أستاذ بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني: الشركات الكبرى تسعى للاستحواذ على جميع الحلقات
استشاري دواجن: ارتفاع سعر الكتكوت مع انخفاض سعر اللحم أدى لتدمير صغار المربين
اتحاد منتجي الدواجن: مبادرة التمويل 5% ليست في صالح المربي.. وتثبيت سعر اللحم أفضل
تتعرض صناعة الدواجن في مصر لعدة مشكلات تؤثر سلباً على المربين وسوق الدواجن بشكل عام، ومن أبرز هذه التحديات ارتفاع سعر الكتكوت، الذي وصل إلى 50 جنيهاً، مما يشكل عبئاً كبيراً على المربين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، هذا الارتفاع في الأسعار يزيد من تكاليف بدء الإنتاج، مما يثني العديد من المربين عن توسيع مشاريعهم أو حتى الاستمرار فيها.
وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج، إلا أن أسعار اللحم قد انخفضت بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى عدم تغطية هذه الأسعار لتكاليف الإنتاج، ويعاني المربون من خسائر كبيرة نتيجة الفجوة بين التكلفة وسعر البيع، مما يهدد استدامة مشاريعهم.
كما تتأثر صناعة الدواجن أيضاً بعوامل اقتصادية أخرى مثل: ارتفاع أسعار الأعلاف، وتكاليف الطاقة، فضلاً عن الأزمات الصحية مثل انتشار الأمراض بين الدواجن، كل هذه العوامل تجعل المربى في وضع صعب، حيث تتزايد التكاليف بينما تتناقص الإيرادات.
في هذا السياق قال الدكتور محمد عبد العظيم موسى، أستاذ تغذية الدواجن في معهد بحوث الإنتاج الحيواني، بمركز البحوث الزراعية، إن العشوائية في صناعة الدواجن أصبحت ظاهرة منذ عام 2006، عندما انتشرت إنفلونزا الطيور، وإعدام المزارع مما أدى إلى انهيار الصناعة، وانخفض الإنتاج بصورة كبيرة سواء إنتاج اللحم أو إنتاج البياض.
وأكد أن الصناعة بدأت في الانهيار بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير، حيث تلقت ضربة قاسية نتيجة تفشي وباء إنفلونزا الطيور، مما كان له آثار كارثية على حجم الاستثمار والإنتاج، واستمرت العشوائية حتى الآن حيث تحدد الأسعار اليومية من قبل مجموعة من السماسرة لا يفهمون قوانين السوق ولا العرض والطلب، مشيرًا إلى أن الدواجن تعتبر سلعة غير قابلة للتخزين، ويتم بيعها خلال يومين كحد أقصى، وإلا سيؤدي ذلك إلى نفوقها وحدوث مشاكل كثيرة بالمزرعة.
وأوضح أن متخذ القرار في الصناعة يفتقر إلى المعلومات حول وضع السوق واحتياجات العرض والطلب، لذا من الضروري وضع هامش ربح للمربي بدلاً من الاعتماد على السوق فقط، مضيفًا أن الشركات الكبرى للدواجن بدأت تشن حملة شرسة ضد المربين الصغار، لأنهم أصبحوا يساهمون بشكل كبير في الاقتصاد القومي، حيث تمثل إنتاجية الاقتصاد المنزلي والقطاع الريفي أكثر من 35%.
وأشار إلى أن الشركات الكبرى تسعى للاستحواذ على جميع حلقات صناعة الدواجن، حيث وصل سعر الكتكوت إلى 56 جنيها، بينما يبيع المربي اللحم بسعر يتراوح بين 66 و67 جنيها، وهناك مخطط لتدمير المربي الصغير، إذ أن سعر الكتكوت بات قريباً من سعر اللحم، ونتيجة لحملات المقاطعة للكتكوت، انخفض سعره إلى 30 جنيهًا، ومن المتوقع أن تكون القطعان قليلة في الفترة المقبلة.
وأوضح أنه خلال الاجتماع مع منتجي الدواجن وبيض المائدة والكتاكيت لمناقشة حالة السوق، وسبل تعويض العجز من خلال الاستيراد لتحقيق توازن في العرض والطلب، اعترضوا على فكرة الاستيراد، مؤكدين أنهم سيسعون لزيادة المعروض وضخ كميات كبيرة من الدواجن في الأسواق.
وأضاف أنه عندما بلغ سعر كرتونة البيض 200 جنيه للمستهلك، تم السماح باستيراد البيض التركي، حيث تم استيراد 30 مليون بيضة مائدة، ولذلك، اعترضت شركات إنتاج البيض على هذا القرار ومنعت دخول قطعان جديدة للحفاظ على ضعف المعروض، وهذا نتيجة غياب الدور الرقابي، مما يستدعي ضرورة وجود ضوابط تنظم عمل القائمين على صناعة الدواجن.
وشدد على أن القائمين على الصناعة والمسؤولين لا ينبغي أن تكون لديهم مصالح شخصية، قائلًا “نحن نعيش في عزبة، وصاحب الشركة هو المسؤول”، مما يستدعي إدارة الصناعة بناءً على البحث العلمي وليس على المصالح الشخصية، مؤكدًا على أهمية التركيز على القطاع الريفي والتربية المنزلية، ودعم الشباب الخريجين، مع منح المربي الصغير الأولوية.
