غلق مصنع أبو قرقاص | إنذار بأزمة جديدة في السكر.. والشركة: تراجع توريدات الفلاحين السبب
أثار غلق مصنع أبو قرقاص للسكر بمحافظة المنيا الرأى العام خلال الفترة الحالية، وذلك نتيجة ضعف عمليات التوريد للمصنع من جانب المزارعين، وهو أحد أعرق مصانع السكر في الشرق الأوسط، والذي أمر الخديو إسماعيل بإنشائه عام 1871، ضمن 19 مصنعًا في البلاد.
المصنع فى الأساس يخسر من عملية إنتاج قصب السكر 3.5 مليار جنيه كل سنة، بينما حقق مكاسب خارج السكر بنحو مليار و350 مليون جنيه، وذلك وفقا لرئيس شركة السكر والصناعات التكاملية اللواء عصام البديوي.
وأضاف البديوي أن زراعة القصب انخفضت بشكل كبير، حيث كانت محافظة المنيا تنتج 950 ألف طن من القصب، وكان المصنع يستقبل منها 750 ألف طن حتى عام 2020، ولكن في العام الماضي استقبل المصنع 90 ألف طن، ما أدى إلى خسائر بنحو 112 مليون جنيه.
وأشار إلى أن إدارة الشركة اجتمعت مع المزارعين لبحث زيادة وارداتهم إلى المصنع، ولكن انخفضت كمية القصب المورد للمصنع في 2023 إلى 10 آلاف طن فقط، وهي كمية تكفي للعمل لمدة 5 أيام فقط، وبناءً على هذا الأمر، اتخذت الشركة قرارًا بعدم عمل المصنع في القصب هذا العام، ورفعت كمية البنجر إلى مليون طن، وحولت توريدات القصب إلى مصنع جرجا، مع تحمل مصانع سكر أبوقرقاص تكاليف النقل بالكامل.
وبيّن البديوي أنه رغم زيادة سعر توريد القصب 500 جنيه للطن عن العام الماضي، إذ أصبح 1500 جنيه بدلا من 1000 جنيه عن العام الماضي، ولكن المزارعين اتجهوا إلى تجار «العوادي» الذين يقومون بشراء المحصول منهم بأسعار تتجاوز الـ 2200 جنيه و2500 جنيه للطن الواحد، وبيعه لعصارات العسل الأسود ومحلات العصير.
السعر المحدد للقصب 1500 جنيه غير عادل وغير مربح
وقال بعض المزارعين، في تصريح لموقع «عالم المال»، إن السعر المحدد للقصب 1500 جنيه غير عادل وغير مربح، وإن كانت هناك زيادة 300 جنيه على الطن ولم يتم تطبيقها، وكل يقال إن هناك فى زيادة ولو تطبق على أرض الواقع.
وأشار المرزاعون إلى أن أكبر مشكلة تواجههم خلال الفترة الحالية هى الأسمدة والجمعيات الزراعية، حيث تسلم الجمعية لهم جزءًا من الحصة المحددة لكل فدان، والباقى يباع فى السوق السوداء من قبل الجمعية، مما يضطر المزارعين إلى اللجوء إلى الخارج لشراء الأسمدة بأسعار مرتفعة مما يؤثر على سعر التكلفة النهائية.
وأكد المزارعون أن أقل سعر لتغطية تكلفة فدان القصب 2500 جنيه للطن، وأى سعر غير ذلك ليس عادلا للمزارعين، لذا يتجهون لبيع المحصول إلى جهات أخرى غير الشركات لتغطية تكاليف الأنتاج وتحقيق هامش ربه لهم.
جمعية منتجي المحاصيل السكرية تحذر من كارثة كبيرة
ومن جانب آخر حذرت جمعية منتجي المحاصيل السكرية في مصر، من كارثة كبرى بسبب غلق مصنع سكر أبو قرقاص بالمنيا مؤخرا.
وقال أحمد عبد المنعم، رئيس الجمعية، إن المصنع ينتج سكر بخط قصب مخصص له، ولكن غلقه حاليا لإنتاجه 30 ألف طن العام الماضي، يسبب كارثة كبيرة للدولة، وتتمثل في وقف الأيدي العاملة وتشريدهم الأمر الذي يسهم في زيادة البطالة، وتحميل ميزانية الدولة أجور عمالة دون عمل، ناهيك عن خلق أزمة كبيرة في سلعة السكر بالأسواق، بالإضافة إلى ظلم المزارعين بإعطائهم مقابل زهيد جدا لشراء محصول القصب منهم.
