الأسواق العالمية
ركزت الأسواق بشدة على بيانات سوق العمل التي صدرت هذا الأسبوع على اعتبار أنه الدليل الأخير على أداءه قبل إجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأخير لهذا العام. في البداية، أشارت البيانات الصادرة في مطلع هذا الأسبوع إلى تباطؤ سوق العمل، ومع ذلك، جاءت بيانات تقرير التوظيف أقوى مما كان متوقعًا، حيث أظهرت أن سوق العمل لا يزال يتسارع بشكل أكبر من المستوى الذي يفضله بنك الاحتياطي الفيدرالي. ونتيجة لذلك، ارتفع كل من عوائد سندات الخزانة والدولار، بينما انخفض الذهب بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق خلال جلسة يوم الاثنين. وفي اليابان، صعد الين بعدما أشار المسؤولون إلى اقتراب إنهاء سياسة الفائدة السلبية. وعلى صعيد الأصول ذات المخاطر، ارتفعت غالبية مؤشرا ت أسهم الأسواق المتقدمة، حيث كانت الأسواق متفائلة حيال مستقبل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بعد أن أصدرت شركة (Google) برنامج (Gemini)، وهو برنامج يشبه (ChatGPT). وعلى النقيض، تراجعت أصول الأسواق الناشئة بسبب إعادة تسعير الأسواق لخفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، فضلًا عن إصدار وكالة موديز تحذيرًا بأنها ستقوم بخفض توقعات التصنيف الائتماني للصين.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
ارتفعت عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل بشكل كبير بعد إشارة تقرير التوظيف إلى ضيق سوق العمل. وباستثناء سندات الخزانة لأجل 30 عامًا، ارتفعت العوائد على مستوى جميع آجال الاستحقاق، حيث دفعت البيانات الصادرة يوم الجمعة المستثمرين إلى إعادة تسعير توقعاتهم بشأن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي العام المقبل، إذ أشارت البيانات الصادرة على مدار الأسبوع إلى تباطؤ سوق العمل، كما هيأت الساحة لقيام الاحتياطي الفيدرالي بتيسير السياسة النقدية العام المقبل. ومع ذلك، ارتفع تقرير وظائف القطاع الخاص غير الزراعي – والذي يتم مراقبته عن كثب – الصادر يوم الجمعة بشكل مفاجئ، حيث قدم أدلة على أنه تم إضافة المزيد من الوظائف إلى سوق العمل، بينما انخفض معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له في 4 أشهر، وارتفع معدل مشاركة القوى العاملة.
عملات الأسواق المتقدمة:
ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.72%، مسجلاً أول ارتفاع أسبوعي له منذ الأربع أسابيع الماضية، ليتداول بالقرب من أعلى مستوياته في شهر. وجاء ارتفاع الدولارعلى خلفية صدور تقرير التوظيف الذي جاء أقوى مما كان متوقعًا، والذي دفع المتداولين إلى تقليل تسعيرهم لخفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة. وتراجع كل من اليورو والجنيه الإسترليني بسبب تأثرهم بارتفاع الدولار، إلى جانب انتظار المستثمرين لصدور قرارات السياسة النقدية من قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا. وختامًا، ارتفع الين الياباني بنسبة 1.29%، حيث سجل الين ارتفاعًا كبيرًا على خلفية إشارة محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، إلى أن البنك المركزي قد يتخلى عن سياسة الفائدة السلبية في وقت أبكر مما كان متوقعًا.
عملات الأسواق الناشئة
لم يتغير تقريباً مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM خلال هذا الأسبوع (-0.05%)، حيث استقر عند أعلى مستوى له منذ أبريل 2022 على الرغم من ارتفاع الدولار بقياس أسبوعي.
كان البيزو التشيلي (-2.23%) أسوأ العملات أداءً هذا الأسبوع، حيث انخفضت أسعار النحاس – والذي يمثل الصادرات الرئيسية للبلاد – خلال الأسبوع بنسبة (-2.28%). وكان الفورنت المجري (-1.69%) ثاني أسوأ العملات أداءً، حيث تراجع معدل التضخم في البلاد للشهر العاشر على التوالي، مما دفع الحكومة إلى إعادة المطالبة بخفض البنك المركزي سعر الفائدة بوتيرة أقوى. علاوة على ذلك، أثرت بيانات الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة، واللذان جاءا أضعف مما كان متوقعًا، على أداء العملة. من ناحية أخرى، كان الدولار التايواني (+ 0.34%) العملة الأفضل أداءً هذا الأسبوع، حيث جاء التضخم الرئيسي في البلاد أعلى من المتوقع. وكان الرينجت الماليزي (+ 0.20%) ثاني أفضل العملات أداءً، حيث أدى صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع إلى دعم العملة، والذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ أبريل 2023،.
