في خطوة مهمة لزيادة وجذب الاستثمارات الأجنبية، أعلنت الدولة طرح عدد من الشركات التابعة لقطاع البترول ضمن برنامج الطروحات الحكومية بهدف زيادة حصص القطاع الخاص مستقبلاً.
بدأت الدولة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية ودخول مساهمين ومستثمرين من القطاع الخاص، حيث تقوم وزارة البترول بطرح حوالي 10 شركات من قطاع البترول ضمن برنامج الطروحات الحكومية، تضم إنبي و ميدور وإيثيدكو وأسيوط لتكرير البترول، والمصرية ميثانكس لإنتاج الميثانول، والوادي للصناعات الفوسفاتية والأسمدة، وبورسعيد لتداول الحاويات، و دمياط لتداول الحاويات .
وتسعى الدولة المصرية ووزارة البترول، لطرح بعض أو حصص من أسهم الشركات التابعة لقطاع البترول، فى البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، فيما سيتم نقل حصص من شركات أخرى لصندوق مصر السيادى تمهيداً لطرحها لمستثمرين استراتيجيين.
ومن الشركات التى من الممكن أن يتم طرحها فى البورصة خلال الفترة المقبلة، مصر للبترول، والتعاون للبترول؛ حيث يجرى إقناع المساهمين في كل منهما لطرح جزء من الشركات فى البورصة.
وكان رئيس مجلس الوزراء أعلن أنه بالفعل تم الانتهاء من طرح ربع المستهدف طرحه من هذه الشركات، وجار التحرك فى باقى الشركات بقوة خلال الفترة القادمة، فضلًا عن التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية، يتضمن العمل على تجهيز نحو 50 شركة جديدة لطرحها ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
وأصبح ملف الطروحات برنامجاً للدولة المصرية غير مرتبط بأزمة ولكنه مرتبط بوثيقة سياسة ملكية الدولة التى تم الإعلان عنها وتلتزم بها الدولة، وسيتم التحرك فى إطارها حتى مع الخروج من الأزمة الراهنة للنقد الأجنبى؛ حيث إنه أصبح مبدأ وسياسة ثابتة للدولة المصرية خلال الفترة القادمة.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي كريم عادل إن الطروحات الحكومية تعتبر فرصة جيدة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص ودخول استثمارات جديدة في مجال الطاقة، والطروحات الحكومية هي أداة من أدوات تنفيذ ما جاء بوثيقة سياسة الملكية والتي تشير إلى تخارج الدولة من بعض القطاعات سواء بصورة تدريجية أو جزئية وكلية.
أضاف أنها تعتبر فرصة لتوفير النقد الأجنبي للتخفيف من العبء والضغط على الموازنة العامة للدولة، وتسهم في إحداث حالة من النشاط والرواج في البورصة المصرية التي تعد المرآة الاقتصادية لأي دولة.
أوضح عادل، أنه أعلن عن طرح عدد من شركات البترول في الطروحات الحكومية الأخيرة، وهو المجال الأكثر اتجاهًا للاستثمار إذ أصبحت البوصلة الاقتصادية تتجه لهذا القطاع، وتبحث عن الدول التي تتيح فرص استثمارية، وهناك عدد من المقومات التي تدعم فكرة الطروحات الحكومية وتوفير فرص استثمارية جاذبة.
ومرتقب أن تصل العوائد من الطروحات الحكومية في قطاع البترول إلى 2 مليار دولار، وهو ما يزيد من الفرص الاستثمارية ويدفع عجلة الاقتصاد.
وأكد المهندس مدحت يوسف خبير البترول، أن تنفيذ الدولة بعض الطروحات الحكومية في مجال البترول يأتي في ضوء رغبتها في زيادة الفرص الاستثمارية وخاصة أن قطاع البترول يعتمد على الاستثمار بشكل كبير.
أشار إلى أن الطرح يفتح فرصًا كثيرة ويسهم في زيادة موارد الدولة، وتقوية الاقتصاد المصري لان دخول مساهمين ومستثمرين بحصص في هذه الشركات ينعكس بالإيجاب على معدلات إنتاج الشركات.
برنامج الطروحات الحكومية يعزز موارد الدولة من النقد الأجنبي
ومن جانبه قال أشرف غراب الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إن برنامج الطروحات الحكومية يهدف لتعزيز موارد الدولة من النقد الأجنبي ويدعم الاستثمار المباشر وغير المباشر، إضافة إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية بنسبة 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة خلال الثلاث سنوات القادمة، وذلك تنفيذًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأضاف أن البرنامج يتضمن طرح 35 شركة في 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا سواء بالبورصة أو مستثمر استراتيجي يتم طرحها خلال 4 سنوات بحصيلة سنوية تقدر بـ 10 مليار دولار بقيمة كلية تقدر بنحو 40 مليار دولار قيمة الأصول المطروحة .
