
جولدمان ساكس: توقعات بانخفاض أسعار النفط إلى أقل من 60 دولارًا
توقعت مجموعة جولدمان ساكس الاستثمارية أن تشهد أسعار النفط العالمية تراجعًا تدريجيًا على مدار العامين المقبلين، مدفوعة بعدة عوامل أبرزها احتمالات استقرار الاقتصاد الأميركي، وتغيرات متوقعة في سياسة إنتاج منظمة “أوبك+”.
وفي تقرير حديث صادر عن البنك المركزى الأميركي، رجّحت المؤسسة المالية أن تنخفض أسعار خام برنت إلى 62 دولاراً للبرميل بحلول ديسمبر 2025، مقابل 58 دولاراً لخام غرب تكساس الوسيط، قبل أن تواصل الهبوط إلى 55 و51 دولاراً على التوالي بحلول نهاية عام 2026.
استندت غولدمان ساكس في رؤيتها إلى افتراضين رئيسيين، الأول أن الولايات المتحدة ستنجو من الدخول في حالة ركود اقتصادي بفضل مجموعة من التعديلات الاقتصادية المرتقبة، أبرزها التخفيضات الجمركية الكبيرة المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 9 أبريل الجاري.
أما الافتراض الثاني فيرتبط بسلوك “أوبك+”، إذ تتوقع المجموعة أن تعمد المنظمة إلى رفع إنتاجها تدريجياً من خلال زيادتين طفيفتين بواقع 130 إلى 140 ألف برميل يومياً في كل من شهري يونيو ويوليو القادمين، بما يعزز من وفرة المعروض ويدفع الأسعار إلى الانخفاض.
ورغم التوقعات الأساسية، لم يغفل التقرير إمكانية انحراف الأسعار عن المسار المتوقع في حال حدوث تطورات غير محسوبة. ففي حالة حدوث تحول حاد في السياسات الجمركية — سواء عبر إلغاء التخفيضات أو تصعيد النزاعات التجارية — فإن الأسعار قد تسجل مستويات أعلى من التقديرات الحالية.
على الجانب الآخر، وفي حال دخول الولايات المتحدة في حالة ركود اقتصادي معتدل مع بقاء سياسات “أوبك” عند المستويات الحالية، قد ينخفض سعر خام برنت إلى 58 دولاراً للبرميل بحلول نهاية 2025، و50 دولاراً في نهاية 2026.
أما السيناريو الأسوأ، بحسب “غولدمان ساكس”، فيتضمن تباطؤاً حاداً في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مصحوباً بإلغاء كامل لتخفيضات الإنتاج التي التزمت بها “أوبك+”، حيث قد تهبط الأسعار إلى 54 دولاراً للبرميل في 2025، وتتراجع أكثر إلى 45 دولاراً في العام الذي يليه.
وفي حالة أكثر تطرفاً، تتضمن مزيجاً من تراجع النمو العالمي وإلغاء تخفيضات “أوبك+” بشكل كامل، يتوقع الاستراتيجيون في “غولدمان ساكس” أن تهبط الأسعار إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل في نهاية 2026.
ورغم ذلك، يؤكد التقرير أن من غير المرجح أن تستقر أسعار النفط عند هذه المستويات المتدنية لفترات طويلة. ويعزو ذلك إلى عاملين رئيسيين:
مرونة إنتاج النفط الصخري الأميركي: فارتفاع إنتاج النفط الصخري عادة ما يحد من الانخفاض الحاد في الأسعار، إذ تستجيب الشركات الأميركية بسرعة لتحركات السوق.
طبيعة الركود المحتمل: إذ يتوقع أن يكون أي تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة خلال 2025 محدود التأثير، نظراً لعدم وجود اختلالات مالية كبيرة في القطاع الخاص، ما يعني أن الطلب على الطاقة لن يتراجع بشكل حاد.
يشير تقرير “غولدمان ساكس” إلى أن بيئة الاستثمار في أسواق الطاقة ستكون معقدة خلال السنوات المقبلة، مع استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والاقتصاد الكلي.
ويأتي هذا في وقت تتجه فيه العديد من البنوك الاستثمارية إلى مراجعة محافظها في قطاع الطاقة، مع التغيرات المحتملة في الطلب العالمي واستمرار جهود التحول نحو الطاقة النظيفة، ما قد يؤثر على جدوى الاستثمار في شركات النفط التقليدية.
وفي هذا السياق، يوصي محللو الاستثمار بمراقبة تطورات سياسات “أوبك+” والبيانات الاقتصادية الأميركية والعالمية عن كثب، كونها تمثل أبرز المحركات المستقبلية للأسعار.