يعد الشمول المالى ركيزة أساسية فى استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، نظرًا لتأثيره على تحسين فرص النمو الشامل وزيادة مرونة الاقتصاد وقدرته التنافسية، وتحسين بيئة وريادة الأعمال.
وتعمل البنوك العاملة فى القطاع المصرفى على تعزيز الشمول المالى وزيادة مستوى وصول الأفراد والشركات إلى الخدمات المالية، عن طريق تطوير شبكة واسعة من الفروع والوكلاء المصرفيين فى المناطق النائية والريفية لتوفير خدمات مصرفية للمجتمعات التى تفتقر إليها.
من جانبه قال ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق والخبير المصرفى، إن ارتفاع عدد المواطنين الذين يمتلكون حسابات مالية إلى 44 مليون مواطن، دون شك أمر جيد جدًا، ما ترتب عليه زيادة بطاقات الائتمان المصدرة للأشخاص والتى قاربت حوالى 450 ألفا.
وأضاف، أن الشمول المالى فى غاية الأهمية ويقلل التعامل بالنقد الكاش، كما يسهل تعاملات الأفراد، حتى أصبح الآن بمنتهى السهولة تنفذ العديد من العمليات أونلاين دون الذهاب للفروع والمصالح، كما يقلل الاحتكاك بالأفراد، مما يقضى على الفساد ويقلله.
وأوضح، أن دور البنوك أساسى فى الشمول المالى، حيث تصل إلى الأفراد بطرق مختلفة، عن طريق انتشار الفروع فى المحافظات والقرى والتسويق، إذ يلعب دورا أيضًا فى جذب العملاء.
وأشار إلى أن البنك المركزى بذل مجهودا كبيرا فى مجال الشمول المالى، مثل تطبيقات الموبايل والأبلكيشن، وآخرها إنستاباى، والذي يتيح تنفيذ أغلب المعاملات المصرفية من المنزل، مثل التحويل لحسابات الآخرين ودفع الفواتير والتبرعات.
وتابع أن الدولة لها دور فى مجال الشمول المالى بتفعيل نظام المدفوعات الإلكترونية فى العديد من المصالح الحكومية، مثل تجديد رخص المركبات وخدمات الشهر العقاري.
فتح الباب لزيادة القروض الشخصية وقروض المشروعات
ولفت فهمى، أن زيادة العملاء الذين لديهم حسابات مالية وزيادة مدخرات العملاء فى البنوك يعودان على الاقتصاد بالنفع، كما أنه يزيد من العمليات المصرفية، حيث إن تعامل المواطنين مع البنوك يفتح الباب لزيادة القروض الشخصية وقروض المشروعات.
واستطرد أن الشمول المالى من أهم مزاياه أنه يساعد فى جذب أكبر نسبة من المتعاملين فى الاقتصاد الموازى غير الرسمى.
وأكد أن تعامل الأفراد مع البنوك يقضى على التعامل النقدى وبالتالى يحد من الاقتصاد الموازى القائم على هذا النوع من المدفوعات، كما أن تعامل المواطنين مع البنوك وخروجهم من الاقتصاد غير الرسمى ينتج عنه زيادة حصيلة الضرائب.
عوامل جذب العملاء للقطاع المصرفى
بينما قال أحمد شوقى، الخبير المصرفى، إن الشمول المالى استراتيجية من استراتيجيات الدولة تتبناها للقضاء على الاقتصاد غير الرسمى (الاقتصاد الموازى) والذى يمثل حوالى 35% من المجتمع المصرى.
وأضاف، أن الشمول المالى بطبيعته استراتيجية لمواجهة الفقر، لأنه يستهدف وصول الخدمات المالية لكافة المواطنين حتى يتمكنوا بسهولة من إتمام المعاملات وتوفير الوقت سواء فى سداد الفواتير أوأقساط أو السحب أوالإيداع والتى تساعده فى توفير متطلبات الحياة.
وتابع، أن تنفيذ الشمول المالى يتم من خلال مجموعة من الأدوات منها أدوات التكنولوجيا المالية مثل المحافظ الإلكترونية وبطاقات الائتمان، والخصم المباشر، إلى جانب الحسابات وتوفير ماكينات الصراف الآلى، وكل ما سبق خطوات تساعد على جذب العملاء ودخولهم القطاع المصرفى.
كما أن البنك المركزى ينظم 6 فعاليات على مدار العام، والتى بدورها تساهم فى جذب العملاء، ويُتاح لهم فتح الحسابات دون أى مصاريف إدارية ودون حد أدنى.
تحسن الأداء الضريبى وزيادة الخدمات ووصول الدعم لمستحقيه
وتابع أن تلك الفعاليات تساعد فى دخول العملاء الذين لديهم تخوف من التعامل مع القطاع المصرفي، وبذلك تشجعه على تنفيذ معاملاته من خلال القطاع المصرفى ودخوله المنظومة المالية الرسمية وفى المقابل تحجيم الاقتصاد غير الرسمى، مما ينتج عنه تحسن الأداء الضريبى للدولة، وبالتالى زيادة الخدمات ووصول الدعم لمستحقيه فى الدولة.
