
ديسكافري: الأدوية المغشوشة وارتفاع الأسعار يهددان صناعة الدواجن
الدكتور محمد مختار رئيس شركة “ديسكافرى فيت” للأدوية البيطرية:
ضعف الرقابة على المصانع يقضي على مستقبل الصناعة محليًا
غياب التسعير العادل يجبر صغار المربين على الخروج من السوق
نطالب بتكثيف جهود التوعية ومزيد من جهود توطين صناعة الدواء
النفوق الجماعي في بعض المزارع سببه ضعف الالتزام بالأمن الحيوي
تواجه صناعة الأدوية البيطرية، في مصر، ولا سيما اللازمة لتأمين تربية الدواجن، تحديات كبيرة، سواء من حيث ارتفاع تكاليف الإنتاج، أو انتشار المنتجات غير المطابقة للمواصفات.
ويقول الدكتور محمد مختار، رئيس مجلس ادارة شركة “ديسكافرى فيت” للأدوية البيطرية، إن قطاع الدواجن يواجه ضغوطًا متزايدة تهدد استقراره، خاصة مع تصاعد التكاليف وضعف منظومة الرقابة، مشيرًا إلى أن الصناعة تمر بمرحلة دقيقة ، تتطلب تدخلًا جادًا من الجهات المعنية.
وأضاف خلال حواره لموقع «عالم المال» أن هناك جهودًا تبذلها الدولة في ملف توطين صناعة الدواء البيطري، إلا أن تحقيق أثر فعلي على الأرض يتطلب تفعيل الرقابة، وتيسير الإجراءات، وفتح قنوات تواصل مباشرة بين المسؤولين والمربين لتحقيق التوازن في السوق.
وإلى نص الحوار..
صناعة الدواجن تواجه تحديات كبيرة يتحدث عنها الجميع فكيف ترى الأوضاع حاليا؟
لا شك أن صناعة الدواجن تمر بفترة صعبة، تؤثر على جميع أطراف المنظومة، خاصة صغار المربين الذين يواجهون أعباءً متزايدة نتيجة ارتفاع تكلفة الكتاكيت، والأعلاف، والأدوية، إلى جانب انتشار الأمراض الوبائية، وهذا الوضع غير المتوازن بين تكلفة الإنتاج والتسعير النهائي، الأمر الذي يؤدي إلى خروج عدد كبير من صغار المربين من السوق، بما ينعكس سلبًا على باقي سلاسل الصناعة، بما فيها شركات الأدوية، وشركات الأعلاف، والمفرخات.
هل يغطي الإنتاج المحلي احتياجات السوق؟
رغم الظروف فإن الإنتاج المحلي ما زال كافيًا لتغطية احتياجات السوق، بفضل وجود شركات كبرى تعتمد على قطعان أمهات خاصة بها، مما يضمن لها توفر الكتاكيت بأسعار أقل، وبالتالي القدرة على تخفيض تكاليف الإنتاج، والحفاظ على استمرارية دورات التسمين، وهو ما يسهم في استقرار المعروض من الدواجن.
وما تقييمك لحالات النفوق الجماعي الأخيرة؟
بالفعل شهدت الفترة الأخيرة عدة حالات نفوق جماعي داخل بعض المزارع، ما يعكس هشاشة الوضع البيئي والصحي، خاصة داخل المزارع الصغيرة، ويؤكد الحاجة إلى تعزيز نظم الوقاية، والرقابة البيطرية، وتحسين البنية التحتية للمزارع، تفاديًا لخسائر اقتصادية فادحة قد تهدد استمرارية عدد أكبر من المربين.
وما الأسباب الحقيقية لتكرار حالات نفوق جماعي داخل بعض المزارع في الفترة الأخيرة؟
انتشرت مزاعم حول وجود حالات إنفلونزا الطيور داخل بعض المزارع، مما دفع الجهات المسؤولة للتحرك الفوري، حيث أجرت عمليات حصر ومتابعة ميدانية، وسحبت عينات عشوائية للتأكد من دقة هذه المعلومات، إلا أن النتائج أظهرت وجود بعض الإصابات في مزارع محدودة، ولم يكن الوضع وبائيًا ولا خطيرًا.
