ثمن عدد من الصناع بقطاع السيارات توجه الدولة للسعي لتوطين صناعة السيارات في مصر خلال الفترة المقبلة، وظهر ذلك من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات في مصر في 14 يونيو 2022، على خلفية التعاون المشترك بين جميع الأطراف التي تمثل هذه الصناعة وكذا كل الشركاء الأجانب واتحاد الصناعات، وتتمثل أهمية الاستراتيجية في تلبية الطلب المصري المتزايد على السيارات وخفض الضغط على موارد الدولة من العملات الأجنبية، وفقًا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء.
وفي 29 ديسمبر الماضي، شهد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، توقيع اتفاقيتين بين مجموعة المنصور للسيارات وشركة سايك موتور الصينية لتصنيع سيارات علامة إم جي محليًا في مدينة أكتوبر الجديدة باستثمارات 135 مليون دولار.
وأطلقت مصر برنامجًا لتوطين الصناعة، وقد تم في إطار هذا البرنامج توقيع 7 اتفاقيات إطارية ملزمة للإنتاج حتى الآن، مع استهداف إنتاج 250 ألف سيارة سنويًا على الأقل، وفقًا لبيانات حكومية. في حين أن الحكومة تتطلع إلى زيادة هذا الرقم ليصل إلى 500 ألف سيارة سنويًا، كما صرح رئيس الوزراء.
وتهدف هذه الاتفاقيات التي شهدتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية إلى تعزيز البنية التحتية لصناعة السيارات، وتلبية الطلب المتزايد عليها، مما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر لتوطينها وجعلها مركزًا إقليميًا لهذه الصناعة في المنطقة.
سجلت مبيعات سيارات الركوب الخاصة في مصر ارتفاعًا بنسبة 17% خلال أول 11 شهرًا من عام 2024 لتبلغ 70,856 سيارة في مقابل 60,803 سيارة خلال الأشهر نفسها من 2023، وفق تقرير مجلس معلومات سوق السيارات أميك.
بدوره، أشاد سمير علام، عضو مجلس إدارة شعبة وسائل النقل والسيارات باتحاد الصناعات المصرية، وخبير التصنيع المحلي لصناعة السيارات، باتجاه الدولة لتوطين الصناعة المحلية وصناعة السيارات بشكل خاص، مشيرًا إلى أنها خطوة جيدة وتهدف إلى تخفيض الفاتورة الاستيرادية للسيارات التي كانت تكلف الدولة سنويًا مليارات الدولارات.
شعبة النقل: المركبات المُصنعة محليًا جدواها أفضل من “المستوردة”
وقال “علام” إنه خلال الفترة الحالية هناك صعوبة لكافة وكلاء السيارات في استيراد السيارات نتيجة للأحداث والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد المصنعة للسيارات خارجيًا، وأن البديل الأفضل الآن هو التصنيع المحلي، حيث بدأ الكثير من هؤلاء الوكلاء بالفعل في التصنيع المحلي، وذلك يتماشى مع اتجاه الدولة، متابعًا أن التصنيع المحلي يشمل تصنيع “الصناعات المغذية”، وهي صناعة هامة جدًا للتصنيع وتوطين السيارات محليًا.
وأشار “علام” إلى أن تعميق الصناعة المحلية والاتجاه إلى الإنتاج والتصنيع المحلي يؤدي إلى تقليل الفاتورة الاستيرادية بالإضافة إلى استقرار أسعار السيارات في السوق المحلية، لافتًا إلى أن السيارات المصنعة محليًا جدواها أفضل من السيارات المستوردة، خاصة أنه تقريبًا يتم تصنيع “نصف” السيارة محليًا، وبالتالي سيقلل من تكلفة الدولار، وسينعكس ذلك على الصناعات المغذية (عمالة، ضرائب، عوائد للدولة)، ونحتاج إلى زيادة في موضوع الصناعات المغذية، منوهًا إلى أن تصنيع السيارات بالسوق المحلية ينعكس على تكلفة التصنيع، فكلما زاد عدد السيارات المصنعة، انخفضت التكلفة مما يؤثر أيضًا على القوة الشرائية في السوق المحلي.
![سمير علام](https://alamalmal.net/naqevec/2025/02/سمير-علام-1.jpg)
وأوضح عضو مجلس إدارة شعبة النقل والسيارات أن مصر لديها إمكانيات كبيرة لتصنيع وإنتاج السيارات وخاصة “الصناعات المغذية”، ويوجد ما لا يقل عن 30-40 شركة للصناعات المغذية تقوم هذه الشركات بالتوريد لشركات وماركات عالمية في الخارج، وهذا يؤكد أننا نستطيع إنتاج وتصنيع السيارات، وهذه الشركات لديها القدرة من ناحية الجودة والنظام والإدارة، ولديها الإمكانيات لتقوم بالتوريد لأي مصنع أو شركة عالميًا، مشيرًا إلى أن المشكلة في هذا الأمر أنه خلال الفترة الماضية كانت هناك صعوبة في الاستيراد ومشكلة الدولار وأزمة الجمارك والموانئ.