وأوضح أن هناك أدوات استخدمها البنك المركزى، منها تشجيع البنوك على تنفيذ التحويلات دون مصروفات إدارية وكذلك السحب من ماكينات الصراف الآلى، وفى عام 2020 أرسل خطابات للبنوك وحثهم على فتح الحسابات الخاصة لأصحاب المهن الحرة “الميكانيكى ـ السباك ـ النجار ـ الفران”، تلك الفئات التى كانت لم تمتلك مستندات تساعدها لفتح حسابات بنكية وضمهم للقطاع المصرفى والمنظومة المالية.
وأضاف، أن زيادة نسبة الشمول المالى تساعد الدولة فى تحقيق معدلات نمو جيدة بدخول فئات جديدة المنظومة المالية الرسمية، مما ينتج عنه زيادة الناتج المحلى الإجمالى.
وأشار إلى أن هناك دولا كثيرة فى المنطقة حققت معدلات عالية فى الشمول المالى مثل السعودية والإمارات، كما هناك توجه نحو البنوك الرقمية والتى تساعد على الوصول لشريحة اكبر من العملاء لم يتم الوصول إليها.
وأوضح أن أن نسبة الكثافة المصرفية فى القطاع المصرفى المصرى وصلت حوالى 23% وهى نسبة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، لأن انخفاض الكثافة المصرفية يحدث تكدس بالفروع وإحجام بعض العملاء.
ولفت إلى أن البنوك الإسلامية فى القطاع المصرفى المصرى والتى تمثل حوالى 5 ـ 6% من نسبة البنوك بالقطاع، والتى تدعم الشمول المالى، حيث إن هناك فئة من العملاء يرغبون فى التعاملات أو البنوك الإسلامية” البنوك المتوافقة مع الشريعة الاسلامية”.
وطالب شوقى، بزيادة البنوك الإسلامية بالقطاع المصرفى بشكل أكبر ومنح التراخيص للبنوك بفتح فروع إسلامية لاستقطاب وجذب مزيد من العملاء للتعامل مع البنوك.
كما طالب، بتوفير الخدمات المصرفية وزيادتها، بجانب فعاليات الشمول المالى السنوية وانتشار السيارات المتحركة لتجوب القرى والنجوع والتوغل بشكل أكبر للوصول إلى الشرائح غير المستفيدة ولم تدخل القطاع الرسمى.
البنك الدولى: الشمول المالى من عوامل التمكين للقضاء على الفقر المدقع
الجدير بالذكر أن مجموعة البنك الدولى تعتبر الشمول المالى من عوامل التمكين الرئيسية للقضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.
وبحسب تقرير نشره البنك الدولى فى وقت سابق، تعد إمكانية الوصول إلى حساب للمعاملات خطوة أولى نحو تعميم الخدمات المالية على نطاق أوسع نظرا لأن حساب المعاملات يسمح للناس بتخزين الأموال وإرسال المدفوعات وتلقيها.
ويمثل حساب المعاملات بوابة إلى الخدمات المالية الأخرى، ولهذا فإن ضمان إمكانية حصول الناس فى جميع أنحاء العالم على حساب للمعاملات لا يزال مجال تركيز لمجموعة البنك الدولى.
وخلال الأيام الماضية، قرر البنك المركزى، زيادة الحدود اليومية والشهرية القصوى للتعامل على حسابات الشمول المالى والبطاقات المدفوعة مقدمًا وخدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول سواء عمليات سحب أو تحويلات أو أى عمليات خصم أو مشتريات.
وأصبحت حدود التعامل للأشخاص الطبيعية “الأفراد” بالنسبة للحد الأقصى للحساب يقوم البنك بتحديده، والحد الأقصى اليومى 60 ألف جنيه بدلاً من 30 ألف جنيه، والحد الأقصى الشهرى 200 ألف جنيه بدلاً من 100 ألف جنيه.
وأوضح البنك أنه بالنسبة للشركات والمنشآت متناهية الصغر التى يتوافر لديها مستندات أو مقر أو يتم التحقق منها باستخدام اى وسيلة (فئة أ) يكون الحد الأقصى للحساب حسب ما يحدده البنك، والحد اليومى 80 ألف جنيه بدلاً من 40 ألف جنيه، والحد الأقصى الشهرى 400 ألف جنيه بدلاً من 200 ألف جنيه.
وينظم البنك المركزى 6 فعاليات فى الشمول المالى لاستهداف كافة شرائح المجتمع والعمل على توفير المنتجات والخدمات التى تلبى احتياجاتهم، وهى: احتفالات بيوم المرأة العالمى تقدم هذه الخدمات فى الفترة من 8 إلى 31 مارس، واحتفالات باليوم العربى تقدم البنوك هذه الخدمات فى الفترة من 1 إلى 30 أبريل.
كذلك احتفال باليوم العالمى الشباب فى الفترة من 1 إلى 15 أغسطس، واحتفال بيوم الفلاح يقدم هذه الخدمات فى الفترة من 1 إلى 15 سبتمبر، واحتفال باليوم العالمى للادخار فى الفترة من 15 إلى 31 أكتوبر، واحتفالا بيوم ذوى الهمم فى الفترة من 1 إلى 15 ديسمبر.
وتعتمد استراتيجية البنك المركزى فى مجال الشمول المالي، على عدة محاور أبرزها حماية حقوق عملاء البنوك وتعزيز الثقة فى القطاع المصرفي، التوسع فى نشر الثقافة المالية وزيادة القدرات المالية للمواطنين، الشركات / المشروعات وبناء قدرات موظفى البنوك، وواضعى السياسات حول مفاهيم الشمول المالى.