كتب شيرين نوار
شهدت الآونة الأخيرة ارتفاعات كبيرة في أسعار الغاز الطبيعي وغاز البوتاجاز نتيجة ارتفاع سعر الدولار وزيادة حجم الطلب في السوق العالمية إلى جانب نقص الإنتاج المحلي مع ارتفاع احتياجات الطلب المحلي، مما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد شحنات غاز إضافية لتغطية العجز في الإنتاج وتلبية احتياجات المواطنين رغم ارتفاع الأسعار، إلى جانب تقديم الحكومة الخدمة بسعر مدعم، حيث أعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أن تكلفة أسطوانة البوتاجاز على الحكومة 340 جنيهًا بينما يتم بيعها للمواطنين بـ100 جنيه، وهو ما يحمل ميزانية الدولة أعباء مالية كبيرة، ومع زيادة الأعباء تم زيادة سعر أسطوانة الغاز 50 جنيهًا كمحاولة لتخفيض الفجوة بين السعر الأصلى وسعر طرحها للمواطنين.
وقال مدحت يوسف، رئيس الهيئة العامة للبترول السابق إن ارتفاع سعر الدولار وزيادة الكميات التى يتم استيرادها من الغاز الطبيعي وغاز البوتاجاز أدى إلى تحمل الحكومة أعباء مالية ضخمة خلال الآونة الاخيرة وهو ما دفعها إلى الزيادة الأخيرة في سعر أسطوانة الغاز بقيمة 50 جنيها ليصل سعر الأسطوانة بالسوق إلى 150 جنيهًا، متوقعًا أن تحدث زيادات جديدة مع اجتماع لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية المنتظر عقدها فى خلال الأيام المقبلة خاصة مع إعلان الدكتور مصطفى مدبولي أن تكلفة الأسطوانة على الدولة 340 جنيهًا.
وأشار يوسف إلى أن الحكومة في طريقها إلى الغاء دعم المحروقات بالتدريج حتى يتم تقديم الخدمة بسعرها الحقيقي للمواطنين، موضحًا أن وجود الخدمة مع ارتفاع سعرها سيجعل المواطنين يقومون بترشيد الاستهلاك وهو أفضل من أن تقوم الدولة بدعم الخدمة مع عدم توافرها لعدم قدرتها على استيرادها نتيجة عجز الميزانية.
وقال الدكتور هاني النقراشي، خبير الطاقة، إن اتجاه الحكومة لرفع أسعار أسطوانة الغاز يعتبر نتيجة طبيعية لارتفاع الأسعار بشكل كبير نتيجة تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، مما وضع الحكومة في مأزق خاصة مع التزاماتها الأخرى نتيجة الطفرة الكبيرة في مختلف المجالات التنموية ودخولها في مشروعات عملاقة، سواء فى قطاع الطاقة والعقارات والبنية التحتية، وغيرها من القطاعات الاقتصادية، وحصولها على قروض دولية من جهات دولية، وحتى تستطيع الوفاء بسداد تلك القروض من أجل استكمال حركة البناء والتعمير يجب أن يتحمل المواطن جزءًا من فاتورة التطوير والتنمية، حيث تشترط الجهات المانحة للتمويلات بعض الإصلاحات الاقتصادية حتى تستطيع سداد القروض، ومنها ضغط فاتورة الدعم إلى جانب تحويله فى بعض القطاعات إلى دعم نقدى بدلًا من العينى في محاولة لضغط معدلات الإنفاق وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الدولة.
واستعرض النقراشي حركة تطور سعر أسطوانة البوتاجاز، حيث كان سعر أسطوانة الغاز المنزلي في عام 1991 2.5 جنيه، وفي عام 2012 وصل إلى 5 جنيهات، وفي عام 2013 وصل إلى 8 جنيهات، وفي عام 2016 وصل إلى 15 جنيهًا، وفي عام 2017 وصل إلى 30 جنيهًا، وفي عام 2018 وصل لـ 50 جنيهًا، وفي عام 2019 وصل إلى 65 جنيهًا، وفي عام 2021 وصل إلى 70 جنيهًا، وفي عام 2023 وصل لـ 75 جنيهًا، وفي مارس 2024 وصل 100 جنيه، وفي سبتمبر 2024 وصل 150 جنيهًا، أى أن سعر الأسطوانة تضاعف خلال العام الجاري وتم زيادة سعرها مرتين خلال شهري مارس وسبتمبر 2024.
وأشار النقراشي إلى أن مصر تعمل على استيراد غاز البوتاجاز من الخارج بشكل كبير لعدم توافر ما يسد احتياجات السوق المحلية ولمنع حدوث أي عجز، لافتا إلى أن السوق العالمية لم تؤثر بشكل كبير على الأسعار لاستقرارها بشكل كبير برغم الاضطرابات العالمية.
وأكد النقراشي أن تحريك سعر أسطوانة الغاز سيستمر خلال الفترة المقبلة حتى نصل إلى التكلفة الحقيقية والبالغة 340 جنيها وفقا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولى، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة تأتي في إطار محاولات الحكومة لتغطية تكلفة الإنتاج المتزايدة التي تأثرت بعوامل محلية وعالمية من بينها ارتفاع أسعار الوقود والغاز عالميا بجانب التحديات الاقتصادية الداخلية وارتفاع أسعار الدولار بشكل كبير في السوق المحلية.
وأضاف النقراشي أن تلك الزيادات سوف تؤثر على مختلف القطاعات الأخرى كقطاع الصناعة ومزارع الدواجن وغيرها من المجالات التي تعتمد في إنتاجها على أسطوانات البوتاجاز وكذلك المطاعم وقد يؤدى إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع كأسعار المأكولات وغيرها، حيث تعتمد العديد من المؤسسات على البوتاجاز كجزء أساسي من تشغيلها اليومي وقد يكون للزيادة تأثير مباشر على تكاليف التشغيل مما قد ينعكس بدوره على أسعار بعض المنتجات والخدمات التي تعتمد على البوتاجاز بشكل كبير
وأشار النقراشى إلى أن الزيادة في أسعار الغاز والمازوت الموجهة للمصانع قد تؤثر بشكل كبير على الأسعار بالزيادة ومن المتوقع حدوث زيادات سعرية، خاصة في الصناعات التي تعتمد على الغاز الطبيعي بشكل رئيسي في عملياتها الإنتاجية مما يضع الصناعات المعتمدة على المازوت والغاز الصب أمام مشكلة حقيقية جديدة تتعلق بقدرتها على استيعاب هذه الزيادات دون أن تتأثر عمليات الإنتاج بشكل كبير.