ابتكرت لينا بُرعي، طالبة قسم التاريخ والتصميم الجرافيكي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتعاون مع مبادرة “الأثر لنا” المجتمعية، لعبة تعليمية على هيئة بطاقات تحمل اسم “الفورة”. تهدف اللعبة إلى تعريف الأطفال بالتاريخ الغني لمنطقة الخليفة بالقاهرة من خلال تسليط الضوء على 30 مَعلمًا أثريًا مُهمًا، مما يوفر وسيلة تفاعلية وممتعة للتعرف على التراث الثقافي. تم تطوير “الفورة” خلال فترة تدريب لينا مع مبادرة “الأثر لنا”، حيث تتيح اللعبة للاعبين التعرف على المعالم المحلية من خلال التباري بالبطاقات التي يحصل عليها كل لاعب والخاصة بكل معلم أثري وفقا لفئات محدده كالحجم وعمر الأثر في إطار تنافسي. تقول بُرعي: “أريد أن أجعل التاريخ ممتعًا وأن أقدمه للناس بطريقة فنية أكثر”. وأضافت: “عندما يلعب الناس اللعبة، أريدهم أن يستفيدوا منها ويستمتعوا بيومهم. وإلا ستكون مجرد معلومات عن المعالم، وهذا أقل جاذبية.”
استلهمت لينا فكرة تطوير “الفورة” بعد رحلة دراسية ميدانية إلى منطقة الخليفة، حيث لاحظت أن المحلات تبيع منتجات تعكس تاريخ المنطقة، فبادرت بابتكار لعبة يمكنها تثقيف الأطفال عن المعالم التي يرونها يوميًا ولكن قد لا يُقدٍرون قيمتها بالكامل. يتنافس اللاعبون من خلال وضع البطاقة العلوية في يدهم ومقارنة الفئات الرقمية حول المعالم الموجودة على بطاقاتهم مثل “الحجم” و”القرن”. اللاعب الذي يمتلك الرقم الأعلى في الفئة المعينة يفوز بتلك الجولة.
تضم منطقة الخليفة معالم تاريخية تعود إلى القرن التاسع. على الرغم من إدراج العديد من هذه المعالم ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، إلا أن الكثير منها معرض للخطر بسبب مشكلات مثل التعرية المائية الناجم عن مشاكل الصرف الصحي. مبادرة “الأثر لنا”، كما يتضح من اسمها، هي مشروع يهدف إلى إشراك المواطنين في جهود الحفاظ على التراث وإعادة صياغة النظرة المجتمعية للمعالم الأثرية كمورد مجتمعي. تهدف جميع برامج المبادرة خلق شعور بالملكية بين سكان منطقة الخليفة وتراثهم الثقافي. يدار المشروع من قبل “مجاورة – BEC”، وهي شراكة بين “مجاورة”، وهي شركة معمارية تركز على الحفاظ على التراث وإدارته، وجمعية “Built Environment Collective”، وهي منظمة غير حكومية تهتم بالتنمية الثقافية والعمرانية.
تمتد علاقة لينا بمبادرة “الأثر لنا” بفضل الدكتورة باسكال غزالة، الأستاذ المساعد ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. يتناول مقرر “تاريخ القاهرة” الذي تدرسه غزالة المشاركة الواقعية مع القضايا المتعلقة بالحفاظ على التراث والسياحة، مما يشجع الطلاب على المشاركة الفعّالة في الحوار المستمر حول من يملك ويدير التراث الثقافي. وتقول غزالة: “سؤال طالما أثار فضولي لفترة طويلة هو: من يملك الأشياء التي من المفترض أن تنتمي للجميع؟ كنت أعتقد أن الطلاب يجب أن ينخرطوا في هذه الحوارات.” وأضافت: “أريدهم أن يفهموا أن المدينة ملكهم أيضًا وأنهم جزء من الصراع حول ماضيها ومستقبلها.”
وفيما يتعلق بالمستقبل، تأمل لينا في توسيع فكرة “الفورة” لتشمل أحياء أخرى في القاهرة، وأن تواصل مهمتها لتجعل التاريخ أكثر سهولة ومتعة للجميع.