وأردف أن اتجاه الوكلاء للتصنيع المحلي سيسهم في زيادة وإنعاش الصناعات المغذية، وهذا هو المطلوب لزيادة التصنيع المحلي وتعميق الصناعة المصرية، والذي تحدث عنه رئيس مجلس الوزراء من خلال لقاء موسع مع الصناع ووكلاء لماركات محلية وعالمية للسيارات، والذي يهدف في النهاية إلى التصنيع المحلي، موضحًا أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا بتعميق المنتج المحلي من خلال استراتيجية الدولة لعام 2030، والتي تعتمد اعتمادًا أساسيًا على التصنيع المحلي، ودفع عجلة الإنتاج وتقليل الاستيراد وتعظيم الصادرات.
وعن أسعار السيارات، أكد أن أسعار السيارات خلال عام 2025 ستظل مستقرة ما لم تحدث تغيرات مفاجئة في العوامل المؤثرة، مثل سعر الصرف وحجم المعروض، مؤكدًا أن زيادة الإنتاج المحلي سيساهم في تلبية احتياجات السوق بشكل أكبر.
وحسب تصريحات وزير الصناعة كامل الوزير، فإن السوق المصرية حاليًا تشهد تنوعًا في السيارات والمركبات المصنعة محليًا، مشيرًا إلى أن منتجات شركتي نيسان وجنرال موتورز وكذلك منتجات شركة النصر للسيارات التي تتعدى نسبة المكون المحلي بها 50%. لافتًا إلى أن مصنع الشركة المصرية الألمانية للسيارات “إجا” ينتج سيارات ركوب فاخرة بالعلامتين التجاريتين مرسيدس بنز وإكسيد لتلبية بذلك الصناعة المحلية مختلف احتياجات ومتطلبات السوق المصرية، وهو ما يؤكد مهارة العامل المصري وقدرته على العمل والإنتاج في مختلف الصناعات.
وأشار الوزير إلى أن المصنع ينتج 1,200 سيارة مرسيدس و3,000 سيارة إكسيد سنويًا ويوفر العديد من فرص العمل للشباب، ومن المستهدف زيادة هذه الأرقام العام المقبل، وذلك من خلال الاستفادة من الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة السيارات، إلى جانب زيادة المكون المحلي الذي يشمل أجزاء الفرش والزجاج والمقاعد بجودة عالية، مشيرًا إلى أن الشركة تستهدف فتح أسواق جديدة لسياراتها وخاصة في المنطقة العربية.
ويعتمد نجاح منظومة توطين صناعة السيارات في مصر على توفير كل مقومات الصناعة من مواد خام من الداخل، وليس بالاعتماد على استيراد هذه المواد من الخارج، لأن السوق المحلية تعد سوقًا كبيرة نتيجة استهلاك كميات كبيرة من السيارات في العديد من المحافظات والشركات التي تعمل في مجال النقل.
ووضع كامل الوزير خطة شاملة تعتمد على 5 محاور لتطوير الصناعة تتمثل في الآتي:
ترشيد الواردات لكل ما يحتاجه السوق المحلية تصنيعه محليًا بجودة عالية، والعمل على تشجيع الصناعة.
تعظيم الصادرات والاستفادة بما تتمتع به مصر من مواد وخامات أولية وصناعات لها سمعة كبيرة، مما يساهم في زيادة العملة الصعبة ودعم الاقتصاد المصري مع التركيز على جودة المنتج ليتمكن من المنافسة في الأسواق الخارجية.
التوظيف (التشغيل) بما يساهم في القضاء على البطالة، والاهتمام بتدريب وتأهيل القوى البشرية والعمالة الفنية للارتقاء بمستواها وحرفيتها، مما ينعكس على جودة الصناعة وتصديرها للخارج لجلب العملة الصعبة.
التصديق الفوري لإعادة تشغيل ومساعدة المصانع المتعثرة على امتداد النشاط وزيادة مساحته وفق إجراءات سريعة ودقيقة تتسم بالحوكمة.
وفق تصريحات لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي عقب لقاء مع عدد من مسؤولي الشركات العالمية الكبرى، فإن الدولة تولي ملف توطين صناعة السيارات اهتمامًا بالغًا، وذلك بهدف تخفيض الفاتورة الاستيرادية للسيارات التي كانت تكلف الدولة سنويًا ما يقارب 5.5 مليار دولار.
شعبة السيارات: يسهم في تنشيط الصناعات المغذية وجذب مستثمرين جدد
من ناحيتها، كشفت شعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية، تأثير توجه الحكومة لتجميع عدد من “الماركات” الخاصة بالسيارات محليًا، خلال الفترة المقبلة، وعلى سوق السيارات في مصر، مشيرة إلى أنه سيكون له مردود إيجابي وتوفير العملة الأجنبية المستخدمة في استيراد السيارات، والتي وصلت، طبقًا لتصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء كامل الوزير، إلى 2 مليار و500 ألف دولار.
