
كشف حساب البورصة المصرية في النصف الأول من 2025.. مكاسب متنوعة
المؤشر الرئيسي يربح 10% والسبعيني 22%
كتبت: فريدة صلاح الدين
على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهت البورصة المصرية خلال الفترة الماضي، ولا سيما منذ بداية العام الحالي، فإنها استطاعت عبور الأزمات، والاتجاه نحو الاستقرار، محققة بنهاية مايو 2025 مكاسب مزدوجة لمؤشريهاegx30 الذي حقق أرباحًا 10%، و egx70الذي حقق 22% تقريبًا، وفق تحليلات خبراء سوق المال، الذين أكدوا أن مؤشرات البورصة استطاعت أن تحقق أداءً متميزًا خلال النصف الأول من العام الجاري.
وبينما حققت البورصة خلال النصف الأول العام الجاري استفادة واضحة من السياسة التيسيرية التي نفذها البنك المركزي عبر خفض معدلات الفائدة، بالتزامن مع تراجع أسعار الصرف وتباطؤ معدلات التضخم، فإن قطاع العقارات استطاع أن يتصدر المشهد خلال النصف الأول من العام مدعومًا من صفقات استثمارية كبرى، مثل: صفقة رأس الحكمة، التي جذبت استثمارات خليجية ضخمة في قطاعات السياحة والترفيه.
كما كان قطاع البنوك من بين القطاعات البارزة، حيث أسهم تحرير سعر الصرف، وتحسن السيولة النقدية، في زيادة جاذبيته، مع توزيعات نقدية قياسية تجاوزت 50 مليار جنيه، كما شهد قطاع الخدمات المالية غير المصرفية نشاطًا كبيرًا.
المؤشر الرئيسي استطاع الصمود أمام التوترات الجيوسياسية
جون لوكا، رئيس مجلس إدارة شركة “جولد إيرا للسبائك الذهبية”، قال إن البورصة شهدت خلال النصف الأول من عام 2025 أداءً إيجابيًا ملحوظًا، حيث سجلت مؤشراتها الرئيسية ارتفاعات قوية، بدعم من عدة عوامل اقتصادية وسياسية متنوعة، كما وصل رأس المال السوقي للأسهم المقيدة إلى مستوى 2.3 تريليون جنيه، محققًا مكاسب قدرها 146.9 مليار جنيه مقارنة بالربع الأخير من عام 2024.
وأوضح أن هذا الأداء القوي جاء مدعومًا بتحسن شهية المستثمرين مع تراجع حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وارتفاع أسعار النفط، مما عزز من الثقة في سوق المال.
وأشار إلى أن المؤشر الرئيسي EGX30، الذي يعد المقياس الأساسي لأداء السوق، ارتفع بنسبة 10.47% خلال النصف الأول من العام، ليغلق عند مستوى 32,900 نقطة بنهاية يونيو 2025، قائلًا: “هذا الارتفاع جاء على الرغم من بعض التقلبات التي شهدها المؤشر، حيث تأثر في بعض الفترات بالتوترات الإقليمية، خاصة الصراع بين إسرائيل وإيران، الذي تسبب في موجات بيع مؤقتة من قبل المتعاملين الأفراد، وهو ما يؤكد قدرة المؤشر على الصمود أمام التوترات الجيوسياسية”.
“كما أسهمت عمليات الشراء القوية من المؤسسات المصرية والأجنبية في امتصاص الضغوط، حيث سجلت المؤسسات صافي شراء بقيمة 619 مليون جنيه في جلسات معينة، مما دعم ارتداد المؤشر بقوة”، هكذا واصل رئيس مجلس إدارة شركة جولد إيرا للسبائك الذهبية تحليل الموقف مضيفا: “من ناحية أخرى، حقق مؤشر EGX70، الذي يركز على الشركات الصغيرة والمتوسطة أداءً مميزًا، بارتفاع 22.4%، مما يعكس اهتمام المستثمرين بهذا القطاع”.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن مؤشر EGX100 سجل مكاسب بنسبة 1.21% في جلسات محددة، يما يعزز الصورة الإيجابية لسوق المال المصرية، ويوضح أن هذا الأداء حقق مكاسب للقيمة السوقية بلغت 176 مليار جنيه.
