تحاول أسعار الذهب العالمية التماسك خلال تداولات اليوم بعد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد انخفاض حاد للذهب خلال جلسة الأمس في ظل قوة الدولار وعوائد السندات الحكومية، ولكن يبقى التركيز في الأسواق على تقرير الوظائف الذي يصدر نهاية الأسبوع.
ارتفعت أسعار الذهب الفورية خلال تداولات اليوم الأربعاء بنسبة 0.4% لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1949 دولار للأونصة، وذلك بعد أن انخفض الذهب يوم أمس بنسبة 1.1% وسجل أدنى مستوى منذ 3 أسابيع عند 1941 دولار للأونصة.
انخفاض أسعار الذهب أمس جاء بسبب ارتفاع في مستويات الدولار الأمريكي وفقا لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية بنسبة 0.4% بينما يشهد اليوم تذبذب بالقرب من مستويات اغلاق الأمس.
السبب الرئيسي وراء انخفاض أسعار الذهب أمس كان بعض علامات التعافي في قطاع التصنيع والإنفاق على البناء في الولايات المتحدة، مما عزز مستويات الدولار حيث تخشى الأسواق من أن المرونة في الاقتصاد الأمريكي ستمنح الاحتياطي الفيدرالي حيزًا كافيًا لمواصلة رفع أسعار الفائدة.
الاحتمالات المتضاربة في الأسواق بشأن مستقبل أسعار الفائدة تدفع الذهب إلى التذبذب خلال هذه الفترة ليتحرك في نطاقات محددة ضمن 30 إلى 40 دولار، يرجع هذا إلى تعمد البنك الاحتياطي الفيدرالي عدم الوضوح بشأن مستقبل السياسة النقدية بهدف منع الأسواق من المضاربة ضد الدولار الأمريكي، وفق جولد بيليون.
وتوقف البنك الفيدرالي عن دورة رفع أسعار الفائدة من شأنها أن تزيد من عمليات البيع على الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخفض من قيمته الشرائية وبالتالي ترتفع معدلات التضخم من جديد وهو أمر لا يرغب فيه البنك الفيدرالي الذي يحارب التضخم منذ العام الماضي.
عوائد السندات الحكومية الأمريكية مستمرة في الارتفاع حيث سجل العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات ارتفاع منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.7% لتسجل يوم أمس أعلى مستوى في 3 أسابيع عند 4.057% لتستقر فوق المستوى 4%.
وذكر التحليل الفني لجولد بيليون أن ارتفاع عوائد السندات الأمريكية تزيد من الضغط السلبي على أسعار الذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب أصلا لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يتزايد بارتفاع الفائدة.
من جهة أخرى عادت أسعار الذهب للتماسك من جديد خلال تداولات اليوم الأربعاء، وذلك بعد اعلان وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في وقت متأخر يوم أمس عن خفض تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية من AAA إلى AA+ لتشير إلى تزايد الديون على الحكومة الأمريكية إلى جانب تراجع معايير الحوكمة خلال السنوات الماضي.
الذهب حاول لعب دور الملاذ الآمن في الأسواق بعد تخفيض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني، ولكن تأثير الخبر كان محدود على الأسواق، ويظل التركيز منصب على بيانات قطاع العمالة الأمريكي هذا الأسبوع وأثره على توقعات الفائدة الأمريكية.
التسعير الحالي في الأسواق يشير إلى احتمال بنسبة 82.5% بأن أسعار الفائدة سيتم تثبيتها عند مستوياتها الحالية خلال اجتماع البنك الفيدرالي القادم في سبتمبر.
ولكن تنتظر الأسواق تأكيد من البيانات الاقتصادية والتي أشار الفيدرالي خلال اجتماعه الأخير أن قرارات السياسة النقدية القادمة ستتوقف على البيانات، ومن المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف الحكومي تعيين 203 ألف وظيفة خلال شهر يوليو مقارنة مع القراءة السابقة بقيمة 209 ألف.
تقرير الوظائف يظهر صحة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على تحمل رفع جديد في أسعار الفائدة أم لا، يذكر أن أعضاء البنك الفيدرالي أعربوا عن أملهم في أن يتمكنوا من التغلب على التضخم دون إلحاق الضرر بسوق العمل، على الرغم من أنهم قالوا أيضًا إن القيام بذلك سيتطلب إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لبعض الوقت.
الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة سيعمل على الحد من فرص الذهب في تحقيق مستويات قياسية، ولكن تيقن الأسواق بانتهاء دورة رفع الفائدة من قبل الفيدرالي سيعمل على إعطاء الذهب زخم إيجابي كافي للعودة إلى التداول فوق المستوى 2000 دولار للأونصة.
تقرير مجلس الذهب العالمي
و صدر تقرير اتجاهات الطلب على الذهب خلال الربع الثاني عن مجلس الذهب العالمي، ليظهر التقرير انخفاض اجمالي الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الثاني بنسبة 2% على أساس سنوي ليسجل 920.7 طن ذهب.
خلال الربع الثاني من العام تراجعت وتيرة شراء الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية لتسجل 103 طن فقط مقارنة مع شراء 284 طن من الذهب خلال الربع الأول من العام، ليشير التقرير أن الطلب القوي على المشغولات الذهبية قد ساعد على تعويض ضعف مشتريات البنوك المركزية خلال الربع الثاني من هذا العام.
من أخرى ارتفع الطلب على السبائك والعملات الذهبية بنسبة 6% على مستوى سنوي ليصل إلى 277 طن في الربع الثاني، بينما ارتفع اجمالي المعروض من الذهب بنسبة 7% على المستوى السنوي إلى 1255 طن.