وأكد أن الجمعية قدمت طلب إحاطة بمجلس النواب، إلى الدكتور علي مصيلحي وزير التموين، واللواء عصام البديوي رئيس شركة السكر، للرد على هذه المشكلة، مشيرًا إلى أن محصول القصب استراتيجي للدولة، حيث تمر مؤخراً بفترة حرجة جدا للسكر في الأسواق نظراً لارتفاع أسعاره، وهي في أشد الحاجة لتشغيل مصنع سكر أبوقرقاص، بينما غلقه يجعل الأزمة تتسع وتتفشى بشكل كبير، موضحاً أن محصول القصب عمره في الأرض سنة يختلف عن البنجر والذي يمكث 6 أشهر في الأرض.
وأوضح أن طن القصب يصل سعره إلى 1500 جنيه ويُباع للعصارات بـ 105 آلاف للفدان بشكل مباشر من الأرض، دون تكلفة شحن أو جمع أو نقل للمحصول على المزارع، في المقابل أن شركة السكر تشتريه بـ 52 ألف للفدان نصف ثمنه الحقيقي، ناهيك عن التكلفة الكبيرة على المزارع في عملية الشحن وجمع المحصول ونقله لشركة السكر.
وأضاف النائب أحمد عبد المنعم، أن شركة السكر تتحمل مسؤولية ذلك، ومنذ سنتين نوهنا عن احتمال كبير في أزمة محصول قصب السكر في المستقبل، ومن المفترض ننتبه إليها، مشيرًا إلى أن بعض الأصناف كصنف “سين9” الذي لا يزيد إنتاجه ما بين 35 إلى 40 طن سكر، في مقابل أنه كان ينتج منذ 20 سنة من 55 إلى 60 طن، وهي بمثابة خسائر للمزارعين.
وطالب عضو مجلس النواب، مركز البحوث الزراعية بالبحث عن أصناف جديدة من قصب السكر لإنتاج كميات أكبر، مقترحاً بعض الحلول وهي «زيادة سعر محصول القصب إلى 2500 جنيه لتوريد المصانع» ومن هنا نطالب باستدعاء وزير التموين فهو المسؤول بشكل كامل عن هذه المشكلة، بالإضافة إلى استدعاء عصام البديوي رئيس مجلس إدارة شركة السكر بأبوقرقاص، والذي في عهده تم إغلاق المصنع وهو أول مصانع مصر من الشمال.
انهيار لاقتصاد الدولة
وفي النهاية أشار عبد المنعم، إلى أن غلق مصانع السكر الواحد تلو الآخر، سوف يتسبب في خلق أزمات عديدة وانهيار لاقتصاد الدولة، ومايحدث من غلق المصانع ليس حل للمشكلة.
ومن جانب آخر المساحة المزروعة من السكر فى مصر 330 الف فدان، و ان حجم الاستهلاك بيوصل 3 مليون و 300 ألف طن ف السنة، ونصيب كل واحد 34 كيلو فى السنة، وبتستورد حوالي 350 ألف طن من السكر الخام، أغلبها من البرازيل، وبالرغم من انخفاض الزراعة، وصلنا لاكتفاء الذاتى 85% وده بعد التوسع فى زراعة البنجر.
كشف الدكتور أيمن حسني، مدير معهد المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة، أن السبب الرئيس فى غلق المصنع يعود إلى عدم رغبة مزارعي القصب في توريد محصولهم إلى المصنع؛ لأن توريد المزارع للمصنع سوف يكون الطن بـ1500 جنيه.
تحويل القصب إلى عسل محلي
وقال حسني، إن المساحات المنزرعة بالقصب في المنيا ما زالت كما هي، موضحًا أن السبب الثاني يتمثل في رغبة المزارعين في تحويل القصب إلى عسل محلي؛ حيث يحقق مكاسب أعلى من البيع للمصنع، مضيفًا أن موردي القصب يشترون من المزارعين، ويقومون بتشوين القصب للعصارات بالقاهرة؛ حيث قرب المنيا من القاهرة عن محافظات قنا وسوهاج وأسوان؛ وبالتالي توجد أنماط استهلاكية أخرى أفضل من التوريد لمصنع أبو قرقاص.
ولفت مدير معهد المحاصيل السكرية إلى أن إجمالي التعاقد مع المصنع يقترب من 3 آلاف إلى 4 آلاف فدان فقط، بينما يحتاج المصنع مبدئيًّا إلى 15 ألف فدان لتشغيل الغلايات الخاصة بالمصنع، مشيرًا إلى أن المصنع لم يغلق أبوابه كما يتصور البعض؛ حيث إن مصنع أبوقرقاص حول كميات القصب إلى مصنع جرجا، لأن كل هذه المصانع تتبع شركة السكر للصناعات التكاملية، مضيفًا أننا نرصد تراجعًا محدودًا في المساحات ومحافظات أخرى مثل أسوان وقنا؛ نتيجة تغيير المزارع من زراعة القصب إلى النباتات العطرية والطبية؛ نظراً للتصدير للخارج والحصول على مقابل مادي.