قال محمد نعمة الله، الخبير الزراعي، إن قطاع الزراعة يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد القومي، إذ تبلغ نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 11% بالأسعار الجارية، كما يستوعب أكثر من 25% من القوى العاملة، علاوة على ذلك يمثل 15% من الصادرات السلعية غير البترولية.
وأشار نعمة الله إلى مساهمة القطاع الملموسة في تعظيم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من خلال زيادة نسب الصادرات الزراعية والتي بلغت خلال عام 2023 حوالي 9 مليارات دولار بواقع 3.7 مليار صادرات طازجة، و5.1 صادرات مصنعة، وارتفعت خلال الربع الأول من عام 2024 لتتجاوز 2.2 مليون طن بقيمة 1.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 300 مليون دولار عن نفس الفترة من العام السابق، فضلاً عن مسؤولية القطاع في توفير الغذاء الآمن والصحي والمستدام للسكان، وتوفير المواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الوطنية، بالإضافة إلى أن أكثر من 55% من سكان مصر يعيشون فى المناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة والأنشطة المرتبطة بها كمصدر رئيسي لدخوله.
الوصول لإنتاجية الفدان الواحد إلى 100 طن من الوقود الحيوي قابلة للمضاعفة
وأوضح أن هذا يعنى أن القطاع هو المسؤول عن تحقيق التنمية والتوظيف الأمثل، وإن استطعنا استغلال القدرات البشرية والموارد المتاحة لهذا القطاع على الوجه الأمثل، بأن يتم رفع إنتاجيته وتعظيم استثماراته وقدراته يمكن من خلاله توفير الملايين من الوظائف الجديدة وتحسين مستويات الدخل القومي بل ومضاعفته، وليس فقط دخل العاملين فى القطاع الزراعى، كل ذلك برغم محدودية موارد المياه العذبة بل وتآكل الأراضي الصالحة للزراعة، وإن استطعنا تطبيق فقط بعض ما لدينا من تقنيات متطورة فى مجالات إنتاج الوقود الحيوى واستخلاصه بطرق متطورة وباستخدام مياه البحر، ولدي شخصيا تقنيه مسجلة كبراءة اختراع يمكن من خلاله الوصول لإنتاجية الفدان الواحد إلى 100 طن من الوقود الحيوي قابلة للمضاعفة، أى أن الفدان الواحد يمكن أن يحقق ما يعادل 100 ألف دولار بالأسعار العالمية للوقود، سواء كان بيوديزل حيوى أو إيثانول حيوى على مختلف المحاصيل الرئيسية من أعلاف وحبوب ومحاصيل زيتية وغيرها، بل وغابات ومراعٍ طبيعية، فضلا عن مضاعفة إنتاجية الاستزراع السمكي والنباتي والداجني سواء باستخدام مياه البحر أو مياه شديده التملح.
وأكد انه يمكن أيضًا تطوير التركيب المحصولي في الزراعات التقليدية بسلالات متطورة تضاعف الإنتاجية وتتحمل أعلى معدلات الملوحة والجفاف وفقر التربة، كذلك هناك براءة اختراع أخرى مسجلة لزراعة غابات ومراعٍ طبيعية على مياه الأمطار والرى التكميلى بسلالات نباتية غير مستخدمة فى مصر، ويمكن أن يحقق المليون فدان منها أكثر من 20 مليار دولار سنويا بتقنيات متطورة برغم أن التكلفة الاستثمارية للمشروع بالكامل لا تتجاوز 10 مليارات جنيه، وفى مصر نحو 10 إلى 15 مليون فدان من المراعى وأشباه المراعى غير مستغله على الاطلاق يمكن تتميتها لتتحول الى غابات ومراعى طبيعية باستخدام تلك التقنيات والتراكيب المحصولية وتقنيات الاستزراع الغير تقليدية.
وتابع أما الحديث عن تطوير سلالات الأبقار والجاموس والماشية سواء المنتجة للحوم والألبان، فيمكن تطويرها إلى قطعان يمكن بسهولة أن تضاعف إنتاجيتها الحالية إلى عدة أضعاف، ولكن المشكلة لدينا ليست مشكلة استثمارات فقط برغم وجود فجوة تمويلية حقيقية فى الاقتصاد المصرى وليست العائق الحقيقى أو الوحيد أمام نقص ومحدودية الاستثمار فى القطاع الزراعى بالمقارنة بالإمكانات الكامنة سواء كانت استثمارات محلية او أجنبية، فالسبب الرئيسى هو البيروقراطية القاتلة والتى استطاعت إيقاف تلك المشروعات منذ ما بعد الثورة برغم وجود استثمارات عربية آنذاك لتمويل تلك المشروعات لكنها البيروقراطية وصغار العاملين فى مختلف مؤسسات الدولة برغم وجود موافقات من وزراء مختصين آنذاك كوزير البيئة، ووجود تقارير من مركز البحوث الزراعية تشيد بالجدوى الاقتصادية والاجتماعية وتوصى بسرعة التنفيذ لتلك المشروعات بعد إحالتها إليه لإبداء الرأى من وزارة الزراعة ومجلس الوزراء.
وأوضح أنه بالرغم ما أنادى به يمثل مشروعات قومية بكل المقاييس وبرغم أن تراخيصها تصدر من مجلس الوزراء خلال أيام، ولكن يجب تخصيص الأراضى مسبقا، وذلك يجب أن يمر أولا على جحافل البيروقراطية لدينا سواء من خلال المحليات أو المحافظات أو حتى المناطق الحرة وهيئة الاستثمار أو وزارة الزراعة، ولكن الإجراءات تستغرق شهورا فى تلك الجهات لمجرد تحويل الطلب.
اتخاذ حزمة من السياسات الإصلاحية المعنية بالقطاع الزراعى
وأوضح أنه يجب اتخاذ حزمة من السياسات الإصلاحية المعنية بالقطاع الزراعى بوجه خاص، تتضمن تشريع خاص بالاستثمار فى القطاع الزراعى وتحفيز المستثمر الأجنبى والمحلى على العمل فى هذا القطاع المهم، سواء بسياسات ضريبية محفزة، أو قروض استثمارية بفائدة مدعومة وآجال طويلة، وتطوير البيئة المؤسسية العاملة فى القطاع الزراعى، وتوفير الخدمات اللوجيستية للقطاع، وتحديد خريطة استثمارية محددة بالمناطق المستهدف الاستثمار الزراعى بها، والفرص الاستثمارية المتاحة بكل منطقة، وأنماط الاستثمار المستهدف تنفيذها بما يخدم تحقيق هدف التنمية المستدامة، وليس جذب الاستثمارات دون توجيه لها.
وأشار إلى أهمية تطوير وتحديث السلالات النباتية والحيوانية والداجنة وتطوير إنتاجيتها بشكل كبير، حيث هناك الكثير من التطوير اللازم فى تلك القطاعات لتدنى إنتاجية القطاع الزراعى فى مصر من مختلف السلالات النباتية والحيوانية والداجنة، وحتى بعض السلالات المصرية الواعدة فى الإنتاج الداجنى لا تمثل نسبة يعتد بها فى السوق المصرية، مع ضرورة توجيه عناية أكبر للبحث العلمى وتطبيقاته وخصوصا التجارية منها أو التى تمثل حلولا لمشكلات رئيسية فلا يكفى وجود القوانين وإنشاء هيئات لدعم وتمويل البحث العلمى وتطبيقاته وتمويل الاستثمار.