
إيهاب سعيد: استمرار خفض الفائدة خطوة محفوفة بالمخاطر (حوار)
• إيهاب سعيد: التوترات العالمية لا تمنح مصر فرصًا قصيرة المدى بسبب نقص الاستثمارات الأجنبية
• بزيادة الطروحات في البورصة بدلاً من بيع الشركات لمستثمرين استراتيجيين
• الدولة تستفيد من خفض الفائدة والمواطن يدفع الثمن
• الذهب يتحرك في مسار حاد – لا ينصح بالشراء في الوقت الحالي
• أسهم الأفراد ترتفع لكن السوق يحتاج إلى تحفيز اقتصادي لبدء مسار صعودي
“هل يمكن لمصر الاستفادة من التوترات الاقتصادية العالمية ؟ ، وهل سيكون لقرار خفض الفائدة دور في تحريك السوق من جديد؟” أسئلة تطرح نفسها مع تزايد التوترات الاقتصادية على الصعيد العالمي، وما تلاها من تبعات كبيرة على الاقتصاد المحلي، أجاب عنها ايهاب سعيد خبير أسواق المال فى حوار موسع ، موضحًا أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، وداعيًا إلى ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات، وتسريع الطروحات الحكومية، وإعادة النظر في السياسات الاقتصادية لضمان تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي
• ما رأيك في تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة خلال فترة حكم ترامب على الاقتصاد العالمي، وهل يمكن أن تستفيد مصر من هذا الوضع؟
الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب كانت الشرارة التي أشعلت حربًا اقتصادية عالمية، وقلبنت موازين الأسواق العالمية حتى وإن تم تأجيل بعض القرارات لاحقًا، إلا أن العالم دخل في حالة اضطراب حقيقية ، إذ تراجع سعر الدولار بشكل حاد، وقفز سعر الذهب الى مستويات تاريخية، رغم التراجع الأخير، إلا أن الأثر كان كبيرًا
وهنا تبحث كل دولة عن مصلحتها ، والولايات المتحدة عل سبيل المثال تحمل العالم تبعات مشاكلها ، كما رأينا في جائحة كورونا حين طبعت الدولار بكثافة ورفعت أسعار الفائدة، مما أدى إلى موجة تضخمية عالمية ، نعانى حتى الأن من تبعاتها
لكن هذه المرة الأمور اختلفت، فالمواطن الأمريكي نفسه تضرر بشدة نتيجة ارتفاع الأسعار، ما أدى إلى ضغوط داخلية غيرت لهجة الخطاب ودفعت نحو حلول تفاوضية
وبالنسبة لمصر، فمن المستبعد أن تستفيد على المدى القريب أو المتوسط من التوترات العالمية ، لأننا ما زلنا نفتقر للبنية الأساسية القادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهناك معوقات كثيرة يجب التعامل معها أولاً
• ما مدى التزام مصر بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وما أبرز التحديات التي واجهتها الدولة في هذا الإطار؟
عندما عرضت مصر أجندتها الخاصة ببرنامج صندوق النقد الدولي، حصلت على موافقة الصندوق بشرط تنفيذ الأجندة بالكامل، لكن ما حدث هو أن الحكومة نفذت فقط نصف الإصلاحات، ما ساهم في خلق أزمات اقتصادية، إلى جانب التأثيرات السلبية لأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ، وكان لعدم الالتزام الكامل ببنود البرنامج دورًا في تفاقم التحديات، ما أثار تساؤلات ومخاوف حول الجدية في تنفيذ البرنامج حتى نهايته ، فصندوق النقد يركز في مراجعاته بشكل أساسي على مدى التزام الددولة بتنفيذ البنود المتفق عليها.
ور غم ذلك أرى أن مصر نجحت في تقليص دعم الوقود تدريجيًا رغم تقلبات أسعار النفط، وهو ما يعد نقطة إيجابية، إلا أن هناك ملفات أخرى لم تكتمل، مثل برنامج الطروحات الحكومية ،، فعلى الرغم من وجود بعض التحسن، إلا أن النتائج لم تكن بالمستوى المستهدف.
كان من الأفضل، طرح “بنك القاهرة” في البورصة بدلاً من بيعه لمستثمر استراتيجي، لأن تسعير السهم من خلال السوق يعكس قيمته الحقيقية ويوفر شفافية أكبر في عملية التقييم.