ومن المهم الإشارة ، إلى أن وجود فيروسات متحورة في السوق لم يعد أمرًا نادرًا أو موسميًا، بل أصبحت الفيروسات موجودة على مدار العام، وتختلف فقط في الشكل والضراوة، وبالتالي، فإن وجود إصابات محدودة لا يعني وجود وباء عام في صناعة الدواجن، بل هو انعكاس لحساسية الصناعة، وضرورة رفع كفاءة الإجراءات الوقائية في المزارع.
يشكو المربون من أن أسعار الدواجن أقل من تكلفة التربية.. فما السبب؟
تراجع أسعار الدواجن مقارنة بتكلفة التربية يرجع إلى عدة أسباب رئيسية، منها: المغالاة في أسعار الكتاكيت من الشركات المنتجة، ما يشكل عبئًا كبيرًا في بداية الدورة الإنتاجية، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار التحصينات والأدوية البيطرية، مما يزيد من التكلفة النهائية، مع عدم مراعاة الجهات المسؤولة عن التسعير لتكاليف الإنتاج الفعلية، حيث لا يتم الأخذ في الاعتبار عوامل مثل سعر الكتكوت والعلف والعلاج، ما يؤدي إلى غياب التسعير العادل الذي يضمن للمربي تحقيق هامش ربح أو حتى تغطية التكاليف.
وما مدى التزام المزارع الصغيرة ببرامج التحصين والاشتراطات البيطرية؟
من أبرز التحديات التي تواجه صناعة الدواجن في مصر حاليًا هو ضعف التزام صغار المربين بالاشتراطات البيطرية الأساسية، سواء فيما يخص الأمن الحيوي داخل المزرعة، أو الاشتراطات الفنية، كالمسافات بين المزارع، واتجاه الرياح، والعزل الوقائي.
وهذا الإهمال يؤدي إلى سهولة انتشار الأمراض والأوبئة، وينعكس سلبًا على الإنتاجية ويزيد من الخسائر، خاصة في المزارع غير المؤهلة تقنيًا، أو التي تفتقر للمتابعة البيطرية المنتظمة.
كيف تؤثر تقلبات أسعار الأعلاف والأدوية على استقرار قطاع الدواجن؟
الأعلاف والأدوية البيطرية من العناصر الأساسية في دورة تربية الدواجن، وبالتالي فإن أي تقلب في أسعارها يؤثر بشكل مباشر على أداء المزارع، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى زيادة تكلفة الإنتاج، ما يقلص هامش ربح المربين، ويعرضهم للخسارة، خصوصًا عند انخفاض أسعار البيع.
أما في حال استقرار الأسعار أو انخفاضها، فإن ذلك يسهم في تحقيق ربحية مستقرة ويعزز من استمرارية المربين داخل السوق، ما يؤدي بدوره إلى تحقيق توازن عام في الصناعة.
كيف يمكن تقوية التواصل بين الطبيب البيطري وصغار المربين؟
تحسين التواصل بين الطبيب البيطري وصغار المربين يتطلب جهودًا توعوية مستمرة، لتوضيح أهمية الدور البيطري في حماية دورة الإنتاج ويمكن ذلك من خلال، التوعية المستمرة بأهمية دور الطبيب البيطري في تحسين مخرجات الدورة الإنتاجية، وتنظيم زيارات ميدانية دورية من الأطباء البيطريين للمزارع، وتقديم برامج تدريبية مبسطة لصغار المربين حول سبل الوقاية والتشخيص المبكر، وإنشاء قنوات سهلة لجمع العينات وإرسالها للفحص البيطرى، تسهيل إجراءات التواصل مع الطبيب عبر التطبيقات أو وحدات بيطرية متنقلة.
وما أهم المتطلبات للنهوض بصناعة الدواجن في الفترة المقبلة؟
تحقيق الاستقرار والنهوض الحقيقي بصناعة الدواجن، يتطلب عدة أمور أساسية يجب العمل عليها بشكل متكامل، كتحقيق تواصل فعّال بين الجهات المسؤولة عن التسعير والمربين، بهدف الوصول إلى آلية تسعير عادلة، تضمن عدم تعرض المربين للخسائر، وتحافظ على توازن السوق واستمرارية الإنتاج، وكذلك تعزيز قنوات الاتصال بين الجهات المعنية (الحكومية والرقابية) والمربين، من خلال عقد لقاءات دورية أو منصات تفاعلية، لسماع مطالب المربين وتحدياتهم والعمل على معالجتها بما يحقق مصلحة الطرفين.
بالإضافة إلى قيام الجهات المعنية بمتابعة التزام مزارع صغار المربيين بالاشتراطات البيطرية، والتوجيهات الواجبة على المربين أثناء إقامة المزرعة لتفادي انتشار الفيروسات والوصول إلى الاستقرار في القطاع.
بالنسبة لسوق الأدوية البيطرية فما أبرز المشكلات والتحديات التي تواجهها حاليًا؟
سوق الأدوية البيطرية تعاني في مصر من عدة تحديات جوهرية، تؤثر بشكل مباشر على كفاءة العلاج وثقة المربين، لكن يبقى أهمها وجود منتجات غير مطابقة للمواصفات، تطرحها بعض المصانع والشركات الأدوية، رغم أنها لا تتوافق مع المعايير البيطرية المطلوبة، ما يؤدي إلى ضعف أو انعدام فعالية هذه الأدوية عند استخدامها في حالات الإصابة، وهو ما يسهم في فقدان الثقة بشكل عام في السوق حتى تجاه المنتجات الجيدة.
بالإضافة إلى تعقيد إجراءات ترخيص الأدوية وطول مدتها، وهو ما يمثل تحديًا حقيقيًا أمام الشركات الجادة، ويؤخر دخول منتجات فعالة ومطلوبة إلى السوق، بما يخلق فجوة زمنية تؤثر على قدرة المربي في الحصول على حلول علاجية سريعة، وبالتالي يخلق هذا كله أزمة الثقة في الأدوية المحلية مقابل المستوردة، وذلك رغم وجود العديد من المنتجات المحلية عالية الجودة، إلا أن هناك فجوة ثقة لدى المربين لصالح المنتجات المستوردة، وهو ما يتطلب جهودًا من الشركات المحلية في إثبات الكفاءة، وتوثيق النتائج، وتوفير دعم فني واضح وموثوق لبناء ثقة حقيقية ومستدامة.
هل ترى أن الأدوية البيطرية المغشوشة تحظى بانتشار خطير فعليًا؟
نعم فبعض المنتجات المغشوشة أو غير المسجلة رسميًا لدى الجهات الرقابية، توجد في السوق بكثرة وهي أدوية لا تخضع للفحص أو التصنيع وفق المواصفات المعتمدة، وبالتالي تمثل خطورة لأنها تفشل في أداء دورها العلاجي والوقائي ضد الأمراض والفيروسات، مما يؤدي إلى تفشي العدوى داخل المزارع، وارتفاع معدلات النفوق، وتفاقم خسائر المربين بشكل يهدد استقرار القطاع الداجني كله.
برأيك كيف يمكن ضبط سوق الدواء البيطري وضمان تداول منتجات آمنة وفعالة؟
ضبط السوق البيطرية وضمان جودة الأدوية المتداولة، يستدعي تكثيف الحملات الرقابية على مكاتب بيع الأدوية، لضبط المنتجات المغشوشة أو غير المسجلة، والتأكد من توافقها مع المعايير المعتمدة، ومراقبة المصانع البيطرية لضمان التزامها الكامل بمعايير الصناعة والجودة، ومنع إنتاج أو توزيع أدوية غير مطابقة.
بالإضافة إلى وجود حملات رقابية لمنع التعامل مع كيانات غير مرخصة، سواء أفرادًا أو شركات لا تملك تصاريح مزاولة النشاط البيطري، مع اتخاذ إجراءات قانونية رادعة بحق المخالفين.
هل الإنتاج المحلي من الأدوية البيطرية يغطي احتياجات السوق.. أم أن هناك حاجة للاستيراد؟
الإنتاج المحلي من الأدوية البيطرية في مصر قادر على تغطية احتياجات السوق بدرجة كبيرة، بفضل وجود عدد من المصانع الوطنية عالية الكفاءة، التي تعمل وفق معايير الجودة وسلامة التصنيع البيطري، ومع هذا لا تزال هناك فجوة ثقة بين بعض المربين والمنتجات المحلية، ما يدفعهم في كثير من الأحيان إلى الاعتماد على المستورد، رغم أن كثيرًا من الأدوية المصنعة محليًا تضاهي نظيراتها المستوردة في الكفاءة والنتائج الحقلية.
