أشاد الدكتور محمد كامل إبراهيم، الخبير في شئون النقل الدولي بتوجه الدولة المصرية للتفكر في تحويل جزء من الودائع الدولارية لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات ، خاصة أن الاستثمار يتميز بنقل المعرفة والتكنولوجيا، مما يسهم في تعزيز الأصول الاستثمارية ويدعم الاقتصاد، كما يفتح المجال أمام فرص جديدة ويضيف قيمة مضافة.
وأوضح أن هذه الخطوة تعكس شهادة جديدة على ثقة في قدرات الاقتصاد المصري، حيث تتحول أعباء الفوائد على الودائع وخدمة الديون إلى شراكات يمكن أن تحقق مكاسب أو خسائر.
وتابع الخبير في شئون النقل الدولي، قائلاً: “من خلال هذا الطرح، نسعى للتركيز على الاستثمارات في مجالات النقل والصناعة ،خاصة أن هذه القطاعات غنية ولها القدرة على قيادة التنمية الاقتصادية، حيث تعتبر من القطاعات التصديرية التي تولد عوائد بالعملات الأجنبية ولها القدرة على التمويل الذاتي، كما أنها تتطلب استثمارات ضخمة، فهي ليست من نوعية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن تمويلها برؤوس أموال فردية أو منخفضة ، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه القطاعات كثيفة العمالة في مصر، حيث تتطلب معظم مشروعات النقل قوى عاملة ماهرة ومؤهلة، مما يجعلها متميزة عن الاستثمارات التي تعتمد على أفراد قليلين.”
و شدد علي أن فعالية تحويل الودائع الدولارية إلى استثمارات في مجال النقل تتوقف على الإجابة عن بعض الأسئلة المحورية بشأن قائمة محددة لأولوية الاستثمارات في قطاعات النقل، لاسيما النقل البحري، حيث تُطرح مشاريع في موانئ البحر الأحمر والمتوسط
فضلا عن حقيقة وجود رؤية واضحة حول الوضع الذي سيترتب بعد إسناد هذه المشروعات إلى مستثمرين استراتيجيين ، ومدى تأثير ذلك على التنافسية، والى أى مدى يمكن أن يعود بالنفع على الاقتصاد المصري و المستثمرين الفرديين
موضحا أنه علاوة على ذلك، سيكون من الضرورى معرفة مدى مساهمة الاستثمارات في قطاع النقل في تحقيق النمو المستهدف وجذب المستثمرين الأجانب، بما يتماشى مع التوجهات الحكومية
وقال أنه إذا كانت الدولة تسعى لتحفيز الاستثمار في النقل النهري للبضائع، فإن توجيه المستثمرين نحو إنشاء وإدارة مشاريع استثمارية في هذا القطاع يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة.
و لفت إلى أن هناك اهتماماً كبيراً بالتحول الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النقل والصناعة، وخاصة في مجال تملك وتشغيل السفن ، حتى أن الشركات التي تستثمر في هذه المجالات تعيد النظر في استراتيجياتها الاستثمارية نتيجة للتطورات التكنولوجية.
و تابع: “لقد شهدنا مؤخرًا تجربة مهمة لشركة متخصصة في تملك وتشغيل وإدارة السفن، حيث كانت تدير عددًا من السفن تحت العلم المصري. ومع تطلع الشركة لتحديث أسطولها واستثمارها في سفن أحدث تكنولوجيًا، تم ملاحظة تغير كبير في معادلة الاستثمار.”
وكشف أن السفن المتوسطة الحجم كانت تحتاج إلى طاقم يتكون من حوالي 30 فردًا لتلبية متطلبات الأعمال ،لكن بعد تحديث الأسطول بسفن مزودة بتقنيات متقدمة، أصبح من الممكن تقليل عدد الطاقم بشكل ملحوظ، ما يؤدي إلى خفض تكاليف التشغيل ،ـموضحا أن هذا التحول التكنولوجي يعزز من الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع على مدى عمر السفينة .
وأضاف: “التكنولوجيا المتقدمة لا تقتصر على تحسين الأداء فقط، بل تعيد أيضًا صياغة الرؤية الاستثمارية ، كما يجب على الشركات أن تركز على إدخال برامج إلكترونية وأدوات للتحكم الرقمي لتقليل الاعتماد على الوثائق الورقية، مما يسهم في تقليل الإزدواجية وتحسين الكفاءة.”
وشدد على أهمية التركيز على الأمن السيبراني (Cyber Security) كجزء أساسي من التحول الرقمي ، خاصة أنه مع تزايد الاعتماد على الأنظمة الرقمية، يتطلب الأمر ضمان حماية قوية للمعلومات والأنظمة من التهديدات السيبرانية.
وأكد أنه من الضروري أن تعمل المنظومة التشريعية على تعزيز دور التوقيع الإلكتروني وتأكيد أهمية المستند الرقمي في إثبات الحقوق، كما يجب أن تولى الدولة اهتمامًا كبيرًا للصيانة الدورية والوقائية للبنية التحتية التكنولوجية، وذلك لضمان عدم تكرار مشكلات مثل تعطل الأنظمة ، فضلا عن بناء قاعدة استثمارية تأخذ بعين الاعتبار عناصر الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تقليص الفجوة الاستثمارية بين الاقتصاد المصري والاقتصادات المتقدمة.
مشيرا الى أن هذا التحسين يقدم حوافز فعالة للاستثمارات المباشرة، حيث يتجنب المستثمرون عادةً الاستثمارات المباشرة في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن التوجهات الاستثمارية في دولة ما، مما يضيع فرصاً كان يمكن اقتناصها.
اختتم حديثه بالإشارة إلى أن الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي سيظل محورًا رئيسيًا في تحقيق التميز في قطاع النقل الدولي وتحقيق نتائج إيجابية على المدى الطويل.