
التوتر العالمي ورفع الدعم يدعمان احتمالات تثبيت الفائدة في مصر
كتب – أسماء عبد الباري ـ زياد الحامدي
تسود حالة من الترقب داخل الأسواق المصرية لقرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في 17 أبريل 2025، حيث يحسم البنك المركزي أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وهو الاجتماع الثاني للجنة السياسة النقدية خلال 2025.
ويتوقع المصرفيون الاتجاه لتثبيت أسعار الفائدة على الجنيه مقابل الدولار، رغم تراجع معدلات التضخم، وذلك لما يمر به العالم الخارجي من تداعيات اقتصادية بعد قيام الرئيس الأمريكي بفرض الرسوم الجمركية، مما ساهم في خلق حالة من عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، قد تدفع بمزيد من الارتفاعات في الأسعار، مما قد ينعكس على الأسواق المصرية، التي تنفتح على الاقتصاد العالمي، فيما اتجه البعض إلى احتمالية الخفض بنسبة قليلة.
وتراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 10% بنهاية فبراير مقارنة بنحو 22.6% في يناير 2025، كما تراجع خلال مارس مسجلاً 9.4%.
وقررت اللجنة في اجتماعها الأول لهذا العام الإبقاء على أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي للمرة السابعة على التوالي، عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
وأبقى البنك الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير، ليستقر سعر الفائدة ضمن نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%.
تامر يوسف: خفض الفائدة أكبر دعم للاستثمار لكن المتغيرات العالمية تحتم التثبيت
بداية، يؤكد تامر يوسف، مدير قطاع الخزينة والمعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة، أن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في 17 أبريل 2025 يأتي في ظل متغيرات اقتصادية محلية وعالمية، تجعل قرار التثبيت الأقرب لضمان استقرار سعر الصرف، مضيفًا أن سياسات البنك المركزي تهدف إلى خفض معدلات التضخم.
وأوضح أن لجنة السياسة النقدية، عند اجتماعها، تأخذ العديد من المؤشرات على المستوى الداخلي والخارجي، وعندما تتوفر الآليات التي تدعم خفض أسعار الفائدة، فلن يتردد في ذلك، حيث إن خفض الفائدة هو أكبر دعم للاستثمار وللقطاع المصرفي، ويسهم في نمو معدلات الإقراض، مؤكدًا أن البنك يحرص على اتخاذ قرارات مدروسة لضمان الاستقرار المالي والنقدي.
وتوقع تامر يوسف أن يتجه البنك المركزي إلى تأجيل قرار خفض سعر الفائدة لمتابعة التطورات الاقتصادية والجيوسياسية المستجدة.
علي عباس: التثبيت الأقرب لامتصاص التضخم بعد رفع الدعم عن الوقود
ومن جانبه، قال علي عباس، مدير قطاع الخزانة في أحد البنوك الخاصة، إن قرار لجنة السياسة النقدية في 17 أبريل في غاية الصعوبة والدقة، حيث لا يستطيع أحد توقع ما سوف يحدث، إذ إن هناك تغيرات اقتصادية تحدث بشكل متواصل على مدار اليوم، مما يجعل حسم القرار في غاية الصعوبة، ولكن الجميع يأمل أن يتم خفض الفائدة لكي يحدث مزيد من النمو الاقتصادي، حيث تسهم الفائدة المخفضة في نمو معدلات الإقراض، مما ينعكس على القطاع الصناعي بشكل كبير.
واستطرد علي عباس أن هناك العديد من المؤسسات العالمية نشرت تقارير عن توقعات أسعار الفائدة في مصر، منها بنك جولدمان ساكس الذي يتوقع حدوث ركود اقتصادي في الأسواق العالمية بعد الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كل دول العالم، وبنك جي بي مورجان الأمريكي توقع انخفاض سعر الفائدة في مصر بواقع 4% خلال أبريل و2% خلال يونيو المقبلين، مفسرًا سبب توقعه إلى تراجع التضخم.
وأيضًا قيام بنوك القطاع العام، بنك الأهلي ومصر، بتخفيض سعر الفائدة على عدد من الأوعية الادخارية بالدولار، بمقدار نصف نقطة مئوية لتصبح 5.5% بدلًا من 6% سنويًا.
