كتب – شيرين نوار
تعتبر التمويلات الدولية في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة اللاعب الرئيس في التحول الطاقي نحو استخدامات الطاقة النظيفة في الدول النامية التى تعانى من أعلى نسبة تلوث على مستوى العالم من جراء الاعتماد بشكل أساسي على الوقود الاحفوري التقليدي من فحم وغاز ومشتقات بترولية، وقد شهدت السنوات الأخيرة إنشاء مشروعات ضخمة بمصر لإنتاج الطاقة من مصادر متجددة كمحطة رياح جبل الزيت، بخليج السويس والتي تنتج الكهرباء بقدرة 252 ميجاوات ووصل حجم استثماراتها إلى 250 مليون يورو، ويعد هذا المشروع نموذجا للتعاون المثمر بين الحكومة المصرية ومؤسسات التمويل الدولية خاصة في مجال الطاقة المتجددة من خلال توفير التمويل الميسر للمشروعات الخضراء.
وقال المهندس ياسر مصطفى، مدير معهد بحوث البترول السابق، إن التحول نحو الطاقة النظيفة من محطات شمسية ومحطات رياح ومشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر والاستخدامات السلمية للطاقة النووية وغيرها يتطلب استثمارات ضخمة تقدر بالمليارات، وبالتالي فهي تفوق ميزانية الدولة، وهو ما يتطلب البحث عن مصادر تمويل دولية كالبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية وغيرها من الجهات التى تخصص منح لمشروعات تنموية في دول العالم الثالث ودول أفريقيا وغيرها.
وأشار مصطفى إلى أن مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة أصبحت ضرورة ملحة في الوقت الحالي، في ظل ما يعانيه العالم من تأثيرات مناخية ضارة ألقت بظلالها السيئة على العالم كله وعانى من ويلاتها، موضحا أن مؤتمرات قمة المناخ التى عقدت الآونة الأخيرة بمشاركة جميع دول العالم تعكس اهتمام الدول الكبرى بالقضاء على التلوث وخفض الانبعاثات الكربونية الضارة، لافتا إلى أن كبرى مؤسسات التمويل الدولية توقفت عن تمويل مشروعات إنتاج الوقود التقليدي ووجهت تلك التمويلات إلى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة في الدول التي تمتلك مصادر متنوعة للطاقة المتجددة كطاقة الشمس وطاقة الرياح.
وأضاف مصطفى أن مشروع محطة جبل الزيت بخليج السويس لاقى ترحيباً وإشادة كبيرة من الدول الأوربية، حيث أكد سفراء فرنسا والدنمارك وألمانيا ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر أن منطقة خليج السويس هي أفضل المناطق للاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة نظرا لشدة الرياح بها، رغم ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يجعلها منطقة واعدة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة خلال الفترة المقبلة.
وقال الدكتور محمد اليماني، خبير الطاقة، إن التحول في استخدام الطاقة في البلدان النامية يتطلب تحولا غير مسبوق في البنية التحتية لقطاع الكهرباء مع زيادة كفاءة استخدام الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة، علاوة على الإلغاء التدريجي لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم، ويعد الإطار الجديد لهذا التحول في قطاع الطاقة الذي اقترحه البنك الدولي، وهو تمويل أنشطة التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الكهرباء بمثابة خارطة طريق لتحديد التحديات التي تواجه التمويل ووضع منهج تمويلي شامل.
وتابع اليماني أنه دون الوسائل اللازمة لتمويل التحول في استخدام الطاقة والبنية التحتية للشبكات ستدفع البلدان النامية أموالا أكثر مقابل الكهرباء كما أنها تظل رهينة مشروعات الوقود الأحفوري ذات التكاليف المرتفعة والمتقلبة، لافتا إلى أن تقديرات مجموعة البنك الدولي تشير إلى أن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تستحوذ على 89% من توليد الكهرباء باستخدام الفحم على مستوى العالم بقيمة تقارب تريليون دولار، وهو النشاط المعرض لخطر التقادم ويتطلب تمويل التحول العادل في استخدام الكهرباء تدفقات رأسمالية أعلى بكثير مما تتم تعبئته اليوم من أجل تلبية النمو المطلوب في إنتاج الكهرباء ذات المستوى الأقل في انبعاثات الكربون.
وأوضح اليماني أن تسريع وتيرة التحول في مجال الطاقة نحو مصادر منخفضة الانبعاثات الكربونية سيتطلب مع توفير إمدادات منتظمة من الكهرباء للشركات والناس، تمويلا لخفض الانبعاثات الكربونية وشراكة وثيقة مع القطاع الخاص بشروط ميسرة، مشيرا إلى أن مجموعة البنك الدولي تساند الإصلاحات الرامية إلى تدعيم قطاع الطاقة وبيئة الأعمال والاستثمارات في القدرات الجديدة وكفاءة استخدام الطاقة وتحديث الشبكات لاستيعاب مصادر الطاقة المتجددة غير المنتظمة والتمويل والمساندة الفنية للتصدي للتحديات الاجتماعية التي قد تنجم عن هذا التحول.
وعن تحديات التحول للطاقة النظيفة فى الدول النامية، قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق وخبير الطاقة، إن هناك ثلاثة عوائق رئيسية تحول دون تسريع عجلة التحول في استخدام الطاقة في الدول النامية، حيث تحتاج مشروعات الطاقة المتجددة إلى تكاليف رأسمالية أولية باهظة، وتحصر العديد من البلدان نفسها في خيارات باهظة التكلفة ومرتفعة الانبعاثات الكربونية مع دعم غير كفء للطاقة، ثانيا تواجه البلدان النامية تكلفة عالية لرأس المال تشوه خياراتها الاستثمارية بعيدا عن مصادر الطاقة المتجددة، وثالثا يتسبب ضعف أساسيات قطاع الطاقة – لاسيما القدرات المؤسسية – في إعاقة توسيع نطاق عملية التحول.
وأوضح كمال أن هناك عدة خطوات أساسية للتغلب على العوائق التى تحول دون استخدام الطاقة المتجددة أولا بيئة تنظيمية وتشريعية داعمة، ثانيا مؤسسات ذات قدرات متزايدة وأدوات للحد من المخاطر، يليها تخصيص المشروعات يتسم بالشفافية والتنافسية والذي يمكن أن يوفر الطاقة المتجددة التي تلبي الاحتياجات العاجلة بما في ذلك أمن الطاقة والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة وفرص العمل.