وفيما يتعلق بتوقعاته للسوق في الفترة المقبلة، أكد أن أكثر من 80% من عنابر الدواجن في مصر تعمل بنظام مفتوح، بينما تعتمد الشركات الكبيرة على النظام المغلق الذي لا يتأثر بالعوامل الجوية بتكلفة أقل، وبالتالي، تظل هذه الشركات هي المتحكمة في السوق، مؤكدًا أن عند امتناعها عن إدخال قطعان جديدة بسبب الاستيراد قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، ولهذا، من الضروري تطبيق البحث العملي، وأن تكون مسؤولية إدارة الصناعة بعيدة عن أصحاب الشركات أو من له مشاريع خاصة.
وتابع: ومن المعوقات التي واجهت صناعة الدواجن في الآونة الأخيرة بعد انفلونزا الطيور الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تقلبات فى أسعار مستلزمات الإنتاج للأعلاف مثل الذرة الصفراء وكسب فول الصويا الأمر الذي جعل أسعار الأعلاف تتعدى 30 ألف جنيه مما كان له أكبر الأثر في تزايد اسعار الدواجن والبيض.
ارتفاع سعر الكتكوت مع انخفاض سعر اللحم
وأكد الدكتور محمد النشار، استشاري دواجن، أن ارتفاع سعر الكتكوت مع انخفاض سعر اللحم أدى إلى تدمير صغار المربين، لافتًا إلى أن السعر العادل للكتكوت في الوقت الحالي يجب ألا يتعدى 15 جنيهًا، محذرًا من أن الجهات المسؤولة عن تحديد أسعار الدواجن تسهم في تدمير الصناعة بزعم آليات العرض والطلب.
وأضاف أن سعر الكتكوت يشهد تذبذبًا بين الارتفاع والانخفاض دون أي مبررات واضحة، بينما يبقى سعر الأعلاف ثابتًا مع انخفاض سعر اللحم، مشيرًا إلى أن الدواجن هي السلعة الوحيدة التي تتحكم فيها مجموعة من خارج الصناعة، كما أكد على ضرورة تدخل الدولة لصالح المربي والمستهلك.
وأكد أنه يجب إيجاد حل لسعر الكتكوت قبل أن تُغلق المزارع، لأن المربي هو الحلقة الأضعف، فعندما ينخفض سعر اللحم إلى 66 جنيها مثلما هو الحال الآن، سيتسبب ذلك في خسائر كبيرة، وتزداد المخاطر مع دخول فصل الشتاء، حيث تنتشر الفيروسات وتحدث مشاكل صحية كبيرة، في حالة حدوث نافق بنسبة 3%، يمكن أن يكون هناك ربح، لكن إذا زادت نسبة النافق عن 15%، فسيؤدي ذلك إلى خسائر جسيمة.
وأكد أن الجهات المسؤولة عن تحديد الأسعار لا تعمل لصالح الصناعة، ولا تعتمد على مبدأ العرض والطلب، مضيفًا أن العرض الأن ضعيف، ومن المفترض أن ترتفع الأسعار في ظل تراجع الإنتاج، لكن الوضع الحالي يؤدي إلى تدمير الشركات والمربين الصغار.
قرار الفائدة ليس فى صالح المربى
وأفاد عبد العزيز إمام، مدير إدارة الأعلاف بوزارة الزراعة سابقًا، وعضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن قرار وزير الزراعة بتمويل مشروعات الثروة الداجنة من خلال البنك الزراعي بفائدة ميسرة متناقصة تبلغ 5% لا يُعتبر في صالح المربي الصغير في الوقت الحالي، خاصةً مع تراجع أسعار اللحم.
وأشار إلى أن المربي يواجه حالياً خسائر كبيرة نتيجة انخفاض الأسعار التي بلغت 68 جنيهاً، لذا كان من الضروري قبل اتخاذ هذا القرار تنفيذ مبادرة لتثبيت أسعار الدواجن عند 85 جنيهاً، كما تم سابقاً عندما ارتفع سعر الكيلو إلى 100 جنيه وتم تحديده على 85 جنيهاً، وإلا قد يضعه في مواقف قانونية.
وأكد أنه يجب أن يكون هناك إطار تسويقي فعال لتجنب تدهور المزارع ووقوع المربي في مشاكل قانونية، مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة ينبغي أن تدعم المربي وتبحث في أسباب ارتفاع سعر الكتكوت وإغلاق المزارع، لأن دور الوزارة هو تمكين المربي من تحقيق الأرباح بدلاً من الخسائر، مشيرًا إلى أن تحديد الأسعار هو من اختصاص وزارة التموين، وليس الزراعة.
وأضاف أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة في تكاليف الإنتاج بسبب دخول فصل الشتاء وانتشار الأمراض وارتفاع أسعار التدفئة، مؤكدًا أن تكلفة كيلو الدواجن تصل إلى 85 جنيهاً، في ظل ارتفاع تكاليف الغاز والأدوية والأمراض، بينما يتراوح سعر البيع بين 66 و70 جنيهاً، مما يعني أن المربي يخسر حوالي 20 جنيهاً في كل دجاجة.
وأضاف أن البنك لا يمكنه تحمل خسائر المربي، لذا من الضروري إطلاق مبادرة لتثبيت سعر اللحم عند 85 جنيهاً طوال فصل الشتاء، لتمكين المربي من سداد القرض، مؤكدًا أن وزارة الزراعة يجب أن تركز على دعم المربي الصغير من خلال تسهيل إجراءات التراخيص والتسجيلات وزيادة الإنتاج، قائلًا إن هدف القروض هو تعزيز الإنتاج وليس تدمير صغار المربين.
واختتم قائلاً إنه من الضروري الوقوف بجانب المربي، لأنه يسهم في زيادة الاستثمارات وتضخيم رأس المال، مؤكدًا أن حل مشكلات صناعة الدواجن يتطلب التركيز على الإنتاج، خصوصاً من خلال المشاريع الصغيرة وصغار المنتجين.