الجدير بالذكر أن تقرير مجلس الذهب العالمي فشل في تقديم دعم لأسواق الذهب وهو ما يظهر في انخفاض الذهب بأكثر من 1% يوم أمس، الجدير بالذكر ان مجلس الذهب العالمي قد وصف تداولات الذهب في البورصة بالغامضة والتي لا تقدم اتجاه واضح للطلب على الذهب، وذلك بسبب التذبذب الحاد الذي شهده الذهب منذ بداية العام.
أسعار الذهب في مصر
أظهر سوق الذهب المحلي استقرار دون تغيرات تذكر في الأسعار وسط انتظار لما سيسفر عنه اجتماع البنك المركزي المصري يوم غد الخميس، بالإضافة إلى بيانات تقرير الوظائف الأمريكي الذي يصدر نهاية الأسبوع وقد يؤثر على حركة الذهب العالمي بشكل كبير.
وسجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الأربعاء 2155 جنيه للجرام دون تغير يذكر عن جلسة الأمس، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17240 جنيه.
الاستقرار الحالي في أسعار الذهب يرجع بشكل كبير إلى وفرة المعروض في الأسواق في الوقت الذي يشهد فيه الطلب تراجع ملحوظ خلال هذه الفترة، وهو ما يدفع أسعار الذهب إلى التحرك في نطاقات ضيقة وتجاهل التحركات الكبيرة التي نشهدها في الأسواق العالمية من وقت لآخر.
على الرغم من تراجع الطلب على الذهب منذ بداية الربع الثالث من العام، إلا أن النصف الأول من 2023 شهد قفزات تاريخية في مشتريات المصريين من الذهب، فوفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي ارتفعت مشتريات الذهب في مصر بنسبة 46.3% خلال النصف الأول من العام لتتجاوز 33.5 طن بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2022.
الزيادة الكبيرة في مشتريات الذهب جاءت بقيادة ارتفاع مشتريات السبائك والعملات الذهبية بنسبة 173% لتصل إلى 18.6 طن مقارنة مع 6.8 طن خلال نفس الفترة من العام الماضي، بينما تراجع الطلب على المشغولات الذهبية خلال النصف الأول من العام بنسبة 8% لتصل إلى 14.8 طن مقارنة مع 16.1 طن في النصف الأول 2022.
الربع الثاني من عام 2023 شهد مشتريات من الذهب في مصر بواقع 17.3 طن ذهب مقابل 16.2 طن في الربع الأول، وارتفعت مشتريات السبائك خلال الربع الثاني إلى 10.4 طن مقابل 8.2 طن في الربع الأول.
أما عن سعر صرف الدولار في السوق الموازية فيشهد استقرار منذ فترة في ظل تراجع الطلب على الدولار وتصريحات الرئيس المصري بأن سعر الصرف أمن قومي، ولكن يتوقع البعض أن يشهد سعر الصرف تحرك خلال الفترة القادمة بالتزامن مش الشهادات الدولارية التي صدرت مؤخراً.
التصريحات الأخيرة لرئيس بنك مصر أشار إلى أن هناك اقبال ملحوظ على الشهادات الدولارية خاصة الشهادة ذات عائد 7% يصرف بالدولار كل 3 أشهر، وأشار الشهادات تعد بديل جيد للمواطنين الحائزين للدولار مع عدم قدرتهم على استثماره.
وفي سياق آخر صدر عن البنك المركزي المصري بيانات تفيد تفاقم العجز في الأصول الأجنبية المصرية بنسبة 11% في يونيو الماضي على أساس شهري ليصل إلى سالب 27.1 مليار دولار مقارنة مع سالب 24.5 مليار دولار في مايو.
والمقصود بصافي الأصول الأجنبية هو أصول البنوك مقيمة بالعملة الصعبة مخصوم منها الالتزامات، ومعنى أن الناتج بالسالب أن الالتزامات تفوق الأصول وهو ما تعانيه البنوك المصرية منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسببت في خروج أموال ساخنة بواقع 22 مليار دولار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استطاعت منطقة الدعم التي تبدأ من المستوى 1940 دولار للأونصة وحتى 1930 دولار في أن توقف انخفاض أسعار الذهب يوم أمس حيث يجتمع في هذه المنطقة المتوسط المتحرك لـ 100 يوم ومستوى التصحيح 50% للموجة الصاعدة الرئيسية بالإضافة إلى خط الاتجاه الصاعد للموجة الصاعدة التي بدأت نهاية شهر أكتوبر 2022.
ذلك الانخفاض وصل بالذهب إلى المستوى السفلي لنطاق التداول الذي يسيطر على الذهب منذ 3 أسابيع.
تراجع الذهب يوم أمس يظهر ضعف الزخم الإيجابي على المعدن النفيس وانتظار المستثمرين لحافز حقيقي لاستكمال الصعود، لهذا يبقى نتائج تقرير الوظائف بمثابة تحديد لمصير الذهب خلال الفترة القادمة.
يذكر أن كسر منطقة المقاومة 1975 – 1985 دولار للأونصة بنجاح يعد شرط أساسي لاستكمال الصعود واختبار المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن سعر جرام الذهب عيار 21 يستمر في الحركة في نطاقات ضيقة بين 2150 – 2175 جنيه للجرام وكسر هذه المنطقة لأسفل يفتح الباب لمناطق 2130 – 2120 جنيه للجرام والتي قد يراها البعض مناسبة للشراء.