اتفقت توقعات المصرفيين والاقتصاديين على قيام البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض دون تغيير، وذلك للمرة السادسة على التوالي في اجتماعه الثامن والأخير خلال العام الجاري والمقرر له الخميس المقبل، مؤكدين أن الوقت غير ملائم للتخفيض هذا الاجتماع.
ومنذ بداية العام الجاري 2024 عقدت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي سبعة اجتماعات لتحديد مصير الفائدة، وتقرر في خمسة اجتماعات متتالية منها: الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض عند 27.25% و28.25% على الترتيب، بعد رفعها بنسبة 8%، بواقع 2% في أول اجتماع خلال فبراير الماضي، وارتفاع بنسبة 6% بشكل استثنائي مطلع مارس المنصرم.
توقعات المصرفيين والاقتصاديين تشير إلى أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي يعد مرتفعًا رغم انخفاضه خلال الشهرين الماضيين ومازال يحلق بعيدًا عن مستهدف البنك المركزي والبالغ 7% بزيادة أو نقصان 2% خلال الربع الرابع من العام الحالي، وتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار منذ بداية الشهر الجاري، يدفعان المركزي لتوخي الحذر والتمهل قبل خفض الفائدة في هذا الاجتماع، مرجحين أن يكون قرار التخفيض بنهاية الربع الأول من العام المقبل 2025.
ووفقًا لبيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي، تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي للشهر الرابع على التوالي مسجلًا 23.7% في نوفمبر 2024، مقارنة بـ 24.4% في أكتوبر، بعدما كان سجل 25% في سبتمبر مقابل 25.1% في أغسطس السابق عليه.
محمد عبد العال: التثبيت مناسب في الوقت الحالي لإعطاء فرصة لتوازن عرض وطلب النقد مع متطلبات النمو
وتعليقًا على ذلك، قال محمد عبد العال عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي والخبير المصرفي إنه رغم تراجع معدل التضخم الفترة الماضية وأصبحت الفائدة السائدة بالبنوك موجبة، أتوقع أن يقرر البنك المركزي الإبقاء على سعر الفائدة خلال الاجتماع المقبل.
وأضاف، أن معدل التضخم الحالي رغم تراجعه لكنه ما زال بعيدًا عن مستهدفات البنك المركزي والبالغة 7% (±2 نقطة مئوية)، وهو ما يرجح أن تبقي لجنة السياسة أسعار الفائدة للتأكد من أن التضخم أخذ مسار هبوطي مستدام.
ولفت إلى أن تثبيت سعر الفائدة فى الوقت الحالي أمر جيد لإعطاء فرصة لتوازن عرض وطلب النقد مع متطلبات النمو، كما أن معدل الكتلة النقدية ينمو بشكل متزايد الأمر الذي يدفع المركزي للتدخل خلال العملية الرئيسة الأسبوعية ويقوم بسحب السيولة من البنوك.
هاني حافظ: ارتفاع سعر الدولار يدفع المركزي إلى التريث في التخفيض
قال هاني حافظ الخبير المصرفي، إن ارتفاع سعر الدولار الذي يضغط على تكلفة الواردات، قد يدفع المركزي إلى التريث في اتخاذ قرار التخفيض لتجنب أي تأثير سلبي على استقرار الأسواق المالية، والتمهل لمتابعة تطورات التضخم وسوق الصرف قبل اتخاذ أي خطوات جذرية.
وأضاف حافظ، أنه على الرغم من استمرار معدلات التضخم في التراجع بشكل ملموس، فقد يتجه البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة لتجنب حدوث أي صدمات تضخمية محتملة في المستقبل، خاصة في ظل توقعات بتحسن طفيف في القوة الشرائية للمستهلكين.
ورجح حافظ أن يبدأ المركزي المصري في التفكير بخفض الفائدة بحلول النصف الأول من عام 2025 ، حال استمرار انخفاض التضخم لفترة طويلة، واستقرار سعر الصرف، و تراجع الضغوط الخارجية مثل: رفع الفائدة الأمريكية أو ارتفاع أسعار السلع العالمية، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، لتعزز استقرار الجنيه المصري.
محمود نجلة: التضخم ما زال مرتفعًا عن المستهدف والتخفيض بعد الربع الأول من 2025
وبدوره توقع محمود نجلة المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، تثبيت سعر الفائدة رغم تراجع معدل زيادة التضخم والذي يعد مرتفعًا بعيدًا عن مستهدفات البنك المركزي والذي يسعى حاليا أن يكون هناك سعر فائدة موجب في مصر.