العقارات والبنوك في الصدارة
وأشار لوكا إلى أن قطاع العقارات تصدر المشهد خلال هذه الفترة بدعم من صفقات استثمارية كبرى، مثل: رأس الحكمة التي جذبت استثمارات خليجية ضخمة في قطاعات السياحة والترفيه، كما أسهم التحرير المرن لسعر الصرف، واتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، في تعزيز الثقة بالسوق، حيث تلقت مصر 1.2 مليار دولار كجزء من المراجعة الرابعة للاتفاق مع الصندوق، ورغم التحديات التي واجهت بورصة النيل كشطب بعض الشركات بسبب المخالفات، فإن السوق الرئيسية حافظت على زخمها.
ولفت لوكا إلى أن قطاع البنوك كان أيضًا من بين القطاعات البارزة خلال النصف الأول من 2025، حيث أسهم تحرير سعر الصرف، وتحسن السيولة النقدية، في زيادة جاذبيته، مع التوزيعات النقدية التي تجاوزت 50 مليار جنيه، ومن حيث أحجام التداول، شهد قطاع الخدمات المالية غير المصرفية نشاطًا كبيرًا، حيث سجلت أسهم الشركات في هذا القطاع، مثل تلك العاملة في التأجير التمويلي والتخصيم، تداولات مرتفعة بدعم من المؤسسات المصرية والأجنبية.
ويأتي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لافتًا للأنظار، مع زيادة الطلب على أسهم الشركات الرقمية بفضل التحول المتسارع نحو الاقتصاد الرقمي، وبلغت نسبة تداولات المستثمرين الأجانب في هذه القطاعات حوالي 15.3% من إجمالي التداولات، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا، وبشكل عام، تفوقت هذه القطاعات في الأداء وأحجام التداول بفضل الإصلاحات الاقتصادية، مثل اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، رغم التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية العالمية.
أداء مميز للأسهم
وقال لوكا: “إذا كانت العقارات والبنوك هي التي تصدرت المشهد خلال النصف الأول من 2025، فإن هناك قطاعات أخرى شهدت أداءً متميزًا لأسهمها أيضًا، ومنها على سبيل المثال قطاع تكنولوجيا المعلومات”.
وبنظرة عامة على حركة الأسهم نجد أن “بي إنفستمنتس القابضة”، جاءت في صدارة قائمة الأسهم الرابحة بـ40.6 جنيه، ونسبة ربح 72% تقريبًا، مستفيدة من نتائج أعمال قوية، ونشاط مضاربة مكثف، كما سجلت “القاهرة الوطنية للاستثمار والأوراق المالية” ارتفاعًا بنسبة 73.7%، ليصل سعر السهم إلى 52.04 جنيه، بدعم من زيادة الطلب بقطاع الخدمات المالية غير المصرفية.
كما أن مجموعة “طلعت مصطفى القابضة” حققت مبيعات تعاقدية قياسية بلغت 211 مليار جنيه، بنمو 59%، مما عزز أداء سهمها بفضل الزخم على مشروعاتها العقارية داخل مصر وخارجها، وحقق سهم “يو للتمويل الاستهلاكي” ـ ڤاليو ـ قفزة بنسبة تجاوزت 800% في دقائق من بدء تداوله، مدعومًا بقوة العلامة التجارية، وانتمائه لمجموعة “إي إف جي القابضة”، أما “سيراميك ريماس” فأظهر أداءً قويًا على الإطار الشهري، مما جعله جذابًا للمستثمرين، مدعومًا بتحسن الثقة في السوق، خاصة مع الصفقات الاستثمارية الكبرى، التي جذبت استثمارات خليجية ضخمة.
هذا التحليل الرقمي طرحه جون لوكا، وأضاف عليه: “خلال النصف الأول من عام 2025، شهدت البورصة المصرية العديد من الأحداث الجوهرية، التي أثرت بشكل كبير على أداء الأسهم، مدعومة بزخم برنامج الطروحات الحكومية والخاصة، وتحسن المناخ الاقتصادي.
