
خطوتك الأولى للمكسب.. كيف تبدأ مشروع مزرعة سمكية بأقل التكاليف؟
في ظل التحديات المتزايدة لتحقيق الأمن الغذائي وتلبية احتياجات السوق المحلي من البروتين الحيواني الآمن، تبرز مشاريع الثروة السمكية كأحد أهم البدائل الإستراتيجية لتحقيق الاكتفاء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، فمع اتساع الفجوة بين العرض والطلب على اللحوم الحمراء والدواجن، تتجه الأنظار نحو “الكنز الأزرق” الذي يزخر بإمكانات إنتاجية هائلة، وعوائد اقتصادية واعدة.
تُعد إقامة مشروع مزرعة سمكية اليوم أحد أبرز مجالات الاستثمار الزراعي والغذائي التي تلقى دعمًا مباشرًا من الدولة، في إطار خطتها للتوسع في الاستزراع السمكي، وتعزيز إنتاج مصر من الأسماك، والذي تجاوز بالفعل حاجز 2.1 مليون طن سنويًا، لتحتل البلاد المرتبة الأولى إفريقيًا، والثالثة عالميًا في إنتاج البلطي.
ومع تنامي الطلب المحلي والعالمي على الأسماك، تتزايد فرص نجاح المشروعات السمكية، خاصة مع التيسيرات الحكومية في تخصيص الأراضي، وتوفير الزريعة، والدعم الفني والتسويقي.
يرصد موقع «عالم المال» من خلال هذا التقرير أبرز ملامح مشروع إقامة مزرعة سمكية، من اختيار الموقع وتجهيز البنية التحتية، مرورًا بطرق التربية والتغذية، وحتى دراسة الجدوى الاقتصادية ومراحل التسويق، مع تسليط الضوء على المكانة الإنتاجية لمصر في هذا القطاع الحيوي.
أهمية مشروع المزرعة السمكية
المساهمة في تقليل الاعتماد على الأسماك المستوردة.
إنتاج بروتين حيواني صحي وآمن.
استغلال الموارد المائية المتاحة سواء كانت مياه صرف زراعي أو آبار أو مياه مالحة (في حالة الاستزراع البحري).
توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
زيادة الدخل القومي من خلال التصدير في حال التوسع.

أنواع الاستزراع السمكي المناسبة للمشروع
الاستزراع في أحواض ترابية: يعتمد على حفر أحواض في التربة وتبطينها أو تركها طبيعية.
الاستزراع في أحواض خرسانية: أكثر تكلفة لكنه أكثر تحكمًا في جودة المياه وكثافة الأسماك.
الاستزراع المكثف: يعتمد على تقنيات متقدمة لتربية كثافات عالية من الأسماك باستخدام الأكسجين الإضافي ونظم الترشيح.
الاستزراع التكاملي: دمج الزراعة السمكية مع الزراعة النباتية (مثل زراعة النباتات باستخدام مياه الأحواض بعد تنقيتها).
كيفية اختيار الموقع المناسب لإنشاء مزرعة سمكية
يمثل اختيار الموقع الخطوة الأولى والأهم نحو نجاح مشروع الاستزراع السمكي، إذ يجب أن تتوافر في الأرض المختارة عدة مقومات لضمان بيئة إنتاجية صحية وآمنة.
قربه من مصدر مياه ثابت (نهر، ترعة، بئر).
توافر مصدر كهرباء لتشغيل الطلمبات والآلات.
توافر طرق ممهدة لتسهيل النقل والتسويق.
جودة التربة (في حالة الأحواض الترابية).
البعد عن مصادر التلوث الكيميائي أو الصناعي.

