
سر عودة أسعار النفط للارتفاع.. ما علاقة ملف إيران؟
على الرغم من عدم وجود تغير جوهري على الصعيد العالمي، اقتصاديا وسياسيا، فإن أسعار النفط عادت للارتفاع مجددا خلال الساعات الماضية، وهو ما يطرح تساؤلات حول سر هذا الارتفاع؟
ومن المعروف أن أسعار النفط تتأثر بعدة عوامل سياسية واقتصادية وجيوسياسية، ويعد من أبرز المحركات الحالية لأسعارها هو تصاعد حدة العقوبات المفروضة على إيران، وهي دولة تعد من أكبر منتجي النفط في العالم، فهل يعد هذا الملف السبب الرئيسي في تحرك أسعار النفط؟

سلعة استراتيجية تحكمها السياسة
يعتبر النفط من السلع الأساسية التي لا تخضع فقط لمعادلات العرض والطلب، بل تتأثر بدرجة كبيرة بالقرارات السياسية والعوامل الجيوستراتيجية. ولذلك، فإن أي اضطراب في إحدى الدول المنتجة للنفط، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، ينعكس مباشرة على أسعار النفط في الأسواق العالمية.
في هذا السياق، تبرز إيران كعنصر مؤثر نظرا لمكانتها كمصدر كبير للنفط، وقدرتها على التأثير في المضائق الحيوية لتجارة النفط، مثل: مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو ثلث صادرات النفط العالمية.
أسباب ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة
وهناك عدة عوامل متداخلة أسهمت في ارتفاع أسعار النفط، حيث تأتي العقوبات الأمريكية والأوروبية على إيران في صدارتها، إذ عادت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية إلى فرض عقوبات جديدة على إيران، خاصة فيما يتعلق بصادراتها النفطية، بعد اتهامات متكررة لطهران بتطوير برنامجها النووي خارج الإطار المتفق عليه دوليا.
هذه العقوبات العقوبات أدت إلى تقليص صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير، مما قلل من حجم المعروض العالمي ورفع الأسعار.
2. التوترات في منطقة الخليج العربي
كما أن أي تهديد للأمن الملاحي في الخليج يؤثر على سوق النفط، لا سيما إذا تعلق الأمر بمضيق هرمز، فإيران تلمح إلى إمكانية إغلاق المضيق كرد فعل على العقوبات، مما يرفع من مستوى القلق لدى المستثمرين ويزيد من الأسعار نتيجة المخاوف من تعطل الإمدادات.
3. زيادة الطلب العالمي على الطاقة
وبينما تخفض بعض الدول المنتجة من إمداداتها، يزداد الطلب العالمي على الطاقة، خاصة من الدول النامية والصناعية الكبرى، مثل: الصين والهند، وهذا التفاوت بين العرض والطلب يؤدي تلقائيا إلى صعود الأسعار.

قرارات تحالف “أوبك+”
كما أسهمت قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتحالف “أوبك+”، الذي يشمل روسيا ودولا أخرى من خارج المنظمة، في تقليص إنتاج النفط بهدف الحفاظ على توازن السوق ورفع الأسعار، وذلك بعد فترة طويلة من انخفاض الأسعار.
العقوبات على إيران: كيف تؤثر على السوق؟
وتعد إيران من الدول التي تملك احتياطيا هائلا من النفط، وهي من بين العشرة الكبار عالميا في الإنتاج. ومع ذلك، فإن العقوبات الأمريكية والغربية تقيد قدرتها على بيع هذا النفط في الأسواق العالمية، وتجبر بعض المشترين على تقليص تعاملاتهم معها خشية التعرض لعقوبات ثانوية.
عندما تنخفض صادرات إيران، تقل الكمية المعروضة في السوق، خصوصا أن البدائل ليست دائما متاحة بسرعة. وهذا النقص في المعروض يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، خاصة إذا لم تعوض الدول الأخرى مثل السعودية أو الإمارات هذا النقص.
وفي بعض الأحيان، تؤدي العقوبات إلى خلق سوق موازية (سوق سوداء للنفط)، حيث تقوم إيران ببيع النفط بطرق غير تقليدية أو عبر وسطاء، لكن بكميات أقل وبتكلفة أعلى، مما يؤثر أيضا على توازن السوق ويزيد من عدم الشفافية في التسعير العالمي.
ومؤخرا أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن المفاوضات الفنية الجارية بين واشنطن وطهران تسير بشكل جيد، وهو ما يعطي أملا للمستثمرين في عدم تفاقم الأوضاع فيما يتعلق بمعدلات إنتاج النفط، فهل تستقر الأوضاع قريبا؟