استمرت خسائر الذهب خلال تداولات اليوم الثلاثاء للجلسة السابعة على التوالي، وذلك في ظل ضغط سلبي كبير على المعدن النفيس ناتج عن ارتفاع مستويات الدولار وعوائد السندات الأمريكية، بالإضافة إلى تزايد التوقعات برفع جديد في الفائدة قبل نهاية العام.
انخفضت أسعار الذهب الفورية خلال جلسة اليوم لتسجل أدنى مستوى منذ شهر مارس الماضي عند 1815 دولار للأونصة قبل أن يقلص الذهب هذه الخسائر ويتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 1826 دولار للأونصة، وذلك بعد انخفاض خلال تداولات الأمس بنسبة 1.1%، وفق تحليل جولد بيليون.
لسبعة جلسات متتالية استمر الذهب في الانخفاض ليسجل أطول سلسلة خسائر منذ أغسطس 2022، وذلك في ظل تأكيدات من أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي على احتمال بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من الوقت، خاصة بعد البيانات الأفضل من المتوقع التي تصدر عن الاقتصاد الأمريكي.
يوم أمس صدر مؤشر معهد التزويد الصناعي عن شهر سبتمبر والذي أظهر تحسن قراءة المؤشر إلى 49 نقطة من القراءة السابقة 47.6 نقطة، وعلى الرغم من كون المؤشر لا يزال يظهر انكماش في القطاع الصناعي الأمريكي بسبب كون القراءة تحت 50 التي تعد الحد الفاصل بين النمو والركود، إلا أن الذهب تفاعل بشكل سلبي مع هذه البيانات.
مرونة البيانات الاقتصادية وتحمل الاقتصاد الأمريكي لسلسلة رفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي التي بدأت منذ مارس 2022، تزيد من التوقعات باستمرار السياسة النقدية المتشددة من قبل الفيدرالي الأمريكي لفترة أطول من الوقت حتى الوصول إلى مستهدف التضخم عند 2%.
رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أشار في حديثه يوم أمس أن البنك يهدف إلى الحفاظ على سوق العمل قوي، وبالتالي قد يحتاج لاستمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول للسيطرة على مكاسب الأجور التي تغذي التضخم بشكل مباشر.
أيضاً تحدثت عضو البنك الفيدرالي لوريتا ميستر عن احتياطي الفيدرالي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لضمان العودة إلى هدف التضخم عند 2%، وأشارت أن البنك الفيدرالي سيحتاج على الأرجح إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا العام.
أعضاء البنك الفيدرالي متفقين على كون الفائدة تحتاج للبقاء عند مستويات المرتفعة لفترة من الوقت لتحقيق هدف التضخم، وهذا الاتفاق في التصريحات يعكس الجدل المستمر بين أعضاء البنك حول رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام أن الاكتفاء بالمستويات الحالية.
تتوقع الأسواق فرصة بنسبة 45% لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى هذا العام، لكنها تتوقع أيضًا احتمال بنسبة 42% لبعض التيسير في السياسة النقدية في النصف الأول من عام 2024.
ارتفع الدولار إلى ذروة جديدة في عشرة أشهر وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية ليتداول بالقرب من المستوى 107، في حين اقتربت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من أعلى مستوياتها في 16 عاما من جديد.
يعمل هذا على زيادة تكلفة الفرصة البديلة بالنسبة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات الحكومية، هذا بالإضافة إلى قوة الدولار الأمريكي التي تؤثر بالسلب على أداء الذهب في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما.
أيضاً تراجع الطلب على الذهب بعد تراجع المخاطر المتعلقة بإغلاق الحكومة الأمريكية، فقد وقع الرئيس بايدن خلال عطلة نهاية الأسبوع على قانون كإجراء مؤقت لتمويل الحكومة الفيدرالية لمدة 47 يومًا أخرى حتى 17 نوفمبر. وكانت معظم الأسواق توقعت أن الحكومة ستغلق أبوابها خلال نهاية الأسبوع.
