
هبوط أسعار الذهب مع تراجع الإقبال على الملاذات الآمنة
شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الأربعاء، متأثرة بانحسار الإقبال على أصول الملاذ الآمن، في ظل تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. كما يترقب المستثمرون صدور مجموعة جديدة من بيانات التضخم الأميركية، التي قد توفر مؤشرات إضافية حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي).
وفي المعاملات الفورية، تراجع سعر الذهب بنسبة 0.7% ليصل إلى 3226.11 دولارًا للأونصة، في حين انخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.6%، مسجلة 3229.50 دولارًا، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز”.
وكانت الأسواق قد استجابت إيجابيًا لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن العلاقات التجارية مع الصين، حيث أشار إلى أنه لا يتوقّع إعادة فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الصينية، التي كانت قد بلغت 145% قبل تعليقها مؤقتًا لمدة 90 يومًا.
وقال ترامب يوم الاثنين، إنه متفائل بالتوصل إلى اتفاق تجاري دائم مع بكين خلال الفترة المقبلة، وهو ما أسهم في تهدئة مخاوف الأسواق العالمية، ودفع المستثمرين إلى تقليص مراكزهم في الأصول الآمنة مثل الذهب، مقابل تعزيز تعرضهم للأصول ذات العائد المرتفع مثل الأسهم.
في سياق متصل، أعلنت وزارة العمل الأميركية أن مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة قد ارتفع بنسبة 0.2% خلال شهر أبريل الماضي، وهو ما جاء دون التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 0.3%، وذلك بعد تراجع بنسبة 0.1% في مارس.
ويترقّب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين المقررة يوم الخميس، في محاولة لتكوين رؤية أوضح بشأن اتجاه أسعار الفائدة الأميركية. وتُظهر بيانات العقود الآجلة أن الأسواق تتوقع خفضًا تدريجيًا في أسعار الفائدة، قد يبدأ في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقرر في سبتمبر المقبل، بإجمالي تخفيضات تقدر بنحو 53 نقطة أساس خلال العام.
وغالبًا ما يُنظر إلى الذهب كوسيلة تحوط تقليدية ضد التضخم، حيث يحقق مكاسب أكبر عندما تنخفض أسعار الفائدة، إذ يقلّ بذلك العائد على الأصول البديلة، ما يعزز جاذبية المعدن الأصفر.
في خطوة متكررة، جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء دعوته لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة. وقال إن أسعار البنزين، والمواد الغذائية، و”كل شيء تقريبًا” قد شهدت انخفاضًا، وهو ما يفتح الباب أمام السياسة النقدية التيسيرية دون الخشية من ضغوط تضخمية.
وتعكس دعوات ترامب المستمرة نهجًا يهدف إلى دعم النمو الاقتصادي والأسواق المالية، خاصة مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية الأميركية.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
وفيما يتعلق بأداء المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الأسعار تراجعًا متفاوتًا في ظل الأجواء العالمية الإيجابية. حيث انخفضت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% لتسجل 32.61 دولارًا للأونصة، في حين استقر البلاتين عند 988.65 دولارًا، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.9% ليسجل 948.60 دولارًا للأونصة.
وتعكس هذه التحركات تأثر السوق بتراجع طلب التحوّط، إلى جانب ترقّب الأسواق لتطورات التضخم وأسعار الفائدة، والتي ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات المستثمرين خلال الربع الثالث من العام الجاري.
يرى محللون أن الذهب قد يظل في نطاق عرضي خلال الأسابيع المقبلة، مع استمرار حالة الترقب في الأسواق. ويرتبط الاتجاه المستقبلي للمعدن الأصفر بشكل وثيق بتوجهات البنوك المركزية الكبرى، خاصة الفيدرالي الأميركي، ومدى قدرة الاقتصادات العالمية على تجنب الركود في ظل تقلبات أسعار الفائدة.
كما يظل ملف التوترات التجارية، رغم التهدئة الأخيرة، عاملاً مؤثرًا يمكن أن يعيد الذهب إلى الارتفاع حال تجدد النزاعات بين واشنطن وبكين أو صدور بيانات اقتصادية سلبية مفاجئة.