
الزراعة تواجه تحديات مائية ومناخية.. وتطوير أساليب التسميد ضرورة
المهندس معاوية العطار المدير التنفيذى لشركة “جرين ماتريكس” فى حوار لـــــــــــ«عالم المال»:
ارتفاع أسعار المواد الخام والشحن وأساليب التسميد.. أبرز التحديات أمام القطاع الزراعي
منتجات بجودة عالمية تعاني محليًا.. معوقات تهدد صناعة المخصبات والأسمدة الزراعية وتُبطئ مسار التصدير
تكلفة الإنتاج وصعوبة اعتماد المواد العضوية أبرز التحديات أمام التحول للزراعة العضوية
«جرين ماتريكس» ننتج 70 تركيبة متنوعة ونتطلع إلى مضاعفة التصدير للأسواق الأوروبية
سوق المخصبات في مصر يتجه بقوة نحو الحلول الآمنة والعضوية
نسعى لتقليل متبقيات المبيدات لدعم الصادرات الزراعية للأسواق الصعبة
الزراعة التعاقدية مفتاح الاستدامة وضمان جودة المنتجات التصديرية
الأراضي الجديدة فرصة ذهبية للتحول نحو الزراعة العضوية في مصر
في ظل الاهتمام المتزايد بتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاستدامة الزراعية، يبرز قطاع المخصبات والأسمدة الزراعية كأحد الركائز الأساسية لدعم الإنتاج الزراعي في مصر، خاصة مع التوسع الأفقي في الرقعة الزراعية وزيادة الاعتماد على الزراعات التصديرية.
ورغم الفرص الواعدة، يواجه السوق تحديات تتعلق بضبط الجودة، والرقابة على المدخلات، والتوافق مع الاشتراطات الدولية المتعلقة بمتبقيات المبيدات والأسمدة.
حول دور الشركات الوطنية في هذا القطاع، والتحديات والفرص المتاحة، تحدثنا مع المهندس معاوية العطار، المدير التنفيذي لشركة “جرين ماتريكس”، إحدى الشركات الرائدة في إنتاج وتصدير المخصبات الزراعية، والذي أكد أن تعزيز التعاون بين الدولة والقطاع الخاص، ودعم البحث العلمي، وتشجيع الزراعة التعاقدية، هي مفاتيح تحقيق الاستدامة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية المصرية في الأسواق العالمية.. وإلى نص الحوار
فى البداية حدثنا عن تاريخ تأسيس الشركة، وما أهم المحطات في رحلتها بالسوق الزراعي المصري؟
تم تأسيس شركة جرين ماتريكس عام 2020 برؤية واضحة لدعم وتطوير القطاع الزراعي المصري، خاصة في مجال الأسمدة والمخصبات عالية الجودة، منذ البداية ركزنا على الابتكار، وتقديم حلول تتماشى مع التغيرات المناخية ومتطلبات المزارع المصري.
من أهم محطاتنا دخولنا أسواق التصدير في عام 2021، والحصول على شهادات الجودة الدولية، بالإضافة إلى إنشاء خطوط إنتاج متطورة داخل مصر ساعدتنا على تحقيق نسب نمو متقدمة وخدمة عملائنا بشكل مباشر وسريع.
تمتلك الشركة مصنعًا محليًا مجهزًا بأحدث خطوط الإنتاج والمعامل الخاصة بالفحص وضبط الجودة، وهو ما يتيح لنا تصنيع معظم المنتجات محليًا بجودة تضاهي المستورد، ونعتمد على الاستيراد فقط في بعض المواد الخام المتخصصة التي لا يتم إنتاجها محليًا، وتقوم الشركة بتصنيع أكثر من 70 منتج.
ما حجم صادراتكم من المخصبات الزراعية؟ وما أبرز الأسواق التي تستقبلها؟
نصدر سنويًا ما يقرب من 500 طن من منتجات المخصبات الزراعية، ونركز بشكل رئيسي على الشرق الأوسط والأسواق الأفريقية، وعلى رأسها السعودية والعراق، لما تتمتع به من طلب مستقر على المنتجات عالية الجودة، ونطمح للتوسع في أسواق جديدة خلال الفترة المقبلة.
وما أبرز الأسواق التي تستهدفونها؟
نعمل حاليًا على فتح آفاق جديدة للتصدير في أوروبا الشرقية وآسيا، نظرًا للطلب المتزايد على المنتجات عالية الكفاءة والموائمة للمعايير البيئية في تلك المناطق.
