• logo ads 2

بنسبة ضرر 100%.. المبيدات المغشوشة تهدد صحة المصريين

غياب الإرشاد ينذر بتدمير الحاصلات

تعد ظاهرة المبيدات المغشوشة مشكلة خطيرة في مصر وتواجه تحديات كبيرة، إذ تستخدم المبيدات الزراعية لمكافحة الآفات والحفاظ على محاصيل الزراعة، ولكن عندما تكون هذه المبيدات مغشوشة أو مزيفة، فإنها تشكل خطرًا على الصحة العامة والبيئة والاقتصاد الزراعي.

 

وتعتبر ظاهرة المبيدات المغشوشة تحديًا للسلطات الحكومية والجهات المعنية في مصر، إذ طالب بعض خبراء المجال بتشديد الرقابة وتعزيز إجراءات التفتيش ومراقبة جودة المبيدات، للحفاظ على سلامتنا داخليًا وخارجيًا وبيئيًا.

 

مجدي عبد الظاهر: أشد خطرًا من المخدرات ولا بد من تغليظ عقوبة الإتجار فيها

 

قال الدكتور مجدي عبد الظاهر، أستاذ كيمياء وسمية المبيدات المتفرغ، بكلية الزراعة سابا باشا، جامعة الإسكندرية، إن سوق تجارة المبيدات في مصر تحتاج إلى قبضة من حديد، حيث زادت ظاهرة المبيدات المغشوشة بشكل كبير جدًا، والجهات الرقابية في الدولة، خصوصا الزراعية منها، ليست قادرة على مواجهة هذا الغش في المبيدات.

 

وأضاف أن من الأسباب الرئيسة لانتشار المبيدات المغشوشة عدم وعي المزارعين وبعض المهندسين الزراعيين، ويعود ذلك إلى ضعف وغياب الإرشاد الزراعي المتعارف عليه منذ سنوات طويلة، مضيفًا أن الإرشاد الزراعي في مصر تدهور نتيجة توقف التعيينات منذ عدة سنوات، الأمر الذي تسبب في ضعف قدرة العاملين الحاليين على القيام بأعمالهم على أكمل وجه نظرا لقلة عددهم ولقرب بلوغهم السن القانوني، مما أدى إلى ضعف الجولات الزراعية منذ فترة طويلة.

 

كما أوضح أن المبيدات المغشوشة قد تكون أشد خطرًا من المخدرات، إذ أن المخدرات يسعى إليها المدمن بإرادته، أما متبقيات المبيدات هي سموم تصل إلى المستهلك في الغذاء دون علمه أو إرادته، والتي تصل به في النهاية إلى أمراض مختلفة نتيجة السمية الحادة أو المزمنة، علمًا بأن عقوبة الإتجار في المخدرات قد تصل الى حد الإعدام في حين أن عقوبة الإتجار في المبيدات المغشوشة هي التحفظ على عبوات المبيدات المضبوطة مع غرامة و أحيانا غلق المحل، ونادرًا الحبس لمدة لا تتجاوز 3 سنوات.

 

وشدد على ضرورة تشديد وتغليظ عقوبة التجارة غير المشروعة في المبيدات، واستخدام المبيدات غير معروفة المصدر والتي قد يؤدي إلى وجود مزيج من المبيدات السامة دون أساس علمي موصى به، وفي نهاية المطاف، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تطور المقاومة للآفات تجاه المبيدات بشكل عام، مما يتطلب استخدام كميات أعلى من المبيدات للتخلص من الحشرات أو الآفات وبالتالي زيادة التلوث والتأثير على صحة الإنسان والحيوان والبيئة، والتي تؤدي إلى تراكم متبقيات المبيدات، مما يعني أننا نقترب من الهاوية أو نصل إلى مرحلة لا يمكن العودة منها.