أشار غراب، إلى أن الطروحات الحكومية بالبورصة عبارة عن طرح جزء من رأس مال شركات معينة للاكتتاب بالبورصة وذلك لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية غير المباشرة، وتنويع مصادر الاستثمارات وزيادة معدلات النمو لتغطية عجز الموازنة، إضافة لاستخدام العوائد من الطروحات لإعادة هيكلة الشركات والتوسع فيها وتحويلها لربحية، موضحًا أن الطروحات تمثل شراكة بين القطاع العام والخاص أو تحول ملكية الشركة بالكامل للقطاع الخاص اذا طرحت الحكومة كل أسهم الشركة.
ولفت إلى أن الطروحات إذا تمت في مواعيدها وحققت أرباحًا سيكون لها أثر إيجابي في زيادة السيولة من العملة الصعبة وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي ورؤوس الأموال، خصوصا إذا تم الترويج للطروحات ترويجًا جيدًا داخليًا وخارجيًا، كما أن نجاح طرح أسهم شركة ما يدعم الطروحات التي تليها .
قال غراب، إن الاحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط تشير إلى أن مصر تستهدف جمع 4 ـ 5 مليارات دولار من برنامج الطروحات حتى يونيو المقبل، وذلك لتوفير سيولة دولارية، موضحًا أن ما تم تنفيذه من برنامج الطروحات لمستثمرين نجح في جمع ما يقارب الـ 2.5 مليار دولار وفق التقارير الرسمية، موضحًا أنه لو تم تنفيذ برنامج الطروحات وتوافرت السيولة وفق الجدول الذي وضعته الحكومة سيسهم بلا شك في توفير سيولة نقدية من النقد الأجنبي تسهم في دعم نسبي للجنيه المصري واستقرار سعر الصرف أمام الدولار بنسبة ما.
وأوضح أن برنامج الطروحات يعد جزءًا هامًا للخروج من الأزمة الاقتصادية وذلك لأن تمكين القطاع الخاص يسهم في زيادة الإنتاج والتوسع في الشركات القائمة، وزيادة فرص العمل، وزيادة المعروض من السلع بالأسواق وزيادة حجم الصادرات ما يوفر للدولة عملة أجنبية أيضا، إضافة إلى أن اتجاه الدولة نحو توقيع اتفاقيات مع عدد من الدول الصديقة المنضمة لتجمع بريكس وذلك من أجل إتمام المعاملات التجارية الثنائية بينها وبين تلك الدول كالإمارات وروسيا والصين إضافة إلى تركيا يسهم في تخفيف الضغط على العملة الصعبة ويوفرها، كما يسهم في توفير وارداتنا من خامات ومستلزمات الإنتاج ما يسهم في زيادة معدلات التشغيل وزيادة الإنتاج .
وأوضح أن هناك موارد أخرى تسهم في زيادة دخل مصر من العملة الأجنبية أهمها دخل قناة السويس والذي متوقع أن يزيد هذا العام لنحو 10.5 مليار دولار، إضافة إلى زيادة الوفود السياحية هذا العام بشكل كبير عن العام الماضي، لكن الذي يعاني نقصاً هو تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تحتاج إلى مبادرات أكثر من الدولة لزيادة تحويلاتهم عبر المصارف الرسمية لأنها تعد مصدرا هاما للعملة الصعبة، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات المصرية والتي بلغت 53.8 مليار دولار خلال 2022 ومتوقع أن تبلغ 57 مليار دولار العام الجاري .
الشركات الزراعية الحكومية تحتاج رؤية وخطط عمل شاملة
قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ، إن الزراعة هي عنصر أساسي للحفاظ على الآمن القومي لأي دولة، مشيرًا إلى ضرورة وضع رؤية شاملة وخطط عمل لجميع الشركات الزراعية التابعة للدولة وكيفية استخدامها بأفضل طريقة، قبل طرح حصص من الشركات الزراعية داخل البورصة المصرية.
أضاف الشافعي، أن طرح حصص من الشركات الزراعية في البورصة يهدف إلى تحقيق مزيد من الإيرادات للدولة والحد من الفجوة الدولارية، مؤكداً أن الأفضل هو أن تكون هذه الشركات قادرة على تلبية احتياجات المواطنين من السلع الاستراتيجية، أو المنتجات الاستراتيجية المستوردة، لسد احتياجات السوق المصري، مثل القمح والفول، وبذلك يتم تقليل فاتورة الواردات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن القيمة المضافة لهذا الطرح تكمن في قدرة هذه الشركات على إنتاج وتوفير السلع الضرورية، مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتخفيض الاعتماد على الواردات. ويجب أن تكون لدينا رؤية كاملة لتحقيق الأهداف المرجوة قبل طرح هذه الشركات في البورصة.
وأكد الشافعي، أنه بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه السلع، يمكن النظر في طرح الشركات في البورصة، مع وجود استقرار في الأسواق، ومن ثم يمكن تحقيق التنسيق والاندماج والدعم من خلال طرح جزء من هذه الشركات، مشددًا على أهمية وجود هذه الشركات وقدرتها على تلبية الاحتياجات وتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية لمصر، وأن ذلك أهم من طرحها أو إدراجها في البورصة .
يذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كشف عن أسباب طرح الشركات في البورصة، مؤكداً أن ذلك يرجع لعدة أسباب: الأول هو إعطاء فرصة للشباب والمواطنين أن تكون لهم استثمارات مساهمة من خلال الأسهم، أما السبب الثاني فهو تحقيق الشفافية والمصداقية لهذه الشركات وذلك لأنه لكي تدخل شركة بالبورصة لابد لها أن يكون لها أسهم في البورصة واشتراطات معينة وهذا في حد ذاته سيحقق الكثير من الشفافية والمصداقية.
وأضاف السيسي ، أن السبب الثالث، أن يكون هذا متاح للمواطنين ليس فقط من خلال شراء الأسهم ولكن أيضا من خلال الاستثمار في زراعة ما يريده المواطن على سبيل المثال 1000 فدان أو 3000 فدان وهذا متاح أيضًا.
تمكين القطاع الخاص وترسيخ الشفافية .. أبرز المكاسب
بينما قال الدكتور عبد المنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الطروحات الحكومية تعني طرح مجمل أسهم الشركات التابعة للدولة في البورصة المصرية، أو جزء أو حصة من أسهم تلك الشركات.
وأكد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة أن الهدف الرئيسي من الطروحات الحكومية هو تعزيز أو تمكين القطاع الخاص، وهو ما يوفر الشفافية، في حال التوسع في الجمعية العمومية للشركة فإن ذلك يعني أن الشركة أصبح فيها مجموعة مساهمين وليس فردًا واحدًا مساهمًا بها وهو ما يوفر المتابعة والرقابة الكاملة علي مجلس إدارة الشركة بالكامل.
وأشار السيد إلى أن هناك أكثر من استفادة من عملية الطروحات الحكومية للشركات خاصة الشركات الصناعية التي تخدم قطاع كبير من رجال الأعمال.
و الفائدة تعود علي المستثمرين، لأن طرح شركات صناعية جديدة في البورصة المصرية يعني أن يكون هناك بدائل كثيرة للتمويل بخلاف البنوك التي تحصل بفائدة عالية من الشركات التي تلجأ لها، ويمكن من خلال إعادة ملكية الشركة أي بيع جزء من حصة الشركات يتم تمويل المشروعات المستحدثة، أما علي الجانب الآخر يمكن للمستثمر الصغير أن يشارك حتي ولو بحصة صغيرة تبدأ من 1000 جنيها ويقوم بشراء جزء من أسهم الشركة.
أضاف السيد، أن الطروحات الحكومية توفر العديد من البدائل أمام المواطن من بينها الشهادات الإدخارية، وهناك التعامل في البورصة كبدائل للاستثمار.
وأشار إلي أن بعض المواطنين يلجأون إلى الذهب كفرصة جيدة للاستثمار في ظل ارتفاع أسعاره، والطروحات الحكومية أيضًا بديل جديد أمام المواطنين من أجل الاستثمار من خلال امتلاك أسهم في الشركات المربحة.
أكد السيد، أن شركات الدولة التي تم طرحها أو التي تنتظر الطرح تمتلك مجموعة كبيرة من الأصول ويوجد العديد من الشركات الصناعية الكبري التابعة للحكومة قيمتها السوقية أقل من قيمتها الحقيقية.
وأوضح أن القطاع الخاص يعد قاطرة التنمية الصناعية في أي دولة، ومن خلال القطاع الخاص تسعي الدول الي تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاهتمام بالقطاع الخاص ورجال الأعمال، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يعني في الدرجة الأولي ضخ الاستثمارات والاستثمارات الجديدة تعني زيادة معدلات التشغيل، وزيادة معدلات الإنتاج داخل الدولة.
وتابع:” اتخذت الدولة العديد من الإجراءات والقرارات لدعم الاقتصاد الوطني منها تدشين العديد من المبادرات المتوفرة لرجال الأعمال وسوق الاستثمار إلى جانب إعفاءات القطاعات الصناعية من كافة الضرائب لمدة 5 سنوات، بالإضافة إلي طرح العديد من التسهيلات لرجال الأعمال فيما يخص إنجاز المشروعات في مدة أقل.”
أما عن أهداف الدولة من برنامج الطروحات الحكومية، أكد السيد أن الدولة تستهدف عدة مكاسب من برنامج الطروحات الحكومية منها تمكين وتعزيز دور القطاع الخاص بشكل كبير بحيث يصبح قاطرة للتنمية الحقيقية لانه القطاع الوحيد الذي يمتلك القدرة علي التوسع في التشغيل، خاصة تشغيل العمالة بشكل أفضل وإنتاج منتج يساهم في التصدير إلي الخارج بجودة عالية ومن ثم جلب العملة الصعبة الي البلاد في ظل الوضع الحالي.
وأشار إلي أن الدولة من خلال الطروحات الحكومية تسعي إلي سد الفجوة التمويلية داخل الدولة، وهذا البرنامج يتم من خلال طرح الشركات الصناعية منها الطرح الجزئي والطرح الكلي لبعض الشركات والتي تستقطب المستثمرين وهو ما يوفر حصيلة دولارية، بالإضافة إلى أن طرح بعض الشركات داخل البورصة المصرية يتم من خلالها تحصيل مبالغ لسد الفجوة التمويلية.