تسبب هذا في تراجع المخاوف في الأسواق وبالتالي فقد الذهب دعم جديد ليستمر في الهبوط منذ بداية الأسبوع لتسجيل أدنى مستوياته منذ شهر مارس الماضي.
فرص تعافي الذهب على المدى القصير
الانخفاض الحاد في مستويات الذهب منذ بداية الأسبوع الماضي تسبب في التشبع في عمليات البيع بشكل قد يدفع معه سوق الذهب إلى البحث عن قاع ليبدأ في التعافي أو التحركات العرضية لإيقاف هذا الانخفاض الحاد.
الدعم المتوقع لأسعار الذهب الفورية على المدى القصير يتراوح بين 1815 – 1808 دولار للأونصة، وقد تساعد هذه المستويات على توقف هبوط الذهب والتعافي إلى المستوى 1850 دولار للأونصة، وفي حالة اختراق هذا المستوى سيعمل الذهب على تثبيت أقدامه بعض الشيء والاستقرار في تداولاته.
ولكن الذهب سيكون في حاجة لحافز ليساعده على تكوين قاع سعري عند هذه المناطق، وقد تكون بيانات الوظائف الأمريكية التي تصدر هذا الأسبوع عامل مناسب لذلك إذا جاءت البيانات في صالح الذهب.
الجدير بالذكر أن كسر منطقة الدعم المتوقعة التي أشرنا إليها يدفع الذهب إلى المستوى النفسي 1800 دولار للأونصة.
نسبة الذهب إلى الفضة تسجل أعلى مستوياتها هذا العام
نسبة الذهب إلى الفضة يقصد بها كمية الفضة اللازمة لشراء أونصة من الذهب وهي نسبة تاريخية يتم استخدامها من قبل العديد من المستثمرين وتجار الذهب كمؤشر لتحديد أفضل وقت للشراء والبيع.
فإذا كانت نسبة الذهب إلى الفضة مرتفعة فهذا يعني أن هذا هو الوقت المناسب لشراء الفضة وبالتالي بيع الذهب لأن النسبة أكثر ملاءمة للفضة والعكس صحيح.
في شهر أكتوبر الجاري ارتفعت نسبة الذهب إلى الفضة لتقترب من أعلى مستوى تم تسجيله هذا العام في فبراير الماضي. وهو الأمر الذي يعد مؤشر سلبي إضافي بالنسبة لحركة الذهب على المدى القصير إلى المتوسط.
يأتي هذا بالتوازي مع ضعف أداء صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، فقد انخفضت تداولات صندوق SPDR الاستثمار المدعوم بالذهب ليسجل أدنى مستوياته منذ مارس الماضي لينخفض خلال شهر سبتمبر بنسبة 4.8%.
سجل الصندوق الذي تصل إجمالي أصوله إلى 53 مليار دولار تقريباً ارتفاع منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 1.07%، ليتراجع أداءه بعد أن كان تخطى 9% منذ أشهر قليلة.
أسعار الذهب في مصر
سعر الذهب في السوق المصري يستمر في التراجع بفعل الانخفاض الحاد في سعر الأونصة في السوق العالمي، بالإضافة إلى ضعف مستويات الطلب على الذهب خلال هذه الفترة من العام الأمر الذي يترك السوق المحلي بدون دعم في مواجهة انخفاض التسعير العالمي.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الثلاثاء عند المستوى 2140 جنيه للجرام قبل أن يشهد ارتفاع تدريجي إلى المستوى 2147 جنيه للجرام قبل أن يعود إلى المستوى 2145 جنيه للجرام والذي يتداول عنده وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون.
هذا وقد انخفض سعر الذهب يوم أمس بمقدار 10 جنيهات ليغلق الجلسة عند المستوى 2145 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولات الأمس عند 2155 جنيه للجرام.
الاستقرار في الأوضاع المحلية دفعت الطلب إلى التراجع على الذهب خلال هذه الفترة، ومن المتوقع أن يستمر الطلب في الاستقرار عند هذه المستويات حتى نهاية العام خاصة في ظل عدم وضوح مسار تعامل الحكومة مع صندوق النقد الدولي وبالتالي توقف أية توقعات بخفض سعر صرف الجنيه خلال الفترة القادمة وفقاً لذلك.
