
فيتش الأمريكية: مصر سوق جاذبة لتصنيع وتجميع السيارات
أكدت وكالة فيتسوليوشنز الأمريكية، في أحدث تقاريرها حول صناعة السيارات، أن السوق المصرية بات يتمتع بجاذبية متزايدة كمركز إقليمي لتجميع وتصنيع السيارات، مدفوعًا بمجموعة من السياسات الصناعية الطموحة التي تتبناها الدولة. وأشارت الوكالة إلى أن هذا التوجه الحكومي القوي أسهم في تعزيز ثقة كبار المصنعين العالميين، وعلى رأسهم شركات مثل ستيلانتس ونيسان وجنرال موتورز، التي تواصل ضخ استثمارات في خطوط الإنتاج المحلية بمصر، مستفيدة من بيئة تشريعية وتنظيمية مشجعة.
وجاءت هذه التصريحات في إطار تقرير رسمي سلّط الضوء عليه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، والذي تناول بالتفصيل تقييم فيتش لأداء قطاع السيارات المصري وآفاق نموه المستقبلية.
وأوضح التقرير أن السياسات الحكومية الموجهة لصناعة السيارات، بما في ذلك البرامج التحفيزية ومشروعات البنية التحتية الصناعية، تلعب دورًا محوريًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى هذا القطاع. كما رأت “فيتش” أن الاستقرار الاقتصادي الكلي الذي تشهده مصر خلال السنوات الأخيرة عزز من ثقة المستثمرين وساعد على تحقيق تقدم ملموس في قطاع الصناعة، لا سيما في مجالات التجميع المحلي والتصنيع الكامل.
وبيّن التقرير أن مصر شهدت توسعًا ملحوظًا في استثمارات مصنعي المعدات الأصلية (OEMs) خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما يعكس الرغبة المتزايدة لدى الشركات العالمية في توطين عمليات الإنتاج داخل مصر، سواء لتلبية الطلب المحلي أو لاستخدام مصر كقاعدة تصديرية للأسواق الإقليمية.
وترى فيتش أن هذا الاتجاه التصاعدي في الاستثمارات يعود بشكل رئيسي إلى التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها الدولة المصرية في دعم سلاسل القيمة المحلية، وتقديم الحوافز المباشرة وغير المباشرة للشركات العاملة في هذا المجال، ما يجعل من السوق المصري بيئة واعدة للصناعة والتصدير على السواء.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أن مجلس الوزراء وافق في مايو الماضي على إطلاق برنامج حوافز جديد موجه لإنتاج السيارات محليًا، وذلك في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتطوير صناعة السيارات في مصر. ويهدف البرنامج إلى تعزيز المكون المحلي في عملية الإنتاج، عبر رفع نسبته من 45% إلى 60%، وهو ما يعزز القيمة المضافة للصناعة الوطنية ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
كما تستهدف السياسة الحكومية الجديدة زيادة الطاقة الإنتاجية لتصل إلى أكثر من 400 ألف وحدة سنويًا، على أن يُخصص ما لا يقل عن 25% من هذا الإنتاج للتصدير، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام القطاع لدخول أسواق أفريقية وعربية وأوروبية، مستفيدًا من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر مع العديد من الدول.
ورغم النظرة الإيجابية التي عبّرت عنها فيتش، إلا أن التقرير أشار إلى أن تحقيق الأهداف الطموحة لصناعة السيارات في مصر بحلول عام 2030 سيتطلب ضخ استثمارات ضخمة، وتوفير مزيد من البنية التحتية الصناعية المتطورة، فضلاً عن تحسين كفاءة سلاسل الإمداد المحلية، وتوفير العمالة الفنية المدربة والمؤهلة للعمل في مختلف مراحل التصنيع.
كما شدد التقرير على أهمية مواصلة الدولة لجهودها في تحسين بيئة الأعمال وتقليل البيروقراطية، بما يسهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الصناعية، ويزيد من قدرة القطاع على جذب استثمارات جديدة خلال السنوات المقبلة.
ويبدو أن صناعة السيارات في مصر تسير بخطى ثابتة نحو التحول إلى مركز صناعي إقليمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، مدعومة برؤية حكومية واضحة وتعاون مع كبرى الشركات العالمية. ومع تزايد الطلب على السيارات، وخاصة الكهربائية والصديقة للبيئة، من المتوقع أن يشهد السوق المحلي تطورًا متسارعًا خلال العقد المقبل.
ويعكس تقرير فيتش حالة من الثقة الدولية في قدرة مصر على النهوض بقطاع السيارات، ليس فقط كوجهة للتجميع، وإنما كمركز متكامل للتصنيع والتصدير، في إطار سعي الدولة للتحول إلى اقتصاد صناعي تنافسي وقائم على المعرفة والتكنولوجيا.