الخبراء يرسمون سيناريوهات هيكلة الدعم.. ويكشفون حقيقة إلغائه

alx adv

تحقيق / أسماء عبد البارى – مى رفاعى

 

40  %  ارتفاع فى مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية خلال 3 سنوات

 

على الرغم من الإعلان عن نية خفض الدعم تدريجيًا، إلا  أن مخصصات للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ارتفعت  40%  ، إذ خصصت الموازنة الحالية 635.942 مليار جنيه لها ، مقارنة بـ 454.100  مليار جنيه في العام المالي 2022-2023 .

 

وتعليقا على ذلك أجمع خبراء الاقتصاد على أنه لن يكون هناك إلغاء كامل للدعم، بل توجيه للمستحقين، وأشاروا إلى أن التحول إلى الدعم النقدي سيتم على عدة مراحل، ولن تنتهي العملية خلال 2025.

 

وأكدوا على ضرورة تطوير آليات الدعم، وتحويل جزء من الدعم العيني إلى نقدي، مع إنشاء نظم رقابية فعالة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وتجنب الهدر.

 

 

وليد جاب الله: استمرار العيني يؤدي إلى الفساد وجار إعادة النظر في دعم 5 قطاعات رئيسية

د وليد جاب الله
د وليد جاب الله

وقال الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن الدعم باقٍ كوسيلة أساسية تستخدمها الحكومة لمعالجة اختلالات توزيع ثمار التنمية وتوجيه النشاط الاقتصادي، إلا أن العبرة في ضمان وصول الدعم لمستحقيه، بحيث يتم الفصل بين الدعم والسعر، بمعنى أن تُباع السلع بسعرها ويستلم المستفيد الدعم نقدًا.

وأوضح أنه من الضروري أن تتطور منظومة الدعم بشكل مستمر لتتوافق مع المستجدات الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تشمل الدعم النقدي أو العيني، أو التوجه نحو الدمج بينهما.

 

وأضاف: “لا يوجد إلغاء كامل للدعم، بل هو توجيه للمستحقين وفقًا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي”، مشيرًا إلى أن الأمر ليس بحديث العهد بالاقتصاد المصري، فقد سبق وتم إلغاء دعم البترول وذلك في عام 2017 خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي، إذ كان يُباع الوقود بالسعر العالمي، إلا أنه مع الارتفاع الكبير في أسعار الوقود عالميًا، عادت الدولة لدعم المواد البترولية.

وأوضح أن هناك خمسة قطاعات تتم إعادة النظر في الدعم الموجه لها، وهي البترول والغذاء والكهرباء والمياه والتموين والنقل، وتابع: “سيتم تطبيق التحول للدعم النقدي على عدة مراحل، ولا نتوقع أن تنتهي هذه العملية خلال عام 2025”.

وحول تخصيص موازنة 2024-2025 ما يعادل 635.9 مليار جنيه لتمويل الدعم والحماية الاجتماعية، بالرغم من إعلان التوجه لتقليص الدعم، أكد جاب الله أن هناك دعمًا عينيًا قابلًا للاستمرار، حيث تشمل أبرز عناصره تخصيص حوالي 9 مليارات جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة، و8 مليارات جنيه لدعم التأمين الصحي والأدوية، و12 مليار جنيه لبرامج الإسكان الاجتماعي، و3.5 مليار جنيه لدعم الغاز الطبيعي للمنازل ، وهذه المخصصات تصل بالفعل إلى مستحقيها، وخصوصًا في مجالات التأمين الصحي والعلاج، التي من المتوقع أن تشهد تطورًا تلقائيًا مع اكتمال مشروع التأمين الصحي الشامل في السنوات المقبلة.

كما تشتمل الموازنة على الدعم النقدي المشروط، حيث تشمل أبرز مكوناته تخصيص حوالي 41 مليار جنيه لمخصصات برنامج “تكافل وكرامة” ومعاش الطفل، بالإضافة إلى 143 مليار جنيه كمساهمات الدولة في صناديق المعاشات، و215 مليار جنيه لدعم التأمينات الاجتماعية بغرض تعزيز المعاشات وإزالة التشابكات المالية المرتبطة بها. كما تم تخصيص 23 مليار جنيه لدعم تنمية الصادرات و17 مليار جنيه لدعم الأنشطة الإنتاجية في القطاعين الصناعي والزراعي.

