– توفير 7 مليارات متر مكعب من المياه.. وزراعة 19 مليون فدان
– رئيس «زراعة الشيوخ»: معدل الأمطار في مصر منخفض.. وينبغى تطبيق نظم الري الحديث
– أستاذ أراضٍ ومياه بـ«البحوث الزراعية»: «تدوير المياه» يوفر 5 مليارات متر مكعب ويساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي
– مساران لإدارة ملف المياه وتحقيق الأمن الغذائى
أطلقت مصر عام 2016 النسخة الأولى من استراتيجية التنمية المستدامة، لرؤية مصر 2030 كنقطة ارتكاز أساسية لمسيرة التنمية الشاملة، لمواجهة ندرة المياه، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأمن الغذائى، فى ظل ما تشهده مصر من زيادة سكانية.
وتعد ندرة المياه من أكبر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، لاسيما وأن مصر تصنف من الدول ذات المعدل المنخفض من الأمطار، إذ يرى خبراء أنه يجب تبنى استراتيجية شاملة تركز على زيادة الإنتاج الزراعى مع ندرة المياه، وتعزيز استصلاح الأراضى الجديدة بتوفير مصادر مستدامة للمياه مثل معالجة مياه الصرف وتدويرها، كما يجب العمل على تنمية وتطوير الأصناف الزراعية ذات القيمة الاقتصادية، وتحسين جودة المنتجات للحفاظ على تنافسية المنتج المصرى فى الأسواق المحلية والعالمية.
أهداف استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة 2030
وفي هذا السياق أشارالدكتور على إسماعيل، أستاذ الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه، إلى أن تحقيق أهداف استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة 2030، لمواجهة ندرة المياه وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأمن الغذائى، يحتاج التركيز على كيفية إدارة المياه بشكل فعال، ولذلك نحتاج إلى اتباع خطوتين رئيسيتين.
مساران لإدارة ملف المياه وتحقيق الأمن العذائى
وأضاف الدكتور على إسماعيل، أن المسار الأول لتحقيق الاستراتيجية هو «تحقيق التنمية المستدامة»، وذلك من خلال كيفية زيادة الاستفادة من وحدة المياه فى جميع استخداماتها المختلفة، مثل الزراعة والصناعة ومياه الشرب، ويجب أن نستخدم المياه بشكل فعال ومدروس في هذه الاستخدامات الأساسية للمياه، لذلك يجب علينا تحسين تلك الاستخدامات الحالية بهدف الترشيد وحسن الإدارة، أما المسار الثانى هو تطوير المصادر والبحث عن مصادر وموارد جديدة للمياه من خلال البحث عن مصادر مياه إضافية، ويمكننا استغلال مياه الأمطار والسيول وحسن إدارة المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف وتحليتها، هذه المصادر الجديدة تساعدنا على زيادة استفادتنا من المياه بشكل أفضل من خلال التنمية المستدامة.
وأوضح «إسماعيل» أنه بالنسبة لترشيد استخدام المياه فى الزراعة نستخدم نهجين رئيسيين، الأول هو تحسين منظومة الرى الحقلى، من خلال التحول إلى طرق الرى الحديثة، إذ نستفيد من رفع كفاءة الرى الحقلى بشكل طبيعى من 50% إلى 80%، الجزء الثانى هو اعتماد ممارسات زراعية محسّنة، مثل التسوية بالليزر لتوفير 10% من المياه المستهلكة للزراعة على الخطوط، ومثل زراعة البرسيم على الجفاف بدلا من اللمعة، واختيار المحاصيل التى تحتاج إلى كميات أقل من المياه، ويمكننا أيضًا استكشاف المحاصيل البديلة التى تتحمل الجفاف وتنضج بسرعة لتحقيق فوائد استخدام المياه بشكل أكبر، مثل «الأرز الجفاف» ونبحث عن تربية الأصناف التى تتحمل الملوحة والجفاف والعمر القصير، كل هذا يدخل تحت نطاق المجال الزراعي، بالإضافة إلى ذلك، يمكننا استخدام التقنيات الوراثية لتطوير سلالات نباتية مقاومة للجفاف وذات فترة نمو قصيرة، مما يقلل من استهلاك المياه، ويجب أن نحافظ على المساحة المخصصة لزراعة الأرز، ونبحث عن بدائل مثل بنجر السكر والتمور لإنتاج السكر، هذا الجزء يتعلق أيضًا بالأمن الغذائى، حيث يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستفادة من محاصيل الحبوب مثل القمح، وتحديد مساحة لا تزيد عن 1.1 مليون فدان من الأرز صيفا طبقا للموارد المائية توفرها المحصول الأرز، لأنها من أهم محاصيل الحبوب التي تحقق مستوى الأمن الغذائي وبزيادة مساحة القمح فى الموسم الشتوى، إلى أكثر من 4.5 مليون فدان، مع زيادة المساحة المستصلحة إلى 4 ملايين فدان، فى إطار برنامج وخطة رئيس الجمهورية.
