قال جون لوكا، رئيس مجلس إدارة شركة جولد إيرا للسبائك الذهبية، أن الدين الخارجي لمصر ارتفع خلال السنوات الأخيرة بصورة متسارعة وفى مارس الماضي تجاوز 165.4 مليار دولار، وينتظر مصر جدول سداد مزدحم خلال السنوات الـ5 المقبلة.
وأكد “لوكا” في حوار له، على أن مصر ليس لديها مشكلة في الالتزام بسداد ديونها المستحقة وفق الجدول الزمني المحدد، مشيراً إلى أن الطروحات الحكومية لها عامل كبير في توفير العملة الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وإلى نص الحوار..
كيف يمكن أن تكون الطروحات الحكومية طوق نجاة لسداد تلك الديون؟
في البداية يجب أن يعلم الجميع بأن مصر ليست لديها مشكلة في الالتزام بسداد ديونها المستحقة وفق الجدول الزمني الخاص بذلك، بمعنى أن ثمة الاعتماد على قرض صندوق النقد الدولي الأخير، وكذاك ما تحصل عليه مصر من صندوق الاستدامة والمرونة التابع للصندوق، بواقع شريحتين كل عام وبإجمالي 8 شرائح فمن المتوقع أن تلك التمويلات وفي خط متواز مع الإجراءات الاقتصادية المتخذة، تمنح الاقتصاد المصري جدارة ائتمانية، تسهم في كسب ثقة المستثمرين من خلال توفير عوائد أكبر للاستثمار في الأدوات المالية، متسائلا كيف تكون مصر غير قادرة على سداد التزاماتها وصندوق النقد أقدم على الموافقة على القرض الأخير.
وهناك أربعة معايير رئيسية، تعزز قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، المعيار الأول الاستمرار في زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي، والثاني ارتفاع حجم الصادرات المصرية، أما المعيار الثالث هو التحرك الملحوظ لقطاع السياحة، والأخير هو ثبات التصنيف الائتماني لمصر وفيما يخص زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي، فإن هناك حرصاً من الدولة المصرية على استدامة النمو، ويظهر ذلك جليا في معدلات النمو المحققة في السنوات الثلاث الأخيرة منذ جائحة كورونا مروراً بأزمة الطاقة والغذاء والحرب في أوكرانيا، و نجحت مصر في تحقيق معدلات نمو موجبة رغم المتغيرات السلبية حول العالم، وحقق الاقتصاد المصري نمواً بنسبة 3.9 بالمئة في 2019-2020 ، وبلغت نسبة النمو 3.3 بالمئة في 2020-2021 ونسبة 6.6 بالمئة في 2021-2022 ، لذلك من المتوقع أن تبلغ نسبة النمو 4.5 بالمئة في العام الجديد.
وأثرت زيادة حجم الناتج المحلي من ناحية أخرى على زيادة حجم الصادرات المصرية، والتي شهدت نمواً ملحوظاً خلال آخر عامين، فقد قفزت الصادرات السلعية والبترولية في 2021 إلى 45 مليار دولار، بما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على جلب العملة الأجنبية.
كما أن التحرك الملحوظ لقطاع السياحة بعد مرحلة الانكماش التي شهدتها فترة كورونا في ظل الإغلاقات وقيود السفر، ضمن المعايير التي يستدل بها على قدرة اقتصاد بلاده على الوفاء بالتزاماته الخارجية.
وفيما يخص المعيار الرابع المرتبط بثبات التصنيف الائتماني لمصر، فإن هذا الثبات له دلالة ورسالة مباشرة للمستثمرين وقطاع الأعمال الدولي، وهي أن الاقتصاد المصري هو اقتصاد متماسك وقادر على النمو وخلق فرص استثمارية، بما يدعم زيادة حجم الاستثمار المباشر وغير المباشر.
بالإضافة إلى أن المصادر الخاصة بالحصول على العملة الأجنبية في مصر شهدت تطوراً ملحوظاً، بما في ذلك زيادة عائدات قناة السويس وتطور قطاع السياحة، وزيادة حجم الصادرات والاستثمارات المباشرة الخاصة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الدولة المصرية في الفترة الماضية كانت حريصة على عرض الفرص والمحفزات الاستثمارية، وبما رسخ لفكرة اعتبار الاقتصاد المصري أكثر جذباً للاستثمارات المباشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكل هذه العوامل تؤكد على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وسداد فوائد وأقساط الديون.