وتوقع علي عباس قيام البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة على الجنيه، بدلاً من خفض أسعار الفائدة، وذلك للعديد من الأسباب، منها استهداف الحكومة رفع الدعم عن الوقود خلال العام الحالي، مما قد يؤثر على مستويات التضخم ويرتفع المعدل مجددًا، وكذلك رغبة البنك المركزي في الحفاظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومية للإبقاء على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، أو عوامل خارجية أبرزها الحرب التجارية بين أمريكا مع الصين والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، والتوترات الجيوسياسية مع عودة القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
نوال عبد المنعم: تثبيت الفائدة يضمن التدفقات الأجنبية لتفادي قفزات التضخم العالمي
وقالت الدكتورة نوال عبد المنعم ، الخبيرة الاقتصادية، إن قرار البنك المركزي المصري بشأن سعر الفائدة في اجتماعه 17 أبريل، يخضع لحزمة من العوامل بالغة التعقيد، يأتي في مقدمتها معدل التضخم، باعتباره المؤشر الأهم في تقييم الوضع النقدي الداخلي، ومعدل التضخم لا يزال أعلى من النطاق المستهدف، مما يجعل خيار تثبيت سعر الفائدة هو الأقرب على طاولة لجنة السياسة النقدية.
وأضافت عبد المنعم، أن العامل الخارجي لا يقل أهمية عن الداخلي، موضحة أن ما يصدر من قرارات عن الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، ينعكس بشكل مباشر على أسواق المال في الدول الناشئة، ومن بينها مصر، وذلك نظرًا لارتباط حركة رؤوس الأموال الساخنة بمستويات العائد في الخارج.
وأشارت عبد المنعم إلى أن استمرار الفيدرالي الأمريكي في اتباع سياسة نقدية متشددة ورفع أسعار الفائدة، يدفع الدول النامية، ومن ضمنها مصر، للحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة لضمان بقاء التدفقات المالية الأجنبية، وتفادي خروج استثمارات المحافظ التي تبحث عن عوائد أعلى بأقل درجات المخاطرة.
وأضافت أن تصاعد الحرب التجارية العالمية، وما قام به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا من فرض رسوم جمركية جديدة، يعزز المخاوف بشأن ارتفاع مستويات التضخم العالمية، وهو ما قد ينعكس على واردات مصر ويؤثر على الأسعار المحلية، مما يعزز من احتمالية تثبيت الفائدة مؤقتًا لتفادي أي قفزات تضخمية مفاجئة.
محمود نجلة: تأجيل الرسوم الجمركية يعزز خفض الفائدة
بدوره قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، إن توقعات الفائدة عقب تراجع التضخم خلال الفترة الماضية كانت تشير إلى خفض كبير خلال عام 2025 قد يصل إلى 13%.
وأضاف نجلة أنه عقب حالة الارتباك التى شهدتها الأسواق إثر الرسوم الجمركية الأمريكية، قد تكون هناك انعكاسات مستقبلية على التضخم الفترة المقبلة، وهو ما يزيد من مخاوف ارتفاع معدلات التضخم مجددًا، الأمر الذي قد يدفع المركزي لتخفيض الفائدة ولكن بوتيرة أقل وبشكل تدريجي خفيف وبحذر شديد يترواح بين 1 إلى 2%.
ولفت إلى أن المركزي يبدأ بعد ذلك متابعة تأثير هذا الخفض على التضخم والانعاسات القادمة من الخارج بسبب التضخم، وكذا تباعات الرسوم الجمركية، مشيراً إلى أن تأجيل تطبيق الرسوم الجمركية أحدث حالة من الارتياح فى الأسواق، الأمر الذي يدعم ويعزز من موقف خفض الفائدة.
يشار إلى أنه ما قام به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث دعا رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى خفض أسعار الفائدة، حتى في الوقت الذي هزّت فيه حملته التعريفية الأسواق وأثارت مخاوف من انتعاش التضخم. وقال ترامب: “هذا هو الوقت الأمثل لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، إنه دائمًا ما يتأخر، لكن بإمكانه الآن تغيير صورته بسرعة”.
وأضاف أن أسعار الطاقة انخفضت، وأسعار الفائدة انخفضت، والتضخم انخفض، حتى أسعار البيض انخفضت بنسبة 69%، والوظائف ارتفعت، كل ذلك في غضون شهرين، إنه فوز كبير لأمريكا، خفض أسعار الفائدة يا جيروم، وتوقف عن التلاعب بالسياسة”.