وأرى أن الدولة بدأت بالفعل في استكمال المسار الإصلاحي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، خصوصًا في ملفات مثل توحيد الإجراءات الجمركية وتيسير إجراءات الاستثمار ، وهذه ليست مواضيع للتفاوض، بل التزامات واضحة أعلنت الدولة تمسكها بها
لكن المطلوب الآن هو تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات في البورصة، إلى جانب استكمال خطوات إصلاح الرسوم الجمركية، وإعادة النظر في قانون الضرائب بطريقة تدعم مناخ الاستثمار وتتعزز من جاذبية السوق المصري للمستثمرين المحليين والأجانب
• كيف ترى تحذيرات صندوق النقد الدولي من خفض سعر الفائدة في مصر، وما تداعيات هذا القرار على الاقتصاد المحلي؟
فوجئنا مؤخرًا بتحذير واضح من صندوق النقد الدولي بشأن قرار خفض سعر الفائدة، هذه الخطوة قد تؤدي إلى مخاطر تضخمية مستقبلية، وهو ما كنت قد حذرت منه سابقًا قبل صدور تقييم صندوق النقد الدولى لما تم تحقيقه ، و أكررها خفض الفائدة قرارًا ينطوي على قدر كبير من المغامرة، خاصة في ظل ظروف اقتصادية محلية وعالمية شديدة التقلب
خفض الفائدة بنسبة كبيرة وصلت إلى 2.25% جاء على عكس التوقعات التي كانت تميل نحو خفض محدود أو تثبيت، إلا أ،ن 2.25% رقم مرتفع نسبيًا في ظل الأزمات العالمية الحالية، التي لا تقتصر فقط على التضخم، بل تشمل أيضًا تقلبات في أسواق المال وتراجع الدولار، إلى جانب خروج نحو 3.5 مليار دولار من الأموال الساخنة بعد القرار مباشرة ة
كما تجاوز سعر الدولار حاجز 51.5 جنيه،ليستقر بعدها من جديد.
ورغم أن السوق شهد استقرارًا نسبيًا بعد ذلك، إلا أن ذلك لا يلغي أهمية التعامل بحذر شديد مع ملف الفائدة، وهو ما أكده صندوق النقد نفسه
ومن المؤشرات التي تؤكد صحة هذا التحذير ما حدث في مزادات أذون الخزانة، حيث تقدمت البنوك بعروض بفوائد تجاوزت 30%، لكن البنك المركزي رفض معظمها في دلالة على أن الفائدة الحالية قد لا تكون قابلة للاستمرار بنفس المستوى مستقبللاً
• من هو المتأثر الأكبر بقرار خفض سعر الفائدة في مصر؟ وهل هناك مستفيدون من هذا القرار؟
المواطن هو المتأثر الأكبر من خفض سعر الفائدة المواطن خاصة صغار المدخرين والمستثمرين في الشهادات الادخارية، حيث تنخفض عوائدهم بشكل مباشر مع كل خفض للفائدة
وعلى الجانب الآخر، تستفيد الدولة باعتبارها المقترض الأكبر ، إذ يؤدي إلى تخفيف أعباء خدمة الدين العام.
لكن هذه الاستفادة تأتي على حساب شريحة واسعة من المواطنين الذين يعتمدون على الفائدة كمصدر دخل ثابت
• كيف ترى حركة الذهب الحالية؟ وهل تنصح الأفراد بالاستثمار فيه في ظل هذه الظروف؟
فمن الصعب التنبؤ بأسعار الذهب حاليًا ، فرغم التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، لا يزال الذهب عند مستويات مرتفعة جدًا.
ومن الناحية الفنية،الذهب يتحرك حاليًا في مسار حاد بزاوية تقترب من 80 درجة، ما يعكس تسارعًا كبيرًا في وتيرة الارتفاع، وهو مؤشر واضح على وجود مضاربات قوية جدًا في السوق.
في مثل هذه الحالات، لا ننصح الأفراد بالشراء أو الاستثمار، لأن الأسعار تكون غير مستقرة ومعرضة لجني أرباح مفاجئ قد يؤدي إلى خسائر للمستثمرين الجدد.
• ما تقييمك لأداء سوق المال في ظل خفض سعر الفائدة والتطورات الاقتصادية العالمية؟
أداء سوق المال لا يزال عرضيًا حتى الآن، ولم يتأثر بشكل كبير بقرار خفض الفائدة أو الأحداث الاقتصادية العالمية الأخيرة ، فالأسهم القيادية التي تمثل صورة أوضح للاقتصاد ما زالت مستقرة، في حين شهدت أسهم الأفراد بعض الصعود.
وصلنا سابقًا إلى مستوى 32 ألف نقطة في المؤشر العام للبورصة، ثم بدأت السوق في التراجع، ما يؤكد أننا بحاجة إلى محفزات اقتصادية حقيقية لدفع السوق نحو مسار صعودي مستدام.
• ما هي رؤيتك لأداء البورصة المصرية حاليًا، وما أبرز القطاعات المرشحة للصعود في الفترة المقبلة؟
البورصة المصرية بحاجة ماسة إلى “بضاعة جديدة” تعيد الزخم والحركة للسوق، خاصة بعد خروج عدد من الشركات الكبرى دون طرح بدائل قوية
وهنا تبرز أهمية أن تقوم الحكومة بطرح شركات جديدة في البورصة، الأمر الذي سيحفز القطاع الخاص للعودة إلى الطرح بعد فترة من التحفظ، ويدفع السوق نحو الانتعاش
أما من حيث الأداء الفني، فأتوقع استمرار الحركة العرضية للبورصة على المدى القريب، وهو ما يفسر تراجع قيم التداول مؤخرًا، إلا أنه بمجرد أن تخرج الأسهم القيادية من هذا النطاق العرضي، ستبدأ قيم التداول في التحسن، وسيبقى مؤشر EGX70 مرشحًا لاستهداف مستويات أعلى بعد موجات التصحيح.
وفيما يتعلق بالقطاعات المرشحة للصعود ، أتوقع أن يتصدر القطاع العقاري المشهدج كونه الأكثر استفادة من خفض أسعار الفائدة، ما يعزز جاذبيته الاستثمارية