وأوضح أن تلك المخصصات أثبتت فعاليتها في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، في حين يحتاج الدعم العيني إلى تطوير وإمكانية تحويله إلى دعم نقدي. ومن أبرز مكوناته تخصيص 154 مليار جنيه لدعم المواد البترولية، و134 مليار جنيه لدعم الخبز والسلع التموينية، و2.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء، و1 مليار جنيه لدعم شركات المياه، بالإضافة إلى 2.4 مليار جنيه لدعم نقل الركاب.

وأشار إلى أن الاستمرار في الدعم العيني لهذه العناصر يتسبب في هدر وفساد خلال مراحل تحويل المخصصات النقدية إلى سلع تُقدم للمواطنين، خاصة أن الأجانب يمثلون 10% من السكان ويحصلون على نسبة من الدعم العيني، و15% من الأثرياء يحصلون على 25% من الدعم، في حين أن هناك العديد من الأفراد المستحقين لهذا الدعم ولا يمكنهم الحصول عليه.

ولفت إلى أن هذا الوضع دفع إلى التفكير في الانتقال إلى نظام الدعم النقدي الذي يعالج مشكلات الدعم العيني، لكن قد ينجم عنه زيادة مفاجئة في الأسعار إذا تركت السوق تعمل بحجمها الحالي، خاصة مع الزيادة المتوقعة في الطلب حال توقف الجهات المعنية عن ضخ الكميات المعتادة في الأسواق، وهذا الأمر يكون أكثر وضوحًا في مجال الخبز والسلع التموينية، حيث يجب على الدولة الاستمرار في توفيرها بنفس الكميات وبسعر السوق، مع تعويض المستفيدين بفارق السعر نقديًا.

وفيما يتعلق بدعم المواد البترولية والكهرباء والمياه، أوضح جاب الله أن هناك تجارب دولية ناجحة في تقديم الدعم النقدي، مثل نموذج سلطنة عمان الذي طور نظامًا إلكترونيًا متكاملًا لذلك.

وحول آليات معالجة قضايا تطوير ملف الدعم وزيادة الدعم النقدي الموجه للمستفيدين الحقيقيين، أفاد جاب الله بأنه يجب البدء بإنشاء كيان حكومي لإدارة هذا الملف المعقد، ويتعين على هذا الكيان تحديد محاور الدعم والطريقة المثلى لتنظيمه، مستندًا إلى الدراسات والتجارب الدولية واقتراحات الخبراء، مع التركيز على إنشاء قاعدة بيانات شاملة حول هذا الملف.

وأكد أنه يجب أن تستخدم هذه البيانات لوضع معايير عادلة لمستحقي الدعم، مع متابعة نتائج التطوير في كل مرحلة وتفادي المشكلات المرتبطة بالتحول نحو زيادة الدعم النقدي.

 

عمرو يوسف: إنشاء لجنة سنوية لتحديد حجم الدعم في الموازنة محل دراسة

 

الدكتور عمرو يوسف
الدكتور عمرو يوسف

وقال الدكتور عمرو يوسف، خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، إن الدعم لن يلغى بشكل كامل كما يشاع، بل سيتم تحويله إلى دعم نقدي يمنح كمبلغ لكل مواطن، موضحًا أن هذا التغيير سيساهم في معالجة قضايا التهريب والمشكلات المتعلقة بالتموين، مثل بيع الخبز بأسعار مرتفعة من قبل أصحاب الأفران لمزارع الأسماك والمحلات وغيرها.

وتابع: “هذا النظام ليس جديدًا، حيث تم دراسته منذ عام 2005″، موضحًا أن التحول إلى الدعم النقدي خطوة إيجابية تخفف عن الدولة أعباء التهرب من المتابعة والرقابة، ولكن هذا الأمر يتطلب وجود سلاسل رقابية فعالة، إذ يجب فلترة المستحقين للدعم بشكل دقيق.

