قراءة فى التاريخ والوعى :
مصر موقفها ثابت قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين وأمريكا قادت 33 دولة بنشأتها وتقسيم فلسطين (17% من العالم والباقى تحت الاستعمار)
دعوة الرئيس الأمريكى للتهجير القسري للفلسطينيين لسيناء تحت ستار الإعمار جريمة ضد الإنسانية وأسوأ أنواع التطهير العرقي وتمحو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ وتعيد ذكرى نكبة 1948
يثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لمصر – وهو موقف تاريخي – عن رفض الدعوة الأمريكية التى أطلقها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى مصر والأردن لتنفيذ مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء بحجة إعادة الإعمار ، بعد أن فشلت إسرائيل تخويف الشعب الفلسطينى بتنفيذ استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع الذى ثبت فوق أرضه , وما ترفضه مصر للتهجير بثبات حفاظاً على وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية وحفظاً للأمن القومى المصرى , وفى سبيل معركة الوعى القومى العربى والمصرى أجرى المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة دراسة مهمة بعنوان ( لماذا ترفض مصر التهجير القسرى للفلسطينيين؟ والحل الأمثل لإنهاء الصراع نظرات فى التاريخ والوعى )
ونعرض للجزء الأول من دراسة الفقيه المصرى فى نقطتين الأولى أن مصر موقفها ثابت قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين وأمريكا قادت 33 دولة بنشأتها وتقسيم فلسطين (17% من العالم والباقى تحت الاستعمار) والثانية أن دعوة الرئيس الأمريكى ترامب للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء تخالف الشرعية الدولية وتمحو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ وتعيد ذكرى نكبة 1948
مصر موقفها ثابت قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين حفظاً لأرض فلسطين وحرصاً لأراضى الأمة العربية مستقبلاً
يقول الدكتور محمد خفاجى ” أن مصر موقفها ثابت منذ البداية لم يتغير تجاه الشعب الفلسطينى فقد قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين وقادتهم للانسحاب , وأما الدول ال 13 التى رفضت نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين على قمتها : مصر واليمن والعراق ولبنان وسوريا والسعودية وإيران وباكستان وأفغانستان وكوبا وتركيا والهند واليونان ”
ويشير ” عند إعلان نتيجة التصويت قادت مصر الانسحاب من الاجتماع وتبعها المندوبون العرب وأعلنوا كافة في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها. الأمر الذى دعا جيمس فورستال وزير الدفاع الأمريكي حينذاك إلى تسجيل القول في مذكراته ” بأن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة”
ويؤكد ” أن رؤية مصر عام 1948 أن نشأة إسرائيل بتقسيم فلسطين منح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني وحرصا على أراضى الأمة العربية مستقبلاً , لذا قادت 13 دولة لرفض قرار تقسيم فلسطين وكان ذلك لسببين : الأول أنه أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني. والسبب الثاني لرفض مصر والدول الأخرى هو التخوف من المستقبل على أراضى الأمة العربية ، خشية أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية وهو ما أثبت التاريخ صدق رؤية مصر .”
