
الذهب يواصل الارتفاع وسط تصاعد التوترات الاقتصادية الأمريكية
واصلت أسعار الذهب تحليقها عند مستويات غير مسبوقة خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، في ظل تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، ما دفع المستثمرين إلى الإقبال على المعدن الأصفر كملاذ آمن. وجاء هذا الارتفاع الكبير مدفوعًا بموجة من الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكى (البنك المركزي) والتي أثارت حالة من عدم اليقين بشأن السياسة النقدية الأميركية في المرحلة المقبلة.
وسجل سعر الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا بنسبة 1.77% ليصل إلى 3484.73 دولار للأونصة، بعدما لامس أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3500 دولار في وقت سابق من الجلسة. كما صعدت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 2.34% لتسجل 3505.3 دولار للأونصة، بحسب وكالة “رويترز“.
وكان الرئيس الأميركي قد جدد، أمس الإثنين، دعوته لخفض أسعار الفائدة على الفور، محذرًا من أن الاقتصاد الأميركي قد يدخل في مرحلة تباطؤ، منتقدًا تمسك باول بإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير حتى تتضح آثار خطط الرسوم الجمركية على معدلات التضخم.
في المقابل، واصلت الأسواق الآسيوية تسجيل أداء باهت، حيث شهدت جلسات الثلاثاء تذبذبًا في مؤشرات الأسهم نتيجة عمليات بيع واسعة النطاق للأصول الأميركية. وتراجعت “وول ستريت” بشكل ملحوظ، في حين استمر الدولار في الهبوط أمام سلة من العملات، ما جعل الذهب أكثر جذبًا للمستثمرين الدوليين.
وفي سياق متصل، اتهمت الصين الولايات المتحدة بإساءة استخدام سياسة الرسوم الجمركية، محذرة من أن التمادي في هذه الممارسات قد يضر بالاستقرار الاقتصادي العالمي. كما طالبت بكين الدول الأخرى بعدم الانجرار خلف السياسات التجارية الأميركية على حساب علاقاتها الاقتصادية مع الصين.
ويأتي صعود الذهب في وقت حساس للأسواق العالمية، إذ تجاوز المعدن الأصفر مستوى 3300 دولار للأونصة خلال الأسبوع الماضي، ثم تخطى حاجز 3400 دولار يوم أمس، ليستمر اليوم في مساره التصاعدي ويكسر مستوى 3500 دولار للمرة الأولى في تاريخه.
ويُعد الذهب تقليديًا ملاذًا آمنا للمستثمرين في أوقات التوترات الاقتصادية والسياسية، كما يُستخدم كأداة للتحوط ضد التضخم وتقلبات أسعار العملات. ومع تزايد المخاوف من الركود في الولايات المتحدة، بات المعدن النفيس هدفًا رئيسيًا لكبار المستثمرين وصناديق التحوط الباحثة عن استقرار نسبي.
وتترقب الأسواق خلال الأيام المقبلة تصريحات عدد من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي قد تعطي إشارات أوضح بشأن توجهات السياسة النقدية الأميركية. وتهدف هذه التصريحات إلى طمأنة الأسواق في ظل تصاعد الجدل حول دور البنك المركزي واستقلاليته عن السلطة التنفيذية.
وفي ظل هذه المعطيات، تشير التوقعات إلى استمرار دعم أسعار الذهب على المدى القصير، خصوصًا مع ازدياد حالة الترقب والحذر في الأسواق العالمية وتراجع الثقة في استقرار السياسات الاقتصادية الأميركية، وهو ما يعزز من احتمالات تسجيل الذهب مستويات قياسية جديدة في المستقبل القريب.