شدد كلاوس شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس“، على أهمية التعاون بين الدول لمواجهة التغيرات السريعة الناتجة عن الانتقال من العصر الصناعي إلى عصر الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن هذا التحول يوفر فرصًا هائلة للتغلب على التحديات الحالية، ما يمهد الطريق لحقبة جديدة من التقدم في مجالات المعرفة والصحة والثقافة والرفاهية الاجتماعية.
جاء ذلك في كلمته خلال فعاليات الدورة الـ55 من منتدى دافوس 2025، حيث دعا شواب المجتمع الدولي إلى التحلي بـ “التفاؤل البناء”، وحث الحكومات، والشركات، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية على التعاون لصياغة حلول للتحديات المشتركة.
وأكد أن تبني هذا التفاؤل والإيمان بالقدرة الجماعية على تحسين أوضاع العالم يمكن أن يحول عصر الذكاء الاصطناعي إلى عصر يتمكن فيه كل إنسان من تحقيق كامل إمكانياته.
من جانبه، أشار بورغ بريندي، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن العالم يقف عند نقطة تحول هامة، مؤكداً أن عام 2025 سيكون مليئاً بالنتائج الحاسمة.
وأضاف أن النظام الدولي الذي ساد في العقود الثلاثة الماضية قد بدأ في التراجع، ويجب إيجاد أساليب أكثر فاعلية للتعاون، حيث إن التعاون هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.
في الجلسات الحوارية للمنتدى، استعرضت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، خطة أوروبا للتكيف مع التحديات الجيوستراتيجية، مشددة على ضرورة تعزيز التنافسية وبناء شراكات عالمية والالتزام بالتنمية المستدامة. وأكدت أن أوروبا بحاجة إلى تغيير وتيرة عملها لضمان نموها في العقود المقبلة، داعية إلى البحث عن الفرص في جميع المجالات والانتقال إلى مرحلة من الانفتاح.
من جهته، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز على أهمية تجديد الالتزام بالأمن والازدهار لمواجهة التحديات العالمية، مشيراً إلى أن الشراكات هي المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية الناجحة.
وحذر دينغ شيوشيانغ، نائب رئيس الوزراء الصيني، من الانقسام في النظام الاقتصادي العالمي، داعياً إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي لضمان تقدم عادل للجميع.
فيما أشار فام مينه تشينه، رئيس وزراء فيتنام، إلى التزام بلاده بتطوير مراكز البحث والتطوير في قطاع التكنولوجيا العالية، ما يعزز مكانة فيتنام كمركز إقليمي للتصنيع والتطوير التكنولوجي.
كما استعرض سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، أهداف رئاسة بلاده لمجموعة العشرين لعام 2025، والتي تركز على التضامن والمساواة والتنمية المستدامة.
هذا وينعقد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا العام في وقت يشهد تحولات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط. ويعبر ميريك دوسيك، المدير العام للمنتدى، عن تفاؤل حذر بمستقبل المنطقة، مشيراً إلى بعض المؤشرات الإيجابية مثل وقف إطلاق النار في غزة، وانتخاب رئيس جديد في لبنان، وإغلاق صفحة نظام بشار الأسد في سوريا. ويعزو تفاؤله بشكل رئيسي إلى النمو المتزايد في بعض اقتصادات المنطقة، خصوصاً اقتصادات الخليج، التي تلعب دوراً مهماً في دعم نمو الاقتصاد العالمي.
و أكد أحمد كجوك، وزير المالية، أن الوفد المصري في المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس 2025” يركز على تقديم الرؤية المصرية للتعامل مع الأزمات العالمية، مع تسليط الضوء على خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تهدف إلى تعزيز التنافسية وزيادة الصادرات والنهوض بالصناعات الإنتاجية.
كما أشار إلى أن الاستراتيجية المصرية تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار والابتكار، وضمان استدامة الطاقة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مع اعتماد مسارات محفزة ومتوازنة لبناء ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد المصري على النمو.
جاء ذلك في إطار مشاركة كجوك في فعاليات المنتدى الذي يُعقد تحت شعار “التعاون من أجل العصر الذكي”، حيث اعتبر المنتدى منصة دولية مهمة للتعاون في مجالات الاستثمار والتنمية، والعمل على بناء اقتصادات أكثر مرونة وقوة. وأوضح الوزير أن الاستفادة من الثورة التكنولوجية ضرورية لإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية، وتحقيق تحسين في الإنتاجية ومستوى المعيشة.
وأشار كجوك إلى أهمية بناء أنظمة مالية قوية في الدول النامية والناشئة، تقوم على تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية، مما يسهم في دعم التحول العادل والشامل في قطاع الطاقة، ويعزز القدرة على مواجهة قضايا المناخ من خلال حلول مبتكرة.
يولي المنتدى اهتماماً خاصاً للمنطقة في دورته الـ55، حيث تشارك وفود عربية في جلسات تتناول قضايا جيوسياسية واقتصادية، بالإضافة إلى الانتقال إلى “العصر الذكي”.
ويُعزى هذا الاهتمام إلى العلاقة الطويلة بين المنتدى ومنطقة الشرق الأوسط، التي تمتد لعقود من الزمان. يوضح دوسيك أن القادة العرب كانوا من الأوائل في المشاركة في المنتدى منذ السبعينات والثمانينات، ويؤكد على التعاون المستمر مع مختلف الجهات في المنطقة، بما في ذلك الشركات التي أصبحت شريكة للمنتدى.
وعلى الصعيد السياسي، يرحب دوسيك بوقف إطلاق النار في غزة ويعتبره تطوراً مهماً بعد أشهر من المعاناة، مشيراً إلى أن المنتدى سيناقش الوضع الإنساني في غزة في جلسة مخصصة لذلك، حيث سيتم دعوة المسؤولين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما أكد المنتدى دعوته للقيادة السورية الجديدة للمشاركة في الحوار حول مستقبل سوريا ودورها في محيطها العربي.
وأشار دوسيك إلى أن سوريا تمر بفترة انتقالية ويتعين فهم خططها الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل.
فيما يتعلق بالاقتصاد، شدد دوسيك على حيوية بعض اقتصادات الشرق الأوسط، خاصة في الخليج، وأكد أن هذه الاقتصادات تلعب دوراً مهماً في تحفيز النمو العالمي. وأشار إلى أن خطط السعودية والإمارات وقطر تلقي الضوء على دورها البارز في التجارة والتنمية العالمية، مؤكداً أن المنطقة أصبحت محور اهتمام دولي كبير.
أما بالنسبة للعلاقة بين المنتدى والسعودية، فقد لفت دوسيك إلى أن المملكة هي الدولة الوحيدة من المنطقة التي تنتمي إلى مجموعة العشرين، مما يجعلها لاعباً اقتصادياً مهماً على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وأشاد بالاجتماع الخاص الذي نظمه المنتدى في الرياض العام الماضي، والذي ناقش سبل تطوير الطاقة والتعاون الدولي، وأعرب عن تطلعه للعودة إلى السعودية في المستقبل.