رجح استطلاع أجرته وكالة بلومبرج، أن يُبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير عند أعلى مستوياتها على الإطلاق، وسط ترقب مؤشرات على أن الموجة الأخيرة من خفض الدعم لن تؤدي إلى زعزعة سلسلة من تباطؤ التضخم المستمر منذ خمسة أشهر.
وذكرت الوكالة أن البنك المركزي قد يأخذ الزيادات الناتجة في أسعار الوقود والكهرباء في الاعتبار باعتبارها العامل الرئيسي خلال اجتماعه اليوم في ظل انتعاش الاقتصادي الذي تشهد البلاد بعد خطة الإنقاذ التي تم البدء في تنفيذها في وقت سابق من هذا العام.
وأشار الاستطلاع إلى الانخفاض الحاد في قيمة العملة، الذي شهدته البلاد، لم يكن له سوى تأثير تضخمي بسيط، فيما تتزايد التوقعات بين المصريين بشأن أول خفض لأسعار الفائدة منذ عام 2020. وبلغ التضخم على أساس سنوي 25.7% في يوليو، بعد أن تباطأ من مستوى قياسي بلغ 38% في سبتمبر 2023.
وقال جان ميشيل صليبا من بنك أوف أمريكا كورب قبل قرار السياسة النقدية إن المركزي المصري« لن يتعجل في الوقت الحالي لاتخاذ قرار خفض الفائدة، نظرا للحاجة إلى ترسيخ اتجاهات تراجع التضخم».
«صليبا» من بين ستة اقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبرج توقعوا أن يبقي المركزي على سعر الفائدة القياسي على الودائع عند 27.25% للاجتماع الثالث على التوالي، بينما رجح ثلاثة آخرون – بما في ذلك فاروق سوسة من جولدمان ساكس – أن الأسوأ قد انتهى بالنسبة للتضخم ويتوقعون خفضًا بمقدار 100 نقطة أساس.
ووفقًا لنتائج الاستطلاع، قالت «بلومبرج» أن التخفيض بمقدار 100 نقطة أساس قد يكون مجرد مسألة وقت بعد أن رفعت مصر سعر الفائدة الرئيسي بنسبة 8 نقاط مئوية في وقت مبكر من هذا العام، مشيرة إلى أن هذه التحركات بلغت ذروتها عندما تعهدت الإمارات العربية المتحدة وصندوق النقد الدولي وآخرون بتقديم 57 مليار دولار في شكل قروض واستثمارات، مما ساعد على تحويل الاقتصاد المصري بعد عامين من الاضطرابات الناجمة إلى حد كبير عن نقص النقد الأجنبي.
تمضي الحكومة الجديدة التي عينها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو الماضي، قدماً في تنفيذ خططها التي وعدت بها منذ فترة طويلة لكبح الإنفاق. وأعقب ذلك ارتفاع أسعار الخبز المدعوم بنسبة 300% في يونيو من خلال زيادة مجموعة من منتجات الوقود بما يصل إلى 15% وزيادة تعريفة الكهرباء.
وقال محمد أبو باشا، رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس ومقره القاهرة: «من المرجح أن يراقب البنك المركزي آثار الجولة الثانية المحتملة من ارتفاع أسعار الوقود الأخير قبل اتخاذ أي إجراء بشأن أسعار الفائدة».
وأضاف أن انخفاض قيمة الجنيه المصري في أوائل أغسطس، والذي تضرر من عمليات خروج الأموال الساخنة في الأسواق الناشئة، قد يشجع أيضًا على الحذر.
وفي ذلك الوقت، قدرت السلطات المصرية تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الخارج بما يصل إلى 7% إلى 8% من إجمالي الحيازات، وما زال غير واضح ما إذا كانت بعض هذه التدفقات قد عادت.
ويعد احتمال قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض سعر الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر أحد الاعتبارات الأوسع لإمكانية رؤية تخفيضات قريبة في سعر الفائدة، إذ قد تسهل مثل هذه الخطوة على مصر تخفيف السياسة النقدية والبقاء جذابة لمستثمري المحافظ الأجنبية، لكن رغبة السلطات في القاهرة في استباق القرار الأمريكي في 18 سبتمبر لم تتضح بعد.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية المصرية مرة أخرى في 17 أكتوبر.
وقالت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية في بنك ستاندرد تشارترد: «لقد أصبحت الظروف العالمية والمحلية مواتية بدرجة كافية للبنك المركزي للشروع في دورة تيسير تدريجية».
وأشارت إلى أن خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس واستمرار تباطؤ التضخم «سيسمحان لسعر الفائدة الحقيقي بالارتفاع إلى حوالي 3.5% بحلول نهاية سبتمبر، وهذا مقيد بما يكفي لضمان تنسيق السياسة المالية والنقدية المحكمة ودعم أولوية صندوق النقد الدولي في استهداف التضخم.»