
16 دولة تستورد القطن المصري.. والهند في المقدمة
القطن المصري.. بين مجد عالمي وتحديات محلية
“القطن المصري في مواجهة الانكماش”: تراجع تاريخي في الزراعة وخطة حكومية لإنقاذ الموسم”
“القطن المصري تحت ضغط التراجع”: انخفاض 65% في المساحات وخسائر تصديرية بـ33%
رغم مكانته الرفيعة على الساحة الدولية، يواجه القطن المصري أحد أعقد مواسمه الزراعية وسط تراجع غير مسبوق في المساحات المزروعة، وتباطؤ في الصادرات، ما يهدد أحد أبرز المحاصيل الاستراتيجية، وبينما تسعى الدولة إلى إنقاذ المحصول عبر تسعير محفز وخطة تطوير قومية، تظل أزمة التسويق والإنتاج إحدى أكبر العقبات في وجه عودة الذهب الأبيض لسابق مجده.
رغم التحديات الراهنة، فإن القطن المصري لا يزال يمتلك فرصة ذهبية للعودة إلى موقعه الريادي عالميًا، بشرط الاستمرار في دعم المزارعين، وتطوير منظومة التسويق، وتكامل الصناعة من الزراعة إلى التصنيع والتصدير.
فبفضل جودته الفريدة وتاريخه العريق، يمكن للذهب الأبيض أن يعود ليكون رمزًا للقوة الاقتصادية والهوية الزراعية لمصر.
أكد الدكتور وليد يحيى، وكيل معهد القطن بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن القطن المصري يحتفظ بمكانة عالمية متميزة بفضل صفاته الغزلية الفائقة وجودته التكنولوجية، وهو ما يجعله الخيار الأول لكبرى دور الأزياء العالمية.
وأوضح يحيى أن القطن المصري يُصنف إلى طبقتين رئيسيتين؛ الأولى هي الأقطان طويلة التيلة، وتلائم احتياجات الصناعة المحلية والتصدير، والثانية هي الأقطان طويلة التيلة الممتازة، التي تتمتع بمواصفات غزلية فريدة، وتُخصص بشكل رئيسي للتصدير الخارجي.
تحدث وكيل المعهد عن استعدادات وزارة الزراعة للموسم الزراعي الجديد، مشيرًا إلى أن العمل بدأ مبكرًا لتجهيز التقاوي عبر سلسلة متكاملة تبدأ بتسليم البذور لإدارة إنتاج التقاوي، ثم غربلتها وفحصها في المحطات المعتمدة، لضمان جودة عالية قبل موسم الزراعة.
وتم تحديد الخريطة الصنفية طبقًا لاحتياجات السوق المحلية والعالمية، حيث صدر القرار الوزاري رقم 91 لسنة 2025، لتحديد مناطق زراعة الأصناف المختلفة تمهيدًا لتوزيع التقاوي بكفاءة على مستوى الجمهورية.
أشار يحيى إلى أن الوزارة وضعت استراتيجية شاملة تهدف لاستعادة بريق القطن المصري عالميًا، من خلال ضبط منظومة التسويق وتحقيق التكامل بين حلقات الإنتاج والتصنيع، بما يسهم في دعم الصادرات وتوفير المادة الخام لصناعة الغزل والنسيج.
وتتضمن الاستراتيجية إعداد خريطة صنفية دقيقة، وتطوير أساليب الزراعة والري، والتوسع في استخدام الميكنة، وتفعيل دور الإرشاد الزراعي ميدانيًا.
المساحات المزروعة بالقطن تراجعت بنحو 65%
من جانبه، قال النائب حسن عمار، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن المساحات المزروعة بالقطن تراجعت بنحو 65% حتى منتصف أبريل الماضي، لتصل إلى نحو 21 ألف فدان فقط، مقارنة بأكثر من 60 ألف فدان في نفس الفترة من الموسم الماضي.
وأرجع هذا الانكماش إلى أزمة التسويق الناتجة عن اعتراض القطاع الخاص على أسعار الضمان المقترحة من الدولة، في ظل تراجع الأسعار العالمية للقطن، ما أثر سلبًا على حماس المزارعين.
في محاولة للحد من التدهور، أعلنت الحكومة سعر ضمان للقنطار بلغ 12 ألف جنيه في الوجه البحري، و10 آلاف جنيه في الوجه القبلي، ما أسهم في عودة بعض المزارعين تدريجيًا إلى زراعة القطن.
خطة لتطوير مصانع الغزل والنسيج وزيادة الصادرات
وبحسب النائب عمار، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة أشمل لتطوير مصانع الغزل والنسيج وزيادة الصادرات، خاصة مع استمرار الطلب العالمي على القطن طويل التيلة.
شدد النائب على أن صناعة الغزل والنسيج المصرية تمتلك تاريخًا طويلًا وسمعة عالمية ترتكز على تميز القطن المصري، موضحًا أن هذا القطاع يعد ثاني أكبر قطاع صناعي في مصر، ويمثل نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويضم نحو مليوني عامل.
وأكد أن فرص التصدير واعدة، خاصة بعد توسع المصانع في تطبيق معايير الاستدامة والحصول على شهادات الجودة، ما يمكن مصر من المنافسة بقوة في الأسواق الأوروبية والأمريكية.
أرقام وبيانات تكشف التحديات وفقًا لأحدث البيانات الرسمية
بلغت المساحات المزروعة بالقطن حتى الأسبوع الثاني من يونيو نحو 131 ألف فدان فقط، مقابل 290 ألف فدان في نفس الفترة من العام الماضي، بتراجع قدره 54%.
توزعت المساحات بواقع 110 آلاف فدان في الوجه البحري، و21 ألف فدان في الوجه القبلي.
بلغت مساحات أقطان الإكثار (لإنتاج التقاوي) حوالي 27 ألف فدان، بينما تجاوزت مساحات القطن التجاري 107 آلاف فدان.
كانت خطة وزارة الزراعة تستهدف زراعة 269 ألف فدان حتى منتصف يونيو، توزع بين 230 ألف فدان بالوجه البحري، و39 ألف فدان بالوجه القبلي.
من حيث التصدير، شهد الموسم الحالي تراجعًا بنسبة 33%، إذ بلغت الصادرات 20 ألف طن فقط مقابل 30 ألف طن في الموسم الماضي.
الأسواق الدولية.. الهند في الصدارة
كشف الدكتور وليد يحيى أن 16 دولة تستورد القطن المصري حاليًا، تتصدرها الهند بنسبة 58.77%، تليها باكستان بنسبة 15.65%، ثم الصين بنسبة %10.40.
ورغم التراجع في المساحات، تظل مصر تحتفظ بنسبة 20% من الإنتاج العالمي للقطن طويل التيلة، وهي المرتبة الثانية عالميًا من حيث الجودة بعد الهند، التي تهيمن على السوق بحصة تبلغ 25%.