ويرى أن الدعم يجب أن يركز على السلع الأساسية والفئات الأكثر احتياجًا وأصحاب المعاشات، مشيرًا إلى أن هناك اقتراحًا قيد الدراسة بإنشاء لجنة سنوية لتحديد حجم الدعم في الموازنة، مشابهة للجنة تسعير الطاقة، بحيث يتم ربط الدعم بمعدل التضخم.

وأكد على أهمية هيكلة الدعم من خلال إنشاء منظومة رقابية لمتابعة الأسعار في السوق الحر، ووضع أسعار استرشادية داخل الأسواق وتعزيز الضبطية القضائية، والحفاظ على قوائم مستحقين حقيقية، فضلاً عن معالجة المشكلات الناتجة عن وجود زوجين منفصلين على بطاقة واحدة، وتحديد موقف الدعم للمرأة المعيلة.

 

محمد أنيس: ينبغي توسيع النطاق ليشمل الدعم الإنتاجي لتشجيع الفئات الأكثر احتياجًا

 

محمد انيس
محمد انيس

 

وقال الدكتور محمد أنيس، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن مخصصات الدعم تبلغ حوالي 636 مليار جنيه في موازنة 2024-2025، والتي تستمر حتى 30 يونيو 2025، ومن المحتمل أن تكون الأرقام أكبر من ذلك نظرًا للتضخم، لافتًا إلى أن هذا الأمر لا يتعارض مع توجه الدولة لتقليص الدعم، إذ أن الدولة تتجه لإبقاء الدعم للمستحقين.

وتساءل: “هل تصل مخصصات الدعم فعلاً إلى مستحقيها؟”، موضحًا أن جزءًا من هذا الدعم، مثل الدعم المخصص للإسكان الاجتماعي، والتأمين الصحي، وبرامج تكافل وكرامة، يصل مباشرة إلى مستحقيه، إلا أن هناك حوالي 290 مليار جنيه تتعلق بدعم المحروقات ودعم الخبز، لا تصل بشكل مناسب إلى المستحقين.

وأوضح أنه بناءً على هذا التحليل، يمكننا تطوير برامج الدعم ليتحول جزء من الدعم العيني إلى نقدي، حيث يُخصص 135 مليار جنيه كدعم نقدي يُودع على بطاقات الدعم.

وأشار إلى أنه لنجاح هذا التحول لابد أن يكون الدعم النقدي إلكترونيًا، ولا يمكن صرفه إلا عبر بطاقات معينة، لمنع استخدامه في أغراض أخرى، فضلاً عن إنفاق الدعم النقدي على سلع وخدمات أساسية، مثل المواد الغذائية، والخبز، وتذاكر النقل، والكهرباء، بالإضافة إلى ربط الدعم بالتضخم بحيث يتم زيادة قيمة الدعم النقدي سنويًا بما يتناسب مع التضخم، مثل زيادة الرواتب والمعاشات.

وأشار إلى أنه فيما يتعلق بدعم المحروقات، فلابد أن يتم التأكد من فعالية الدعم المخصص له، أما برامج مثل “تكافل وكرامة”، فهي بالفعل برامج دعم نقدي موجهة للأسر المستحقة، ويجب أن تتكامل هذه المساعدات لتكون جميعها على بطاقة واحدة.

وأوصى بالتوسع في نطاق الدعم ليشمل الدعم الإنتاجي بدلاً من الاستهلاكي، لتشجيع الفئات الأكثر احتياجًا على أن تكون منتجة، ويمكن أن يتم ذلك عبر جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، الذي يجب أن يقدم دراسات جدوى ومشاريع جاهزة للتنفيذ ، على حد تعبيره.

