حذرت دراسة حديثة من ظاهرة مناخية تهدد استراتيجية الدولة المصرية لتعزيز إنتاج القمح بغرض سد العجز في المحصول الاستراتيجي وتوفير العملة الصعبة المهدرة للاستيراد.
وأوضحت الدراسة التي نشرتها دورية Agriculture and Food Research، أن مصر أجرت تغييرات ملموسة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال الفترة 1987-2019، إلا أن تغير المناخ وقف عائقًا أمام طموحات الدولة البالغ عدد سكانها 100 مليون، باعتباره عاملاً أساسيًا بجانب المياه يجب أخذهما في الاعتبار ضمن هذه الاستراتيجيات، وهما الركيزتان الأساسيتان لإنتاج القمح، في ظل الموارد المائية المحدودة لمصر.
وبحثت الدراسة تأثيرات التغير المناخي على إنتاجية القمح واحتياجاته المائية عبر مناطق مختلفة في مصر، تتضمن مصر السفلى والوسطى والعليا، بالإضافة إلى مناطق خارج الوادي والدلتا.
وأجرى الباحثون تحليلًا لبيانات المناخ والمحاصيل على مدار ثلاثة عقود من 1987 إلى 2019، باستخدام تقنيات إحصائية متقدمة، لتحديد الاتجاهات في العوامل المناخية المختلفة وتأثيرها على مراحل نمو القمح.
المناطق الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية في مصر
وقسمت الدراسة منطقة وادي النيل، حيث تمركز السكان والزراعة، إلى ثلاث مناطق، وذلك بحسب الحالة المناخية، مشيرة إلى أن المنطقة الأولى مصر العليا (الصعيد) كانت الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية نظرا لارتفاع درجة الحرارة، بينما تأثرت منطقة مصر السفلى (شمال الدلتا) بتقلبات درجة الحرارة الصغرى في أثناء موسم زراعة المحصول، وهو ما أثر أيضًا على الإنتاجية.
الهروب من وادي النيل أمل الدولة
وبيّنت الدراسة أن منطقة مصر الوسطى كانت أكبر مرونة لإنتاج المحصول الاستراتيجي، كما سجلت مناطق وادي النيل الخارجية المستصلحة حديثًا، أعلى زيادة في إنتاج القمح مقارنةً بمختلِف مناطق الدراسة داخل الدلتا والوادي.
وأوضحت أن الاحتياجات المائية لمحصول القمح تزايدت بنسبة 12% في مصر السفلى، و15% في مصر الوسطى والعليا، و18% في المناطق الجديدة خارج الوادي والدلتا.
أبرز الحلول لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح
وقدمت الدراسة مجموعة من الحلول لتشجيع التخطيط الإداري الدقيق والحكيم لاستخدام استراتيجيات أكثر استدامة للاكتفاء الذاتي من القمح في مصر والمناطق التي تشترك في نفس ظروف تغير المناخ.
وأكد الدراسة على ضرورة تعزيز زراعة أصناف القمح قصيرة الموسم والمقاومة للأمراض، وتبني أفضل الممارسات الإدارية للزراعة، خاصة في صعيد مصر للتخفيف من التأثير السلبي لتغير المناخ.
نصحت الدراسة بتكثيف زراعة القمح في وسط مصر باعتبارها المنطقة الأقل تأثراً بالتغيرات في العوامل المناخية، وكذلك في المناطق المستصلحة خارج وادي النيل باعتبارها منطقة جديدة واعدة، وذلك للتوسع الأفقي والرأسي للمحصول.
تشجيع وتوسيع نطاق استخدام المياه المعالجة غير التقليدية في القطاع الزراعي لمواجهة مصادر المياه المحدودة والزيادة الملحوظة في الطلب على مياه المحاصيل.