 

تطبيق معايير صارمة لتسجيل المبيدات الزراعية

 

وأوضح أنه يتم تطبيق معايير صارمة جدًا لتسجيل المبيدات الزراعية في مصر طبقا للشروط والمعايير العالمية، بحيث تتوافق مع متطلبات الاتحاد الأوروبي، وهنا نجد أن المبيدات المغشوشة لا تلتزم بهذه المعايير الهامة، ومن الجدير بالذكر، إننا نجد أن إذا كانت المنتجات الزراعية تحتوي على مستويات أقل من الحد المسموح به، إلا أنه لا يمكن تصديرها لعدة أسباب منها “استخدام مبيدات غير مسموح أو موصى باستخدامها على محصول بعينه، وزيادة مستوى متبقيات المبيدات عن الحد المسموح به حتى وإن كانت متبقيات لمبيد واحد، وزيادة عدد أنواع متبقيات المواد الفعالة في المنتج الزراعي إلى أربعة أنواع حتى ولو كان تركيز المتبقيات أقل من الحد المسموح به، وعدم الالتزام بفترة الأمان وهي الفترة التي يجب مرورها من بعد آخر رشة مبيد إلى وقت حصاد أو جمع المحصول.

 

وأشار أنه تم رصد بعض الخلطات المتداولة بين المزارعين في الأسواق، والمنتجة تحت بير السلم تحتوي إلى من 5 إلى 6 أنواع من المبيدات وغالبًا يكون غير مسموح باستخدامها حتى ولو كانت منفردة على المحصول، فعند استخدام هذه المبيدات المغشوشة أو المضروبة، وإذا تم رش المنتج مرة واحدة، فإن هذا المنتج أصبح غير صالح للتصدير، وإذا تم استخدامه محليًا، فإنه يشكل خطرًا على الصحة العامة، بالتأكيد، علاوة على استخدامه محليًا، ستتطور معه صفة المقاومة بمرور الوقت، هذا الأمر يعكس تعقيد المشكلة التي أراها بعد سنواتٍ طويلة من الخبرة، وبغض النظر عن الجهود التي تبذلها الجهات المسؤولة والرقابية بدون فائدة ملموسة، وبالرغم من قيام الجهات الرقابية بدورها، إلا أنها مقيدة بضعف القوانين الرادعة التي تجرم عقوبة الغش، لذا لابد من تغليظ العقوبة من خلال تشريع جديد، مع ضرورة عودة دور الإرشاد الزراعي، وعدم الاكتفاء بقناة مصر الزراعية ولا الأبلكيشن أو الجولات الميدانية المحدودة.

 

وأكد أن المبيدات المغشوشة منتشرة على مستوى العالم، ولكن في مصر منتشرة بشكل مدمر، مضيفًا أن الطمع والجشع تغلب على الوعي، بالإضافة إلى ارتفاع المستلزمات الزراعية بالنسبة للمزارعين، لذا لابد من تغليظ العقوبة ومعاملة تجارة وتتداول المبيدات المغشوشة معاملة تجارة المخدرات، لأنها ليست أقل خطورة منها.

 

 

شريف أيوب: يجب تشديد الرقابة ورفع سقف العقوبات لردع المتورطين

 

أكد الدكتور شريف أيوب، المدير الإقليمي للتسويق والدعم الفني لشركة “كزد كفر الزيات”، أن المبيدات المغشوشة تمثل أحد التحديات الرئيسة التي تواجه جميع القطاعات، وليس فقط القطاع الزراعي، وبالنظر إلى أهمية الأخير كونه يلبي احتياجاتنا الغذائية اليومية، فإنه يجب أن يحظى بأهمية خاصة.

 

وأضاف أن المنتجات المغشوشة والمزيفة في القطاع الزراعي تحتل مراكز متقدمة عالميًا، حيث تأتي المستحضرات الدوائية والبرمجيات في المرتبة الأولى والثانية من حيث الغش، ويبلغ حجم الغش عالميًا حوالي سبعمائة مليار دولار، وتأتي المبيدات في المرتبة الثانية والعشرين بقيمة تقدر بحوالي 150 مليار دولار عالميًا.

 

وأضاف أن هناك عدة أسباب تسهم في انتشار ظاهرة المنتجات المغشوشة، تشمل ضعف الرقابة والتشريعات غير الكافية لمكافحة الغش والتزوير، حيث من المهم رفع سقف التجريم وتشديد التشريعات لردع المتورطين في هذه الأعمال الإجرامية، كما يجب زيادة عدد المسؤولين المكلفين بمراقبة وتفتيش المحلات التجارية للتصدي للمنتجات المغشوشة، بالإضافة إلى ذلك، يسهم جشع بعض التجار في انتشار هذه الظاهرة، حيث يسعون لتحقيق أرباح أكبر على حساب سلامة المستهلكين، ومع الأسف فإن المزارعين لديهم نقص في المعرفة والوعي بشأن المبيدات المغشوشة، حيث يعتقدون أن المبيدات المهربة هي الأكثر فاعلية، حيث عندما يرتفع سعر المنتجات يلجأ إلى منتجات ذو أسعار منخفضة، وبالتالي يقعون في فخ الغش والتزوير.