أمريكا قادت 33 دولة لنشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين (17% من العالم فقط والباقى تحت الاستعمار)
يقول الدكتور محمد خفاجى ” أن أمريكا قادت 33 دولة لنشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين (17% من العالم فقط والباقى تحت الاستعمار) , ذلك أن إسرائيل نشأت بالغش بموافقة 17% بموافقة 33 دولة فقط من أصل 57 دولة هم العدد الكلى وقتذاك فى منظمة الأمم المتحدة بمؤامرة بريطانية على فلسطين ! بينما عدد العالم الحالى 193 دولة , وكانت سائر دول العالم تحت نير الاستعمار, حيث قامت بريطانيا في أوائل 1947 بالتواطؤ مع منظمة الأمم المتحدة الوليدة حينذاك بعد عصبة الأمم والمكونة من 57 دولة فقط ! أى مكونة بنسبة 29% من دول العالم الاَن البالغ عددها 193 دولة , ومن ثم فإن نسبة 71 % دول من شعوب العالم كانت مُستعمرة تحت نير الاستعمار وقت نشأة إسرائيل على أرض فلسطين العربية , وبلغ عدد الموافقين على قرار تقسيم فلسطين 33 دولة ورفضت 13 دولة وامتنع 10 دول عن التصويت , وغابت دولة وحيدة , بمعنى أن عدد الدول الموافقة على نشأة إسرائيل بتقسيم فلسطين حينذاك بلغ 17% فقط من عدد دول العالم الحالى فى هذا الكون. ”
ويضيف ” أن أمريكا قادت الدول ال 33 التى وافقت على نشأة إسرائيل بتقسيم أرض فلسطين العربية هى : على القمة منها أمريكا وفرنسا والاتحاد السوفيتى وجنوب أفريقيا وليبريا وأستراليا والنرويج وأيسلندا وفنلندا وكندا والجمهورية الأوكرانية السوفيتية الاشتراكية وجمهورية بيلاروس السوفيتية الاشتراكية والدانمارك والسويد ونيوزيلندا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا والفلبين وبارغواى وفنزويلا وأوروغواى وبيرو وبنما وكوستاريكا والبرازيل وجمهورية الدومينيكان والإكوادور وبيرو وهولندا ولوكسمبورج وغواتيمالا وهايتى ونيكاراغوا , أما الدول ال 10 التي امتنعت عن التصويت فهى : على قمتها إثيوبيا والمملكة المتحدة – صاحبة القرار – وجمهورية الصين ويوغوسلافيا والأرجنتين وتشيلى وكولومبيا والسلفادور وهندوراس والمكسيك . أما عن الدولة الوحيدة الغائبة فهى تايلاند ”
دعوة الرئيس الأمريكى ترامب للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء تخالف الشرعية الدولية وتمحو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ وتعيد ذكرى نكبة 1948
يقول القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن دعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى مصر فى سيناء تمثل عدواناً على السيادة المصرية ومخالفاً للشرعية الدولية وسيؤدى إلى محو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ , وهو ما يتنبه إليه الفلسطينيون أنفسهم بالذكريات النكباء التي حلت بهم في عام 1948 حينما أجبر الآلاف منهم على ترك منازلهم دون أن يتمكنوا من العودة لخدمة قضيتهم مرة أخرى فمصر تدرك إنه إذا اُجبر الفلسطينيون على التهجير القسرى فلن تسمح لهم إسرائيل أبداً بالعودة إلى غزة , فالتاريخ يقول أن 70% من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون نزحوا قسراً من إسرائيل الحالية خلال نكبة عام 1948 ولم تسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى ديارهم حتى الاَن بل تسعى إلى طردهم من سائر الأراضى الفلسطينية خاصة قطاع غزة .
ويضيف الدكتور محمد خفاجى إن أي نقل قسري لبعض أو كل الفلسطينيين من غزة خارج ديارهم سيشكل فى حقيقته وجوهره انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولى , إذ تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة النقل القسري الفردي أو الجماعي أو ترحيل الأشخاص المحميين إلى أي دولة أخرى، بغض النظر عن الدافع إليه , كما أنه سيشكل انتهاكًا خطيرًا للمادة (2) من البروتوكول الإضافى الثانى لاتفاقيات جنيف، الذي يحظر الأمر بتهجير السكان المدنيين أو إجبارهم على النزوح , وتجدر الإشارة إلى أن الترحيل والنقل القسري للسكان يعتبر جرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي يجب أن تجري تحقيقًا نشطًا في الوضع في غزة وما يجرى فيها .
ويضيف الدكتور محمد خفاجى هذه لحظات فارقة للإنسانية في جميع أنحاء العالم وعلى الدول الكبرى أن تفيق وتتحد للحفاظ على الحقوق العالمية للبشرية , فليس من مصلحة السلام العالمى أن يكون فكر بعض القادة السياسيين فى الغرب الداعمين للكيان المحتل ينطوى على تقويض لأحكام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية التي تقوم عليها سياسة السلام والتنمية المستدامة لشعوب الكرة الأرضية .
ويختتم على الإدارة الأمريكية الحالية ألا يغرنها بالله الغرور بتدعيمها للرغبة الإسرائيلية بمحاولة نقل الفلسطينيين قسراً, إلى مصر, لأن مثل هذا التفكير الشيطانى من شأنه أن يجعل القادة الأمريكيين مسئولين عن التواطؤ في جرائم الحرب بصفة مباشرة , ويجب على غطرسة القوة ألا تنسيهم ما تدرجه المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من أن “ترحيل السكان أو النقل القسري للسكان” باعتباره جريمة حرب, وما تحدده المادة 25 من نفس النظام المسئولية الجنائية الفردية والتى تنص على أن ” الشخص يكون مسئولاً جنائياً ويعاقب بالعقوبة على جريمة تدخل في اختصاص المحكمة إذا “ساعد أو حرض أو ساعد بطريقة أخرى في ارتكابها أو محاولة ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها”.
دعوة الرئيس الأمريكى للتهجير القسري للفلسطينيين تحت ستار إعادة الإعمار جريمة ضد الإنسانية وأسوأ أنواع التطهير العرقي
ويشير الدكتور محمد خفاجى إن الدعوة التى تبناها الرئيس الأمريكى ترامب مع بداية ولايته الثانية لقيادة أمريكا بشأن التهجير القسري للفلسطينيين فى مصر والأردن تحت ستار إعادة الإعمار تشكل جريمة ضد الإنسانية لأنها تمثل نزوحاً قسرياً كجزء من “هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين”، وهو الأمر المجرم بموجب نظام روما قوامه الترحيل أو النقل القسري، أي النزوح القسري للأشخاص المعنيين بالطرد أو غير ذلك من الأفعال القسرية من المنطقة التي يتواجدون فيها بشكل قانوني، دون أسباب مسموح بها بموجب القانون الدولي.
كما تعد دعوته للتهجير القسري للفلسطينيين أسوأ أنواع التطهير العرقي , ذلك أن “التطهير العرقي” – وفقاً للتقرير النهائي للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بشأن يوغوسلافيا السابقة – هو سياسة مقصودة من جانب جماعة عرقية أو دينية لإزالة السكان المدنيين من جماعة عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية معينة، باستخدام وسائل عنيفة ومثيرة للرعب. ومن ثم فإن الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين في غزة ولو تحت ستار إعادة الإعمار تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
من لا يملك منح السيادة لمن لا يستحق والسيادة لأصحاب الأرض فلسطين
ويقول الدكتور محمد خفاجى ” فلسطين دولة عربية كانت تحت الانتداب البريطاني منذ سنة 1923 حتى سنة 1948 وبعد انتهاء الانتداب البريطاني قررت سلطة الانتداب تسليم فلسطين للصهاينة , عن طريق قرار تقسيم دولة فلسطين الذى وافقت عليه منظمة الأمم المتحدة فى بداية عهدها بالمخالفة الجسيمة للقوانين الدولية للاحتلال أهمها اتفاقيات جنيف التى تقضى المادة (8) من الاتفاقية الرابعة منها بأنه لا يجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم , وبالمخالفة للمبادئ التى استقرت عليها القوانين المتعارف عليها دوليا من أنه بعد انتهاء الانتداب يجب إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقيين لا لغيرهم ”
ويضيف ” قد قررت بريطانيا – أوائل عام 1947- أنها غير قادرة على الحفاظ على الانتداب على فلسطين, وكان من الطبيعى حينما أنهت إنتدابها البريطانى أن تمنح السيادة لأصحاب الأرض وهم الفلسطينيين , إلا أنها بدلاً من تنازلها عن السيادة للشعب الفلسطينى أهدت ما لا تملك لمن لا تستحق لإسرائيل ” .
ويختتم ” ثم أن منظمة الأمم المتحدة المشكلة حديثاً فى ذلك الوقت من 57 دولة فقط , لا يكتسبها هذا العدد الضئيل وصف المنظمة العالمية حيث كانت شعوب العالم تحت السيطرة الاستعمارية , وبالتالي كانت غير ممثلة فى تلك المنظمة , إلا أنها قامت بالدعوة إلى تحديد الوضع السياسي لفلسطين , وأنشأت في 15 مايو 1947 لجنة خاصة بشأن فلسطين (UNSCOP)، تتألف من ممثلين عن إحدى عشرة دولة عضو من بينها أربع من أوروبا , وأستراليا وكندا , وثلاثة من أمريكا اللاتينية واثنان فقط من آسيا، ولا أحد من أفريقيا. وذلك لدراسة الأمر , ومن ثم لم تكن المنظمة عالمية فى ذلك الحين إذ شُكلت من 57 دولة فقط ! ومن ثم لم يكن قرارها معبراً عن إرادة دولية حقيقية لشعوب العالم أجمع ثم عينت UNSCOP لجنة فرعية لدراسة القضايا المتعلقة بالقدس والأماكن المقدسة في فلسطين.