هل تساعد الطروحات الحكومية فى الوقت الحالى على جذب رؤوس الأموال الاجنبية؟
بالفعل ساعدت الطروحات الحكومية فى الوقت الحالى على جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر، نتيجة زيادة معدلات السياحة وموارد قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، إضافة إلى الزيادة التي سجلتها الصادرات المصرية، وزيادة الاستثمارات، بما يعزز قدرات مصر التي لم تتخلف عن سداد أي من الأقساط الخارجية، وبما يبعث بطمأنينة للمقرضين والمستثمرين.
وكانت هناك عمليات تخارج للاستثمارات غير المباشرة وما يعرف بالأموال الساخنة، إلا أن ذلك لم يكن مرتبطاً بوضع الاقتصاد المصري، إنما يرتبط بشكل أساسي بالأوضاع العالمية.
وفي الوقت نفسه مصر توسعت في مسألة “مبادلة الديون” مع عديد من الأطراف من بينها إيطاليا وألمانيا بما يخدم مصالح جميع الأطراف، وفي الوقت نفسه تبعث مصر رسالة للعالم فيما يخص بناء الاقتصاد المصري وفق بيئة تواكب التطور العالمي، وهو ما تشهد عليه عمليات تطوير البنية التحتية والتحسن في قطاعات مختلفة، والدور الكبير في قناة السويس كل ذلك ساعد على جذب رؤوس الاموال الاجنبية الى مصر.
كيف تري سبل الخروج من تلك الأزمة؟
يجب تنفيذ برامج تحفيزية لتعزيز النمو الاقتصادي وتعزيز الطلب الاستهلاكي والاستثمار، وتشمل هذه البرامج تخفيض الضرائب، وزيادة الإنفاق الحكومي في مشاريع البنية التحتية، وضرورة تقديم الدعم المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة وهو ما تسعى إلية القيادة المصرية جاهدة لإعطاء مزيد من التحفيزات لجذب الاستثمارات وتعزيز فرص النمو، سياسة الفائدة من خلال الاتجاة إلى خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض وتحفيز النمو الاقتصادي حيث تنخفض تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، وبالتالي يزداد الإنفاق والاستثمار، مما يعزز النشاط الاقتصادي.
ويجب العمل على انخفاض سعر الفائدة من قبل المركزي المصري خلال الفترة القادمة، لدعم القطاعات المتأثرة حيث يتم تقديم دعم مباشر للقطاعات المتضررة بشكل كبير من الأزمة الاقتصادية، مثل “السياحة والضيافة والنقل”، ويمكن ذلك من خلال تقديم تسهيلات مالية أو تخفيض الضرائب أو توفير برامج تأمين الرواتب للعاملين في هذه القطاعات.
وتعزيز التجارة الدولية حيث تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الصادرات، وتبني سياسات تسهل عمليات التجارة وتقليل العوائق التجارية غير الضرورية وهو الاتجاة القائم من الدولة المصرية إلى تعزيز وتوطيد العلاقات الاقتصادية الدولية من أجل فتح أفاق استثمارية جديدة وتعزيز حركة التجارة البينية، تحسين بيئة الأعمال من خلال عملية تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل البيروقراطية لتشجيع الاستثمار وتعزيز روح المبادرة الريادية، ويمكن أيضا تعزيز حماية الملكية الفكرية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
وتطوير المهارات والتعليم حيث الاستثمار في التعليم وتطوير المهارات للعمالة المحلية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة فرص العمل وتعزيز الإنتاجية والابتكار، حيث يعتبر الاستثمارات البشرية أهم الاستثمارات على الإطلاق فى دعم التنمية الاقتصادية، وبالتالى من الضروري تنسيق الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية لتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح في التغلب على الأزمة الاقتصادية، وتقديم حماية اجتماعية للفئات الأكثر فقرا وضعفا، مثل توفير الدعم النقدي المباشر، وتعزيز برامج الرعاية الصحية والتعليم العام.