ما هي أنواع الأسمدة والمخصبات التي تقدمونها، وما الذي يميزها عن المنتجات المنافسة؟
نُقدم باقة متكاملة من الحلول السمادية تشمل الأسمدة السائلة، والمركبات الذائبة، والمخصبات الحيوية، إلى جانب منتجات معالجة التربة والمياه، وتتميز منتجاتنا بالاعتماد على خامات عالية النقاء وتركيبات دقيقة مصممة لتلبي الاحتياجات الفعلية للنبات في كل مرحلة من مراحل النمو، كما نولي اهتمامًا كبيرًا باستخدام المواد الصديقة للبيئة، وتقليل الملوحة والتراكمات الضارة في التربة، ما ينعكس إيجابيًا على جودة المحصول وزيادة إنتاجيته مقارنة بالمنتجات التقليدية.
هل لديكم معامل أو مصانع إنتاج محلية، أم تعتمدون على الاستيراد والتوزيع؟
نمتلك مصانع محلية مجهزة بأحدث تقنيات الخلط والتعبئة، ما يمنحنا القدرة على تلبية احتياجات السوق المحلي والتوسع في التصدير، رغم اعتمادنا على استيراد بعض المواد الخام المتخصصة لضمان أعلى جودة، فإن جميع عمليات التصنيع والتعبئة تتم بالكامل داخل مصر تحت رقابة دقيقة من معاملنا الخاصة لضبط الجودة، وهو ما يضمن ثبات الكفاءة والمعايير الفنية في كل منتج نطرحه.
هل تمتلك الشركة مركزًا للبحث والتطوير؟ وكيف تسهمون في تطوير تركيبات جديدة صديقة للبيئة؟
نعم، تمتلك الشركة وحدة بحث وتطوير تعمل بشكل مستمر على ابتكار حلول متقدمة في مجال تغذية النبات، بالتعاون مع نخبة من الخبراء والكيميائيين المختصين، نولي اهتمامًا خاصًا بابتكار تركيبات تقلل الفاقد من العناصر الغذائية، وتحافظ على خصوبة التربة، مع التركيز على إنتاج مخصبات حيوية ومعززات طبيعية صديقة للبيئة، بما يواكب التوجهات العالمية في الزراعة المستدامة.
ما مدى تعاونكم مع الجامعات أو مراكز البحوث الزراعية في تطوير المنتجات؟
نحرص على تعزيز التعاون العلمي من خلال شراكات فاعلة مع كليات الزراعة في عدد من الجامعات المصرية، بالإضافة إلى التعاون المستمر مع مراكز البحوث الزراعية لإجراء التجارب الحقلية وتقييم أداء منتجاتنا تحت ظروف مناخية وزراعية متنوعة، هذا التعاون الوثيق يُمكّننا من تطوير تركيبات تتلاءم مع التحديات الواقعية التي يواجهها المزارعون، ويوفر حلولًا عملية ومبنية على نتائج علمية موثوقة.
ما الإجراءات التي تتبعونها لضمان جودة وسلامة المنتجات قبل طرحها في السوق؟
تتبنى الشركة منظومة صارمة لضمان الجودة تبدأ باختيار أفضل المواد الخام، وتستمر عبر جميع مراحل التصنيع والتعبئة، وتنتهي بمراقبة دقيقة للمنتج النهائي داخل معاملنا المتخصصة، ونعمل وفق ISO المعتمدة دوليا، ونجرى اختبارات دورية لضمان توافق المنتجات مع المواصفات القياسية المصرية والدولية، ما يعزز ثقة المزارع في كفاءة وسلامة ما نقدمه.
كيف تضمنون خلو منتجاتكم من أي مواد محظورة أو ذات أثر متراكم على التربة أو النبات؟
نلتزم التزامًا صارمًا بالمعايير البيئية وقوائم المواد المحظورة دوليًا، ونخضع جميع منتجاتنا لتحاليل دقيقة داخل معاملنا وكذلك لدى جهات اعتماد معترف بها خارجيًا، نعتمد على مكونات آمنة بيئيًا وخالية من أي مركبات ضارة، بما يضمن الحفاظ على خصوبة التربة، وسلامة النبات، وصحة المستهلك على المدى الطويل.