ولفت إلى أن من أبرز الأحداث كان طرح شركة بنيان للتجارة والتنمية في السوق الرئيسي، بقيمة 1.654 مليار جنيه، مما عزز السيولة في قطاع العقارات، وجذب استثمارات محلية وأجنبية، بالإضافة إلى إعلان الحكومة عن خطة طموحة لتسريع برنامج الطروحات الحكومية، تشمل طرح 11 شركة مملوكة للدولة، بهدف تعزيز دور القطاع الخاص، وزيادة السيولة في السوق، وهو ما أسهم في رفع رأس المال السوقي إلى 2.3 تريليون جنيه بمكاسب 146.9 مليار جنيه.
كما أشار إلى أن البورصة المصرية استطاعت التفوق على نظيراتها الخليجية في جذب المستثمرين الأجانب، الذين رفعوا نسبة تداولاتهم إلى 15.3% خلال النصف الأول من 2025. بفضل الاستقرار الاقتصادي وتوقعات استمرار النمو خلال النصف الثاني من العام، بدعم من الإصلاحات الاقتصادية.
واختتم جون لوكا تحليله بالقول: “توقعات بنوك الاستثمار تشير إلى استمرار الزخم في 2025، بدعم من ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار، مما يجعل الأسهم المصرية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب”، نافيًا في الوقت ذاته أن يكون هناك تأثير كبير لحادث حريق سنترال رمسيس على هذه التوقعات.
وأتم بالقول: “الحادث تسبب في تعليق التداول ليوم واحد مما أثر على السيولة لكنه تأثير مؤقت، حيث أظهرت البورصة مرونة كبيرة في امتصاص التداعيات.
السياسات النقدية أفادت البورصة
من جهته أبدى مينا رفيق، الخبير بأسواق المال تأييده للطرح السابق، الذي يشير إلى أن مؤشرات البورصة استطاعت أن تحقق أداءً متميزًا خلال النصف الأول من العام الجاري.
وأشار إلى أن البورصة استفادت خلال النصف الأول من العام، بالسياسات النقدية للبنك المركزي، التي اتجهت نحو التيسير، بخفض معدلات الفائدة تزامنًا مع تراجع سعر الصرف وتباطؤ معدلات التضخم، على الرغم من التحديات التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط، وكذلك الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، التي أثرت سلبًا على أغلب الأسواق العالمية.
وأضاف: “أسهم قطاعات التجارة والموزعين والخدمات والمنتجات الصناعية والسيارات عملت على جذب شهية المستثمرين، وتحقيق أرباح قياسية خلال النصف الأول، مستفيدة من خفض أسعار الفائدة بجانب قطاع العقارات الذي شهد زخمًا في أحجام التداول”، متوقعًا أن يستمر هذا الزخم خلال النصف الثاني من العام، بدعم من تعديل قانون الإيجار القديم، في ظل أن بعض الشركات تمتلك عدة أصول بنظام قانون الإيجار القديم”.
تأثير سلبي للتوتر الجيوسياسي
في المقابل اعتبر معتز الجريتلي، العضو المنتدب لشركة “السهم الذهبي لتداول الأوراق المالية”، أن معدل أداء السوق والمؤشرات خلال النصف الأول من العام الحالي تشير إلى تأثر بالأحداث الجيوسياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، وهو ما ظهر في التحرك العرضى للسوق، على حد وصفه.
وقال: “في بعض الأحيان شهدنا نزولًا من المتوسط إلى الحاد، وتخلل ذلك تحرك بعض الأسهم بشكل فردي خلال جلسات كان التحرك فيها صعوديًا، وذلك نتيجة لخبر يتعلق بالسهم نفسه أو القطاع التابع له، وهو ما يعني أن الأداء ـ رغم أنه كان جيدًا ـ لكنه كان من الممكن أن يصبح أفضل لولا التوترات التي شهدتها المنطقة.
محفزات الفترة المقبلة
وأوضح الجريتلي أن من أهم المحفزات المطلوبة لزيادة أحجام التداول، وأعداد المستثمرين في الفترة المقبلة، هي العمل على زيادة التثقيف، والتعريف بدور الاستثمار في البورصة وذلك من خلال اللقاءات والندوات لطلاب الجامعات والمدارس، مع إدراج مادة خاصة بالاستثمار ككل فى المناهج التعليمية، والعمل على زيادة المؤتمرات، واللقاءات بالشركات لعرض أهمية الإدراج بالبورصة لتلك الشركات.