وأضاف أن التوقعات تشير إلى انخفاض التضخم بشكل ملحوظ خلال فبراير المقبل، ولكن المركزي قد لا يتجه لبدء رحلة التخفيض، إلا إذا شهد معدل التضخم انخفاض ملموس ومستدام الأمر الذي يشير إلا أن أمر تخفيض الفائدة لن يحدث قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل.
سهر الدماطي: معدل التضخم يدفع المركزي للتريث والتمهل بتثبيت سعر الفائدة
وتوقعت معه سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر الأسبق، تثبيت سعر الفائدة، لحين انخفاض وتيرة معدل التضخم بشكل ملحوظ وهو لم يتحقق حتى الآن حيث لا زال يلحق بعيدًا عن مستهدفات البنك المركزي.
وأضافت، أن الفترة الماضية شهدت زيادات في الأسعار، فضلًا عن قرب اجتماع لجنة تسعير المحروقات والمتوقع لها رفع أسعار البنزين والسولار، بالإضافة إلى تحرك أسعار الصرف وارتفاع سعر الدولار الأمر الذي يؤثر على الأسعار أيضًا، إلى جانب التوترات الجيوسياسة التي تشهدها المنطقة والاقتصاد المصري ليس في معزلاً عنها.
وأكدت أن كل ما سبق ذكره، يدفع المركزي للتريث والتمهل بتثبيت سعر الفائدة حتى يحدث نوعًا من الاستقرار، مشيرة إلى أنها تستبعد أي تخفيض قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل 2025.
محمد عبد الحكيم: لا زلنا في حاجة لانخفاض أكثر بمعدلات التضخم
وقال محمد عبد الحكيم رئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن البنك المركزي سيقرر الإبقاء على سعر الفائدة الحالي، معللًا ذلك أنه لا زلنا في حاجة لانخفاض أكثر في معدلات التضخم المرتفعة نتيجة ارتفاع الأسعار.
وأضاف، أن الضغوط التضخمية الحالية تحد من قدرة المركزي علي خفض الفائدة، مؤكدًا أنه مع تأثير سنة الأساس فى الربع الأول من 2025 نتوقع البدء في التيسير النقدي.
أحمد شوقي: معدلات التضخم لا زالت بعيدة عن مستهدفات البنك المركزي
وقال الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، إن السيناريو الأقرب فى ظل ارتفاع معدلات التضخم والتي لا زالت بعيدة عن مستهدفات البنك المركزي وتراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، أن يتجه صانع القرار للإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير.
وأضاف، أن معدل العائد على الأوعية الادخارية بالقطاع المصرفي بالجنيه المصري يحقق معدل عائد حقيقي بعد خصم معدلات التضخم الحالية والتي بدورها تساهم في الحفاظ على ودائع القطاع المصرفي المصري.
أحمد مجدي منصور: قد نشهد تخفيضًا حال اتخذت مؤشرات الاقتصاد اتجاهًا إيجابيًا
توقع الدكتور أحمد مجدي منصور الخبير المصرفي، أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي لتثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض.
وأرجع توقعه إلى بقاء معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة وبعيدة عن مستهدفات البنك المركزي، فضلا عن تراجع سعر الصرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الماضية.
أفاد بأنه يرى ضرورة تثبيت سعر الفائدة في الوقت الراهن مع مراقبة مؤشرات الاقتصاد الكلي التي إذا اتخذت اتجاهًا إيجابيًا يمكن مراجعة السياسات النقدية وحينها قد نشهد تخفيضًا لأسعار الفائدة.
وتواصل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي المناسبة، وذلك بناء على تقديرها لتوقعات التضخم وتطور معدلات التضخم الشهرية وفعالية آلية انتقال السياسة النقدية، كما ستواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها على التوقعات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لديها لكبح جماح التضخم.
ويتوقع بنك “جولدمان ساكس”، أن يرتفع الجنيه المصري في أوائل 2025 مع انحسار سلسلة من تدفقات المحافظ الموسمية، بعدما تخطى حاجز 50 جنيهاً أمام الدولار ليصل إلى مستوى قياسي منخفض الأسبوع الحالي.