هل حصلتم على شهادات جودة أو اعتماد من هيئات محلية أو دولية؟
حصلت الشركة على عدد من شهادات، ISO 14001 و ISO 9001، لنظام الإدارة البيئية، إلى جانب اعتماد منتجاتنا من وزارة الزراعة المصرية، كما تم اعتماد بعض منتجاتنا من جهات دولية في الأسواق التصديرية، ما يعكس التزامنا بالمواصفات القياسية العالمية ويعزز قدرتنا التنافسية.
هل تقدمون خدمات دعم فني أو إرشاد زراعي للمزارعين حول كيفية الاستخدام الآمن والفعال للمخصبات؟
نعم، نولي أهمية كبيرة لخدمة ما بعد البيع، إذ يضم فريقنا الفني نخبة من المتخصصين الذين يجرون زيارات ميدانية منتظمة للمزارع، لتقديم برامج تسميد متكاملة تتناسب مع طبيعة المحصول وظروف الأرض، كما ننظم بشكل دوري ورش عمل وندوات تدريبية تهدف إلى رفع الوعي بالاستخدام الرشيد والآمن لمنتجاتنا، بما يحقق أفضل نتائج ممكنة للمزارعين.
كيف ترون مستوى وعي المزارع المصري حاليًا باستخدام الأسمدة المتخصصة؟
مستوى وعي المزارع المصري شهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا في ظل توسع الزراعات التصديرية وحرص الكثير من المزارعين على الالتزام بالمواصفات المطلوبة دوليًا، ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة لتعزيز الإرشاد والتدريب الميداني، بهدف تحقيق أعلى كفاءة ممكنة في استخدام الأسمدة والمخصبات، وتقليل الهدر ورفع الإنتاجية.
كيف ترون حجم المنافسة في سوق الأسمدة والمخصبات في مصر؟
السوق المصري يُعد من أكبر الأسواق في المنطقة وأكثرها تنوعًا، وتشهد هذه السوق منافسة محتدمة بين الشركات المحلية والعالمية، نرى في هذه المنافسة دافعًا إيجابيًا يحفزنا على التطوير المستمر، سواء على صعيد الجودة أو الابتكار، وهو ما يصب في مصلحة المزارع المصري في نهاية المطاف.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم على مستوى الإنتاج والتوزيع والتشريعات؟
تتمثل التحديات الأساسية في ارتفاع أسعار المواد الخام عالميًا، إضافة إلى التقلبات الكبيرة في أسعار الشحن والنقل، وهو ما ينعكس على تكاليف الإنتاج، كما نواجه بعض العراقيل التشريعية، لكننا نعمل بشكل مستمر مع الجهات المعنية لتذليلها، ورغم هذه التحديات، لدينا رؤية واضحة وخطط ممنهجة لتجاوزها، مع الحفاظ على جودة المنتج وتوسيع قاعدة المستفيدين.
ما هي خطتكم المستقبلية للتوسع داخل وخارج مصر؟
تتضمن استراتيجيتنا المستقبلية التوسع محليًا عبر زيادة نقاط التوزيع، وتعزيز الشراكات مع صغار المزارعين بهدف نقل الخبرات والتقنيات الحديثة إليهم، أما خارجيًا، فنسعى لإقامة شراكات استراتيجية مع كيانات دولية، وتوسيع قاعدة التصدير إلى أسواق جديدة واعدة، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز من تنافسية المنتج المصري.
من وجهة نظركم، ما أبرز التحديات التي تواجه الزراعة المصرية اليوم؟
الزراعة المصرية تواجه تحديات متشابكة، أبرزها ندرة الموارد المائية، والتغيرات المناخية التي تؤثر على مواسم الزراعة وجودة المحاصيل، إلى جانب ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، هذه المعوقات تتطلب حلولًا غير تقليدية، لعل من أهمها تطوير أساليب التسميد والإدارة الزراعية بما يتواكب مع المستجدات.
كيف انعكست التغيرات المناخية وندرة المياه على احتياجات التسميد والتغذية الزراعية؟
فرضت هذه التغيرات واقعًا جديدًا في التعامل مع التسميد، حيث باتت الحاجة ملحة لوضع برامج دقيقة للتسميد ترتكز على ترشيد الاستهلاك، وتقليل الفاقد، والحفاظ على خصوبة التربة، كما أصبح من الضروري الاعتماد على المخصبات الحيوية والمحفزات الزراعية الحديثة، والتي ترفع من كفاءة امتصاص النبات للعناصر الغذائية، خاصة تحت ظروف الإجهاد البيئي والمائي.