مستلزمات إنشاء المزرعة السمكية
أحواض التربية: سواء ترابية أو خرسانية، حسب نوع المشروع.
شبكة صرف وري: لضمان تدفق المياه وتجديدها.
ماكينات ضخ المياه وأجهزة تهوية.
أعلاف الأسماك: بنوعية جيدة حسب نوع السمك.
زريعة أسماك: يُفضل شراؤها من مفرخات معتمدة لضمان الجودة.
معمل صغير أو أدوات تحليل مياه لمراقبة الجودة.
سياج أو نظام حماية ضد الطيور والحيوانات المفترسة.
أنواع الأسماك المناسبة للاستزراع
البوري
البلطي (الأكثر شيوعًا في مصر)
القراميط
الحنشان
الدنيس والقاروص (في حالة المياه المالحة أو شبه المالحة)
الجمبري (يتطلب تقنيات خاصة)
تكاليف المشروع التقديرية
تختلف حسب نوع الأحواض، حجم المزرعة، ونوع الأسماك، لكن يمكن تقديم مثال تقريبي لمزرعة متوسطة على مساحة فدان واحد:
حفر وتجهيز الأحواض: 100 – 150 ألف جنيه
مضخات ومعدات تهوية: 50 ألف جنيه
زريعة: 10 – 15 ألف جنيه
أعلاف (للدورة الواحدة): 80 – 100 ألف جنيه
أجور عمالة ووقود: 30 – 50 ألف جنيه
مصروفات طبية وفنية: 10 – 20 ألف جنيه
الإجمالي التقريبي للدورة الأولى: بين 280 إلى 400 ألف جنيه
وتختلف الأسعار مع اتغيرات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الإنتاج
دورة الإنتاج
مدة الدورة: تتراوح من 6 إلى 8 أشهر حسب نوع السمك.
متوسط الإنتاج: 3 إلى 5 طن للفدان في الدورة الواحدة.
التسويق: من خلال أسواق الجملة أو بيع مباشر للتجار أو المشاركة في مبادرات وزارة الزراعة.
التراخيص والإجراءات الرسمية
استخراج رخصة مزاولة النشاط من هيئة تنمية الثروة السمكية أو المحافظة.
موافقة من وزارة الري (في حالة استخدام مياه النيل أو الترع).
ترخيص بيئي إذا كانت المزرعة كبيرة الحجم.
التأمين على المشروع في بعض الحالات ضد المخاطر الطبيعية.

نصائح لنجاح مشروع المزرعة السمكية
اختيار نوع الزريعة المناسب للظروف البيئية المتاحة.
الحفاظ على جودة المياه وقياس نسبة الأوكسجين والأمونيا بانتظام.
اتباع برامج تغذية دقيقة وعدم الإفراط في العلف.
المراقبة الصحية المستمرة للأسماك.
استشارة مختصين عند ظهور أي أعراض غير طبيعية.
إنتاج مصر من الأسماك ومكانتها الإقليمية
تُعد مصر من الدول الرائدة في إنتاج الأسماك على مستوى القارة الإفريقية والعالم العربي، حيث بلغ إجمالي الإنتاج السنوي حتى عام 2025 نحو 2.1 مليون طن، وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الأولى إفريقيًا في الاستزراع السمكي، ويُساهم الاستزراع السمكي بنسبة تتجاوز 80% من إجمالي الإنتاج، بينما تأتي النسبة الباقية من المصايد الطبيعية في البحرين الأحمر والمتوسط، ونهر النيل، والبحيرات الشمالية مثل المنزلة والبرلس ومريوط وإدكو.
ويمثل سمك البلطي النيلي العمود الفقري للإنتاج المحلي، إلى جانب أنواع أخرى مثل البوري والقراميط والدنيس والقاروص، بينما يواصل القطاع خطواته التوسعية من خلال مشروعات استراتيجية مثل بركة غليون، والفيروز، ومثلث الديبة، وتطوير البحيرات.
ورغم أن استهلاك الفرد من الأسماك في مصر بلغ حوالي 20 كجم سنويًا، ما يقترب من المعدلات العالمية، فإن البلاد تحقق أكثر من 90% اكتفاءً ذاتيًا من الأسماك، مع تصدير كميات محدودة لبعض الأنواع عالية الجودة وتعمل الدولة على رفع قدرات التصدير من خلال تحسين نظم الإنتاج، ودعم المزارعين، وتعزيز القيمة المضافة للمنتج السمكي، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بارتفاع أسعار الأعلاف وتغير المناخ.
يُعد مشروع إقامة مزرعة سمكية من المشاريع الواعدة التي تحقق عوائد اقتصادية واجتماعية قوية، خاصة في ظل اهتمام الدولة المتزايد بتنمية الثروة السمكية وتوسيع نطاق الاستزراع في المناطق غير التقليدية، ومع التخطيط الجيد، والمتابعة الفنية الدقيقة، والتسويق الفعال، يمكن لهذا المشروع أن يكون مصدر دخل مستقر ومستدام للمستثمر أو المزارع، إضافة إلى دوره الحيوي في دعم الأمن الغذائي المصري.