أسواق الأسهم
على الرغم من صعود بيانات العمل بشكل مفاجئ وارتفاع عوائد سندات الخزانة، إلا أن غالبية مؤشرات الأسهم الأمريكية حققت مكاسب على خلفية عودة الزخم على شركات الذكاء الاصطناعي والذي دفع بقيمة أسهم التكنولوجيا للصعود. وبرغم تراجع تسعير المتداولين لخفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، إلا أن الأسهم قد تمكنت من الإغلاق على ارتفاع محققة أكبر مكاسبها خلال جلستي الخميس والجمعة. وقادت أسهم التكنولوجيا المكاسب، التي ارتفعت بعد إطلاق النموذج الجديد للذكاء الاصطناعي Google Gemini، والذي ينافس ChatGPT ويقال إنه “نموذج جوجل للذكاء الاصطناعي الأكبر والأكثر تطورًا على الإطلاق”. بالإضافة إلى ذلك، ذكرت شركة AMD عن إصدارها شرائح التسريع الجديدة التي ستعمل على تشغيل برامج الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع من المنتجات المنافسة. علاوة على ذلك، قام المتداولون في أسواق الأسهم بتقييم تقرير الوظائف الأمريكية الصادر في يوم الجمعة بشكل مختلف قليلًا عن متداولين السندات، حيث كانوا متفائلين بأن سوق العمل لا يزال قويًا. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 بنسبة 0.21%، مسجلًا مكاسب للأسبوع السادس على التوالي، ليستقر عند أعلى مستوى له في عامين. وعلى مستوى القطاعات المدرجة بالمؤشر، قاد قطاع خدمات الاتصالات المكاسب بينما قاد قطاع الطاقة الخسائر. وأنهت المؤشرات التكنولوجية تداولات الأسبوع على ارتفاع مع صعود كل من مؤشر ناسداك المركبNasdaq Composite ومؤشر + FANG بنسبة 0.69% و1.21%على التوالي. كما حقق مؤشر راسل 2000 للشركات ذات الرأسمال السوقي الصغير حقق مكاسب بنحو 0.98% بينما ظل مؤشر داو جونز الصناعيDow Jones دون تغيير تقريباً، حيث ارتفع بشكل هامشي بلغ 0.01%. وتراجعت تقلبات الأسواق طبقًا لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 0.28 نقطة ليستقر عند 12.35 نقطة، أي أقل بكثير من متوسطه البالغ 17.02 نقطة منذ بداية العام وحتى تاريخه.
شهدت مؤشرات الأسهم الأوروبية مكاسب كبرى خلال هذا الأسبوع متفوقة على نظيراتها الأمريكية، حيث صرح أعضاء البنك المركزي الأوروبي أن البنك انتهى من رفع الفائدة. حقق مؤشر Stoxx 600 مكاسب قوية بلغت 1.30%، ليستقر عند أعلى مستوى له منذ ما يقرب من عامين بعد أن ذكرت عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل، و هي إحدى أكثر الأعضاء ميلاً لتشديد السياسة النقدية، أن التضخم قد تراجع بشكل كبير وأن البنك المركزي الأوروبي قد يستبعد رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وبالنسبة للقطاعات المدرجة بالمؤشر، قاد قطاع السفر والترفيه المكاسب مرتفعًا بنسبة 4.80% بعد أن أعلنت شركة توي TUI الألمانية، أكبر شركات الترفيه والسياحة في العالم، يوم الأربعاء إن مبيعاتها وصلت إلى مستوى قياسي جديد. كما قفزت المؤشرات الإقليمية الأخرى في المنطقة بشكل قوي، حيث ارتفع مؤشر CAC 40 الفرنسي (+2.46%) ومؤشر DAX الألماني (+2.21%) ومؤشر FTSE MIB الإيطالي (+1.59%) وكذلك مؤشر FTSE 250 البريطاني (1.59%).