![منتصر زيتون](https://alamalmal.net/naqevec/2025/02/منتصر-زيتون.jpg)
وقال منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات لـ”عالم المال”، إن هذا التوجه يسهم في تشغيل أو تنشيط حركة الصناعات المغذية، فضلًا عن جذب مستثمرين جدد في هذا المجال، والتي ارتفعت في الفترة الأخيرة إلى 50% بعد أن كانت 30%، وذلك نتيجة لوجود خطوط إنتاج جديدة سواء دخلت حيز التنفيذ أو جار تشغيلها.
وتوقع “زيتون” أن تكون هناك خطوط إنتاج جديدة تصل إلى 10 خطوط في 2025/2026، مشيرًا إلى أن كل هذه العوامل ستنعكس على السوق المحلية من حيث (إيرادات تدخل للدولة، زيادة الحصيلة وأشار إلى أن مصنع “جيلي” الذي تم تدشينه خلال الأيام الماضية يستهدف تصدير 30 ألف سيارة، وهذا الأمر يحول مصر إلى قاعدة لتصدير السيارات ويدخل عملة دولارية كبيرة للدولة، بالإضافة إلى تقليل الفاتورة الاستيرادية، وسينعكس ذلك على السوق الداخلية ويرفع قيمة الجنيه المصري، فضلًا عن توفير العملة الأجنبية لسلع ومنتجات أخرى.
وعن كيفية انعكاس هذه الأمور على أسعار السيارات في السوق المحلية، أكد عضو مجلس إدارة شعبة السيارات أن هذه العوامل ستؤدي إلى تراجع الأسعار، ولكن ليس اليوم أو في الوقت الحالي، متوقعًا أن تظهر نتائج هذه العوامل منتصف أو نهاية 2025، لأن هناك مصانع ما زالت تحت الإنشاء مثل “النصر للسيارات”، قائلًا: “مع الوقت وزيادة الإنتاج يظهر أثر هذه العوامل على الأسعار”.
وأشاد “زيتون” بالضوابط الجديدة لاستيراد السيارات وخاصة “الشخصي”، مطالبًا في الوقت نفسه بالتوسع في فتح المجال أمام الاستيراد التجاري بنسبة أكبر من أجل عمل توازن في الأسعار بالسوق. نحتاج إلى منافسة حقيقية في السوق بين المنتج إنتاجه أو استيراده عبر الوكلاء وعن طريق سوق تجاري موازٍ، لأن المنافسة تقلل من الأسعار، خاصة أنها ترفع جودة المنتج. وتابع أنه مع خطة الحكومة وتوجهها لصناعة السيارات، وخطوط الإنتاج الجديدة، سيكون هناك جذب للاستثمار في الصناعات المغذية، والتي ترفع من نسبة المكون المحلي، وبالتالي في الإمكان إنتاج سيارة مصرية كاملة بنهاية 2026.
وحسب تصريحات مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فإنه يوجد تقدم كبير يحرزه ملف توطين صناعة السيارات في مصر، مشيرًا إلى اللقاء الذي جمعه بشركة صينية رائدة في مجال صناعة الإطارات، موضحًا أن اللقاء أسفر عن اتفاق مهم لزيادة الطاقة الإنتاجية للمصنع القائم حاليًا في العامرية، والذي يختص بصناعة إطارات مركبات النقل الثقيل والدراجات النارية.
رابطة التجار: مصر استطاعت جذب استثمارات صينية ضخمة في قطاع السيارات
وفي سياق متصل قال أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، ونائب رئيس شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، إن عام 2025 سيكون عامًا حافلاً بالتطورات في صناعة السيارات المصرية، متوقعًا أن يشهد تعاونًا وثيقًا بين القطاعين العام والخاص، موضحًا أن هذا التعاون سيساهم في جذب استثمارات جديدة، وخلق فرص عمل واسعة، مما يدفع بصناعة السيارات المصرية إلى آفاق جديدة.
وشدد رئيس رابطة تجار السيارات على أهمية الاجتماع الذي عقده وزير الصناعة مع كبرى شركات السيارات في مصر خلال الأيام الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذا الاجتماع يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لقطاع صناعة السيارات والرغبة في تطويره ودعمه، مؤكدًا أن مصر استطاعت استغلال التوترات التجارية العالمية، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، لجذب استثمارات صينية ضخمة في قطاع السيارات، موضحًا أن هذه الاستثمارات ساهمت في نقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لصناعة السيارات.
وتابع أن افتتاح مصنع “جيلي” هو بداية فصل جديد في صناعة السيارات المصرية، وأن مصر تشهد حاليًا إقبالًا كبيرًا من الشركات الصينية الأخرى لنقل خطوط إنتاجها إلى الأراضي المصرية، مما يشير إلى مستقبل واعد لهذا القطاع، موضحًا أن هذا التوجه سيساهم في تحقيق توازن بين الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى الأسواق الخارجية، مستشهدًا بنجاح شركات عالمية مثل جنرال موتورز وتويوتا وكيا وهيونداي في بلدانها الأصلية.
![أبو المجد](https://alamalmal.net/naqevec/2025/02/أبو-المجد-1.jpg)