زراعة 19 مليون فدان بحلول عام 2030
وأكد أستاذ الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية، أنه يجب تحقيق الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والمحاصيل الزيتية والسكرية، نسعى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الأصناف لزيادة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتى، تهدف الحكومة إلى استصلاح المزيد من الأراضى لزراعة هذه المحاصيل، تم استصلاح أربعة ملايين فدان حتى الآن، ومن المتوقع أن تصل المساحة الزراعية إلى 12 مليون فدان بحلول عام 2024، ومن المتوقع أن تصل المساحة المحصولية إلى حوالى 18 إلى 19 مليون فدان بحلول عام 2030.
وتابع: سنركز على زراعة القمح وزيادة المساحة المخصصة له بمقدار 4 ملايين فدان أو أكثر، ونعمل أيضًا على تحسين الأصناف المزروعة لزيادة الإنتاجية، كما نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى في إنتاج القمح لصناعة الخبز بنسبة 90% إلى 100%، وسنزيد أيضًا من زراعة بنجر السكر والتمور لسد فجوة السكر، ونسعى لزيادة إنتاجية قصب السكر مع ثبات المساحة المنزرعة إلى 320 ألف فدان، كما ستساهم التقنيات الزراعية المتقدمة ونظام الرى الحديث فى زيادة الإنتاجية من 30 – 35 طنا إلى 40 – 50 طنا لكل فدان، لإنتاج السكر من القصب وزراعة البنجر في شمال الدلتا والدلتا الجديدة.
واستطرد قائلا: «لا بد من زيادة المساحة المخصصة لزراعة الذرة الصفراء، ويمكننا تحقيق جانب كبير من الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الذرة وتقليل وارداتنا بنسبة تصل إلى 50%، كما يمكن استخدام أصناف الذرة التي تنتج زيتًا لتحقيق جزء من الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الزيت»، مضيفًا أن محاصيل الحبوب مثل القمح والذرة تحتاج إلى النخالة التى يمكن استخدامها في صناعة العلف، كما يمكننا تعزيز الإنتاج المحلى للعلف وتقليل الاعتماد على وارداته، وتعزيز صناعة المطاحن والتخزين في المناطق القريبة من مناطق الإنتاج، لتقليل فقدان المحاصيل من 10 إلى 20%، واستخدام نظام الخلط للقمح والذرة بنسب لا تزيد عن 20%، مع العلم عدم تنافسية هذه المحاصيل ووضع أسعار تعاقدية مناسبة تشجع على الزراعة قبل بدء موسم الزراعة وتحسين استخدام المنتجات الزراعية، ويمكن استخدام المخلفات الزراعية بشكل فعال فى إنتاج العلف، وصناعة الأعلاف غير التقليدية وتقليل استيراد مركزات الأعلاف من خلال زيادة الإنتاج المحلي.
توفير 7 مليارات متر مكعب من المياه.. وتحقيق 90% اكتفاءً ذاتيًا
وأشار إلى أنه مع اعتماد مصر على رؤية واستراتيجية الأمن الغذائى، ونظرًا للقيود الماثلة فى المساحة والمياه، فإن استصلاح الأراضى الجديدة يتطلب توفير مصادر إضافية للمياه، لذا يجب معالجة المياه العادمة وإعادة تدويرها، إذ توجد فى مصر محطات معالجة مثل محطة بحر البقر ومحطة العلمين الجديدة التي تعالج حوالى 5 مليارات متر مكعب من المياه بشكل جيد، فضلًا عن ترشيد استخدام المياه فى الرى، ويمكن توفير حوالى 6 إلى 7 مليارات متر مكعب من المياه، بالإضافة إلى المياه المعالجة من مصادر أخرى مثل مياه الأمطار والمياه الجوفية، ويتعين أيضًا استخدام مياه الصرف العادمة بكفاءة، حيث يحتاج استصلاح الأراضى الجديدة المخصصة للزراعة إلى حوالى 20 مليار متر مكعب من المياه.