أسهم الأسواق الناشئ
تراجعت أسهم الأسواق الناشئة لأول مرة منذ ستة أسابيع، مع انخفاض مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 0.73%. وترجع الخسائر في أسهم الأسواق الناشئة إلى تغير توقعات الأسواق بشكل جزئي بشأن خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال العام المقبل، خاصة بعد صدور بيانات سوق العمل الأمريكية التي جاءت قوية خلال يوم الجمعة، إلى جانب تغيير وكالة موديز تقييمها للنظرة المستقبلية للسندات السيادية الصينية إلى سلبية. ومنذ بداية العام حتى تاريخه، حقق مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة MSCI EM مكاسب بنسبة 1.95%.
تراجعت المؤشرات الصينية على خلفية قرار وكالة موديز بخفض نظرتها المستقبلية للسندات السيادية الصينية من مستقرة إلى سلبية. وبالتالي انخفض كل من مؤشر هانج سنجHang Seng في هونج كونج، وهو الأكثر انفتاحًا على المستثمرين الأجانب، ومؤشر شنغهاي المركبShanghai Composite المدرج بأسهم البورصة الرئيسية في الصين، وهو أكثرهم اتاحة للمستثمرين المحليين، بنسبة 2.95% و2.05% بالترتيب.
وفي الهند، بلغت القيمة السوقية للأسهم أكثر من 4.05 تريليون دولار للمرة الأولى خلال هذا الأسبوع، مما يمثل علامة فارقة رئيسية لخامس أكبر سوق للأسهم في العالم. وتجدر الإشارة إلى انكماش فجوة القيمة السوقية بوتيرة سريعة للمؤشر مع مؤشر هونج كونج (بقيمة 4.57 تريليون دولار). وأدت سلسلة الانتصارات المدوية التي حققها حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في انتخابات الولايات الهندية إلى ارتفاع مؤشرات الأسهم الهندية قبل الانتخابات العامة المقرر عقدها في العام المقبل. كما تجدر الإشارة إلى ارتفاع المؤشرات الهندية بأكثر من 15% في عام 2023، متجهة نحو ثامن عام من المكاسب وهو معدل غير مسبوق.
الذهب
انخفضت أسعار الذهب بنسبة 3.26% لتنهي الأسبوع عند 2,004.67 دولار للأونصة، إلا أنها لا تزال أعلى من المستوى الرئيسي البالغ 2000 دولار، وذلك بعد تحقيق سلسلة مكاسب استمرت لمدة ثلاثة أسابيع متتالية وصلت خلالها الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 2,135.39 دولار للأونصة خلال جلسة يوم الاثنين. وتراجع الذهب مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة مرة أخرى، فضلًا عن ارتفاع الدولار بعد صدور بيانات سوق العمل التي جاءت أقوى مما كان متوقعًا، مما أدى إلى انخفاض الطلب على المعدن الأصفر.
النفط:
تراجعت أسعار النفط بنسبة 3.85% خلال هذا الأسبوع لتستقر عند 75.84 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ شهر يوليو 2023، حيث قام المتداولون بتقييم تأثير خفض منظمة أوبك + للإنتاج مقابل المخاوف بشأن التأثير المحتمل لتراجع التوقعات الاقتصادية على معدل الطلب العالمي. علاوة على ذلك، أظهرت بيانات وكالة بلومبرج أن روسيا قامت بخفض إنتاجها النفطي بمعدل أقل مما تعهدت به خلال اجتماع أوبك + الأخير، بينما خفضت المملكة العربية السعودية سعر البيع الرسمي للخام إلى آسيا، مما دفع أسعار النفط العالمية إلى الهبوط. بالإضافة إلى ذلك، وصلت صادرات الخام الأمريكي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وفقًا لبيانات الشركات التي تقوم بتتبع السفن Kpler وVortexa، مما أدى إلى إغراق الأسواق في أوروبا وآسيا. وأشار كل من وزير الطاقة السعودي ونائب رئيس الوزراء الروسي إلى احتمالية استمرار أوبك + في إقرار المزيد من التخفيضات لإنتاج النفط، لكن الأسواق تجاهلت هذه التصريحات.
وفيما يتعلق بالأخبار المتعلقة بالنفط، قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، إن منظمة أوبك + قد تتخذ المزيد من الإجراءات إذا لم يكن اتفاق خفض الإنتاج الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي كافيا لتحقيق التوازن في سوق النفط. وأضاف يوم الثلاثاء أن صفقة تنص على الخفض الطوعي للإنتاج بإجمالي نحو 2.2 مليون برميل يوميًا لمدة ثلاثة أشهر – اعتبارًا من 1 يناير 2024 – ستسمح للأسواق “بالمرور بأمان” خلال فنرة تراجع الطلب العالمي الذي عادة ما تشهده في الربع الأول من العام.