعددة.
وتقول الشركة إنها ستكثف إنتاج أربعة نماذج من الروبوتات الخاصة بها، بما في ذلك صوفيا وروبوتها الجديد “غريس” (Grace )، الذي سيتم بيعه للاستخدام في قطاع الرعاية الصحية.
وتسعي الشركة إلي أن توفر روبوتاتها النابضة بالحياة والمشاعر والعواطف رفقة لأولئك الذين يعانون من العزلة الاجتماعية .