في ظل الحديث عن انتشار المبيدات السامة أو المهربة، كيف تقيمون دور الدولة في الرقابة على مدخلات الإنتاج الزراعي؟
الدولة تبذل جهودًا ملحوظة في الرقابة والتفتيش على مدخلات الإنتاج الزراعي، لكننا نرى أن فاعلية هذه الجهود تحتاج إلى دعم إضافي من خلال تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية المختلفة، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات محدثة تشمل المنتجات والمصانع والمستوردين، بما يسهم في ضبط السوق، وحماية المزارعين والمستهلكين على حد سواء.
هل تؤيدون فرض رقابة أكثر صرامة على مستوردي ومنتجي المخصبات الزراعية؟ ولماذا؟
بالتأكيد، نؤيد فرض رقابة أشد على مستوردي ومنتجي المخصبات الزراعية، لأن جودة هذه المدخلات تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان وسلامة البيئة. كما أن الرقابة الصارمة تضمن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات الجادة التي تلتزم بالمعايير، وتلك التي تطرح منتجات غير مطابقة تضر بالسوق وبالزراعة الوطنية.
كيف ترى الشركات العاملة في الزراعة فرص التصدير في ظل الاشتراطات الأوروبية والدولية؟
فرص التصدير أمام الشركات الزراعية المصرية لا تزال كبيرة، خاصة في ظل السمعة الجيدة التي تحظى بها المحاصيل المصرية في الأسواق العالمية، لكن هذه الفرص أصبحت مرتبطة بمدى الالتزام الصارم بالاشتراطات الأوروبية والدولية، خصوصًا فيما يتعلق بمتبقيات المبيدات ونوع المخصبات المستخدمة، الشركات التي تستثمر في تطوير منتجاتها، وتلتزم بالمعايير البيئية والصحية، هي الأقدر على المنافسة وتحقيق الانتشار في الأسواق الخارجية بثقة واستدامة.
هل يُشكل ملف متبقيات المبيدات والأسمدة عائقًا أمام الصادرات الزراعية؟
نعم، يُعد هذا الملف من أبرز التحديات التي تواجه القطاع التصديري، ولذلك نحرص في شركتنا على تقديم مخصبات زراعية آمنة وصديقة للبيئة، بما يضمن خلو المحاصيل من أي آثار ضارة تعيق نفاذها إلى الأسواق الخارجية، لا سيما الأوروبية.
ما المطلوب لضمان استدامة الصادرات الزراعية المصرية؟
المطلوب هو تعزيز التنسيق الفعّال بين الحكومة والقطاع الخاص، إلى جانب دعم منظومة البحث العلمي الزراعي، وتشجيع التوسع في الزراعة التعاقدية، لما لها من دور مهم في ضبط الجودة وتحقيق استدامة الإنتاج.
هل ترى أن مصر مهيأة للتحول إلى الزراعة العضوية بشكل أوسع؟
بلا شك، مصر تمتلك مقومات قوية تؤهلها لهذا التحول، خاصة في الأراضي الجديدة والصحراوية، ومع ذلك، فإن الأمر يتطلب نشر ثقافة الممارسات العضوية، وتغيير أنماط الإنتاج التقليدية لدى شريحة واسعة من المزارعين.
ما أبرز التحديات التي تواجه الشركات المنتجة للمخصبات في هذا الاتجاه؟
أبرز التحديات تتمثل في ارتفاع تكلفة الإنتاج العضوي، وصعوبة توفير المواد الخام المعتمدة عضويًا محليًا، كما أن الحصول على شهادات الاعتماد الدولية يتطلب إجراءات معقدة وموارد فنية وإدارية متخصصة.
كيف يمكن لشركات المخصبات أن تساهم في خطة الدولة لتحقيق الأمن الغذائي؟
من خلال طرح منتجات ذات جودة عالية تساهم في رفع الإنتاجية وتحسين خصوبة التربة، إلى جانب توفير خدمات إرشادية مجانية للمزارعين، والمشاركة في المشروعات القومية الكبرى للاستصلاح والتنمية الزراعية.
هل هناك شراكات قائمة بينكم وبين الحكومة في هذا الإطار؟
نعم، لدينا تجارب سابقة في دعم صغار المزارعين عبر توفير المخصبات بأسعار مدعومة وخدمات فنية مجانية، كما ندرس حاليًا الدخول في شراكات جديدة مع جهات حكومية ضمن مشروعات الاستصلاح الزراعي لتحقيق أكبر استفادة ممكنة