سعر صرف الدولار في السوق الموازية أيضاً يشهد استقرار منذ فترة بدون تحركات مفاجئة الأمر الذي دفع أسعار الذهب إلى الاستقرار وبالتالي بدأ في التأثر بتحركات السوق العالمية التي تشهد انخفاض حاد هذه الفترة في سعر الذهب بسبب توقعات رفع الفائدة الأمريكية.
هذا وقد استمر مؤشر مديري المشتريات الذي يقيس أداء شركات القطاع الخاص المصري غير النفطي في الانكماش خلال شهر سبتمبر، ليسجل أدنى مستوى منذ 4 أشهر عند 48.7 نقطة مقارنة مع قراءة أغسطس التي كانت بقيمة 49.2 نقطة.
الجدير بالذكر ان قراءة المؤشر فوق المستوى 50 يدل على نمو القطاع والقراءة تحت المستوى 50 تدل على انكماش أداء القطاع.
السبب الرئيسي وراء أداء الشركات كان ارتفاع التضخم الذي تسبب في تراجع معدلات الطلب، بالإضافة إلى مشكلات السيولة ونقص المواد بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج بشكل حاد بسبب تسعير الدولار في السوق الموازي المغاير للسعر في البنوك الرسمية المستقر عند 30.95 جنيه لكل دولار.
هذا وقد تراجع الدين الخارجي لمصر بمقدار 633 مليون دولار خلال النصف الثاني من 2023 ليصل إلى 164.728 مليار دولار منخفضاً بنسبة 0.4%، وأشار البنك المركزي المصري أن مصر ملتزمة بسداد أقساط قروض بمقدار 29.23 مليار دولار خلال عام 2024.
وفي سياق منفصل أشار بنك الاستثمار العالمي مورغان ستانلي بأنه يتبنى نظرة متشائمة للاقتصاد المصري مع زيادة المخاطر في الأشهر المقبلة، حيث خفض البنك نظرته من الحياد إلى لا يحبذ بالنسبة لأدوات الدين الحكومية لمصر.
كم أشار البنك الاستثماري أن الانتخابات الرئاسية في مصر ستضعف وتؤجل قدرة مصر على مواصلة برنامج الإصلاحات، بالإضافة إلى تأجيل الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وهو شرط رئيسي لبرنامج صندوق النقد الدولي لقرض بقيمة 3 مليارات دولار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
سجل الذهب الفوري أدنى مستوى منذ مارس الماضي عند 1815 دولار للأونصة قبل أن يرتفع إلى سعر افتتاح الجلسة عند 1828 دولار للأونصة، وهو ما قد يبدو بداية لمحاول تكون قاع سعري عند المنطقة.
المتوقع أن تسجل منطقة 1815 – 1808 دولار للأونصة دعم للسعر على المدى اللحظي وفي حالة حصول الذهب على حافز من الأخبار الاقتصادية قد يتوقف عن الهبوط ويتحرك بشكل عرضي يميل إلى الارتفاع مستهدفاً المستوى 1850 دولار للأونصة.
استقرار السعر فوق 1850 دولار ينهي سلسلة الهبوط الحاد ويعيد السعر إلى الحيادية لبعض الوقت، أما الاستمرار في الهبوط وكسر منطقة الدعم يدفع السعر إلى المستوى النفسي 1800 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي فنجد أنه قد استمر في الهبوط التدريجي ويعمل حالياً على كسر منطقة الدعم حول المستوىات 2140–2130ج جنيه للجرام، ومن المتوقع بعد سلسلة الهبوط التدريجي في سعر الذهب أن يحاول تكوين قاع سعري حول مستويات الدعم الحالية، ليشهد أرتداد تصحيحي بالتزامن مع التصحيح الإيجابى لمتوقع لسعر الأونصة عالميا حيث أن أولى مستهدفات السوق المحلى هو مستوى 2170 حتي 2180ج.