رشا يوسف باشا
قال الدكتور محمد كامل، الباحث في شئون النقل الدولي، إن قطاع النقل البحري يرتبط سواء مباشرة أو غير مباشرة بأكثر من 40 صناعة، وهو ما جعل النقل البحري يطلق عليه صناعة القيمة المضافة، وقد بدأ الفريق كامل الوزير، وزير النقل، فكرة توطين الصناعات التي تخدم على السكة الحديد من تصنيع عربات وعجلات وأجزاء من المحركات وغيرها، كذلك الأمر في النقل البحري، فإن هناك فكرا لتوطين نشاط تخريد السفن في مصر، وهو من الأنشطة التي يمكن أن تحقق فيها مصر ومدنها المطلة علي سواحل البحرين المتوسط والأحمر مزايا تنافسية، وهي أنشطة ترتبط في الأساس بتوافر قدرات تتعلق بصناعة الحديد والصلب وهي متقدمة لدرجة كبيرة في مصر من خلال عدد من الشركات والمصانع، كما أن بعض الشركات أصبحت تصنع مواصفات الصلب التي تتطلبها أجزاء بدن السفينة سواء الداخلية أو الخارجية، وهو ما ينقلنا نقلة تالية لإمكانية غزو سوق بناء السفن خاصة في ظل توافر عدد من الترسانات محلياً وإن كانت تحتاج إلى رفع كفاءة الأحواض سواء الجافة أو العائمة بما يتناسب مع أحجام وحمولات السفن وأطوالها وارتفاعاتها.
وأشار كامل إلى أن هناك دراسات تشير إلى تزايد أعداد وحمولات سفن الأسطول العالمي وهذا يعني أن تسليم السفن الجديدة يدفع ملاك السفن لبيع الحمولة المملوكة في السوق المستعملة أو إعادة تسليم السفن المستأجرة ومن المتوقع أن تتفوق شركة MSC في الحجم بشكل كبير على CMA CGM، والتي من المتوقع أن تصبح ثاني أكبر شركة شحن بحري، متجاوزة Maersk كما أن Hapag-Lloyd كشفت مؤخرًا عن استراتيجيتها الجديدة لعام 2030، مع إعطاء الأولوية الرئيسية للحفاظ على مكانتها ضمن أفضل خمس شركات لاستمرارية المنافسة مع خط واحد.
ولفت إلى أن جميع هذه الخطوط العالمية تتردد سفنها سواء Mother Vessels أو Feeder Vessels علي المواني وقناة السويس، فإذا لم نتمكن من بناء شراكات استراتيجية مع تلك الخطوط العالمية للاستفادة ليس فقط من مجرد تداول أعداد من الحاويات وبعض الحمولات من على سفنها فهناك العديد من الصناعات وخدمات القيمة المضافة التي يمكن أن تقدم لها بداية من خدمات الصيانة والإصلاح سواء للعمرات الطارئة أو العمرات الوقائية وهذا يتطلب جهودا لجذب وتوطين توكيلات للشركات العالمية لتوفير قطع الغيار للموديلات المختلفة من السفن عند الطلب لإجراء العمرات وكذلك توطين التكنولوجيا والارتقاء بمهارات الكوادر البشرية لإجراء أعمال الصيانة والإصلاح بمهارة وجودة تتوافق مع المتطلبات العالمية وفي التوقيتات المناسبة وبالتكلفة المناسبة ونشر جداول للأحواض المتوافرة ومواصفاتها واحترام مواعيد دخول وخروج السفينة من العمرات، كما أن السفن تستهدف الحصول على العديد من الخدمات خلال فترات وجودها في المواني لأعمال الشحن والتفريغ منه الحصول على المياه العذبة والتزود بالوقود بأنواعه والزيوت والشحوم وأعمال تفريغ الصابورة والتوريدات والأشغال البحرية وهي أنشطة تحتاج أن يتم الارتقاء بمستويات تقديمها في المواني المصرية لتتوافق مع المستويات العالمية، كما الصناعة في النقل البحري لا تقتصر على الجانبي المتعلق بالسفينة ولكن يمتد إلى الجانب المتعلق بالحاويات وعنابر السفينة ومعدات التداول من أوناش ثابتة و متحركة ومتخصصة ، ويعتبر أيضا من الصناعات التي نستهدف الدخول فيها صناعة الحاويات بأنواعها وأحجامها المختلفة ونشاط صيانة و إصلاح الحاويات ونشاط تنظيف وتعقيم الحاويات خاصة ISO Tanks وهو نشاط مربح جدا ولم يتطور في الموانئ المصرية علي النحو الذي يمكن التركيز في هذا الملف وتحقيق مزيد من الإيجابيات فيه.
وأضاف أنه عم العالم حاليا الفكر اللوجستي وسلاسل الإمداد فزاد الاهتمام بتوطين صناعات استراتيجية في مناطق من العالم ليتسنى معالجة الاختلالات التي تحدث في مناطق أخرى وقد شاهدنا تعاظم مواني غرب المتوسط على إثر تحول تدفقات البضائع من المرور في البحر الأحمر وعبور قناة السويس وسلوك مسار رأس الرجاء الصالح ومن ثم عانت دول بأكملها في شرق المتوسط من تأخر وعدم وصول المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج وارتفعت التكلفة الإجمالية على إثر ارتفاع تكلفة النقل، وهو ما يستدعي إعادة صياغة سيناريوهات التشغيل والتعامل والتعاقدات من خلال إنشاء مراكز لتجميع وإعادة توزيع البضائع وتوفير الحلول البديلة وقد كان للحكومة المصرية توجها في هذا الشأن من خلال توطين مناطق وصناعات في إقليم قناة السويس وإنشاء محاور طرق سريعة سواء برية أو بالسكة الحديد لربط مواني البحر المتوسط بالبحر الأحمر ومحاولة جذب المزيد من تجارة الترانزيت العالمية وهي جميعها توجهات محمودة، مع ضرورة دراسات الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية لتلك الإجراءات.