جاءت عودة شركة النصر للسيارات إلى الإنتاج ليضفي حالة من التفاؤل والفرحة داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية على السواء، لما تتمتع به شركة النصر للسيارات من مكانة عريقة لدى المصريين، باعتبارها شركة إنتاج السيارات الأهم والأكبر في مصر، منذ نحو 60 عاما، بالإضافة إلى أن عودتها تمثل أملا في عودة الحياة إلى مزيد من المصانع التي توقفت خلال العقدين الماضيين.
وجاءت عودة شركة النصر للسيارات إلى العمل، كنتيجة لاهتمام الدولة بإعادة الحياة إلى القطاع الصناعي، وتوجهها لوضع خطط عملية وطموحة تعيد المصانع المتوقفة إلى الإنتاج مجددا.
شركة النصر للسيارات.. النشأة والتأسيس
أسست شركة النصر للسيارات عام 1960، بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، لتكون أول مصنع مصري وعربي لصناعة السيارات.
ويقع مقر الشركة في وادي حوف بحلوان، على مساحة 480 ألف متر مربع، جاء تأسيسها ضمن خطة الدولة لتعزيز الصناعات الوطنية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في مجال السيارات، والمركبات الثقيلة.
وعلى مدار العقود الأولى من عمرها تعاونت الشركة مع كبرى الشركات العالمية، مثل: فيات الإيطالية، وهو ما أثمر عن إنتاج سيارات شهيرة، ومنها: “نصر 128” و”شاهين”، إلى جانب الجرارات الزراعية والشاحنات، مما جعلها رمزا للجودة والتقدم الصناعي في المنطقة.
شركة النصر للسيارات.. الأزمات والإغلاق
ومع دخول عقد التسعينيات من القرن الماضي، واجهت الشركة أزمات كبيرة، أبرزها تراكم الديون، بالإضافة إلى عدم القدرة على مواكبة التطورات الصناعية العالمية، مما أدى إلى تراجع إنتاجها، وانهيار مكانتها في السوق.
وبحلول عام 2009، بلغت خسائر الشركة ملياري جنيه، مما أجبر الحكومة على اتخاذ قرار بتصفيتها، فتوقفت عن الإنتاج تماما، ولمدة 15 عاما.
شركة النصر للسيارات والعودة إلى الحياة
ومع توجه الحكومة إلى الاهتمام بالقطاع الصناعي، وإزالة جميع العقبات أمام المصانع المتوقفة، تم وضع خطط عملية من أجل بث الحياة في أوصال هذا القطاع الحيوي المهم، لتظهر باكورة النتائج في عودة شركة النصر للسيارات إلى العمل.
وفي إطار خطة مصر للتحول نحو الطاقة النظيفة، ودعم الصناعة المحلية، أعيد إحياء شركة النصر للسيارات، عبر دراسة جدوى شاملة في عام 2022، وتوقيع شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، مثل: “دونج فينج”، و”يوتنج”، حيث ركزت هذه الشراكات على تصنيع المركبات الكهربائية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة البيئية.
خطوة نحو المستقبل في نوفمبر 2024
وفي نوفمبر الجاري شهدت شركة النصر للسيارات العودة إلى الإنتاج، عبر تسليم 110 حافلات سياحية كهربائية إلى وزارة النقل، تم تصنيعها بالتعاون مع “يوتنج”، وهي حافلات صديقة للبيئة، بفضل محركاتها الكهربائية، التي تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.
كما تستعد الشركة لإطلاق سيارات ركوب كهربائية قريبا، لتوسيع قاعدة منتجاتها، وتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي، ما يجعلها منافسا قويا في سوق السيارات الكهربائية.
وتعمل شركة النصر للسيارات، على تطوير بنية تحتية للشحن الكهربائي، بالتوازي مع خططها الإنتاجية، مما يعزز من جاهزية السوق المصري للسيارات الكهربائية.
هذه الرؤية تؤكد التزام الشركة بدعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستدامة البيئية، واستعادة مكانتها كأيقونة صناعية في المنطقة، لتتحول شركة النصر من مجرد مصنع إلى رمز وطني للابتكار والتطوير، مما يعكس قدرتها على تجاوز الأزمات، واستثمار الفرص لتحقيق مستقبل مشرق.