ربما هناك تفاوت في جودة الأدوية المحلية مقارنة بالمستوردة؟
في الواقع لا يوجد تفاوت جوهري في الجودة بين الأدوية المحلية والمستوردة، حيث إن العديد من المنتجات المحلية أثبتت فعالية كبيرة في الاستخدام الميداني، وتقدم نتائج حقلية ممتازة، والمشكلة في الأنواع المغشوشة.
ما تأثير ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية على المربين؟
ارتفاع تكلفة الأدوية البيطرية يشكل عبئًا كبيرًا على المربين، خاصة في ظل عدم توازن أسعار البيع عند نهاية الدورة الإنتاجية، وهذا الخلل يؤدي إلى تراجع هامش الربح أو التعرض للخسائر المباشرة، وهو ما يدفع العديد من صغار المربين إلى الخروج من السوق تدريجيًا، ما يُهدد استمرارية القطاع وتوازنه على المدى الطويل.
وكيف تقيم جهود وزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية في تنظيم سوق الأدوية؟
تبذل وزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية جهودًا ملحوظة في تنظيم سوق الأدوية البيطرية، خاصة من خلال تيسير إجراءات تسجيل المنتجات والمركبات الدوائية، كما تسهم هذه الجهود في تشجيع الشركات على إدخال منتجاتها بشكل قانوني ومنظم، بما يضمن خضوعها لاختبارات الجودة والسلامة، ويُساهم في الحد من تداول الأدوية المغشوشة أو غير المطابقة للمواصفات داخل السوق.
هل ترى دعمًا حقيقيًا من الدولة لتوطين صناعة الدواء البيطري في مصر؟
الدولة تبذل جهودًا كبيرة من خلال الجهات المعنية، لتوطين صناعة الدواء البيطري، وذلك عبر إتاحة الفرصة أمام المستثمرين لإنشاء مصانع جديدة، وتيسير إجراءات التراخيص، إضافة إلى إطلاق مبادرات تمويلية بفوائد منخفضة لدعم هذا القطاع الحيوي، وهذه الخطوات تعكس رغبة الدولة في تعزيز الاكتفاء الذاتي من الأدوية البيطرية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما يسهم في استقرار السوق وضمان توفر الأدوية بأسعار مناسبة.
إذن ما أبرز خطوات الإصلاح التي يجب البدء بها فورًا لتطوير القطاع؟
تطوير قطاع الثروة الداجنة وصناعة الدواء البيطري، يستوجب اتخاذ مجموعة من الخطوات العاجلة، وعلى رأسها إنشاء قنوات تواصل مباشرة وفعالة بين الجهات المعنية وصغار المربين، كما سبق وتحدثنا، بهدف بحث التحديات اليومية وإيجاد حلول عملية ومرضية، مع تشديد الرقابة على جودة الأدوية البيطرية المتداولة في السوق لضمان مطابقتها للمواصفات والمعايير الفنية، ومتابعة حركة تسعير الأعلاف والكتاكيت بشكل دوري، والعمل على الحد من التصاعد المستمر في أسعارها حفاظًا على التوازن الاقتصادي داخل القطاع.
كما يجب أيضًا إطلاق حملات توعوية مكثفة لصغار المربين، لتعزيز وعيهم بأهمية تطبيق الأمن الحيوي داخل المزارع، باعتباره حجر الأساس في الحفاظ على صحة القطيع واستقرار دورة الإنتاج.
أخيرًا.. هل لديكم أي مطالب من الحكومة لدعم القطاع؟
كل ما سبق أن تحدثنا عنه يمثل مطالب حقيقية ومهمة، وإن كان يمكن نعيد التركيز على شيء بعينه فهو ضرورة الاهتمام تيسير إجراءات استيراد المواد الخام اللازمة للتصنيع، لما تمثله من أهمية كبرى لاستمرارية عمل مصانع الأدوية البيطرية، وإنشاء قنوات تواصل فعالة بين الجهات المعنية بالتسعير والمربين، بهدف الوصول إلى تسعير عادل يعكس التكاليف الفعلية للدورة الإنتاجية ويحفظ استقرار السوق، ومواجهة نشاط الشركات غير المرخصة ومجهولة الهوية، التي تعمل دون معايير أو رقابة، بكل حزم.