 

ولحماية المستهلكين، أوضح أنه يجب أن تتخذ الجهات المختصة إجراءات قوية لتعزيز الرقابة وتشديد التشريعات المتعلقة بجودة المنتجات وسلامتها، كما يجب تعزيز التوعية لدى المزارعين والمستهلكين حول أهمية استخدام المنتجات الزراعية الآمنة والمطابقة للمعايير القياسية، مؤكدًا أن للمبيدات المغشوشة تأثيرًا سلبيًا على الإنتاج والتصدير، لأنه عند استخدام مبيدات مغشوشة أو مزيفة، مع عدم وجود المواد الفعالة اللازمة والمعدلات الموصى بها التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإنتاجية، بالتالي يؤثر استخدام المركبات المزيفة والمغشوشة بشكل كبير على إنتاجية المحاصيل، ونتيجة لتدني الإنتاجية، ستؤثر هذه الأمور بشكل طردي على قدرتنا على التصدير.

 

وتابع أنه بالإضافة إلى التأثير على الإنتاجية، تحتوى هذه المركبات على شوائب ضارة، موجودة في المركبات الزراعية العادية، ولكن المركبات المسجلة والمسموح بها يتم استبعادها، وبالتالي، تحمل المركبات المزيفة الشوائب الضارة التي يمكن أن تتسبب في العديد من المشاكل للمستهلكين، عند تناولهم بعض الخضراوات أو الفواكه التي تم استخدام هذه المركبات بها.

 

الضرر الناجم عن المركبات المغشوشة 100%

 

وأشار إلى أن الضرر الناجم عن المركبات المزيفة والمغشوشة يكون 100% وذلك لاحتوائها على شوائب، بالمقارنة مع المركبات الصحيحة والموصي بها، وتحتوي المركبات المزيفة والمقلدة على تركيزات من المواد الفعالة غير المصرح بالنسبة الموجودة بها وبالتالي، يكون الضرر على الإنتاج والتصدير، لذا يجب علينا العمل على الحد من هذه الظاهرة للحفاظ على سلامتنا داخليًا وخارجيًا وبيئيًا.

 

وأكد أنه يجب أن يتم التعاون بين القطاع الخاص والحكومي والمجتمع المدني للتصدي لمشكلة الغش والتحديات التي تواجهنا، كما يجب أن نعمل معًا لمكافحة التزوير والتلاعب في المركبات، على سبيل المثال، في كفر الزيات، قمنا بتطبيق تقنيات متقدمة للحد من ظاهرة الغش، شهدنا تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة بفضل استخدامنا لتكنولوجيا الباركود الثنائي الذي يتم وضعه على العبوات الأصلية، والباركود فريد ولا يمكن تزويره أو إزالته بسهولة، حتى إذا تم تشويهه قليلاً، فإنه سيظل قابلاً للقراءة وسيشير إلى أن المركبة مزيفة.

 

وأضاف أنه “لدينا فريق دعم فني مكون من 15 فنيًا، بما في ذلك قائد فني، يقومون بزيارة جميع المحافظات لتوعية المزارعين وعملائنا بكيفية استخدام المنتجات الأصلية بالطريقة الصحيحة، يتولى هؤلاء الفنيين دورًا هامًا في توعية المزارعين والمستخدمين النهائيين والتجار بشأن كيفية التعرف على المركبات المقلدة والمزيفة، مضيفًا أن دور الشركات في هذا الجانب له أهمية كبيرة، ويجب أن يكون هناك تعاون على مستوى عالٍ بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني لمكافحة هذه الظاهرة، بزيادة التعاون وتشديد العقوبات، يمكننا تقليل هذه الظاهرة”.

 

وتابع: ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أنه من الصعب القضاء تمامًا على هذه المشكلة، حيث ستستمر وجودها طالما توجد منتجات جيدة وطلب من الجمهور، وسيستمر المزورون في استغلال الفرص وتحقيق أرباح غير مشروعة منها”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار