
مصر تتفاوض على تمويلات بـ 4 مليارات يورو.. هل تسد عجز الموازنة؟
كتبت – أسماء عبد الباري
هشام إبراهيم: الاقتراض الخارجي يثبت قوة الاقتصاد والتصنيف الائتماني المرتفع
طارق حلمي: الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية يسهم في تنمية الموارد المالية للدولة
تسعى الحكومة إلى تعزيز مواردها المالية من النقد الأجنبي، وذلك من خلال الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية والحصول على حزم من التمويلات التي تدعم خطط الإصلاح الهيكلي للدولة خلال الفترة الراهنة.
ومن المقرر أن تبدأ وزارة التعاون الدولي مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للحصول على حزمة من التمويلات بقيمة تقدر بنحو 4 مليارات يورو، وذلك بهدف دعم الموازنة العامة للدولة ضمن برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، في إطار حزمة من التمويلات من الاتحاد الأوروبي تُقدر بـ 5 مليارات يورو، منها مليار يورو حصلت عليه الحكومة بالفعل في نهاية ديسمبر الماضي.
وتبدأ الحكومة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي في أبريل المقبل للحصول على تمويلات تصل قيمتها إلى 4 مليارات يورو من أجل دعم الموازنة.
بداية، يؤكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن توسع الحكومة المصرية في الاقتراض الخارجي يهدف إلى تمويل عجز الموازنة وسداد بعض الالتزامات المالية الخارجية.
وأشار إبراهيم إلى أن الاقتراض الخارجي ليس أمراً سلبياً، بل على العكس تماماً، فهو يثبت قوة الاقتصاد المصري والملاءة المالية والتصنيف الائتماني المرتفع الذي تتمتع به، مما يؤهلها للحصول على ما تحتاجه من تمويلات، بما يجعلها قادرة على توفير تمويلات من مؤسسات التمويل الخارجية، وعدم قصر الاقتراض على جهة معينة.
وأضاف أن وزارة المالية تعمل على وضع حد أقصى للاقتراض الخارجي بحيث لا يتم الاقتراض إلا في ضوء معايير الاستدامة المالية، والبحث عن بدائل لسد الفجوة التمويلية بالعملات الأجنبية من الجهات الخارجية، لذا يتم اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن الفترة الراهنة تشهد توقيع العديد من القروض التنموية التي تدعم السيولة وتقلل من الفجوة الدولارية بشروط ميسرة وبفترات سداد طويلة الأجل.
ومن جانبه، قال طارق حلمي، الخبير المصرفي، إن الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية، ومنها الاتحاد الأوروبي، يسهم في تنمية الموارد المالية للدولة، إلا أن هناك العديد من السيناريوهات التي تسهم في تنمية الموارد الدولارية للدولة دون الاقتراض الخارجي، الذي يسهم في رفع سقف الدين الخارجي ويزيد من أعباء الموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن مصادر النقد الأجنبي في مصر تأتي من المصادر التالية: الصادرات، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والسياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وإيرادات قناة السويس، ثم الاقتراض الخارجي. لذا يجب العمل على تنمية الموارد الدولارية من تلك المصادر من خلال البحث عن آليات تسهم في نمو تلك المواد المالية.
وأضاف طارق حلمي أنه يمكن تنمية الموارد الدولارية خلال المرحلة المقبلة خلال جذب المزيد من أموال المصريين في الخارج عن طريق منح مزيد من الحوافز لهم، أسوةً بقرار السماح لهم باستيراد السيارات مقابل دفع الجمارك وديعة بالدولار، وقيام الجهاز المصرفي بطرح أوعية إدخارية بالعملات الأجنبية.
وأشار إلى أنه يمكن تنشيط السياحة بعمل حملات ترويجية مكثفة في الخارج للترويج للمزارات السياحية في مصر، وكذلك منح المزيد من الحوافز للمصدرين وللاستثمار الأجنبي المباشر، هذا على المدى القصير.
وأشار طارق حلمي إلى أن دخول هذه الحزمة من النقد الأجنبي يسهم في تعزيز الحصيلة من العملة الصعبة، والتي تمكن الحكومة من القضاء على السوق السوداء بشكل نهائي، وسد الفجوة التمويلية الموجودة، ما يسهم في خفض معدلات التضخم، وذلك بتوفير العملة الصعبة للمستوردين لاستيراد السلع الضرورية ومستلزمات الإنتاج، والإفراج عن البضائع في الموانئ، والتي تسهم في زيادة التصنيع والإنتاج ودوران عجلة الإنتاج وتوافر السلع بالسوق المحلي، ما ينعكس على خفض الأسعار، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات.
واستطرد طارق حلمي إلى أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ليس مرهوناً بالقروض والمنح والودائع التي تحصل عليها الدولة، ولكن بمعدل الإنتاج الذي لابد أن يكون محل التركيز الأول لدى الدولة والمستثمرين لدعم الصناعة، بهدف زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على السلع المستوردة، مما يقلل الطلب على العملة الأجنبية، وبالتالي سينخفض الدولار.
وأشار طارق حلمي إلى أن القروض بالتأكيد ستساعد الاقتصاد المصري في تحقيق أهدافه، سواء كانت خاصة بالإصلاحات الهيكلية للاقتصاد أو بتمويل المشروعات التنموية الكبرى، التي سيكون لها مردود إيجابي على قيمة العملة المحلية، ولكن على المدى الطويل.