 

مجدي عبد الفتاح: النقدي سلاح ذو حدين وينبغي ربط زيادته بمعدلات التضخم

الدكتور مجدي عبدالفتاح خبير مصرفي
الدكتور مجدي عبدالفتاح خبير مصرفي

 

وأكد الدكتور مجدي عبد الفتاح، مدير قطاع الاستثمار ببنك الكويت الوطني سابقا، أن تحويل الدعم من عيني إلى نقدي سلاح ذو حدين، الأول وهو تقليل نسبة من عجز الموازنة العامة للدولة، وفى المقابل سوف يرفع معدلات التضخم بشكل كبير، ولكن غياب الرقابة وتحكم شريحة معنية فى السلع الأساسية جعل هناك تجارا للسلع، حيث يدفع المواطن البسيط فاتورة غياب الرقابة حيث أصبح يستنزف من قبل جميع الفئات، حيث يتم رفع أسعار السلع دون وجود رقابة.

وأضاف عبد الفتاح أنه قبل عملية التحويل لابد من وضع تصور عام بحيث لا يكون الدعم النقدى ثابتا وانما يتم ربطه بمعدلات التضخم، كما أنه لا يجب أن يكون معدل الزيادة في المبلغ ثابتة، فيجب تحديد نسبة زيادة مبالغ الدعم بناء على معدلات التضخم وأسعار السلع والقدرة الشرائية لكل مواطن، مع السيطرة على معدلات التضخم.

 

نوال عبد المنعم: تطبيق الدعم النقدي يحتاج دراسات وآليات جديدة للقضاء على سلبيات العيني

الدكتورة نوال عبد المنعم الخبيرة الاقتصادية،
الدكتورة نوال عبد المنعم الخبيرة الاقتصادية،

ومن جانبها، قالت الدكتورة نوال عبد المنعم الخبيرة الاقتصادية، إن الدعم النقدي مطبق فى العديد من دول العالم ولكن بعد دراسات، حيث يسهم هذا النوع من الدعم فى تقليل الهدر، وحتى ينجح الدعم النقدى فى القضاء على سلبيات الدعم العينى فلابد وأن يتم تطبيقه، طبقاً لآليات جديدة ودارسة الآثار المترتبة على الاقتصاد الكلي، حيث يعانى الوضع الحالي من معدلات تضخم تتزايد بشكل كبير.

وأضافت أن رفع الدعم يوفر تكلفة للحكومة مما يسهم في خفض عجز الموازنة العامة ولكن يسهم في زيادة العبء على المواطن، في ظل ارتفاع معدلات التضخم، حيث تستخدم الحكومة الدعم لخفض تكاليف المعيشة على المواطن البسيط.

وأضافت أنه عند صرف الدعم النقدي سوف تزيد معدلات السيولة النقدية مع المواطنين، مما يعد سياسة معاكسة لسياسة البنك المركزي المصري، الذى يقوم بسحب السيولة من خلال عطاءات السوق المفتوحة، من أجل وضع التضخم تحت السيطرة.

هذا وارتفعت مخصصات الدعم فى موازنة العام المالى الحالى 2024-2025 الى 369.775 مليار جنيه في حين بلغت 275.846 مليار جنيه فى العام المالى 2022-2023 بنمو 34% .

وزادت مخصصات دعم السلع التموينية لتسجل 134.150 مليار جنيه فى موازنة 2024-2025  مقارنة بـ 121.810 مليار فى العام المالى 2022-2023 بنمو 10%

وارتفعت مخصصات دعم المواد البترولية فى موازنة 2024-2025 ليسجل 154.499 مليار جنيه مقارنة بـ 125.631  مليار فى العام المالى 2022-2023 بنسبة نمو 22.9% .

كما صعدت مخصصات دعم الكهرباء لتسجل 2.500 مليار جنيه فى موازنة 2024-2025 مقارنة  بـ 2.081 مليار جنيه فى العام المالى 2022-2023 بنمو 20% .

وارتفع دعم المزارعين ليسجل 657 مليون جنيه فى موازنة 2024-2025  مقارنة بـ 300 مليون جنيه فى العام المالى 2022-2023  بنمو 119%  .

وكما صعدت مخصصات دعم  التأمين الصحى والأدوية لتسجل 8.338 مليار جنيه  جنيه فى موازنة 2024-2025  مقارنة بـ 1.872 مليار  جنيه فى العام المالى 2022-2023  بنمو 345% ، وذلك وفقا للبيان التحليلى للموازنة على موقع وزارة المالية

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار