صادرات البطاطس تسجل رقمًا قياسيًا.. وقرار أوروبي يعزز المكاسب

في الوقت الذي تتصاعد فيه الطموحات المصرية لزيادة الصادرات الزراعية، وتوسيع قاعدة الأسواق المستقبلة للمنتجات المحلية، جاءت أخبار البطاطس المصرية هذا الأسبوع لتضيف دفعة قوية إلى هذه التوجهات، فبعد سنوات من الجهود التنسيقية والتحسينات في منظومة الفحص والرقابة، تكللت المساعي بإصدار الاتحاد الأوروبي تشريعًا جديدًا يُسهم في تخفيف القيود الفنية والإجرائية على البطاطس المصرية، ويعزز قدرتها التنافسية في واحدة من أهم الوجهات التصديرية.

فقد أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الإدارة المركزية للحجر الزراعي، عن صدور التشريع الأوروبي رقم 1289 لسنة 2025، الذي يتضمن حزمة من التسهيلات الفنية والتصديرية لبطاطس المائدة المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي، ويُعد القرار تطورًا نوعيًا في ملف الصادرات الزراعية، وبشرى سارة للمزارعين والمُصدرين على حد سواء، لما يوفره من خفض في التكلفة، وتسريع في إجراءات الفحص والشحن.

أشار الدكتور محمد المنسي، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي، إلى أن القرار ثمرة لتعاون مؤسسي ممتد بين الجهات المعنية داخليًا، وعلى رأسها مشروع مكافحة العفن البني، واللجنة العليا لتنظيم تصدير البطاطس، وجهات خارجية أبرزها المفوضية الأوروبية.

وأوضح المنسي أن من أبرز التعديلات التي جاء بها القرار الجديد: زيادة وزن الشحنة المسموح بها من 25 إلى 27.5 طنًا، وتقليص عدد العينات المطلوبة للفحص إلى عينة واحدة فقط، وهو ما يؤدي مباشرة إلى خفض التكلفة اللوجستية وتحسين كفاءة التصدير.

قفزة غير مسبوقة في صادرات البطاطس

وكان وزير الزراعة السيد علاء فاروق قد كشف في وقت سابق عن أن مصر سجلت أعلى رقم في تاريخ تصدير البطاطس، متجاوزة 1.3 مليون طن خلال عام واحد، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الجودة وثقة الأسواق الخارجية، ولفت الوزير إلى أن مصر باتت تحظى بقبول أوسع لدى جهات الفحص الأوروبية، خاصة بعد اعتماد المعامل الحديثة مثل معمل العفن البني، ما أسهم في تقليص نسبة الشحنات المرفوضة إلى معدلات لا تُذكر.

كما أشار فاروق إلى أن الاتحاد الأوروبي خفض عدد العينات المطلوبة من عدة عينات إلى واحدة فقط، ورفع وزن الشحنة، معتبرًا أن هذه التعديلات تؤكد نجاح المنظومة الرقابية المصرية، وتدعم خطط الدولة نحو رفع قيمة الصادرات الزراعية إلى 12 مليار دولار في 2025، ثم إلى 20 مليار دولار بحلول 2030.

جهود مشروع مكافحة العفن البني.. درع أمان لصادرات البطاطس

يلعب مشروع مكافحة العفن البني دورًا محوريًا في تأمين سلامة صادرات البطاطس المصرية، خاصة إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تفرض اشتراطات صارمة فيما يتعلق بهذا المرض، ويعمل المشروع بالتعاون مع المعمل المركزي للحجر الزراعي على إجراء فحوص دقيقة للعينات من مناطق الزراعة التصديرية، وضمان خلوها من أي إصابات محتملة.

وأسهم المشروع، خلال السنوات الماضية، في بناء ثقة متزايدة لدى الجهات الرقابية الأوروبية، حيث تراجعت حالات الرفض أو الاحتجاز للشحنات المصرية بشكل كبير، مما أفسح المجال أمام توسع أكبر في حجم الكميات المصدرة.

تطور الصادرات بالأرقام خلال المواسم الأخيرة

تشير بيانات الإدارة المركزية للحجر الزراعي إلى أن صادرات البطاطس المصرية سجلت قفزات كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ففي موسم 2022، بلغ إجمالي الكميات المُصدرة نحو 678 ألف طن فقط، أما في 2023، فقد ارتفعت إلى 832 ألف طن، ثم حققت في الموسم الحالي حتى يوليو 2025 أكثر من 1.081 مليون طن، بزيادة تفوق 249 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي.

وتصدرت روسيا قائمة الدول المستوردة بواقع 351 ألف طن، تلتها دول الاتحاد الأوروبي بحوالي 331 ألف طن، والدول العربية بنحو 315 ألف طن، فيما توجهت كميات أخرى بواقع 83 ألف طن إلى دول أجنبية مختلفة.

مصر بين كبار منتجي البطاطس إقليميًا

تُعد البطاطس واحدة من أعمدة الزراعة التصديرية في مصر، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد الموالح من حيث حجم التصدير. وتنتشر زراعتها في مناطق الدلتا والصحراء الجديدة، بإنتاج سنوي يزيد عن 6 ملايين طن، وفق بيانات وزارة الزراعة.

ويُصدر المحصول إلى أكثر من 40 دولة حول العالم، منها روسيا، دول الاتحاد الأوروبي، الهند، دول الخليج، وعدد من الدول الإفريقية، في ظل تزايد الطلب على البطاطس المصرية لما تتمتع به من جودة عالية وسعر تنافسي.

تحديات سابقة في مسار التصدير

ورغم هذا النجاح، لم يخلُ طريق تصدير البطاطس من عراقيل، خاصة ما يتعلق بتشدد الاشتراطات الأوروبية، وعلى رأسها الفحوص المتكررة للعفن البني، إلى جانب تحديد أوزان الشحنات، وتأخر إصدار الشهادات التصديرية في بعض الأحيان، لكن هذه التحديات بدأت بالانحسار تدريجيًا بفضل المفاوضات الفنية المستمرة، لتُتوج مؤخرًا بالتشريع الأوروبي الجديد.

المجلس التصديري: القرار يدعم الخطط الطموحة للقطاع

من جانبه، رحب المجلس التصديري للحاصلات الزراعية بقرار الاتحاد الأوروبي، معتبرًا إياه خطوة استراتيجية ستُحدث نقلة نوعية في حجم صادرات البطاطس خلال السنوات المقبلة، وأوضح المجلس أن رفع وزن الشحنة وتقليص عدد العينات سيُسهمان في تخفيض التكلفة بنسبة ملحوظة، مما يعزز قدرة المصدر المصري على المنافسة في السوق الأوروبية.

وأكد المجلس أن هذه التسهيلات تتناغم مع التوجه العام للدولة نحو التحول إلى زراعة ذكية وتصدير مستدام، مشيرًا إلى أن البطاطس المصرية باتت تحظى بثقة متزايدة لدى مستوردي الاتحاد الأوروبي نتيجة للتحسن الكبير في أنظمة الفحص والتتبع والجودة، وهو ما يفتح الباب أمام أسواق جديدة وفرص تصديرية واعدة.