وتابع: ومن خلال تكامل هذه الأنظمة المختلفة وفقًا للخطة الاستراتيجية، يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 90%، وتقليل الاعتماد على العملة الأجنبية، فى ظل زيادة النمو السكانى، ولكى يتحقق ذلك، يجب تخفيض معدل النمو السكانى ليكون أقل من 2%، وفى الوقت نفسه ينبغي زيادة معدل النمو في الإنتاج الزراعي لتفوق معدل النمو السكانى، ويجب أيضًا العمل على تحسين جودة المنتجات الزراعية المصرية للحفاظ على سمعتها وتلبية متطلبات السوق المحلية والعالمية.
خطوات سريعة للتحول لأنظمة الرى الحديث
وفى نفس السياق أشار المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، إلى أن ندرة المياه يعد من أكبر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، لاسيما وأن مصر تصنف من الدول ذات المعدل المنخفض من الأمطار، واعتمادها بشكل أساسى على نهر النيل بنسبة 98% فى احتياجاتها من المياه، مضيفًا أنه فى ظل الزيادة السكانية المستمرة، يبلغ نصيب الفرد فى مصر من المياه سنويًا نصف حد الفقر المائى عالميًا، وهو الأمر الذى دعا الدولة إلى سد تلك الفجوة، من خلال مشروعات إعادة استخدام المياه بعد معالجتها، بالإضافة إلى سياسات الترشيد.
وأضاف «الجبلى» أنه فى ظل التحديات الخاصة بالتغيرات المناخية أصبح هناك خطر آخر يهدد الأمن الغذائى فى العالم، بسبب ما ينتج عنها من تداعيات مثل جفاف المياه وتصحر الأراضى، مما يضطر البلاد لسرعة اتخاذ خطوات على أرض الواقع لمواجهة تلك المخاطر.
وأكد رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، أن الدولة بالفعل بدأت مبكرا فى تنفيذ عدد من المشروعات التى تساعد على ترشيد استهلاك المياه فى الرى والحفاظ على كل نقطة مياه، مثل مشروع تبطين الترع على مستوى الجمهورية، وكذلك خطوات الدولة نحو التحول لأنظمة الرى الحديث بالأراضى الرملية، ومزارع قصب السكر والبساتين، وتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية غير المتجددة، وإنشاء محطات المعالجة الكبرى فى بحر البقر والحمام وسيناء.
وتابع: «أتمنى اكتمال تلك المنظومة، في ترشيد استهلاك المياه، من خلال التوسع فى تطبيق نظم الرى الحديث، والتوقف عن الرى بالغمر، وهو ما يتطلب تضافر جهود كافة الجهات المعنية، لتقديم التسهيلات اللازمة وكذلك التوعية بشأن أهمية تطبيق تلك النظم الحديثة، لاسيما وأننا لم نعد نملك رفاهية الوقت وتأخر البدء فى تطبيقها».
وأكد المهندس عبد السلام الجبلي، أنه لا بد من خطوات سريعة تلزم جميع الأراضى الرملية بتطبيق نظم الرى الحديث، وإيجاد آليات تضمن إقبال المزارعين فى الأراضى القديمة على تطبيقها، مثل أن تتولى الاتحادات التعاونية بالتنسيق مع البنك الزراعى تركيب تلك الأنظمة الحديثة، وأن يقوم المزارعون بسداد تكلفتها بشكل ميسر، وأرى أنه فى حال تطبيق تلك الأنظمة الحديثة في الرى، فى مختلف الأراضى، سيحقق نتائج كبيرة فى توفير المياه، ومواجهة ندرتها، بالإضافة إلى توفير الأسمدة، نظرا لأن تلك الأنظمة الحديثة تساعد على الحد من استخدام الأسمدة.
وأشار إلى أن هناك دورًا مهمًا على مراكز البحوث الزراعية، فى استنباط أصناف أقل استهلاكا للمياه وأكثر إنتاجية، كذلك لابد من وجود خريطة زراعية وصنفية واضحة، بناء على خطة تحدد حجم الاحتياجات والتكلفة والعائد على المستوى القريب والمستوى البعيد، بما يساعد على التوسع في المحاصيل الاستراتيجية التى تضمن تحقيق الأمن الغذائى والتنمية المستدامة التى تستهدفها الدولة المصرية.